حتى الإبتكار عندهم (واللي رغم كونه سباق لعصره و شيء يحترم) لكن دائما عندهم قطع ناقصة بالأحجية بتخرب كل شيء
كان في خلل في الرؤية ... هناك خلل في الإستراتيجية
أنت طرحت نقاط مثيرة للاهتمام وتفتح الباب لنقاش مثير.
سيجا كانت متمركزة حول الإستراتيجية القصيرة المدى بالكامل... ساترن مثلا ؟ خطتهم للجهاز كانت صنع جهاز يكون امتداد لسابقه (الميجادرايف) ... جهاز يقدم أقوى رسومات 2D على الإطلاق (بوقته) والتركيز على العاب السايدسكرولنج..
ما كان عندهم فكرة بأنه العالم بيتغير... جيل الأطفال بالجيل الرابع بينتقلوا للجيل الخامس و هم مراهقين
سوني عرفت تخاطب الوعي تبعهم... قدمت نموذج و تصور حديث للألعاب ... سيجا كانت لازالت غارقة بالأجيال القديمة (لكن برسوميات و تقنيات أحدث فقط)، لكن الفكر والعقلية هي نفسها.
من السهل جدًا يا صديقي أن تنظر إلى الخلف الآن وأن تقول أن الاستراتيجية كانت خاطئة
عندما تكون في الموضع، الأمر أصعب بكثير
لا أحد كان يتخيل أن الصناعة ستتجه إلى الأبعاد الثلاثية بهذه السرعة الخارقة، وحتى لو حصل هذا لا يعني أن السوق كان سيتقبلها
بالنسبة لسوني، هي كانت market opportunity، هي رأت فرصة تجارية بأن تقوم بعمل disruption للسوق وأن تقدم شيء جديد كليًا، وهو أول جهاز كونسول مبني خصيصًا لل3D
ولكن في سيجا كانت الأمور مختلفة، الشركة كان لديها track record في وقتها كان هائل، كانت الرقم 1 في السوق الأمريكي، كانت على قمة العالم، التغيير أصعب بكثير
هذا ليس كل شيء...
السوق الياباني في التسعينات، بوضوح، كان يميل إلى الsprites أكثر من ال3D، بل و كان هذا يثير نقاشات حامية الوطيس في كل مكان
انظر إلى مبيعات الننتندو 64، خسارة سكوير سوفت ليست السبب الوحيد في تدهور مبيعاته في اليابان، بل أيضا انتقال ألعاب ماريو و زيلدا إلى الأبعاد الثلاثية بالكامل
كان هناك قاعدة ثابتة أن اليابان تحب الألعاب ثنائية الأبعاد، Mario 2D لسنوات طويلة جدًا كانت تبيع أكثر من Mario 3D في السوق الياباني ولم يتغير هذا الأمر إلا مؤخرًا، نفس الكلام ينطبق على كيربي، نفس الكلام ينطبق على زيلدا
بمعنى آخر التوجه المستقبلي لم يكن تماما صحيح و مستقبلي في كل مكان أيضًا
الننتندو 64 نجح بشكل كاسح في أمريكا لكنه فحط في اليابان، البلايستيشن1 نقطة قوته انه كان أكثر توازن و واقعية، واستطاع الجمع بين الجديد و القديم، استطاع تقديم نوعية الألعاب المناسبة لكل سوق بما يرضي هذا السوق وميوله
في الغرب كان التركيز على ال3D، و في اليابان انهالت ألعاب ال2D على الجهاز مثل زخ المطر
ومع ذلك الساتورن حصل على أبجريد في الهاردوير حتى يستطيع منافسة البلايستيشن1
كان أول جهاز يستخدم معالج متعدد الأنوية في تاريخ الصناعة، سيجا تحملت كلفة مالية هائلة حتى يكون الجهاز بنفس قوة البلايستيشن بعدما شعرت أن جهازها سيكون أضعف، النتيجة النهائية الهاردوير بنفس القوة تقريبا لكنه أعقد بكثير: أكثر من معالج وأكثر من رقاقة رسومية و لا أحد يعلم كيف تتكلم هذه القطع مع بعضها البعض أو ما هي مسؤولية كل رقاقة
ولأن هذه التغييرات على تصميم الهاردوير حصلت في وقت متأخر جدًا، لم تتمكن سيجا من إعداد مكتبة تطوير برمجية للجهاز فوق ذلك، المطورون كانوا يبرمجون على الساتورن، في بداية حياته، باستخدام لغة التجميع (الأسمبلي!)
جهاز بدون أدوات تطوير = جهاز لم يستطع المطورون أن يبرمجوا له ألعاب حتى لو أرادوا ذلك، لافتقادهم إلى المهارة التقنية والبرمجية اللازمة لذلك
بينما سوني قدمت للمطورين جهازًا مع أدوات تطوير ممتازة من البداية
دخول البلايستيشن للسوق كان عاصفة يا صديقي
وحتى الساتورن و بأخطائه كان سينجح لو لم يكن هناك جهاز اسمه بلايستيشن
ألعاب تومب رايدر، ألعاب ريزدنت ايفل، والكثير من الألعاب التي باتت علامة فارقة على البلايستيشن كانت ستكون علامة فارقة للسيجا و للساتورن
لكن البلايستيشن ابتلع كل شيء، سواء في اتخاذ القرارات الصحيحة من البداية و الرؤية الواضحة للمنتج
أو صفقات الحصرية ودعنا نكن صريحين
سيجا أصغر بكثير من سوني ماليًا ولا تستطيع منافستها في هذا الجانب إطلاقًا
لكن بشكل عام الساتورن و رغم نجاحه المحدود في اليابان (أنجح من ال64 هناك)
إلا أنه دمر براند سيجا بالكامل في أمريكا
هو أكبر كارثة تجارية في تاريخ سوق الكونسول، سيجا مع الجنسس كان لديها حصة سوقية لا تقل عن 20 مليون جهاز في السوق الأمريكي، هذا رقم مرعب للنصف الأول من التسعينات، وينافس ما حققته أجهزة مثل ال3DS و الPS3 في أمريكا، حتى
براند سيجا كان قوي جدا في أمريكا
أن تنتقل من 20 مليون جهاز في أمريكا ... إلى كم؟ 1 مليون مع الساتورن؟ أو 2 مليون بأحسن الحالات ؟
متخيل حجم الكارثة؟
البراند تم مسحه بالكامل من السوق الأمريكي، سيجا خسرت كل شيء لصالح البلايستيشن في أمريكا في سنتين فقط!
خسرت الألعاب الرياضية، خسرت مورتال كومبات، خسرت ألعاب المشاهير وألعاب المينستريم
هذه الخسارة الساحقة الماحقة كانت نتيجتها أن سيجا خرجت من سوق الهاردوير، من سوء حظ سيجا أن هذه الخسارة حصلت في فترة انتقالية في الجرافكس تأسست فيها سلاسل جديدة تماما ليست مرتبطة بجهاز من سيجا بأي شكل
وكانت نقطة دخول لجمهور جديد كبير لم يلعب على جهاز من سيجا سابقا
بمعنى آخر، أي جهاز بعد الساتورن كان عليه أن يبدأ من الصفر، في مواجهة مارد اسمه البلايستيشن باع 100 مليون جهاز !
تعريف المهمة المستحيلة.
الدريمكاست لو حللنا و تمعنا جيدا فيه ؟ هل فعلا قدم كل شيء بشكل صحيح (أو كما يفترض بهم) ؟ لا ... نفس الأخطاء "الأساسية" التي ارتكبوها سابقا لكن بأشكال مختلفة...
إشتمال Dreamcast على محرك أقراص DVD كان لابد ان يكون شيء بديهي لهم (خصوصا انها تقنية ظهرت بال1995)، و كان واضح بأنها المستقبل ... مثل ما كان الCD هو المستقبل و قبله الأشرطة و قبلهم الأسطوانات و الصيغ المختلفة ... مشكلة سيجا تكمن في عدم قراءة التاريخ والتعلم منه.. و عدم قراءة معطيات الحاضر، وايضا عدم استقراء المستقبل بناء على الظروف و بناء على كيفية تحرك المنافسين.
لكنني أخالفك هنا
في منظوري معركة الدريمكاست كانت محسومة، كانت محسومة منذ أن أصبحت حصة سيجا في السوق الأمريكي من 20 مليون جنسس إلى 2 مليون ساتورن
خسارة فادحة بكل المقاييس
الDVD لا يعني شيء، وحتى لو باع الجهاز كمشغل أقراص DVD ما الفائدة أن يشتريه الناس ويشاهدوا عليه أفلام بدل اللعب؟
الإكس بوكس 360 صدر بدون دعم للبلو-راي اكتسح البلايستيشن3 في أمريكا
الألعاب هي الأساس لنجاح جهاز الألعاب، لو وجدت سوني شيئا آخر ساعدها على البيع، هذا جيد لها، لا يعني أنه نموذج مناسب للجميع
سيجا أيضا لم يكن لها مصلحة تجارية في أن تقوم بعمل push لفورمات الDVD، فلا هي شركة أفلام و لا هي شركة تصنع تلفزيونات ولا غيره.
تخلي EA عنهم أو سوء العلاقة بين Sega و Electronic Arts (اللي هي براند قوي في الولايات المتحدة لايمكن انكار تأثيره) رغم جودة العاب Sega الرياضية البديلة... شكل ضربة قوية
EA أرادت أن تحتكر إنتاج الألعاب الرياضية على الدريمكاست، للأسف هذا طلب يستحيل أن توافق عليه أي شركة طرف أول
سيجا قامت بمجهود أسطوري مع الألعاب الرياضية، أفضل لعبة كرة قدم أمريكية، أفضل لعبة كرة سلة، أفضل لعبة تنس!
وكله للأسف لم يكن كافيًا ! حقًا هناك عدم توفيق عجيب لهذا الجهاز، لم يكن مكتوبًا له النجاح
كرة القدم لم تكن رياضة محورية في السوق الأمريكي
الجيم كيوب حصل على فيفا بكبرها، وحصل على دعم خيالي من EA استمر طيلة حياته بما يتضمن ألعاب نيد4سبيد، ولم ينجح
ولكن أتفق أن غياب EA أثر على الدريمكاست
كان سيعطي الجهاز ثقة أكبر من شركات الطرف الثالث، وكان سيعطي الجهاز طابع mainstream بشكل أكبر
ولكن لو كان على حساب تطوير ألعاب 2K و فيرتشوا تنس؟ فإن قرار سيجا أعطانا المنتج الأفضل رغم كل شيء.
شركات الطرف الثالث كان لازم تحصل دعمها... ضروري ... سكوير مثلا كان لازم تحصل دعم منها و لو بجزء بفاينل فانتازي فرعي (الكيوب حصل لعبة فرعية وباعت فوق المليون أعتقد والجهاز رايح فيها)، إسم رنان مهم جدا لجهازك ... بندلت اللعبة بالجهاز و تسويق جيد ممكن يدفع مبيعاتك بشكل اكبر
سكوير سوفت كانت تنظر لنفسها على انها شركة طرف أول للبلايستيشن في تلك الفترة
الشركات اليابانية كانت صعبة و عنيدة، مايكروسوفت بملياراتها ما قدرت تشدهم و تفكهم عن سوني إلا خلال جيلين متتالين و مع شلال من الأموال
سكوير عندما اندمجت مع اينكس تغير توجهها وقررت الانفتاح على كل المنصات
و لا تنسى أن سكوير كان عندها مصلحة تجارية في تطوير ألعاب على الجيمبوي و سوني لم يكن لديها جهاز محمول
هذا يعني أن ننتندو كان عندها ورقة ضغط قوية لانتزاع جزء من فاينل فانتسي على الجيمكيوب، علمًا أن كريستال كرونكلز هي لعبة مولتها ننتندو بنفسها و جرى تطويرها خارج سكوير إينكس
سيجا لم يكن لديها أوراق ضغط مشابهة، و تاريخيا سكوير ما كانت جزء من حكاية سيجا و من نجاح سيجا الكبير مع الميجا درايف.
أيضا Pro Evolution Soccer كان المفروض تكون على الجهاز (افضل لعبة كرة قدم وقتها) و كان ممكن تعطيك زخم باليابان ... كان في فرصة انك تستعرض شكل الجيل الجديد من لعبة International Superstar Soccer على جهازك ال128 بت (أفضل تسويق) ... المهم عدم الثقة بين سيجا وشركات الطرف الثالث هي نتيجة عقد كامل من القرارات السيئة والعبث
صدرت على الننتندو 64، و صدرت على الإكس بوكس الأول
وأنت تعلم كيف باع كل منهما
وبخلاف ذلك منتج السلسلة أيضًا كان يراها على انها لعبة طرف أول لصالح سوني، و خروجها عن منصة سوني كان نادر و بإغراءات كبيرة من مايكروسوفت
لا يمكن تجاهل الفرق في الإمكانيات بين الشركتين يا صديقي
المسألة ليست فقط مسألة أخطاء واستراتيجية
تعال على البلايستيشن2 مثلا هل تعتقد أن سوني لم ترتكب معه أي أخطاء؟ ألم يكن جهاز صعب البرمجة للغاية و اشتكى منه المطورون كثيرًا؟
ألم يتعرض للقرصنة بشكل مبكر؟
ألم يتجاهل الأونلاين ولم يقدم مودم مدمج؟ ألم يؤدي تجاهل الأونلاين والمطور الغربي إلى ثغرة استغلها الإكس بوكس للدخول إلى السوق بكل قوة مع الإكس بوكس لايف واستقطاب المطور الغربي بطريقة ضربت البلايستيشن بكل قوة في جيل الإكس بوكس 360؟
ولكن سوني استطاعت امتصاص الخسائر، سوني امتصت خسائر تتجاوز 5 مليار دولار في جيل البلايستيشن3 و تمكنت من تصحيح المسار و المواصلة و نجحت في بناء منصة أونلاين قوية
سيجا للأسف لم يكن لديها الموارد الكافية للاستمرار
لهذا السبب يا صديقي كان من المهم جدا جدا أن لا تتعرض الشركة لهذا النزيف المالي، نموذج الloss leader لم يكن صالحا لسيجا و لم يكن فكرة جيدة لمواجهة شركة أقوى ماليا بكثير مثل سوني
كل ما كان يجب على سيجا فعله هو سيناريو مالي تتجنب فيه نزيف الأموال الحاد
الألعاب كانت ستأتي ! الدريمكاست كان جهاز عظيم للمبرمجين و محبوب من المطورين
ألعاب مثل هاف لايف و GTA3 و ماكس بين كانت مسألة وقت فقط!
ولكن سيجا كانت تنزف ماليًا مع كل جهاز و هذا كان خطأ قاتل.
الساترن كان جهاز ممتاز، لا ينقصه شيء، لا تقنعني أن التطوير له كان أصعب أو أنه كان أغلى من منافسه أو أي من هذا الكلام
كل كلامك صحيح إلا هذا
هو فعلًا كان جهاز ممتاز لكن التطوير عليه في بادىء الأمر كان كارثيًا
أول جهاز يحتاج إلى برمجة متوازية في تاريخ صناعة الكونسول، و بدون documentation، و بدون حتى compiler! الوضع كان كارثة حقيقية
لكن الكلام صحيح
فشل الساتورن دمر فرص الدريمكاست التجارية
والمحزن أن سيجا مع الدريمكاست قدمت الكثير، كان هناك انفجار إبداعي نادر في الصناعة وكان من المؤسف أن ينتهي هذا الانفجار الإبداعي، بهذه الطريقة!