من أشهر الأمور الصبيانية التي امتاز بها أهل هذا العصر حُبُّ الشهرة والظهور، فلا يكاد الباحث يجد بين هذا الملأ مَن لم يتأصل فيه هذا الداء، وإن الناس ليخالون الهدوَّ والسكون عارًا لا يُمحى فتراهم يتواثبون إلى الظهور والإعلان عن أنفسهم بما في وسعهم، وعلى قدر ما تفتق لهم الحيلة؛ ظنًّا منهم أن الرفعة وكل الشرف في الظهور، والحِطة والهوان في الخفاء. إن العزلة عن مجتمع فاسد مضلل، خير من الحياة المتعبة وسط الجموع التي ترى الراحة في الخداع والغش؛ ابتغاء المنفعة الشخصية والرقي، ولو فوق أكتاف الناس. ما أشهى الحياة بين مناظر الطبيعة الجميلة وبين الحيوانات الهائمة على وجهها؛ فإنّها أكثر إيناسًا من الإنسان الخبيث، وأقل أذى من هذا الوحش المتحضر.
[شارل فاغنر — روح الاعتدال]