مراجعة

S.T.A.L.K.E.R. 2: Heart of Chornobyl

مرحبا بك في الـZone


الاجهزة: PC, PlayStation 5, Xbox Series S, Xbox Series X
تاريخ الإصدار: 20-11-2025
الناشر: GSC Game World
طورت بواسطة: GSC Game World

مهدي علوي

18 نوفمبر 2025
814

لعبة S.T.A.L.K.E.R. 2 كانت من أكثر الألعاب المنتظرة بالنسبة لي سنة 2024، لكن بسبب المشاكل الكثيرة في نسختها على الحاسب، قررت عدم إكمالها و انتظار نسخة أفضل منها، تكون خالية من المشاكل “كما وعد الإستديو”. و ها نحن هنا بعد عام كامل، جربت نسخة PS5 التي حسب الإستديو يجب أن تكون تجربة جيدة و مصقولة، لكن للأسف، لم يتغير شيء. نعم، اللعبة تعمل بشكل أفضل من المرة السابقة، لكن هذا لا يعني أن اللعبة أصبحت تعمل بشكل جيد فهي لا تزال مليئة بالمشاكل التي تجعل التجربة محبطة، و التي تدفعني لطرح سؤال واحد و مهم: ماذا كان يفعل الاستوديو طوال هذا العام بدل إصلاحها؟

أنت وحدك من يقرر مصير The Zone

تقدم S.T.A.L.K.E.R. 2: Heart of Chornobyl قصة غير خطية عميقة تلعب فيها دور سكيف (Skif)، ستالكر شاب يجبر على دخول المنطقة المحظورة “The Zone” بعد أن دمر أرتيفاكت غامض حياته بالكامل خارج الـZone. هذا لا يجعلك مجرد باحث عن شيء ما، بل متورط في نزاع أكبر بكثير بين فصائل متعددة مختلفة الأيدولوجيات. فهناك مثلا فصيل Ward العسكري الذي يسعى للسيطرة على المنطقة، و هناك فصيل Spark المتمرد الذي يحاول الحفاظ على جوهر المنطقة كرمز غامض للطاقة و التحول، باللإضافة إلى فصائل أخرى ذات توجهات و أهداف أخرى. هذا ما يجعل من قراراتك الشيء الذي يشكل عالم اللعبة من حولك.

أنا أصف مثل هذه القصص، بالقصص الطموحة، فهي نعم تحول أن تكون عميقة و غير عادية، لكن قصتنا هنا لها طريقة سرد سطحية و مختزلة، فالكثير من الحوارات مكتوبة بشكل ضعيف ناهيك عن الأداء الصوتي الذي يكون ضعيفا إلا في حالة كان مع شخصيات رئيسية، بالإضافة إلى أن الكثير من الأحداث المهمة لن تعرض بالكامل أمامك، بل ستكتشفها من خلال و ثائق أو محادثات جانبية، و هذا سيكون عائقا أمام الكثير من اللاعبين الذين لا يحبذون قراءة الوثائق و يفضلون الحوارات لفهم اللعبة.

من جهة أخرى، السرد البيئي في اللعبة قوي جدا. The Zone، الظواهر الخارقة “Anomalies”، الأرتيفاكتات، و التوتر المستمر بين الفصائل كلها تضيف ثقلا سرديا دون الحاجة للمشاهد السنيمائية لتبين لك مدى كئابة المكان و وحشيته. فتصميم عالم اللعبة من الناحيتين البصرية و الصوتية يخلق إحساسا بأن “المنطقة” ليست مجرد خلفية للقصة، بل شخصية حقيقية بحد ذاتها، تمنحك شعورا بأنك وحيد و مهدد دائما، و أنك لست في منتزه، بل في منطقة ملوثة بالإشعاع النووي مليئة بالمخاطر قد تكون وحوشا أو ظواهر طبيعية فتاكة.

لعبة تعاني، ربما من الإشعاعات

Stalker 2 لعبة لديها كل المقومات لتكون واحدة من أفضل ألعاب الجيل… لكن فقط على الورق. فحتى وإن كان الطموح و اضحا، و الاتجاه الفني مميزا، إلا أن الواقع مختلف تماما. فاللعبة مليئة بالمشاكل التقنية التي تفسد التجربة بشكل مباشر، إضافة إلى مجموعة من القرارات الغريبة في تصميمها تجعل الأخطاء ليست مجرد تفاصيل صغيرة يمكن التغاضي عنها، بل عناصر أساسية تؤثر على كل دقيقة في اللعب.

و لهذا، قبل أن أنتقل للحديث عن المشاكل التي طغت على التجربة كلها، أود أولا التطرق إلى النقاط التي أعجبتني فعليا في اللعبة، لأن Stalker 2، رغم كل شيء، و كما قلت تمتلك جوهرا قويا يستحق الذكر. و بعد ذلك، سنغوص في أعماق الفوضى التقنية و القرارات غير الموفقة التي جعلت هذه الإيجابيات تختفي وسط كمية كبيرة من المشاكل.

أول ما يجب الحديث عنه، و بما أن S.T.A.L.K.E.R. 2 تعتبر لعبة بقاء أولا و قبل كل شيء، فمن الطبيعي أن أبدأ بالحديث عن نظام البقاء الذي يعتبر في نظري واحدا من أفضل عناصر اللعبة و أكثرها نضجا. فاللعبة تضعك باستمرار في حالة صراع مع البيئة نفسها، وليس فقط مع الأعداء. كل خطوة داخل الـZone محسوبة، و كل قرار صغير يمكن أن يؤثر على فرصك في النجاة. نظام الجوع و الإشعاع و العطش يفرض عليك إدارة مواردك بحذر شديد. فأنت ستحتاج دائما للتفكير: هل لديك ما يكفي للطريق؟ هل تحمل طعاما أو أدوية كافية؟ هل لديك مضادات إشعاع قبل دخول منطقة ملوثة و مشعة؟ هذه التفاصيل الصغيرة تضيف توترا مستمرا يجعلك تعيش أجواء الـZone كما يجب.

الـAnomalies تضيف طبقة أخرى من الخوف. بعض المناطق مليئة بفخاخ غير مرئية، خطوة واحدة داخل تلك الظواهر فوق طبيعية قد تعني موتك الحتمي. لكن في نفس الوقت، داخل هذه الأماكن تجد الأرتيفاكتات الثمينة التي تمنحك قدرات خاصة، مما يجعل كل رحلة مخاطرة حقيقية ذات مكافأة ملموسة.

و لن أنسى أهمية إدارة الوزن في حقيبة الظهر. فكل شيء له وزن، الذخيرة، الأسلحة، الطعام، و حتى الأدوات الصغيرة. حملك الزائد يعني حركة أبطأ، واستهلاكا أكبر للتحمل، و صعوبة في الهروب أو القتال. وهذا يجبرك قبل كل مهمة على اختيار ما ستأخذه وما ستتركه، و استخدام صناديق التخزين في القواعد بأفضل شكل ممكن. بعض الأرتيفاكتات تمنحك قدرة أكبر على حمل الوزن، لكن بعضها يأتي بسلبية مثل زيادة الإشعاع، مما يجعل الخيارات دائما محفوفة بالمخاطر.

قد يرى البعض أن هذا النظام، نظام قاصي بل مبالغ فيه، لكنني أرى أنه نظام ممتاز يعكس وحشية اللعبة و يعطينا لعبة ذات توجه لم نعد نراه في الكثير من الألعاب التي تكون سهلة جدا، ما يقتل توجه البقاء فيها. و أرى أيضا أن هذه العناصر بالتحديد هي ما يجسد جوهر سلسلة STALKER الأصلي. فهي أكثر شيء أشعرني فعلا بأنني داخل الـZone، و أن البقاء ليس مجرد كلمة على غلاف اللعبة بل تجربة تعيشها بكل تفاصيلها.

الشيء الثاني الذي نال إعجابي في Stalker 2 هو نظام التصويب نفسه. التصويب في اللعبة ليس أركيديا كما في العديد من الألعاب الحديثة، بل يعتمد على الواقعية و الدقة، حيث كل سلاح له وزن، وارتداد، و سرعة إطلاق مختلفة، مما يجعل كل رصاصة مهمة. عندما تحاول إصابة هدف محدد، خصوصا الأعداء البشر أو المخلوقات القوية، تجد نفسك مضطرا للتصويب بشكل جيد و دقيق و سريع، لأن كل غلط يعني خسارة الذخيرة و كشف نفسك بدون أي تأثير يذكر على الأعداء ما سيكون سببا في موتك. نظام الأسلحة في اللعبة أيضا عميق، لكل سلاح متانة تتأتر مع الاستخدام، مما قد يؤدي إلى توقفه عن العمل أو تعطله. لذلك يجب عليك إصلاح الأسلحة عند الفنيين المنتشرين في المعسكرات و يمكنك أيضا ترقية أجزاء السلاح لتحسين الأداء، لكن حتى هذا الجانب له مشاكله التي سنتكلم عنها بعد الحديث عن المشاكل التي تغطي عن نظام التصويب نفسه.

الأعداء في اللعبة يتصرفون بطريقة غير متوقعة و غريبة في الكثير من الأحيان، و أحيانا تشعر أنهم أغبياء حرفيا، مثل التجول بدون هدف واضح أو التوقف فجأة أثناء المواجهة. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه التصرفات الغريبة، يبقون خطيرين بشكل غير طبيعي فهم لا يخطئون في إصابتك فور خروجك من مخبأك، و حتى إن حاولت التسلل أو الاختباء، سيعرفون مكانك بطريقة غير منطقية ، كأنهم يمتلكون رادارا خارقا يحدد موقعك رغم عدم رؤيتهم لك مباشرة. هذا التناقض بين الغباء الظاهر و القوة المفرطة يجعل كل مواجهة مع الأعداء محبطة و شاقة جدا، حيث تشعر أن مهارتك في التخفي أو التسلل لا تحتسب أبدا، و سيتحم عليك أن تلعب بطرق غير ممتعة و جبانة لتقتل كل الأعداء. علاوة على ذلك، الأعداء أحيانا يظهرون فجأة أمامك (spawn مفاجئ)، ما كان سببا في كشف مكاني في الكثير من المرات و بتالي موتي. هذه المشكلة تتفاقم أحيانا بسبب عدم احتساب الطلقات بشكل صحيح أو تجاوز الرصاص للأعداء، أو في بعض الأحيان عندما أختار الدخول إلى مكان ما متسللا “مع أن اللعبة لا تشجع على ذلك”، أصيب حارسا بضربة قاتلة للرأس، أسمع صوت القتل، لكنني أرى أن الحارس مازال واقفا كأنني لم أفجر رأسه قبل ثواني. كل ما ذكرت أعطاني في الكثير من الأحيان إحساسا بعدم العدالة أثناء القتال. أما الوحوش فهي تتمتع بقوة تحمل غير منطقية، ما يجعل محاربتها تتطلب كمية هائلة من الذخيرة، دون أن تكافئك اللعبة، ما دفعني دائما إلى تجنبهم خوفا من خسارتي لذخيرتي “الغالية جدا” و متانة أسلحتي “غالية التصليح”.

هنا سأتكلم عن إقتصاد اللعبة المشع حرفيا،فكل شيء هنا مكلف. إصلاح الأسلحة والدروع يحتاج لكميات كبيرة من المال، و تكاليف الصيانة تتراكم بسرعة بعد كل مواجهة، حتى لو كانت صغيرة. الذخيرة نفسها باهظة الثمن، و الأسلحة المتقدمة تتطلب موارد ضخمة للصيانة، ما يجعل من الصعب على اللاعب أن يحافظ على تجهيزاته الكاملة طوال الوقت.

نظام الإقتصاد هذا يضرب نظام البقاء في صميمه، حيث أن كل مواجهة تصبح رهينة إدارة الموارد بدلا من الاستمتاع باللعب و التخطيط الاستراتيجي، خصوصا مع الأخطاء التقنية و المواجهة العشوائية للأعداء. ما يفاقم المشكلة هو أن اللعبة بخيلة جدا في مكافآتها، فهي لا تمنحك المال أو الموارد بسهولة، حتى عندما تنجز مهمات صعبة أو تواجه تهديدات كبيرة بل هي تدفعك بطريقة مباشرة للعب مهمات جانبية لتكسب ما سيساعدك على شراء ما تحتاج. هذا يجعل كل قرار يتعلق بإطلاق النار أو مواجهة وحش أو مجموعة من الأعداء قرار مزعجا، لأن أي خسارة للذخيرة أو الضرر للأسلحة يعني تكلفة مالية ضخمة لاحقا قد تدفعك للعب مهمات لن تكون مستمتعا بها.

أما نظام  2.0 A‑Life، فهو النظام الذي يفترض أن يجعل عالم Stalker 2 حيا و ديناميكيا، لكنه كان أكبر إحباط في اللعبة. ببساطة، نظام A‑Life يجعل الشخصيات الغير قابلة للعب (NPCs) تتحرك و تتصرف بشكل مستقل، في محاولة لجعل الـZone تبدو و كأنها عالم نابض بالحياة، وليس مجرد خريطة ثابتة بلا روح. الفكرة “على الورق” طموحة جدا، لكن التنفيذ خيب آمالي، فالكثير من الشخصيات تختفي أو تظهر فجأة ما جعلني أشعر أن كل حركة أو نشاط داخل الـZone مصطنع، وأن اللعبة تعطي إحساسا مؤقتا بالحياة بدل أن يكون عالما متكاملا ينبض بالحركة. و بدل أن أرى شخصيات ذات ذكاء تحرك العالم من حولي، كنت أرى مجموعات من الحمقى تمشي أو تجري بدون هذف. باختصار، A‑Life 2.0 كان يمكن أن يكون أقوى جوانب اللعبة و يجعل كل رحلة داخل المنطقة رحلة مثيرة، لكن التنفيذ الحالي يترك شعورا كبيرا بخيبة الأمل، ويجعل اللعبة، رغم طموحها الكبير، مليئة باللحظات التافهة و الغير منطقية.

نظام البقاء العميق، إدارة الموارد، واقعية التصويب، و قوة الأعداء كلها عناصر واعدة كان من الممكن أن تجعل من Stalker 2 تجربة ممتعة للغاية، تدفعك للعودة إليها مرارا لتعيش كل تفاصيل الـZone بطرق مختلفة. لكن للأسف، كل هذه الإيجابيات طغت عليها المشاكل التقنية و القرارات التصميمية الغريبة، مما جعل التجربة في النهاية أكثر إحباطا من كونها ممتعة.

و الآن، حان الوقت للحديث عن الجانب التقني للعبة الذي زاد الطين بلا

لعبة تشبه مفاعل تشيرنوبل…. غير مستقرة

كما قلت في بداية المراجعة، لا أفهم ماذا كان يفعل فريق التطوير طوال عام كامل، لأن أداء Stalker 2 على PS5، نعم ليس كما كان على أجهزة الـXbox Series، لكنه ما زال سيئا جدا. أثناء لعبي على وضع الأداء لاحظت انخفاضات حادة في الإطارات بمجرد أن أكون في مكان يحتوي على أكثر من ثلاث شخصيات، أما في المناطق المكتظة بالناس مثل المعسكرات، فالإطارات تنهار تحت الـ30.  أما المشاكل البصرية فهي واضحة جدا و لا يمكن تجاهلها. الإضاءة و الظلال غير متسقة بشكل كبير، فتجد أشياء تختفي فجأة أو تظهر انعكاسات غريبة و غير منطقية على الأسطح. في وضح النهار ستجد أن المنازل مظلمة بشكل غير طبيعي من الداخل، وفي نفس الوقت عند محاولة التصويب من خارج المنازل أو المباني، ستجد أن الرؤية مستحيلة بسبب سطوع الضوء في الخارج، الشيء الذي كان  في الكثير من المرات سببا لموتي.

أما الجانب البصري للعبة فهو متواضع جدا على الـPS5، فاللعبة تبدو وكأنها لعبة من الجيل الماضي رغم أنها تستخدم Unreal Engine 5. أثناء لعبي لاحظت أن الكثير من العناصر في العالم ليست بدقة عالية كما توقعت، و الـtextures في اللعبة جودتها منخفظة جدا.

S.T.A.L.K.E.R. 2 كانت قادرة على أن تكون تجربة مذهلة، بفضل نظام البقاء الواقعي، إدارة الموارد، والتصويب الدقيق، لكن المشاكل التقنية، ضعف الأداء و قرارات التصميم الغريبة ضمرت اللعبة. النتيجة؟ تجربة واعدة على الورق تتحول إلى إحباط على أرض الواقع.

تمت مراجعة لعبة S.T.A.L.K.E.R. 2  بنسخة PlayStation 5 تم توفيرها من قبل ناشر اللعبة.

تقييم TrueGaming

S.T.A.L.K.E.R. 2: Heart of Chornobyl

الإيجابيات

    نظام بقاء عميق وواقعي. تصميم العالم وأجواء الـZone تعطي شعورا بالوحدة والخطر. نظام تصويب دقيق وواقعي لكل سلاح.

السلبيات

    مشاكل تقنية كثيرة وأداء ضعيف على PS5. انخفاضات حادة في الإطارات في المناطق المكتظة. نظام الاقتصاد مكلف جدا و غير موزون. أخطاء تصميمية و تقنية تغطي على إيجابيات اللعبة. مشاكل بصرية و إضاءة غير متسقة. الذكاء الإصطناعي للأعداء سيئ.

الخلاصة

حتى بعد مرور عام، نسخة PS5 من S.T.A.L.K.E.R. 2 محبطة أيضا. ربما كان يجب على الاستوديو تأجيل اللعبة لسنتين إضافيتين لصقلها. فرغم نظام البقاء العميق والتصويب الواقعي و جمال أجواء عالمها، المشاكل التقنية و الأداء الضعيف و القرارات التصميمية الغريبة تجعل التجربة محبطة أكثر من كونها ممتعة، وتفشل اللعبة في تقديم ما كان يعد به المطورون.

6
شارك هذا المقال
تقييم اللاعبين
7

عدد المقيمين: 4

مهدي علوي

محب للألعاب بلا حدود، لطالما كانت ألعاب الفيديو بالنسبة لي أفضل وسيلة ترفيهية صنعها البشر، حيث تجمع بين الكثير من الفنون بطريقة رائعة. بالنسبة لي اللعبة الجيدة هي اللعبة الممتعة.


أﺣﺪث اﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎت