بعد غياب طويل لسلسلة ألعاب الرعب الشهيرة Silent Hill، عادت إلينا السلسلة في السنوات القليلة الأخيرة من خلال عدّة مشاريع مثل Silent Hill: Ascension و Silent Hill: The Short Message وهما مشروعان صغيران في الحجم وحاول كل منهما تقدّم تجربة جديدة عن المعتاد ولكنّ كلا هذين المشروعين فشل فشلاً ذريعاً ولم يكن بالبداية المبشّرة لعودة السلسلة. نهايات العام الماضي حصلنا على ريميك الجزء الثاني من السلسلة وبالرغم من أنّ الاستقبال كان ممتازاً إلّا أنّنا نتحدّث عن ريميك للعبة محبوبة لا يعكس بالضرورية مستوى المشاريع الرئيسية الجديدة وها قد حان الوقت لنضع أيدينا على أحد هذه المشاريع وهي Sillent Hill f التي تمّ تطويرها من قبل فريق التطوير NeoBards Entertainment الذي اقتصر عمله منذ تأسيسه في العام 2017 على المساعدة في تطوير المشاريع الضخمة وتطوير لعبة Dynasty Warriors M للهواتف الذكية ممّا يثير العديد من التساؤلات حول سبب اختيار هذا الفريق لمثل هذه المهمة وما إن كان يملك الكفاءة لتقديم التجربة المطلوبة.

أحداث اللعبة تدور في اليابان في ستينات القرن الماضي وفي البلدة الخيالية Ebisugaoka  وسنلعب دور الفتاة Shimizu Hinako، الأحداث تبدأ عندما تغادر Hinako منزلها بعد شجار عائلي لا نعرف تفاصيله (مبدئياً) وتقرّر الذهاب إلى متجر الحلوى الخاص بالبلدة لعلّها تجد أحد رفاقها للحديث معه بعد الشجار الذي عكّر مزاجها، عند الوصول إلى المتجر ومقابلة رفاقها Shu و Rinko و Sakuko تتفاجأ Hinako ورفاقها بضباب كثيف يجتاح القرية ووحش مخيف يطاردها ورفاقها وتفترق المجموعة أثناء الهرب منه وهنا تبدأ رحلة Hinako ورفاقها للاجتماع مجدداً ومحاولة البقاء ومعرفة ما يحدث وسبب اختفاء سكان القرية.

القصة تبدأ البداية المعتادة من ألعاب السلسلة بقصة يحفّها الغموض بادئ الأمر ولكنّ Sillent Hill f تضيف إلى القصة عناصر أكثر من المعتاد في السابق مع مقابلتكم لشخصيات جديدة وغياب أي تفسير لما يحدث حولكم معظم الوقت مع بعض التلميحات هنا وهناك في البيئة المحيطة أو الرسائل أو حتى الألغاز التي ستحلّونها وستبدأ الأمور بالاتضاح (بعض الشيء) مع تقدّمكم في التجربة، شخصية Hinaki تبدو هادئة جداً وتبعية لما يخبرها به من حولها وتظهر في أحيان أخرى على أنّها شخصية ثائرة تتعمّد معاكسة التيّار لرفضها الكامل للاستماع لأي أحد وهذا التضارب في طباع الشخصية وما تقوم به في بعض الأحيان يجعلكم متشكّكين في مصداقية تفسيرها لبعض الأمور ورأيها في الشخصيات المحيطة بها واللعبة تقوم بتفسير سلوكيات الشخصية وإيضاح ما يحدث من حولها بشكل مثير للاهتمام.

دخول الفلكلور الياباني في خلفية الأحداث والثقافة والمعتقدات الخاصة ببلدة Ebisugaoka تجعل من العديد من تفاصيل القصة مثيرة للاهتمام ونظراً لكمية التفاصيل والتساؤلات المطروحة فقد قرّر المطوّر الإجابة على هذه التساؤلات بشكل تدريجي من خلال تقديم عدّة نهايات يروي كل منها جانباً مختلفاً مع الحاجة لإعادة التجربة عدّة مرّات والحصول على المعلومات الجديدة مع كل جلسة لعب جديدة حيث أنّ الإجابة على جميع التساؤلات في جلسة واحدة قد يجعل من فهم الأحداث أكثر تعقيداً.

عند إعادة التجربة مجدداً ستلاحظون إضافة المزيد من التفاصيل والتوضيحات لما يجري في المقاطع السينمائية والرسائل الجديدة التي ستجدونها وستفاجئكم بعض التفاصيل بالرغم من صغرها وبساطتها في قدرتها على تفسير بعض الأمور التي كانت محل إشكال في السابق كما أنّ بعض المعالم التي استغربتم من تكرارها خلال التجربة وكونها قد تكون ذات أهمية ستلعب بالفعل دوراً في فهمهكم للأحداث وقرار فريق التطوير بجعل التجربة تفهم بهذا الشكل سيقسم اللاعبين ما بين مؤيّد وبين معارض كونكم ستضطرون لإعادة التجربة بالكامل وخوض المواجهات وحلّ الألغاز مجدداً والبعض قد لا يجد بأنّ المحتوى الإضافي الذي تمّت إضافته كافي لتبرير إعادة التجربة عدّة مرّات وربّما يفضّل إطالة عمر اللعبة لإعطاء مساحة أكبر لتوضيح ملابساتها عوضاً عن ذلك.

على الجانب التقني فاللعبة تبدو جميلة جداً وقد نجح الفريق في المزج ما بين جمال البيئة التي تدور فيها الأحداث والشعور في نفس الوقت بالقلق والخوف ممّا ينتظركم في هذا الضباب من وحوش شنيعة وبالرغم من جودة التفاصيل إلّا أنّ بعض المؤثرات الخاصة ببعض العناصر منخفضة الجودة بشكل غريب في وسط البيئة المليئة بالتفاصيل الدقيقة ولكنّكم لن تلاحظوا هذه المؤثّرات إلا في بعض الحالات النادرة ولن تفسد عليكم تجربتكم ولكنّ ما سيزعجكم طوال التجربة (في وضعها الحالي على الأقل) هو مشاكل الأداء التي عانت منها نسخة الحاسب الشخصي أثناء مراجعتنا فمعدّل الإطارات يستمر في الانخفاض لعدة ثواني بشكل مزعج إلى ما تحت الـ20 إطاراً ثمّ يعود للعمل بمعدّل مرتفع وبشكل سلس وهذا الأمر يتكرّر بشكل مضجر حتى أنّه أصبح جزءً من التجربة مع الأسف بالإضافة إلى مشكلة التقطّع والتشوّه في الشاشة التي تحصل بشكل أساسي في أحد جزئيات اللعبة التي تعاودون زيارتها ما بين الحين والأخر ولعلّ فريق التطوير يتمكّن من حلّ هذه المشاكل خلال فترة الإطلاق.

بالحديث عن تجربة اللعب فالمعارك في هذا الإصدار يقدّم نفس أسلوب اللعب الثقيل المعتاد من السلسلة ولكن دون وجود لأي نوع من الأسلحة النارية ومع إضافة بعض عناصر ألعاب الأكشن والأر بي جي شبيهة السولز كالاستراحة عند نقطة الحفظ وتطوير شخصيتكم هناك بالإضافة إلى إضافة خاصية التفادي في الوقت المناسب والضربات المضادة التي تحتاج لتوقيت مثالي أيضاً، عامل متانة الأسلحة يعود في هذا الإصدار وستجدون أسلحة عالية المتانة يمكن استخدامها بشكل متكرّر وأخرى أكثر قوّة ولكنّها ستكسر سريعاً او تحتاج للإصلاح لتفادي كسرها والموارد في اللعبة شحيحة بعض الشيء ويمكنكم تجاوز مواجهة الوحوش بالهرب منها لتوفير أسلحتكم ومواردكم لمواجهات الزعماء واللحظات الحرجة التي ستتطلّب منكم القتال.

نظام المعارك بحاجة للمزيد من الصقل فاستجابة شخصيتكم لأمر الهجوم المضاد لا تعمل بالشكل المطلوب مع عدد من الأسلحة الثقيلة ممّا يجعلكم عرضة للضرر الذي كان بالإمكان تفاديه والأمر قد يصبح منفّراً بحيث تتفادون استخدام هذه الخاصية بالكامل مع بعض الأسلحة، اللعبة تقدّم مجموعة متنوّعة من الألغاز والعوائق التي ستتطلّب منكم البحث في البيئة المحيطة بحثاً عن الحلول والتلميحات أو ستتطلّب منكم فهم بعض الرموز والقصائد التي تشير إلى الحل والجميل هو إضافة صعوبة خاصة بالمعارك وصعوبة أخرى خاصة بالألغاز فمن يرغب بالتركيز على فهم أحداث القصة وتفادي صعوبة المعارك فبإمكانه تقليل الصعوبة وكذلك الأمر بالنسبة للألغاز فبالإمكان اختيار صعوبة منخفضة تقدّم أدلة مسلية لحلّها ومناسبة للجميع وعشّاق التجارب الكلاسيكية قادرون على اختيار صعوبة أعلى تقلّل من الأدلة البصرية والتلميحات المباشرة وتقدّم لكم نصوصاً أكثر تعقيداً لفهمها ومعرفة الحل وقد أحسن فريق التطوير في موازنة الصعوبة في كلا الحالتين.

المحتوى الجانبي والقدرة على الاستكشاف محدودة بعض الشيء خلال أول جلسة لعب لأنّ الاستكشاف سيساعدكم فقط في إيجاد المزيد من الموارد والأسلحة دون وجود محتوى جانبي بارز مثير للاهتمام إلّا نادراً ولكنّ الجلسة الثانية ستضيف المزيد من المحتويات الجانبية والألغاز التي سيتطلّب تتبّعها وحلّها المزيد من الوقت والجهد والتي ستستحق هذا الوقت الإضافي نظراً لانعكاسها على فهم الأحداث أو حصولكم من خلالها على موارد مهمة وقد قمنا بإنهاء الجلسة الأولى خلال 9 ساعات وبالإمكان إنهاء الجلسات الإضافية في عدد ساعات أقل أو أكثر بحسب رغبتكم في التعمّق في القصة والاختلافات والإضافات التي تشهدها مع كل جلسة.

Silent Hill f تقدّم لعشّاق هذه السلسلة ما كانوا يبحثون عنه من أجواء مربكة ولحظات مشوّقة وبقصة انتقلت من الطابع الغربي إلى تقديم لعبة رعب يابانية بالكامل لها طابعها ونكهتها الخاصة وبتشعبات وقصة يحفّها الغموض أكثر من قبل، المعارك تحتاج للمزيد من الصقل وقد لا يستسيغ القادمون الجدد الحاجة لإعادة التجربة عدّة مرّات لفهم ملابسات القصة، ولكنّ عشّاق السلسلة وألعاب الرعب سيجدون تجربة مسلية وشيّقة في انتظارهم خاصةً مع الألغاز المتقنة التي تمّ تقديمها وخيارات الصعوبة التي سترضي الجميع سواءً الباحث عن تحدّي حقيقي أو من يرغب بالاستمتاع بالقصة فقط.

تمّ مراجعة هذه اللعبة بنسخة للحاسب الشخصي تمّ توفيرها من قبل الناشر قبل صدور اللعبة في الأسواق.