مراجعة

Dying Light: The Beast

نصف ناجيٍ، نصف وحش.


الاجهزة: PC, PlayStation 5, Xbox Series S, Xbox Series X
تاريخ الإصدار: 18-10-2025
الناشر: Techland
طورت بواسطة: Techland

مهدي علوي

05 أكتوبر 2025
1230

لطالما كانت تراودني مشاعر سلبية تجاه الألعاب التي كانت في الأصل مجرد توسعة، ثم يقرر الاستوديو تحويلها إلى لعبة مستقلة جديدة. فغالبا ما تعاني هذه الألعاب من “تمطيط” في القصة، مما يؤدي إلى تكرار المراحل الأساسية، وبطبيعة الحال، المهمات الجانبية أيضا. Dying Light: The Beast هي الأخرى أيضا كانت مجرد توسعة لـDying Light 2: Stay Human لكن الإستديو المطور قرر تحويلها للعبة كاملة.

فهل قدر فريق Techland  تفادي كل السلبيات التي ذكرتها و جعل من The Beast تجربة جديدة، أم أنه سقط في فخ التمطيط كألغب الإستديوهات التي سبقته؟

موت الضوء و ولادة “الوحش”

يعود لنا كايل كرين، بطل الجزء الأول، لكن هذه المرة بقوة خارقة تجعل منه وحشا سريعا وفتاكا. هذه القوة لم تأت من فراغ، بل كانت نتيجة تجارب قاسية استمرت 13 سنة، حيث جرى دمج حمضه الوراثي بفيروس الزومبي بعد أن احتجز على يد الشرير المعروف باسم “البارون”. وبعد أن حالفه الحظ أخيرا، يتمكن كرين من الهروب من المختبرات، لتبدأ رحلة جديدة لا تتمحور فقط حول النجاة في عالم ما بعد الكارثة المليء بالزومبي والوحوش الخطيرة، أو بناء التحالفات مع أشخاص يشاركونه نفس الهدف، بل أيضا حول سعيه للانتقام من البارون.

لكن القصة في مجملها تعد قصة انتقام “كليشيهية” لا تقدم شيئا جديدا من حيث السرد أو عمق الشخصيات، إذ تفتقر إلى التطور الدرامي أو اللحظات التي تترك أثرا حقيقيا في اللاعب، وتعتمد بدلا من ذلك على أحداث مألوفة شاهدناها مرارا في أعمال كثيرة تدور في عوالم ما بعد الكارثة، أو ذغذغة مشاعر اللاعبين المتعلقين بالأجزاء السابقة.

أنا لا أقول أن القصة كانت سيئة، على العكس، القصة كان لا بأس بها و تعمل جيدا كأرضية خصبة لعالم تلعب فيه بمحترف “باركور” يمزق و يقطع وحوش الزومبي و في أحيان أخرى يقوم بمسح فرق عسكرية عن بكرة أبيها. عثابي هو أن القصة لم تحاول أن تقدم أي جديد، و هذا ما جعلها قصة أن متأكد أنني سأنسى أحداثها فور إنتهائي من كتابة هذه المراجعة.

أسلوب لعب ينهش نفسه بوحشية

اخترت هذا العنوان لأن أسلوب اللعب في Dying Light: The Beast يقدم تجربة عنيفة و ممتعة نسيبيا من حيث القتال والباركور، لكنه في الوقت نفسه يقترف أخطاء واضحة تعرقل المتعة. اللعبة “تنهش نفسها بوحشية” بسبب مشاكل مثل نظام الحفظ غير المستقر، الذكاء الاصطناعي للأعداء المتذبذب، والتكرار الكبير في المهام والزعماء، ما يجعل تجربة الاستكشاف والمواجهة أحيانا أكثر إحباطا من كونها ممتعة. العنوان يعكس هذا التناقض بين الوحشية والإثارة من جهة، وبين العيوب التي تقطع متعة اللعب من جهة أخرى.

اللعبة تقدم أسلوب قتال ممتع في البداية، مع ترسانة واسعة من الأسلحة المتنوعة بين اليدوية والنارية، مصحوبة بنظام تطوير يتيح لك تخصيص أسلوبك القتالي قليلا حسب تفضيلاتك. ما يجعل القتال أكثر إثارة هو التأثيرات العنيفة لتقطيع لحم وأطراف الزومبي، الأمر الذي يدفعك دائما لتجربة طرق جديدة للتعامل معهم. كما توفر اللعبة ما أسميه بـ”البراميل الحمراء”، وهي قنينات الغاز التي تنفجر عند ضربها، لتضيف عنصرا تكتيكيا صغيرا إضافيا للمعارك. كما قلت القتال ضد الزومبي جيد ودموي، لكن الزعماء ليس لديهم تنوع كبير، فهم ممتعون في أول مرة تواجههم، لكن مع مرور اللعبة تصبح المواجهات متكررة ومتشابهة.

أما القتال مع الأعداء البشريين فهو يقدم تحديا أكبر قليلا لكن ذكائهم الاصطناعي ضعيف، إذ يتجنبون هجمات القتال القريب أحيانا، لكنهم يصبحون غير مبالين إذا استهدفت رؤوسهم بسلاح ناري، وعند محاولة اللعب بأسلوب التسلل، فمن السهل أن يكشف أمرك و إن تم ذلك كل من على الخريطة سيعرف موقعك حتى و ان اختبأت، مما يقلل من واقعية اللعبة. كما ترى اللعبة لم تقدم شيئا جديدا في أسلوب القتال بل أيضا لم تصلح مشاكله المتمتلة في الذكاء الإصطناعي و تنوع الأعداء.

اللعبة تأتي بميزة “الوحش” حيث يتحول كايل إلى وحش عنيف وفتاك قادر على هرس عشرات الزومبي بكل سهولة، وهذه القوة تمنحك شعورا بالتحرر والقوة. تفعل هذه القوة بعد امتلاء مخزون الغضب لديك لكنها تفعل تلقائيا و في الكثير من الأحيان في لحظات غير مناسبة، مثل القضاء على آخر زومبي، مما يقلل من التحكم والاستراتيجية في استخدامها. بعد حوالي عشر ساعات من اللعب، تحصل على المهارة التي تتيح لك تفعيل الوحش متى شئت، وهو تحسن كبير، لكن كنت أفضل لو كانت هذه الحرية متاحة منذ البداية، لتعطي تجربة أكثر توازنا وتحكما باللعب.

تختلف حدة التحدي في اللعبة بين الليل و النهار. ففي النهار أنت حرفيا تتنزه في حديقتك الخلفية لا مبال، تقطع بعض الزومبي هنا و هناك و تتنقل بين الأسطح بالباركور الشيء الذي يمنحك فرصة للتخطيط واستكشاف العالم، أما في الليل عندما “يموت النور” فأنت على موعد مع رعب البقاء حرفيا، لأن الليل المظلم مليء بالمخاطر و أهمها الوحوش التي ستلاحقك فور رؤيتها لك و ستجعلك ترتجف و أنت تقفز من سطح لأخر مرعوبا و أنت تعلم أن وراءك أربع أو خمس وحوش من الصعب عليك قتلها مصحوبة بزومبيز سريعة. هذا الجانب من اللعبة، والذي أعتبره أقوى جوانبها كنت دائما ما أستمتع به لأنه يضيف الكثير من المتعة للعبة و يعطيك الشرح التفصيلي لمعنى عنوان اللعبة.

العالم المفتوح في اللعبة لا يقدم بتاتا أي جديد، مع أنني إستمتعت في بعض المهمات الجانبية إلا انه عالم مليئ بالمحتوى الجانبي التكراري، كإنقاد شخص من قطاع الطرق، أن يتم خداعك من طرف قطاع الطرق، فتح أماكن آمنةمنة جديدة و ذلك عن طريق قتل كل زومبي أو مرتزقة في المكان. المشكل الكبير ليس هنا، لأن أحد أبرز المشاكل هو نظام الحفظ. حيث واجهت صعوبة في حفظ التقدم، مما اجبرني على إعادة أجزاء كبيرة من اللعبة بعد كل وفاة و عدم وجود خاصية حفظ يدوية في اللعبة كان أكبر حاجز بيني و بين إستكشاف العالم، لأنني دائما ما أخاف أن أخسر كل تقدمي  أنا أحاول إستكشاف العالم. و هذا المشكل يظهر بشكل أكبر في المهام الأساسية. أما المشكل الأخر هو عدم وجود خاصية التنقل السريع، أنا أعلم ان الهدف من هذا هو أن تعيش تجربة الهروب من حشود الزومبي و أن تعيش تجربة الليل في اللعبة، لكن العودة في كل مرة إلى نفس المكان بعد كل مهمة كان أمرا مملا و منفرا. لذلك كان من الأفضل أن توفر اللعبة على الأقل خيار التنقل السريع بين النقاط التي تم إستكشافها مسبقا، أو نظام حفظ أكثر مرونة يتيح للاعب استكشاف العالم بحرية دون خوف من فقدان التقدم. هذه الإضافات كانت لتجعل تجربة الاستكشاف أكثر متعة وتوازن بين التحدي والمتعة، بدلا من أن يتحول العالم المفتوح إلى سلسلة من المهام المتكررة والإعادة المستمرة لنفس المناطق.

نظام الباركور في اللعبة لا يزال ممتعا كما عهدناه، مع القدرة على التسلق، القفز والانزلاق عبر المباني والهروب من الزومبي، لكنه ما زال يعاني من بعض المشاكل التي تؤثر على انسيابية التنقل والتحكم. أحيانا تشعر بأن حركة الشخصية غير سلسة، خصوصا عند النزول من الأماكن العالية أو عند محاولتك التنقل بسرعة عبر التضاريس الصعبة. إضافة إلى ذلك، غياب نظام التنقل السريع يجعل العودة إلى المناطق السابقة بعد إتمام المهام أو لاستكشافها تجربة ومكررة، خصوصا بعد مواجهة الزومبي والمرتزقة في الطريق. هذه العوائق تجعل من الباركور تجربة ممتعة أحيانا، لكنها غير مثالية وتتطلب صبرا أكبر من اللاعب لإتمام المهام والاستكشاف. يعتبر استخدام المركبات إضافة جديدة تتيح للاعبين التنقل بسرعة عبر عالم اللعبة الواسع. ومع ذلك، لا يمكن اعتبار تجربة القيادة هذه بمثابة نقطة قوة مميزة في اللعبة. لم تكن ممتعة كما هو متوقع. السيارة صعبة التحكم، خاصة عند القيادة على التضاريس الوعرة أو أثناء الهروب من الزومبي، حيث تشعر أحيانا بأن الفيزياء غير واقعية أو غير سلسة، مما يعرقل الاستكشاف ويجعل بعض المهمات أطول وأكثر إحباطا. رغم أنها تبدو ميزة إضافية، إلا أن استخدامها محدود وغالبا ما تلجأ للباركور أو المشي لتفادي مشاكل التحكم، ما يجعل السيارة ليست الخيار الأمثل للتنقل في العالم المفتوح.

رغم أن المهام الرئيسية في Dying Light: The Beast تحاول دفع القصة للأمام، إلا أن معظمها يشبه الآخر من حيث الهدف والطريقة. حيث ستجد نفسك غالبا تقوم بمهام متشابهة: تنظيف مناطق من الزومبي، مواجهة أعداء أقوياء قليلا، أو الوصول لنقطة معينة لإكمال مهمة القصة. القصة نفسها تقدم بعض اللحظات الدرامية، مثل الصراع الداخلي لكايل بين إنسانيته وقوة الوحش، لكن أسلوب تقديم المهام لا يدعم هذا الصراع بشكل كاف. باختصار، المهام الرئيسية لا تقدم أي تحديات حقيقية أو تنوع ملحوظ، بل تشعرك وكأنك تعيد تجربة نفس الأنشطة مع تغيير طفيف في الخلفية أو العدو. وهنا يأتي مشكل الحفظ مرة أخرى  فالتقدم في اللعبة غير متوازن، فالوفاة تجعلك تفقد نقاط الخبرة التي حصلت عليها، إضافة إلى الذخيرة و متانة الأسلحة التي استخدمتها، مما يزيد من صعوبة اللعبة بدون سبب منطقي. والأسوأ من ذلك، أن الأعداء يعودون للظهور مرة أخرى بعد موتك و خسارتك للذخيرة التي من الصعب الحصول عليها، مما يجعل إعادة المهام أكثر إحباطا ويقلل من شعور الإنجاز. هذه المشاكل مجتمعة تجعل تجربة المهام الرئيسية أقل متعة بشكل واضح و في بعض الأحيان منفرة.

لعبة دامية و خلابة في نفس الوقت

لعبة Dying Light: The Beast بكل إختصار لعبة جميلة جدا جدا، رغم أن المطور كان كسولا أيضا في هذا الجانب ووضع بعض الأشياء التي لم يكن لها تأثير على التجربة البصرية إلا أنها تبقى غير مفهومة. اللعبة تقدم منظرا بصريا جذابا وعالما مفتوحا جميل بإضاءة رائعة، غني بالتفاصيل من دماء الزومبي إلى الأتربة والبقع على الأرض، مما يجعل البيئة تبدو حية وواقعية. ومع ذلك، عند التدقيق، ستلاحظ أن بعض الخامات المستخدمة ذات دقة ضعيفة تعطي إحساسا برسوميات تعود لعصر بلايستيشن 3، ما يقلل قليلا من الانغماس البصري. كما واجهت بعض المشاكل التقنية، مثل أن تعلق الشخصية بين الصخور أو في الجدران، مما يعطل حركة الباركور ويؤثر على انسيابية اللعب، ما جعلني في الكثير من المرات أعيد المهمات من مكان بعيد جدا. الأداء على جهاز الـPlaystation 5 كان ممتازا، اللعبة تعمل بـ60 إطارا طول الوقت على وضع الأداء و هذا شيء يمدح عليه الفريق المطور الذي صقل لعبته تقنيا على الأقل.

رحلة لا بأس بها كانت لتكون أفضل

لعبة Dying Light: The Beast تقدم تجربة مختلطة لعشاق الألعاب: من ناحية، عالم مفتوح مليء بالتفاصيل البصرية، نظام باركور ممتع، وميزات قتالية دموية مثل “الوحش” تجعل كل مواجهة مثيرة ودموية. من ناحية أخرى، مشاكل مثل نظام الحفظ غير المستقر، ذكاء اصطناعي متذبذب للأعداء، تكرار المهام والزعماء، وغياب التنقل السريع، تجعل تجربة الاستكشاف والمواجهة أحيانا أكثر إحباطا من كونها ممتعة.

إذا كنت من محبي ألعاب الزومبي و Dying Light بشكل خاص، ستجد متعة في قطع الزومبي وتجربة قوة الوحش، وستستمتع ببعض اللحظات المثيرة في الليل المظلم أو أثناء قتال الزعماء، لكن توقع أن تكون التجربة كاملة بلا مشاكل سيكون أمرا صعبا. The Beast ليست ثورية، لكنها تقدم أرضية ممتعة لمحبي القتال والباركور ضمن عالم ما بعد الكارثة، مع بعض العيوب التي قد تحتاج لصبر وتفهم اللاعب – الذي غالبا سيكون عاشقا للسلسلة.

تمت مراجعة لعبة Dying Light: The Beast بنسخة جهاز Playstation 5 تم توفيرها من قبل ناشر اللعبة.

 

تقييم TrueGaming

Dying Light: The Beast

الإيجابيات

    أسلوب قتال ممتع ودموي، مع تنوع كبير من الأسلحة اليدوية والنارية. تأثيرات بصرية جيدة على البيئة، مع إضاءة رائعة وتفاصيل مثل دماء الزومبي والأتربة. الليل المظلم يضفي جوا مشحونا بالتوتر والإثارة، مما يزيد من تحدي الاستكشاف والمعارك بشكل كبير.

السلبيات

    قصة انتقام كليشيهية، ولا تقدم أي عمق أو تطور درامي للشخصيات. المهام الرئيسية متكررة بشكل كبير، مع أعداء وزعماء محدودي التنوع. نظام الحفظ غير مستقر، وعدم وجود حفظ يدوي يعيق استكشاف العالم بحرية. فقدان نقاط الخبرة والذخيرة و متانة الأسلحة عند الموت يجعل التقدم غير متوازن. ذكاء اصطناعي ضعيف للأعداء، خاصة في أسلوب القتال القريب والتسلل.

الخلاصة

Dying Light: The Beast لعبة ممتعة لعشاق القتال والباركور، مع عالم مفتوح مليء بالتفاصيل ولحظات دموية مثيرة، خصوصًا عند استخدام قوة الوحش. لكن المشاكل التقنية، الذكاء الاصطناعي المتذبذب، تكرار المهام، ونظام الحفظ غير المستقر تقلل من متعة الاستكشاف وتجعل التجربة أحيانا محبطة. رغم ذلك، ستجد لحظات قوية لعشاق السلسلة واللعب العنيف.

7
شارك هذا المقال
تقييم اللاعبين
9.7

عدد المقيمين: 7

مهدي علوي

محب للألعاب بلا حدود، لطالما كانت ألعاب الفيديو بالنسبة لي أفضل وسيلة ترفيهية صنعها البشر، حيث تجمع بين الكثير من الفنون بطريقة رائعة. بالنسبة لي اللعبة الجيدة هي اللعبة الممتعة.


أﺣﺪث اﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎت