حتى على صعيد اللعب، و على الرغم من محدودية التجربة و قلة تنوعها، إلا أن الجزء الأول من هذه اللعبة كان تجديدياً، و قدم شيئاً لم يكن موجوداً في سوق الألعاب آنذاك. كان بمقدورنا أن نركض في الأزقة و أن نتسلق المباني و الأبراج و قد كانت تلك الحرية في اللعب غير معهودة، و بدت لنا تطويراً جميلاً على طريقة اللعب التي بُنيت في لعبة أمير بلاد فارس، و إن افتقدنا الفخاخ المميتة و التصميم العبقري للمراحل من تلك اللعبة الرائعة. Assassin’s Creed حققت نجاحاً هائلاً تجاوز أحلام و أماني يوبي سوفت كثيراً، و تمكنت من بيع أكثر من 8 مليون نسخة حول العالم.

على أية حال، عانت اللعبة الأولى من محدودية التجربة، و يوبي سوفت استمعت جيداً إلى انطباعات الجماهير لتخرج بعد ذلك برائعتها الخالدة Assassin’s Creed 2، اللعبة التي لا زالت أفضل أجزاء هذه السلسلة حتى اليوم و ربما أفضل أو من أفضل ما قدمته شركة يوبي سوفت طوال تاريخها. هذه اللعبة نقلت القصة إلى مكانٍ آخر يمتلىء بعبق التاريخ، إلى إيطاليا و عصر النهضة، البيئة الإيطالية من طراز معماري و حضاري و فني قد تم تجسيدها بأروع ما يكون.

الأهم من ذلك أن يوبي سوفت استمعت جيداً لانطباعات اللاعبين و قامت بإحداث نقلة شاملة على صعيد طريقة اللعب! التقدم في اللعبة بات أكثر تنوعاً و اعتماداً على تقدم القصة عوضاً عن اغتيال مجموعة من الشخصيات، و أصبح هناك قابلية لتطوير العديد من الأشياء في اللعبة، نعم بينما كنا نشعر أن الجزء الأول هو أشبه بنموذج اختباري لفكرة رائعة، فإن الجزء الثاني كان لعبة رائعة و متكاملة و أحد أفضل ألعاب الجيل الماضي. حتى العام 2010 كانت اللعبة قد تجاوزت 9 مليون نسخة مباعة لتصبح السلسلة أسرع و أنجح الأسماء الجديدة كلياً في عالم الألعاب و لتتفوق اللعبة على الجزء الأول في المبيعات.

يوبي سوفت بذلت الكثير من الجهود في هذه اللعبة و لم تكن تخطط للتخلي عن “إتزيو” بطل اللعبة في أي وقتٍ قريب، و استمرت قصة إتزيو مع إصدار Brotherhood الذي شهد مغادرة مخرج السلسلة الأساسي باتريس في منتصف عملية التطوير. إصدار Brotherhood شهد أيضاً بعض الإضافات على مستوى اللعب مثل إمكانية تجنيد الناس لطائفة الحشاشين و استخدامهم في المهمات! و هي أحد الإضافات الجميلة في هذا الإصدار. كما أضاف هذا الإصدار جزئية لعب جماعي للمرة الأولى في هذه السلسلة. يوبي سوفت كانت تطبخ الجزء الثالث الضخم من السلسلة على نارٍ هادئة و حتى ذلك الحين قامت الشركة أيضاً بإصدار Revelations لتختتم قصة إتزيو بالكامل.

الجزء الثالث من Assassin’s Creed لا شك أنه كان في غاية الأهمية بالنسبة لشركة يوبي سوفت، فهذا الإصدار قد تم تطويره بالكامل و من الصفر في غياب باتريس مصمم يوبي سوفت الكبير سابقاً و كان من المهم للشركة أن تُثبت لنفسها و للجميع أنها قادرة على المضي قدماً في السلسلة و أن لعبة بهذا الحجم أكبر من الاعتماد على شخصٍ واحدٍ مهما كان قدر موهبته، و هذا ما نجحت به اللعبة بالفعل و التي انتقلت إلى حقبة الثورة الأمريكية و من بطولة شخصية جديدة كلياً هو كونور، اللعبة قدمت تجربة أضخم من الأجزاء السابقة و احتوت على تجديدات غير متوقعة مثل المعارك البحرية التي تفرعت لاحقاً لتحصل على لعبة كاملة هي Black Flag. حتى لحظة كتابة هذه السطور الجزء الثالث هو الأنجح في تاريخ السلسلة و في 2013 كانت مبيعاته قد تجاوزت بالفعل 12 مليون نسخة، و إحقاقاً للحق و رغم هذه النجاحات الكاسحة إلا أن هذه اللعبة شهدت عدة اعتراضات من جمهور اللاعبين و لم يكن هناك إجماع تام على روعتها مثل الإجماع على الجزء الثاني.

على أية حال، سلسلة Assassin’s Creed بذلت جهوداً مُضنية للتحقق من صحة الأحداث التاريخية و تجسيدها بالصورة الصحيحة، المجهود الذي تم بذله في الجزء الثالث كان استثنائياً في هذا الجانب و تمت الاستعانة بالعديد من الخبراء التاريخيين لتجسيد ثقافة عالم اللعبة كما يجب أن يكون. هذا المجهود تواصل في الأجزاء اللاحقة مثل Black Flag التي سلطت الضوء على حقائق لم تكن معروفة تماماً للعامة، لكن Unity حصلت على انتقادات بارزة بكونها تتبع بروباجندا إعلامية في طريقة تمثيلها للثورة الفرنسية. على أية حال، سنأتي على ذكر هذه الألعاب.

حسناً، تواصلت النجاحات مع الجزء الرابع Black Flag أو العلم الأسود، و الحقيقة التي لا يعرفها الكثيرون أن هذه اللعبة قد بدأت كإصدار فرعي مثل Brotherhood و Revelations لكنها توسعت كثيراً خلال التطوير لتصبح الجزء الرابع الأساسي من السلسلة و قد أتت بصورة كانت تحمل مفاجأة و اختلافاً عن الأجزاء السابقة بفضل عصر القراصنة، و كان بإمكانك اللعب لساعات على متن سفينتك و منهمكاً في خوض المعارك البحرية دون أن تطأ قدماك اليابسة. نعم Black Flag كانت لعبة مختلفة و غريبة و حظيت بإعجاب كبير من الجماهير و في عام 2014 كانت اللعبة قد باعت أكثر من 11 مليون نسخة لتثبت قدم AC كواحدة من أقوى الأسماء في عالم الألعاب على الإطلاق. على أية حال لم تكن هذه الختامية مع أجهزة الجيل الماضي التي حصلت أيضاً على إصدار Rogue قبل الوداع، و الذي احتوى على قصة رمادية بصورة غير معهودة في السلسلة.

فيما يتعلق بفضاء الأجهزة المنزلية الحالية، فإن Assassin’s Creed ليست حتى الآن بنفس القوة و الشعبية التي كانت عليها في الجيل الماضي، و ربما يعودُ ذلك إلى إصدار Unity. إصدار Unity كان أول إصدار مخصص كلياً للجيل الحالي من الأجهزة المنزلية و قد قدم نقلة كبيرة على الصعيد الرسومي، لكنه لم يقدم حس الاستكشاف و المغامرة بنفس البراعة التي شهدها إصدار Black Flag، و المشكلة الحقيقية أن هذه اللعبة الباريسية الجميلة كانت تُخفي خلف جمالها عدداً من المشاكل التقنية القاتلة، نعم نستطيع أن نؤكد بأن هذه اللعبة لم تكن كاملة و لا جاهزة للإصدار عندما طرحتها يوبي سوفت في الأسواق و لا شك أن هذا الإصدار قد أضر كثيراً بسمعة السلسلة و هز ثقة الزبائن حتى أن يوبي سوفت اعتذرت عن المشاكل التقنية و قامت بتعويض اللاعبين. حسناً، لن ننسى أيضاً أن Unity كانت الإصدار الذي أضاف المشتريات-داخل-اللعبة إلى السلسلة.

اللعبة التالية للسلسلة Syndicate و التي نقلت أحداث السلسلة إلى الثورة الصناعية صدرت أفضل حالاً من Unity و أكثر اكتمالاً و رغم الاستقبال الجيد لها من اللاعبين و النقاد إلا أن الجمهور ربما بدأ يشعر بالتشبع من السلسلة في ذلك الوقت و المبيعات لم تكن بقوة الأجزاء السابقة على الإطلاق كما أن السمعة السيئة التي اكتسبتها السلسلة من إصدار Unity كان لها دورها في ذلك أيضاً، و لذلك قررت يوبي سوفت أن تُعطي السلسلة راحة من الإصدار السنوي و منحت فريق تطوير Black Flag عاماً إضافياً ليصل بإصدار Origins إلى أعلى مستوى ممكن و ليُعيد ابتكار العديد من الجوانب في السلسلة.

لا شك أن Assassin’s Creed سلسلة في غاية الأهمية لشركة يوبي سوفت و هي السلسلة التي صنعت الشخصية الحديثة للشركة و التي انتقلت فلسفة تصميمها إلى بقية ألعاب الشركة، مثل الأبراج التي تكشف معلومات عن المناطق المُحيطة أو الفلسفة المفتوحة في تصميم اللعبة، Assassin’s Creed لعبة تُمثل ثقافة يوبي سوفت و إنجازها الأكبر في عالم الألعاب.