Just Human
Banned
بداية هذه أفضل شخصية تمت كتابتها من قبل كابكوم بلعبة رزدنت إيفل .. منزل بينيڤيينتو بكل تفصيلة بداخله لو تمت ملاحظتها بعناية شديدة ؟ ستروي لك معاناة شخص يصرخ من الداخل طلبا للنجدة .. عندما وصل ما يفترض انه "النجدة" كما تراه دونا ؟ ماتت بسببه..
بسم الله الرحمان الرحيم
بعدما أخذنا حصة محترمة من القشعريرة بداخل منزل التلة المعروف بمنزل بينيڤيينتو و صاحبته دونا بينيڤيينتو و دميتها الشيطانية الغامضة المدعوة آنجي.. فبعد أن تنتهي من قراءة هذا الموضوع ؟ ستحصل على فهم و منظور مختلفين لهذه الشخصية
عائلة بينيڤيينتو تنتمي لسلالة نبيلة تملك قوة و نفوذ كبيرين بالمنطقة (الى جانب عائلة ديميتريسكو و مورو و هازنبرغ طبعا) .
عرفت العائلة بمهارتهم في صناعة الدمى و كونوا ثروة هائلة من خلالها.. لكن بالنسبة لحياة دونا ؟ لم تكن طفولتها هانئة و طبيعية كما هو متوقع لطفلة تنتمي لطبقة ثرية من النبلاء! .. عاهة لعينة مستديمة على وجهها شوهت جمالها جعلتها تعيش عزلة تامة عن بقية الأطفال في سنها.. دونا دائما مختبئة في منزل التلة بعيدا عن سخرية الناس و نظراتهم لها ، دونا كانت شخصية إنطوائية بمعنى الكلمة، إنطوائية لدرجة متطرفة جدا و غير صحية! .. هذا الامر سبب لها إعتلال إجتماعي حاد نتجت عنه تصرفات و ممارسات غير طبيعية.. حتى بستاني العائلة وصفها بأنها طفلة غريبة الاطوار ليس لها أي اتصال مع البشر بإستثناء عائلتها بالمنزل ، دونا خلقت عالمها الخاص المكون من الدمى فقط لتعوض به عن الفقدان الكبير الذي سبب لها شرخا نفسيا حادا ، هذا التعويض في علم النفس هو إستراتيجية دفاع و تحصين للذات يتم بشكل واعي أو غير واعي يحاول المريض من خلاله أن يغطي على نقص أو ضعف أو رغبة عميقة أو إحساس بعدم الكفاءة ..
طبعا الدمية آنجي ماهي الا وسيلة لنقل مشاعر إنسانية سلبية (كراهية ، حقد ، غيرة ، حب التملك و غيره من المشاعر الغير سوية..) و مشاعر أخرى إيجابية سأتطرق لها لاحقا (لانها جوهر الموضوع)
الدمية التي صنعتها دونا هي أكثر من مجرد دمية أخرى على الرف.. آنجي هي امتداد لدونا على أكثر من صعيد و بإتجاهات عديدة بطبقات نفسية متراصة فوق بعض .. ببداية التعريف بطقم قادة او اللوردات الخاصين بالأم ميرندا.. نلاحظ أن دونا تجلس وحيدة بينهم.. لا تقاسمهم نفس الطاقة بالمكان.. تكاد لا تشعر لوجودها .. هي كانها غير موجودة! وهذا طبعا مناسب لشخصيتها الإنطوائية .. لكن دميتها آنجي على النقيض من كل ذلك.. موجودة و حاضرة.. منفتحة، تتحرك بنشاط و مندمجة مع الشخصيات و المحيط .. الشخصية التي من المفروض ان تكون عليها دونا بمخيالها حسب ما تتمنى.
إنتحار والديها و هي طفلة لم يكن ليساعد أبدا على تحسن صحتها النفسية ، بل بسببه طورت دونا جوانب مظلمة بداخل عقلها و أصبحت موغلة بشكل اكبر من السابق في وحدانيتها و العيش على ذكريات الماضي لدرجة انها لبست ثوب الحداد بشكل دائم تعبيرا عن الحزن العميق بقلبها جراء الفقد الذي زاد من همومها الثقيلة و أضاف المزيد من الظلام لم تكن بحاجته ولم ينقصها من الأساس .. دونا لم تتقبل حقيقة الفقدان في قرارة نفسها و لم تتأقلم مع واقعها الجديد الذي لا وجود فيه لأحبائها و لم تستطع تخطيه ، حتى طبيعة شخصيتها الإنعزالية لم تكن لتساعدها على تجاوز محنتها من خلال تكوين علاقات صحية تنتشلها من حالة الحداد و الحزن التي أسرت نفسها به و جعلتها شخص ميت و حي بالوقت ذاته
لكن فيما يخص دميتها آنجي والتي هي عبارة عن تجسيد مادي لكل رغبات دونا .. فالدمية تلبس لباس عروس في إشارة واضحة الى روح دونا التي تنشد الفرح و السعادة و السرور و الحب و كل المشاعر الإيجابية بالحياة.
الحالة التي عاشتها دونا جعلتها ضحية سهلة للمتمصلحين من الأرواح الخبيثة التي تستغل الأشخاص الممزقين نفسيا و الحطام البشري عموما من أمثال دونا بينيڤيينتو .. إلتقت بالإم ميرندا التي تبنتها في الحال .. و كما قال البستاني : على الأقل أصبح لدى دونا رفقة..
لكن لا يمكننا ان نسمي أي رفقة ؟ رفقة جيدة .. لان الحطام لا يجلب الا الحطام مثله.
على الرغم من كل شيئ .. دونا لا زالت نفس الشخص المنعزل الإنطوائي ، ذلك الشخص الذي يبحث عن ونيس لوحدتها..
عندما التقت إيثن للمرة الأولى.. أول شيئ قالته :
لا تذهب .. أنا امنعك من الذهاب (قالته بنفسها وليس عن طريق دميتها كما جرت العادة!)
شخص بحالة دونا بينيفينتو النفسية دائما ما يطور Ego متضخم.. الEgo يعتبر بمثابة آلية دفاع و تحصين للنفس حتى لا يتعرض لنفس الأذى الذي تعرض له بالسابق ، دونا أبدا لا ترغب بأن تكون وحيدة .. لكن الكبرياء يمنعها بأن تطلب من الناس ان يكونوا رفقاء لها.. دونا ترى هؤلاء الناس هم أساس مصيبتها و سبب بلواها ، لكنها على النقيض تطلب من إيثن أن يبقى! (الحطام يجلب الحطام!) .. رغم أن الطلب كان بأسلوب هجومي و في نفس الوقت يعبر عن شخص غاية في الوحدة.. كما لو انه يطلب النجدة من وحدته التي تستهلكه .. دونا لم تكن تطلب أي شيئ آخر غير الرفقة
عندما تدخل لمنزل بينيڤيينتو (كشخصية إيثن) .. دونا لم تؤذيك أبدا .. صحيح المنزل مريب .. مرعب .. مزعج و Creepy ، لكن دونا لم تؤذيك حقا بالبداية .. إيثن تجول بالمنزل بكل أريحية .. دونا لم تبدأ خطوتها الا عندما أراد إيثن أن يهم بالرحيل و تركها فريسة لوحدتها مجددا ، بالتالي تحولت لشخص مؤذي و عدواني من خلال دميتها آنجي و مجموعة الدمى الأخرى عبر الكادو (التي هي إسقاط لغضبها)
البستاني يذكر في أحد مذكراته : دونا تكلمت معي عبر دميتها.. كانت بالفعل أجمل محادثة.
الزهور الموجودة بمنطقة منزل بينيفينتو تسبب الهلاوس.. كل شيئ رآه إيثن عبارة عن هلاوس .. الوحش الضخم الذي يتعقبك بحثا عنك (أرعب وحش باللعبة) هو عبارة عن تجسيد لأسوء مخاوفه بشأن إبنته.. الوحش من وحي خيال إيثن بشكل كامل
لكن كيف لوحش من وحي الخيال ان يبتلعك و تموت ببساطة ؟!!
هو إيثن في الحقيقة يموت بأزمة قلبية عن طريق الهلوسات.. صحيح .. كيف ذلك ؟
عندما تدخل للمنزل و تجد لغز دمية ميا و الى جانبها صورتها و هي مذبوحة ببشاعة.. و إيثن بنفسه بوسط متاهة مرهقة نفسيا من الألغاز و قطع الدمى المعلقة والمتناثرة .. بعد قليل يتلقى إيثن مكالمة من ميا و هي تبكي على ابنتها روز لتزيد من عذابه.. كل هذا الضغط العصبي و النفسي الذي لا يطاق.. و فوق ذلك يتم تتويجه بالنهاية بمطاردة وحشية من مسخ مقرف هو تجسيد لكل مخاوف إيثن بشان إبنته الرضيعة روز .. كل هذه المعاناة تنتج بالنهاية إما شخص قوي على الصعيد النفسي والذهني حتى يكمل مهمته لإنقاذ ابنته للنهاية أو شخص مثقل بالهموم و الأحزان بشكل لا يحتمل حتى يموت بازمة قلبية.
دونا ليست شخصية سيئة أو شريرة .. هي شخصية مسكينة تعاني نفسيا بداخل عالمها الذي صنعته لنفسها، إيثن فقط دخل لهذا العالم و هي لم ترد خروجه..
بالنهاية عندما قتل دميتها التي هي عبارة عن روح دونا التي تنشد كل المشاعر الجميلة (كما ذكرت سلفا) .. ف إيثن قتل كل شيئ يمكن ان تعيش دونا على أمل ان يتحقق لها في يوم من الأيام او يصبرها على تعاستها و وحدتها و تكون عزاء لها و لو من خلال دمية !
في النهاية ماتت دونا.. ماتت فإختفت الأزهار من أمام منزل بينيڤيينتو..
شكرا.