Kain
رحمك الله يا أبي
في حديث لأحد الكوميديين بأحد البرامج الاذاعية تحدث عن تقديم Stand-up comedy, او ما تعرف بالكوميديا ارتجالية وهي فقرة يقدمها الكوميدي لمجموعة من الحضور ويلقي عليهم النكات.
تحدث هذا الكوميدي عن يقدم هذه العروض والخط الرفيع بين استمتاع الناس وضحكهم على النكات وبين استمرار العرض وتحوله الى ضجر وانزعاج.
فمهما كان جودة العرض لو انتهى بوقت لا يتجاوز النصف او الساعة مثلا سيحبه الجمهور لكن مع الاطالة الغير ضرورية لمدة تتجاوز الساعة او استمرار العرض لمدة ساعة ونصف مثلا يتغير الشعور النفسي للجماهير.
انه اشبه بخط رفيع بين الشعور بالاستمتاع وبين تجاوز الامر لحده وتحوله من "استمتعنا بالعرض وكان هذا الشخص الكوميدي مضحكا الى تحول الشعور اعتقدت أنه لن ينتهي أبدا من هذا العرض"
بعد الاستماع الى هذا الحديث، تردد صدى هذا الحديث في عقلي ومدى انعكاسه على واقع الاعمال الترفيهية
انها فلسفة بسيطة للغاية في واقع الامر، لو اعطيتك قطعة كعكة ستتمتع بتناولها، لو اعطيتك قطعتين بدل الواحدة ربما تكون جائعا وستستمع أيضا بتناولها. ماذا عن ثلاثة قطع؟ او أربعة ماذا لو بدل القطعة اعطيتك قالب الكعكة كله لتناوله. حتى لو كانت أشهى كعكة حلوى ستشعر بعدم الرغبة في اكمال تناولها لن تكون كتجربة قطعة واحدة او اثنتين، انها تلك الزيادة التي تفسد الشعور الجيد
وفعلا هذا الكلام صحيح للأعمال الترفيهية بشكل عام، لو أتذكر بعض المسلسلات التي شاهدتها مثلا مسلسل The Vampire Diaries، اول ثلاث مواسم جيدة للغاية ثم ظهر الموسم الرابع الذي تمنيت لو كان الختامية لكن تم تمديد المسلسل لعدة مواسم إضافية، هنا تجد ان كاتبي المسلسل استنفذت أفكارهم لدرجة إعادة بعض الشخصيات من الموت عدة مرات وتنفيذ سيناريوهات مكررة وحتى تغيير ببعض المفاهيم الأساسية للمسلسل، انها دورة من صناعة المزيد من لا شيء. خصوصا انها اعمال ليس لها كتاب او أي مصدر تستند عليه. جمعينا رأينا ماذا حدث لاحقا في مواسم مسلسل الأخيرة Game of Thrones التي تجاوزت احداث الكتب التي لم تكتمل بعد ورأينا عدم منطقية بعض الاحداث وركاكة النصوص والمحادثات التي تلتها مقارنة بالمواسم السابقة التي استندت على الكتب.
نفس الشيء شاهدته في مسلسلات مثل Arrow و The Flash , ثلاث مواسم أولى رائعة و كان يفترض تمديد لموسم واحد رابع كختامية لكن تستمر هذه الاعمال مهما كان السبب لأسباب تتعلق بالمشاهدات او أسباب مادية او غيرها و تجد انحدار كبير في هذه الاعمال.
نأتي لصلب حديثنا عن العاب الفيديو جيمز، أيضا هنا ينطبق أيضا هذا الامر لكن تأثيره اجده أكثر حدة خصوصا على نفسية ومعنويات الاعب
لنفكر بهذا الامر، كم من لعبة قمت بأنهائها وتركت ذاك الشعور المر من الامتعاض والانزعاج وربما حتى الكراهية في ذاكرتك، كم منها كنت لتشعر بهذه المشاعر بشكل اقل وبشكل اقل سلبية لو انتهت هذه الألعاب مبكرا ولم تأخذ كل هذا الوقت الغير مبرر.
عندما أفكر بهذا الامر واطرح بعض هذه الأمثلة لك عزيزي القارئ أجد انه لربما كانت الأمور مختلفة لو هذه الألعاب انتهت مبكرا قبل رسم تلك الصورة السلبية عنها.
مثلا حاليا العب لعبة روجك لايت تدعى Knight vs Giant: The Broken Excalibur انها شبيهة بلعبة هيدس لكن ليس بنفس جودتها، للوصول الى النهاية الحقيقية للعبة عليك الحصول على جوهرة من قتال زعيم نهائي للعبة وقبل قتال مجموعة أعداء وزعماء، انه نوع من Run مثل لعبة هيدس. لكن عليك القيام بهذا حوالي 10 مرات لجمع 10 جواهر.
حاليا جمعت 4 منها، كل Run يأخذ حوالي من 45 دقيقة الى ساعة. أي انه امامي حوالي 6 ساعات تقريبا لأنهاء اللعبة، ولقد امضيت قرابة 16 ساعة في لعب اللعبة أساسا، المشكلة هنا اللعبة ليس بجودة هيدس ولا تمتلك عناصر replay value التي تحفز على إعادة اللعب 6 مرات إضافية.
انها لعبة ممتعة في البداية مع نظام قتال سلسل وبعض الكلاسات الجيدة لكنها محدودة في معظمها لا تعطي ذاك التنوع الكبير لإعادة اللعب 10 مرات لجمع 10 جواهر.
سأنهي اللعبة قريبا لكن لن أستطيع نصيحة أحد بلعبها. انها مسلية كما ذكرت في بدايتها وستقضي أوقات ممتعة لكن هل أستطيع نصيحة شخص بلعبها لهذه المدة وعمل نفس الأشياء 10 مرات متتالية؟
وهنا مربط الفرس، ماذا لو كانت اللعبة تتطلب منك جمع ثلاث جواهر فقط. لكانت مسلية ورائعة واستبعدنا عنصر التكرار والضجر المصاحب لها.
لكنت أستطيع نصيحة أي شخص بها، حتى لو احتوت في اخرها على بعض العناصر المكررة لقلت له جملة " اللعبة تحتوي على بعض العناصر المكررة لكن لن تأخذ منك الوقت الكثير او حالما تصل الى الجزء الملل والمكرر من اللعبة ستكون قريبا من النهاية"
وهنا يبرز التأثير النفسي، أستطيع اقتطاع جزء كبير من سلبية اللعبة لو كانت أقصر وخفيفة للتجربة.
مثال اخر هو لعبة Ghostwire: Tokyo
لقد قضيت حوالي 33 ساعة في لعب هذه اللعبة و انهاء جميع المهمات الرئيسية و 40 مهمة جانبية , انها لعبة عالم مفتوح تحتوي الكثير من المشي و التنقلات في مدينة شبه فارغة مع 40 مهمة استطيع ان أقول 30 منها سيئة و مكررة و فقط 10 منها بين الجيد و الممتاز, بين انعدام الابداع و التكرار و حشو المحتويات كانت هذه المهمات كابوسا و المشكلة كلاعب لا تعلم أي منها هي المهمات الجيدة او السيئة عندما تلعب اللعبة لأول مرة لمحاولة تجنب السيئة منها و أسوأ منها بعضها مرتبط مع قصة اللعبة الرئيسية و تشرح بعض الأمور و تفاصيل الشخصيات لذلك قد تكون مضطرا لأنهائها.
ماذا لو كانت هذه اللعبة لعبة خطية لا تتجاوز 8 – 10 ساعات لأنهائها؟
هذا الشعور السيء الناتج من تكرار الأعداء والمواجهات في اللعبة وتكرار المهمات ذات المطالب السخيفة لم تكن لتترك ذاك الأثر السيء في ذاكرتي، فعندما أصل للحظة الشعورية بتكرار الأعداء والمواجهات وابدا بالتململ من اللعبة ستكون قد انتهت سلفا!
وهنا يظهر مرة اخرى ذلك الخط الرفيع بين الاستمتاع باللعبة والشعور بالرضا والتحول الى انزعاج و الضجر منها.
الجدير بذكره ان هذا يحدث حتى في الألعاب الممتازة، خصوصا مع تبني عمل العاب عالم مفتوح. لكن في الألعاب الممتازة هي العاب تحتوي عناصر قد تخفف او تخفي هذا الامر، لكن الألعاب المتوسطة والسيئة تحتاج الى كل ما يمكن اضافته من إيجابيات لتقليل الشعور السلبي منها كاستعباد العناصر المكررة وتقليص مدة اللعبة التي تكون كثير منها محتويات حشو لا داعي لها.
اللاعب ليس مغفلا
هنا أستطيع القول ان اللاعب يشعر بكل هذا وهو ليس مغفلا عن كل ما يحدث امامه، اللاعب يعلم متى يكون محتوى اللعبة ومحتواها اصيلا في لب تصميم اللعبة ومتى يكون مجرد حشو محتويات بدون أي ابداع او قيمة لغاية المطور في زيادة عمر اللعبة.
المطور بين سندان اللاعب ومطرقة الشركات
لن أحاول التماس الاعذار للمطورين لقيامهم بهذا الامر او تبريره بشكل يبرئهم من هذا، لكن سأطرح ما قد يتبادر الى ذهن المطورين، انه الخوف، الخوف الكامن من صناعة لعبة قصيرة ذاك ساعتين او 5 او 8 ساعات. ليجدو في المراجعات اللاعبين يكتبون تلك الجمل التقليدية:
"انها لعبة جيدة لكن لا أستطيع النصح بشرائها بهذا السعر مع مدة لعبها القصيرة"
"انها لعبة ممتازة وجيدة وقد استمتعت بها لكن تمنيت لو كانت أطول"
انها المعادلة الصعبة بين طلب سعر لعبة بقيمة معينة ومدة المحتوى الذي تقدمه. مع ان طول هذا المحتوى لا يعني الجودة ولا يرتبط بها دائما. أستطيع ان اعطيك لعبة مدتها 5 ساعات وتكون رائعة ولعبة مدتها 30 ساعة وتكون سيئة.
لكنها عقلية الكثير من اللاعبين التي تحدد هذا الامر، ربط سعر اللعبة بمدة اللعبة، فلو طلب المطور سعر 60 دولار او حتى 40 دولار يجب ان يقدم لعبة مدتها لا تقل عن 10 ساعات مثلا وإلا اعتبرت عند بعض اللاعبين لعبة قصيرة لا تبرر قيمة السعر المدفوع او يدفعهم لقول أنى سأقوم بشراء هذه اللعبة في وقت التخفيضات حصرا.
والجانب الاخر هو الشركات ودفع المطورين لعمل قوالب العاب في طار العالم المفتوح وكأن الألعاب الخطية أصبحت عيبا يجب الخجل منه وتناسوا ان العالم المفتوح لا يصلح لجميع الألعاب.
أتمنى ان هذا المقال نال اعجابكم. نراكم في مقالات أخرى ان شاء الله
التعديل الأخير: