okomarok
Hardcore Gamer
بعد ست سنوات من الانتظار المضني صدرت دموع المملكة أخيرا وسط احتفاء جارف من الإعلام واللاعبين على حد سواء، فالجزء العشرون من السلسلة العريقة بات في وقت قصير أكثر لعبة تحصل على تقييمات كاملة في تاريخ الصناعة، وإحدى أسرع الألعاب مبيعا على جهاز واحد على مر الوقت، وفي أقل من عام واحد تجاوزت اللعبة حاجز العشرين مليون نسخة مبيعا. صراحة، كل ما حققته اللعبة تستحقه بقوة، فهي أولا معجزة تقنية على جهاز ضعيف وحققت ما لم تتمكن ألعاب أخرى على أجهزة أقوى من تحقيقه، القفز بين الخرائط الواسعة الثلاث بسهولة وسلاسة دون شاشة تحميل، ميكانيكات اللعب الممتازة والتي تمكنك من تحقيق كل فكرة تدور في رأسك بكل حرية كما تخيلتها تماما عن طريق الـUltrahand، ناهيك عن المستوى التصميمي الممتاز للألغاز والعالم بشكل عام، اللعبة تحل أيضا عددا من المشاكل التي عانت منها سابقتها، كـسرعة انكسار الأسلحة عن طريق تقديم بنظام ذكي للـCrafting من خلال الـFuse التي تمنحك القدرة على دمج الأسلحة بكل شيء (حرفيا،) وإضافة لهذا، إضافة قدرة Ascend أعتبرها قرارا شجاعا جدا لأنه عندما تكون الجدران العالية والأسقف قيودا للـgameplay من أجل التحكم في تصرفات اللاعب وكذلك تقليل الاحتمالات الممكنة لما يمكن فعله، تجد دموع المملكة تكسر هذا الحاجز حرفيا وتقول لك "افعل ما تريد، نحن نثق بمستوى لعبتنا وأنك مهما حاولت فلن تكسرها،" فلسفة نجدها في كل مكان باللعبة. مع ذلك... أعتقد أن دموع المملكة لم تصل للـpotential الذي كان يمكن أن تصل إليه، هذه ليست مراجعة للعبة لأنني لن أخوض في كل النقاط كما سأكتفي بالمدح المقتضب الذي تقدمت به رغم أنه بالإمكان كتابة صفحات طويلة من الإشادة بمستوى اللعبة وقوتها على كل الأصعدة، لكنني سأخوض في أكثر النقاط التي غاضتني والتي كان بالإمكان تجاوزها لتقديم منتج أفضل بكثير دون الحاجة لبذل مجهود أكبر من الذي بذلوه عليها.
بعيد الكشف عن اللعبة المسماة آنذاك "تتمة نفس البرية" صرح منتج السلسلة Eiji Aonuma أنهم متحمسون للعودة إلى Hyrule من جديد، التصريح جعلني أخشى على اللعبة التالية في السلسلة والتي بدا أنها ستستعمل نفس الخريطة مجددا وبالفعل صدقت مخاوفي بعد رؤيتنا لأول عرض رسمي عامين بعد ذلك، دموع المملكة ستعيد استعمال خريطة نفس البرية. مع ذلك تمسكت بأمل أن الجزر الطافية التي رأيناها في العرض ستكون واسعة وشاسعة وقد تعوض عن خريطة العالم بالأسفل التي لم يشك أحد أنها ستشهد بعض التغييرات المهمة. ذلك لم يحدث بالضبط، بل حصلنا في المنتج النهائي على عالم مجزئ لثلاثة مناطق: مملكة Hyrule، السماء، والمنطقة التي أبقيت سرا لوقت طويل: الأعماق. لنبدأ بالأولى، ولنعد بعض الشيء نحو الخلف، عند خوضي لنفس البرية (وأتصور أن الأمر نفسه ينطبق على شريحة واسعة من اللاعبين غيري،) قضيت مئات الساعات في استكشاف الخريطة الشاسعة، عالم ذو سحر مبهر، قوة تصميم الألعاب الخطية في عالم مفتوح شاسع مصمم بإتقان في كل زاوية من زواياه. استكشاف المجهول كان مبهرا، والغموض الذي اكتسى الكثير من معالم العالم كان آسرا، ما سر البطلات السبع في Gerudo؟ لم هناك بطلة ثامنة منسية وسط الجبال؟ كيف كان عصر حصن Akkala الذهبي؟ هل هناك المزيد لاستكشافه بخصوص المعبد المنسي في الوادي العميق؟ من بنى معبد الزمن؟ كما كان استكشاف المعالم لأول مرة رحلة لا تنسى، خوض الغابات المفقودة، غابة Faron وآثار الـZonai، الأطلال المظلمة شمال الخريطة، النزول في جزيرة Eventide، المتاهات وغيرها الكثير. روعة تصميم العالم كان يعني أيضا أن أغلبنا حفظ الخريطة عن ظهر قلب (لدرجة أنه بات بإمكاني لعب Geoguesser على خريطة Hyrule وحزر كل المواقع ومكانها على الخريطة انطلاقا من صور عشوائية.)
حتى Hylia لم يعجبها كيف بات معبدها المنسي... منسيا
الخريطة التي حفظتها عن ظهر قلب كانت السبب الأول لتخوفي بخصوص دموع المملكة، فهل بإمكان المطورين أن يزرعوا في العالم نفس السحر الذي شعرت -أو شعرنا- به رغم إعادة استخدام نفس الحريطة؟ الجواب كان... لا. فرؤية كيف تطورت الخريطة مع مرور الزمن كان حتما مثيرا للاهتمام إلى حد ما، لكن حتى التغييرات الجمة لم تشفع لإحساس استكشاف المجهول الذي فقد تماما مع هذا الجزء، ولا يمكنني أن أذكر كثيرا من اللحظات كالتي أتيت بذكرها قبلا في دموع المملكة، لأنني كنت أعرف مكان كل المعالم الكبرى، بل أحفظها حجرا حجرا. لربما لم تكن تلك رغبة المطور أساسا، لربما أرادوا من العالم أن يكون مألوفا وأن تأتي القيمة هذه المرة من المتغيرات الجمة في العالم، بركان Eldin الخامد، Lurelin التي احتلها القراصنة، قصر Hyrule الذي ارتقى في السماء، وغيرها، لكن إن أردت وصف هذه الخريطة الجديدة بكلمة واحدة فستكون: آلية. كل شيء يخدم الـgameplay لا أكثر، السرد القصصي والبيئي خصوصا يأخذ مقعد المتفرج بقوة هنا، هل تذكر الأماكن التي أشرت لها قبلا من الجزء السابق، وكيف اكتست غموضا كبيرا حول معناها وتاريخها وقصتها؟ ذات الأماكن تعود هنا، لكن هذه المرة بدون "سحر،" فمثلا حصن Akkala كان من الأماكن التي وددت استكشافها وتوقعت أن التغيير قد ناله لنرى أخيرا ما يوجد بالداخل وما الأسرار التي تقبع عميقا وما التاريخ الذي يمكن أن يرويه، لكن يمكنكم أن تتصوروا إحباطي لما وجدت أن الحصن قد استبدل بكهف generic كعشرات الكهوف الـgeneric الأخرى في اللعبة، ماذا عن البطلات السبع؟ هل يقبع معبد أو خندق تحت أراضيهم؟ لا، كهف generic آخر دون هدف. كيف تغيرت جزيرة Eventide الرائعة من الجزء الأول؟ صارت قطعة أرض عادية مع بعض مخيمات الوحوش هنا وهناك لا أكثر. ماذا عن سر المعبد المنسي؟ لا شيء بخصوصه، بل صار مجرد طريق نحو أطلال أخرى تخدم "قصة" اللعبة. معبد الزمن؟ بات مجرد بناية خربة أخرى دون روح (حتى الموسيقى صارت مجرد قطعة generic من موسيقى الأطلال العشوائية بالعالم.) أطلال Typhloo؟ مجرد آثار أخرى دون روح، والقائمة تطول... جدا.
"لربما خريطة السماء قد تحمل الجديد غير المألوف الذي أبحث عنه،" ربما هكذا فكرت بعد استكشافي للمنطقة الافتتاحية للعبة، لكن يمكنكم تخيل إحباطي (وإحباط الجميع على ما يبدو،) من أن جزيرة السماء العظيمة كانت الاستثناء ولم تكن القاعدة! فهذه السماء الشاسعة ملآى بصخور صغيرة تجرؤ على تسمية نفسها "جزرا،" بعضها يحتوي على قدر محدود من الـgameplay (معبد أو لغز صغير،) لكن لا شيء يرقى ليكون "حضارة السماء الضائعة" أو "نفس البرية في السماء،" كما كانت توحي المواد الإعلامية. هذه الجزئية الأخيرة إضافة إلى ما سبق ذكره تسلط الضوء على مشكل عملاق تعاني منه اللعبة من بدايتها لنهايتها، لكن سأبقي بعض التشويق حاضرا في هذه اللحظة وأعود إلى هذه النقطة لاحقا، لأننا الآن سنتحدث عن المنطقة الأسوأ من اللعبة، الأعماق. خلال ترحالك وتجوالك في عالم Hyrule الشاسع، ستصادف بين الفينة والأخرى هوة في الأرض، مريبة المظهر، وحتما تخفي شيئا في الجانب الآخر، تقفز في الحفرة السحيقة، تنطلق نوتات جهورية من آلة البوق، وتسقط وسط بحر من الظلام الدامس، سواد يمتد على مرمى البصر، مكان ساحر، لكن مثير للريبة. تبدأ الاستكشاف وتعثر على بعض المواقع المثيرة للاهتمام، على الأقل لبضع ساعات، مناجم ومخيمات و... هذا تقريبا كل شيء. الأعماق لم تكن أفضل حالا من السماء، وقدمت محتوى محدودا جدا مقارنة مع حجمها الشاسع (تخيل أنك تسرح قطعة جبن صغيرة على كسرة خبز بحجم عجلة الشاحنة،) الخريطة برمتها كانت عبارة عن نسخ ولصق، لنفس البيئة، لنفس المنظر، لنفس الوحوش، لنفس الأفكار، بل حتى الكنوز فيها كانت عبارة عن إعادة تدوير لمحتوى الـAmiibo من الجزء السابق. لا أفهم أبدا فائدة إضافة مكان بحجم خريطة نفس البرية دون أي محتوى يذكر خارج الـgriding لجمع بعض الأدوات والـitems التي تفيد في القتال أو تطوير البطاريات، ناهيك عن كون الظلام هو الوضعية البدئية، ما يعني أن 90% مما تراه أغلب الوقت هو اللون الأسود، لا شك أن كسح العتمة لبعض الوقت أمر ممتع، في النهاية أطلال Typhloo من الجزء السابق كانت تلك فكرتها، لكن عندما يطول الأمر ويصبح عبارة عن رحلة استكشاف وسط الظلام الدامس لثلاثين ساعة (لإكمال الخريطة) فالأمر يصبح مزعجا، مملا، وتمطيطا غير مبرر نظرا للمحتوى الضحل.
رسوم تصويرية لما كان مخططا لجزر السماء
الأعماق تأخذنا للحديث عن مشكل أكثر شمولا واجهته اللعبة ككل، وهو أنها تصر على إضافة المزيد من الأشياء بدل حشو ما يوجد في الأصل بالمحتوى، فمثلا "المجهود" المبذول على الأعماق كان أولى أن يستعمل لتطوير السماء مثلا (سبق وصرحوا بالفعل أن محتوى السماء كان أكبر لكن تم قصه لأن السماء كانت تبدو فوضوية من الأسفل، لكن لنكن صريحين، هناك الكثير من الطرق للتعامل مع المشكل دون الحاجة لقص المحتوى.) والأعماق ليست المثال الوحيد على هذه المشكلة، بل يمتد إلى كثير من عناصر اللعبة، وأسوأها: المعابد. كما نعرف، دموع المملكة تحتوي خمسة خنادق رئيسية، معابد النار والماء والرياح والبرق، إضافة إلى مصنع الـConstruct. الخنادق الرئيسة تأخذ -للأسف- نفس التركيبة من الجزء السابق، لديك عدد من اللوحات التي يجب أن تشغلها، افعل ذلك وستفتح الباب للزعيم. لا أدري صراحة لم تم سلوك هذه الطريق رغم الانتقادات السابقة. بالفعل، تم حل بعض المشاكل المتعلقة بالخنادق، كالسياق والتصميم الداخلي (تصاميم الـDivine Beasts الخارجية كانت ممتازة لكن من الداخل قصة أخرى،) حتى أن بعضها كمعبد الرياح والمصنع تقدم أجواء من الأفضل في السلسلة، لكن الأهم في أي خندق، الألغاز والتقدم، وكلاهما لا يزال عبارة عن فوضى، بل يمكنني القول أنه بات أسوأ من الجزء السابق. معبد الرياح يعود تخت الضوء من جديد، فهذه السفينة العائمة في الهواء حجمها هو نفس حجم سفينة الرمال من سيف السماء (Skyward Sword) أو ربما أكبر، لكن الفرق بينهما كالسماء والأرض، فالألغاز داخل معبد الرياح مثيرة للشفقة، ليس هناك أي تقدم للأفكار، ليس هناك أي زعماء مصغرين، ليس هناك أي تحد قتالي، لا أهمية لأخذ الفضاء كله بعين الاعتبار وكل لغز يبقى حبيس الغرفة التي أنت فيها، لا هو يؤثر على المعبد ولا المعبد يؤثر عليه. هذا المشكل يطل في كل معبد تقريبا من معابد اللعبة مع نصف استثناء لمعبد البرق، لكن يبقى أفظع مثال في هذه اللعبة هو معبد الماء. هذا الخندق عبارة عن إحباط خام، ساحة كبيرة تحيط بها بعض الألغاز جد البسيطة (التي اعتقدت أنها مجرد مدخل للمعبد قبل أن يبدأ المرح الفعلي،) حتى أن هناك shrines محتواها أكبر من هذا المعبد المثير للشفقة. أعود أخيرا للحديث عن الحشو بالمحتوى الإضافي بدل تطوير ما هو موجود، فهل في نظركم كان من الضروري تقديم أكثر من 150 shrine في اللعبة والخنادق الرئيسة تعاني من قلة المحتوى؟ فلو فقط تم قص 25 shrine وتخصيص محتواها لتطوير المعابد مع حل مشاكل التقدم والصعوبة لحصلنا على معابد لا تنسى، لكن الكم كان أهم من الكيف هنا. وهنا هذه القاعدة وليست الاستثناء، فماذا حصلنا على 150 كهفا و60 بئرا دون أي محتوى يذكر في حين كان بالإمكان تخصيص ذلك الجهد من أجل تصميم أماكن أقل لكن تعلق في الذاكرة، بل لماذا أعيد استخدام نفس الخريطة مع مجهود "كبير" لإعادة تحيينها في حين كان بالإمكان الحصول على مغامرة جديدة على قارة أخرى بنفس المجهود، أو حتى بعودة Link إلى الماضي السحيق حيث ما زلنا سنرى نفس المملكة لكن بمواقع جديدة وشخصيات جديدة وقصة جديدة وغيرها من الأمور التي كانت ستكون أكثر إثارة للاهتمام.
استمرارا في موضوع الـgameplay، قدرات اللعبة -القوية جدا- لا تصل حتى لربع الـpotential الذي تمتلكه سواء لأن اللعبة لا تشجع على استخدامها أو لأن اللعبة تشجع ضد استخدامها. لنبدأ بالأولى، ولنتحدث عن الـultrahand، القدرة التي تمكنك من بناء أي شيء تفكر فيه انطلاقا من الأدوات التي يوفرها العالم، سواء كان الأمر سيارة أو دبابة أو رجلا آليا أو صاروخا نوويا أو مصنعا لإنتاج فخذ الدجاج. تبدو الفكرة رائعة على الورق، وتطويرها تطلب بعض العقول الهندسية العبقرية، لكن تطبيقها... متوسط إلى مستحسن في أفضل الحالات، فمن جهة إعادة استخدام خريطة الجزء السابق والتي كانت مصممة بناء على أنواع أخرى من القدرات تجعل استخدام أي شيء تخترعه عديم الفائدة بعد خمس دقائق، فلم قد أصنع أروع دبابة في العالم فقط لأتركها بعد برهة لأن الجسر أمامي أو مدخل القرية أو الفج الجبلي لا يتسع لها؟ حتى خاصية الـAutobuild مقيدة جدا بإعطائك القدرة على حفظ ثمان اختراعات لا أكثر. ربما قد يقول قائل أن ذلك للتشجيع على البناء بدل إعادة تدوير اختراعات سابقة. ربما يكون ذلك صحيحا لو لم تكن اللعبة تدمر أي شيء بنيته عندما أبتعد عنه بخمسة أمتار أو أضطر لدخول معبد أو متجر أو بيت، فلا أريد قضاء نصف ساعة في العمل على كاسحة رائعة تأخذها اللعبة مني بعد ثوان قليلة، وسأتحول حتما لاختراعات أقل تكلفة من ناحية الوقت والموارد كالدراجة الطائرة الشهيرة (هناك سبب حتما لم هي شهيرة.) في نفس السياق اللعبة تشجع أيضا ضد استخدام بعض القدرات، الـfuse مثلا قدرة قوية من ناحية الـgameplay، تخولك دمج أي شيء في اللعبة بأي سلاح تمتلكه، لكن العائق هنا هو واجهة المستخدم، فدمج سهم بأحد الـitems الكثيرة يأخذ وقتا طويلا للوصول إلى ما تريد عبر scrolling بدائي وطويل وممل للبحث عن الشيء الذي تريد، مشكل كان يمكن حله بإضافات جودة حياة بسيطة جدا كالقدرة على اختيار المفضلات من الأدوات لدمجها.
آمل أنك استمتعت بالجزيرة الأولى في السماء لأنك بهذا رأيت أغلب المحتوى في السماء
الآن آتي إلى النقطة، إحدى أكبر مشاكلي في اللعبة ككل، مشكل لم يتواجد في أي لعبة في السلسلة من قبل: القصة. قصة دموع المملكة، سواء تعلق الأمر بالأحداث أو الـlore أو الاستمرارية أو المنطقية أو السرد البيئي أو غيرها من المرادفات الرنانة، كلها عبارة عن فوضى لا معنى لها، ترقيع ومفارقات منطقية وعشوائية لا تليق بسلسلة بحجم Zelda. اللعبة هنا تسير على خطى سابقتها، Link موجود في زمن مختلف عن ذلك الذي تجري فيه الأحداث المهمة وكل ما يحصل عليه بطلنا هو فتات لمغامرة -يفترض أنها- عظيمة حدثت في الماضي السحيق. هذه الخلطة كانت صالحة في الجزء السابق، لأن Link كان فاقدا للذاكرة من ناحية لذا كان من المثير للاهتمام أن نشاركه الرحلة في فهم ما الذي أدى إلى الوضع الذي باتت عليه Hyrule الآن، ومن ناحية أخرى القصة في الحاضر استمرارية لما حدث قبل مئة عام وكأنه نوع من "لننه ما لم نتمكن من إنهائه من قبل،" حاصلين بذلك على النصف الثاني للقصة التي نشارك بطلنا في فهمها، كما أن الترتيب غير مهم بالضرورة ونهاية السرد معروفة فيبقى الفضول في معرفة كيف أدت الأحداث إلى تلك النهاية التي نعرفها من بداية اللعبة. وأهم شيء، اللعبة روت قصتها من خلال العالم، يمكنك عبر السرد البيئي أن تفهم أغلب ما حدث قبل مئة عام، يمكنك أن تتخيل بداية الهجوم من قلعة Hyrule وكيف تحركت جيوش الـguardians عبر Hyrule الوسطى مدمرة كل شيء في طريقها، كيف سقط حصن Akkala، كيف كان حصن Hateno آخر خط دفاعي للـHylians، وغيرها من التفاصيل الكثيرة التي تحكي القصة والمأساة دون الحاجة لقول كلمة واحدة. دموع المملكة تفشل في ترك قصة مثيرة للاهتمام لأن كل شيء مثير للاهتمام حدث بالفعل وانتهى، ولم يبق لنا -سأستعمل هذه الكلمة من جديد- إلا الفتات. اللعبة تعطينا مهمة البحث عن الأميرة Zelda التي اختفت في أحداث بداية اللعبة وهنا يكون أمامنا طريقان، الأول من خلال الكشف عن الذكريات المتناثرة حول العالم والثاني عبر الظواهر التي ضربت أربع مناطق من المملكة. الحرية في الكشف عن الذكريات بأي ترتيب يكسر القصة لأنك قد تبدأ بنهايتها وتحرق على نفسك كل شيء سبق، خصوصا لو خضتها بينما تستكشف العالم بشكل عشوائي، لكن قد أقول أن "الخطأ خطئي هنا الأقل لأنني لم أكن قد وجدت المكان الذي يدلك على ترتيب الذكريات،" سأمشيها للعبة، لكن مشكلتي الحقيقية معها أن القصة الحقيقية تحدث في هذه الذكريات، كل شيء مهم، كل الشخصيات المهمة، كل الأحداث، أما نحن فنأخذ وضع المشاهد لا أكثر، أما الفتات الذي ترك لنا، فبالكاد تربطه علاقة بالقصة الرئيسية ولا يتعدى كونه ترقيعا لنجد شيئا لنفعله، فبينما Zelda تعد العدة في الماضي السحيق لقتال ملك الشياطين Ganondorf، نجد نفسنا نحل مشكلة إدمان الـGoron على المخدرات، والـRito الذين لم يفكروا في الطيران شرقا للبحث عن الكلأ، الـZora سيجعلون منك بطل البيئة لمحاربة التلوث والمنطقة الوحيدة التي واجهت مشكلا فعليا هي Gerudo وغزو الصراصير العملاقة. السرد البيئي غائب تماما، الأطلال الكثيرة (الجديدة) في العالم عبارة عن لصق عشوائي دون أي رابط سردي، لأن العالم في النهاية صمم من أجل نفس البرية وليس دموع المملكة التي لم تكن حتى فكرة في ذهن المصممين آنذاك، معيدا إيانا إلى لفظ "العالم الآلي."
مشكلتي الأخرى مع القصة في هذه اللعبة هو أنها تقوم بالحد الأدنى لما يمكن القيام به، Zelda ليست أكثر سلسلة معروفة بقصتها أو قوة سردها، لكن يمكنني أن أقول أن قصصها عموما لطالما كانت مرضية جدا، إلا أن دموع المملكة، لا تقدم "قصة" إلا ليكون هناك نوع من السياق حتى تحدث اللعبة، ليست هناك أي محاولة حقيقية لتقديم أي أساس سردي مرض، حتى مقارنة مع الجزء السابق الذي اهتم بهذه النقطة ولو أن ذلك تم بشكل غير تقليدي. أكثر مثال مهين للاعب في هذه الناحية هو شخصية Ganondorf، والذي سأقارنه بأحد أسلافه من زمن بعيد، فمن منا يمكنه أن ينسى تقديم الشرير في أوكارينا الزمن، والذي حبك خطة عبقرية للسيطرة على الـTriforce متلاعبا بكل الشخصيات بدون استثناء، أو في أميرة الغسق حيث احتل عالما كاملا وأسقط حاكمته، أو أفضل نسخة للشخصية من موقظ الرياح، حيث اكتشفنا أن كل شيء يفعله نابع من حسده وحقده على خيرات Hyrule في حين أن أرضه لم تنل شيئا إلا الرياح اللافحة الحارقة، حاملة شتى أشكال الموات إلى مسقط رأسه. Ganondorf من دموع المملكة ليس إلا سببا لتأخذ القصة مجراها، فليست لديه أي شخصية أو دافع بعيدا عن "أنا شرير أريد إغراق العالم في الظلام." وما الذي يفعله "ملك الشياطين" هذا طيلة مدة اللعبة؟ يتدلى على أريكة في وكره الآمن بعيدا تحت الأرض محدثا بعض الفوضى هنا وهناك عن طريق Zelda المزيفة والتي كان بإمكان Link أن يخبر الجميع أنها ليست هي بالمناسبة. جل الشخصيات في اللعبة تعاني من نفس المشكل، كل شيء يوجد ليخدم الـgameplay لا أكثر، ولا أهمية للقصة إلا لإعطاء أقل قدر ممكن من السياق، ولا يمكنني أن أذكر ولو شخصية واحدة يحدث لها نوع من الـcharacter development طيلة اللعبة!
المطور بذل جهدا حقيقيا ومضنيا لكي لا تتضمن اللعبة أي قصة تذكر
هناك الكثير من الأسئلة التي ستطرحها بخصوصها، فمثلا من هم الـZonai؟ من الأبطال القدماء؟ أين اختفى الـZonai؟ لماذا لا توجد آثار لهم في العالم؟ (أعني آثارا حقيقية للـZonai الذين رأيناهم وليس أيا كان ممن سمي الـZonai في نفس البرية، والاثنان مختلفان تماما،) وغيرها من الأسئلة. اللعبة ستجيبك ببساطة: . حتى الـcutscenes سواء التي ستراها في القصة أو في الذكريات لن تجيب عن أي أسئلة، ولرش الملح على الجرح، الـcutscenes من القصة عبارة عن نسخ ولصق في معظمها، ففي كل مرة تنتهي من معبد ما، سترى البطل القديم يقابل الحكيم الجديد ثم تسمع نفس الكلام بالضبط الذي ستسمعه في كل معبد موال، خمس مرات! هل يحتوي هذا الكلام على معلومات مهمة قد تساعد على القضاء على الشرير؟ لا، مجرد ثرثرة فارغة لخمس دقائق دون معنى أو قيمة.
المطورون بذلوا مجهودا إضافيا لتجاهل كل شيء له علاقة بالقصة أو الاستمرارية. عند الكشف عن دموع المملكة لأول مرة، ظهرت باسم "تتمة لنفس البرية" وهو ما أوحى بأن الجزء القادم سيحل العديد من الألغاز التي وضعها الجزء الأول ويجيب عن كثير من أسئلته، لكن دموع المملكة تقوم بما هو أسوأ من عدم الإجابة عن هذه الأسئلة، فهي تتجاهل بشكل شبه تام الاستمرارية بين اللعبتين، وكأن نفس البرية لم تحدث أبدأ أو حدثت في كون مواز. لعل أبرز مثال وأشهره اختفاء تكنلوجيا الـSheikah التي كانت تطلي العالم من شماله لجنوبه، عشرات الـshrines، الوحوش الآلية الضخمة، الأبراج العديدة، مئات الـguardians وغيرها الكثير، كل شيء اختفى بين ليلة وضحاها ببساطة (أسوأ مثال هو تغيير غرفة البعث التي آوت Link لمئة عام بـ... كهف generic آخر!) هل تعطي اللعبة أي تفسير لهذا؟ أبدا. لا أحد يتحدث بأي شكل عن ما حدث قبل بضع سنوات (باستثناء Zelda في بداية اللعبة.) أما مطوروا اللعبة فعندما واجههم ذلك السؤال من اللاعبين، أجابوا أنها اختفت بين ليلة وضحاها، أو بتعبير أدق: . مثال آخر هو بطلنا Link، الذي أنقذ العالم من Calamity Ganon وأنهى التهديد الذي استمر لآلاف السنين، مفاجأة، بالكاد هناك من يتذكر من يكون هذا الـLink، والكثير من الشخصيات ستتظاهر أنها تلتقيه لأول مرة حتى لو كنت قد قضيت معها ساعات طويلة في حل مشاكلها السخيفة في الجزء السابق. المشكل الأكبر أن هناك شخصيات تتذكر بالفعل من أنت، مؤكدة على العشوائية وغياب الرؤية وراء اللعبة. هذا النوع من الاستهتار بالقصة غير مبرر أبدا، خصوصا وأنه ناتج عن قرار من منتجي اللعبة بدل كونه "خطأ" من نوع ما، فلا أتخيل أن بذل القليل من المجهود الإضافي لربط حبكة اللعبة بسابقتها بشكل أفضل، وكتابة بعض الشخصيات الجيدة، وتحسين القصة وتقليل هفواتها، أمر ليس صعبا على ذات الأشخاص الذين عملوا على سيف السماء أو قناع ماجورا. وهذا ما يجعلني محبطا جدا من هذه اللعبة، لأنها potential غير مستكشف بقرار واع، صفعة لكل محب للسلسلة ولكل من يبحث في كل تفصيل صغير ليجمع أطوار القصص الكثيرة التي وجدت من قبل في عوالم Zelda، والتي يبدو أنها بالكاد باتت موجودة الآن.
الانطباع الذي حصلت عليه من تجربتي مع دموع المملكة، أنها كانت لعبة بدون رؤية، والأمر ليس مجرد تخمين، فالمشروع بدأ كمحتوى إضافي لنفس البرية، وبات يتوسع أكثر فأكثر حتى حصلنا على المنتج النهائي. لكن بناء مشروع بهذا الحجم بالشكل الذي بني به، لا يجب أن يتم بهذا الشكل، وهنا أصف أحد أكبر الفروقات بينه وبين نفس البرية، فالشعور الذي راودني طيلة مدة اللعب هو أن التطوير تم على شكل "طبقات" لا ترتبط ببعضها البعض بدل كونه على شكل "قطع ألغاز" يكمل بعضها البعض. ما أعنيه بهذا أن الجزء السابق بني بجل الأفكار موضوعة فوق الطاولة فكانت الرؤية واضحة لما يجب القيام به لربط كل العناصر ببعضها بشكل طبيعي ومثالي، القدرات تخدم استكشاف العالم، الخريطة مبنية انطلاقا من القدرات، السرد القصصي البيئي يوافق الذكريات والقصة الحالية للعبة، الشخصيات موجودة لهدف معين في القصة، الغموض الذي يحيط بالكثير من معالم اللعبة وكيف تلمح لماهية تلك المعالم عن طريق علامات وإشارات صغيرة. أما دموع المملكة، فكانت مجموعة أفكار أتت في أوقات متفرقة وفي كل مرة تأتي فكرة جديدة يحاول المطور أن يقحمها بين الأفكار الأخرى حتى لو لم تجد مكانا مناسبا في إطار اللعبة القصصي والبنيوي، الخريطة لم تعد تخدم القدرات ولا القدرات تخدم الخريطة، الحبكة والاستمرارية مليئتان بالهفوات والثغرات، الشخصيات موجودة فقط لأنها كانت موجودة في الجزء الأول وكان يجب التفكير في تصريفة لتبرر وجودها من جديد، الغموض والأسئلة تمت "الإجابة" عنها بتسليكات لا معنى لها (الكهوف الـgeneric بالخصوص)، والسحر ذهب جله. أقرب مثال يتبادر إلى ذهني هو ثنائية Super Mario Galaxy العظيمة، فالجزء الثاني كان أقرب للكمال من ناحية الـgameplay جراء التركيز عليه والاهتمام به، لكن ذلك أدى إلى فقدان اللعبة لـ"سحر الفضاء الخارجي" الذي جعل من الجزء الأول تجربة فريدة رغم أنه كان "أقل" قوة من ناحية الـgameplay من الثاني. مما أدى إلى نوع من التباين بين "رحلة الفضاء الساحرة ذات الجودة العالية جدا" و"رحلة Mario مضحكة أخرى مع جودة لعب أسطورية وشيء من theming الفضاء." هذا بالضبط ما يمكنني قوله عن الفرق بين نفس البرية ودموع المملكة، فالأولى تركز على كل عناصرها لتعطي رحلة لا تنسى في عالم غير مألوف، والثانية تركز على gameplay قوي جدا لـــــكن مع شبه إهمال لكل العناصر الأخرى التي تشكل اللعبة مع رشة كبيرة من إهانة اللاعب بقصتها المبتذلة.
أسوأ معبد في السلسلة؟
ختاما، أود أن أذكر أن هذه ليست بأي شكل مراجعة لدموع المملكة، ولو أردت مراجعتها لتطلب الأمر صفحات طويلة، فبقدر ما هناك لذمه في اللعبة فهناك الكثير لمدحه أيضا، التصميم الصوتي ممتاز جدا، الأجواء عموما رائعة، العبث بالقدرات الجديدة رغم مشاكلها ممتع، بعض الألغاز أفكارها قوية، الحرية، وغيرها الكثير من الأمور التي يمكن مدحها في Hyrule، كما لا أريد أن يفهم كل هذا على أنه كره من طرفي للعبة بقدر ما هو نوع من الإحباط. هذا المقال يخدم هدفا واحدا، أن أصف ما أشعر به تجاه لعبة لم ترق للتوقعات، لعبة لم تبرر فترة الانتظار الطويلة جدا، لعبة لم تحترم محبي السلسلة القدامى بالشكل الذي تمنيناه والشكل الذي -إلى حد ما- وعدت به!
عمر/okomarok