لأول مرة أحد أعظم المطورين في التاريخ، هيديو كوجيما يقدم لعبة بعيدا عن أسوار شركة كونامي، و هذي اللعبة هي ديث ستراندينج. لا أستطيع أن أخفي أني كنت من أشد المتشوقين لها خصوصا كأحد جماهير ألعاب كوجيما و على رأسها ميتل جير. إذا الآن ننطلق مع لعبة جديدة و عالم جديد و شخصيات جديدة، و الأهم من ذلك كله أنها لعبة تحاول تقديم أسلوب جديد باللعب تماما.

جنوح الموت

اللعبة كما يبدو من اسمها تنبض بالغرابة، و هذا ليس بعجيب، فقصة اللعبة تعتبر من وحي الخيال العلمي، و رغم أن هيديو كوجيما كان يضمنه كثيرا في ألعابه الماضية، في هذه اللعبة أطلق العنان لقلبه تماما. الخيال العلمي الموجود هنا قد يتجاوز ذوق البعض خصوصا ممن لا يحبون هذا النوع من القصص. بكل تأكيد الإخراج السينمائي ربما هو الأفضل لكوجيما حتى هذه اللحظة، و كذلك الموشن كابتشر و كل شيء له علاقة بالتصوير.

اللعبة لديها قصة معقدة و متشعبة، و شخصيات بارزة، و لا عجب فقد تم تمثيل أدوارها من قبل بعض من ألمع نجوم السينما. الأداء بشكل عام كان جيدا، و بعض الشخصيات قدمت أدوارا في التمثيل الصوتي تستحق الترشح للأفضل في السنة. القصة بشكل عام تملك بعض العناصر الممتازة، لكن المشكلة الرئيسية بالنسبة لي كانت في تقديم القصة. ستجد نفسك حائرا في أغلب أوقات اللعبة، و لا أتكلم عن تلك الحيرة التي تجعلك معجبا بالغموض، لكن أتكلم عن تلك الحيرة التي تجعلك تفقد الصلة عاطفية اللازمة ببعض شخصيات اللعبة.

توصيل الطرود

عندما نتحدث عن نواة نظام اللعب هنا، فهذا قد يكون أكثر قرار شجاع من قبل كوجيما، و ربما لرفضه الكثير من الناشرين في حال طرحه كفكرة. أنت هنا لست أسطورة تجسس، و لا مقاتل عريق، أنت هنا مجرد موظف توصيل طرود. في اللعبة ستقوم بأخذ طلبات لتوصيل الطرود لمختلف الأماكن، محاولا تحقيق هدف اللعبة الرئيسي و هو توصيل مدن أمريكا ببعضها. حمل الطرود له تفاصيل كثيرة لا يمكن شرحها جميعا هنا، لكن اللعبة تعطيك الكثير من الخيارات تدريجيا مما سيسهل مهمتك، و هناك نظام تطور أيضا للشخصية يساعدها على القيام بالمزيد من المهام بشكل أفضل مثل الحفاظ على الوزن و التوازن أثناء التنقل.

هناك عدة تحديات ستواجهك أثناء نقل الطرود، مثل التضاريس الوعرة، أو ثقل الحمولة، أو بعض الشروط مثل عدم تعرضها للبلل أو التلف، أو ربما يجب عليك توصيلها في وقت محدد. هناك أيضا الـBTs و هم الأعداء الرئيسيين في اللعبة، و عليك تجنبهم أو مواجهتهم، ثم هناك أعداء عبارة عن خارجيين عن القانون، أيضا يمكنك مواجهتهم أو تجنبهم. هناك استثناءات لهذه القاعدة، حيث ستواجه عدة زعماء في اللعبة، لكن قتالهم متوقع جدا و لا يحتوي أي شيء مميز. شخصيا خضت اللعبة على مستوى Normal و لم أواجه أي صعوبة تذكر في أغلب المهمات.

المشكلة الرئيسية الحقيقية في هذه اللعبة، هو أن أغلب ما ستقوم به أثناء اللعب، هو توصيل الطرود، و هذا الأمر رغم أنه يكون متقبلا في البداية، لكن مع مرور الوقت سيجعلك تكره أوقات اللعب، و يتحول الأمر من متعة الى عمل، خصوصا مع النقاط التالية التي سأذكرها. في كل مرة تخرج فيها لتوصيل طرد، عليك بتجهيز أدواتك التي ستحتاجها، مثل الإكسسوارات الخاصة، كالحذاء و السلم و الحبل، ثم الأسلحة و غيرها. و هذه الأدوات تتلف و عليك بناءها من جديد، ثم إعادة تدوير القديمة. و العديد من الأمور التي تجعل من هذا الأمر متعبا أكثر من كونه ممتعا، فلا شيء مثير أو جديد سيواجهك في الطريق، هي نفس المصاعب و التحديات التي رأيتها في أول مهمة توصيل و آخرها، مع بعض الإستثناءات هنا و هناك. و هذا الأمر يستمر طويلا، المهمات الرئيسية فقط لإستكمال طور القصة ستحتاج منك ما يقارب 40 ساعة.

لست وحيدا

اللعبة تقدم عالم مفتوح بحجم معقول، لكنه فارغ جدا، هناك عدة مدن ستزورها، جميعها فارغة و لن ترى أمامك أي مخلوق يذكر، فقط أولئك ممن ستتحدث معهم عبر منصات الإتصال فقط. التجول في المدن لا يوجد أي فائدة منه، و لا حتى التجول في عالم اللعبة، فحتى لو وصلت لمدينة قبل أن تحصل أمر توصيل لها، فلا يمكنك أن تفعل شيء هناك. الشيء الوحيد الذي تستطيع فعله هو مهاجمة الخارجين عن القانون و الإستيلاء على الموارد التي سرقوها. اللعبة فعليا توهمك بعالم المفتوح، لكنها فعليا لعبة خطية في معظم الوقت. المهمات الجانبية ستأخذك لبعض المناطق الجديدة القريبة من مكان المهام الرئيسية، أو ربما فقط تعيدك لأماكن سابقة قمت بزيارتها.

لكنك لست وحيدا في هذا العالم، فرغم أنك لا ترى أحدا حولك، لكنك ستجد آثارهم. إنهم اللاعبون الآخرون مما يلعبون اللعبة حول العالم. في ديث ستارندنج ستتمكن من جمع الموارد لبناء بعض الأشياء التي ستساعدك. كمثال على ذلك بناء صندوق بريد، أو بناء جسر فوق نهر، أو بناء طريق معبد يسهل أن تمشي فوقه مركبة. اذا اخترت أن تلعب عبر الشبكة ستجد بعض الأشياء المبنية من قبل لاعبين آخرين، أو ربما تقوم أنت ببناء شيء لغيرك، أو المساهمة في بعض الأشياء التي تتطلب موارد كبيرة. و على غرار ألعاب دارك سولز يمكنك أن تضع رسائل تنبيه للاعبين الآخرين. كوجيما بالتأكيد طور الفكرة الخاصة بمساهمة اللاعبين عبر الشبكة و جعلها أكثر تفاعلا، و ربما هذه تعتبر من أبرز جوانب اللعبة الإيجابية.

مغامرة لم تؤتي ثمارها

في الحقيقة أقدر الشجاعة الكبيرة التي تحلى بها كوجيما عندما قرر أن يقدم لعبة كاملة تتمحور حول توصيل الطرود. من الجميل جدا أن نرى فكرة مختلفة في عالم الألعاب، لم أرى قط في حياتي لعبة أكشن سينمائية تتخذ هذا المسار. لكن على أرض الواقع، الأمر لم يكن مبهجا جدا. فكرة التوصيل رأيناها في ألعاب أخرى، و كانت من نوع المهمات التي ننتظر نهايته حتى نمضى قدما باللعبة و نكمل الإستمتاع بباقي اللعبة. لكن تخيل أن تأخذ ذاك النوع الممل من المهمات و تصنع منه لعبة كاملة، هذه هي ديث ستراندنج، و كأنها سلسلة طويلة جدا من المهمات الجانبية المهمة. ذلك أمر مخزي فعلا، لأن اللعبة قدمت تصويرا سينمائيا مميزا، و قيمة إنتاجية عالية سواء من ناحية الجرافيكس أو الصوتيات. و القصة رغم إنها لن تروق للجميع بسبب طابعها الخيالي جدا، إلا أنها امتلكت عناصر جيدة لكن أضر بها خيارات التقديم الغير متوازنة.

لا يمكن إنكار أن هذه اللعبة عبارة عن مغامرة شجاعة، لكنها كانت منطلقة بحماس كبير جعلها تفقد الطريق في كثير من الأحيان و لا سيما في نظامها الأساسي، و كما نعلم فالتغيير سلاح ذو حدين، و هنا يبدو أن النتيجة مالت الى الجانب المؤلم.

تمت مراجعة هذه اللعبة عبر كود مراجعة تم توفيره من قبل بلايستيشن السعودية

شارك هذا المقال
Death Stranding
تصوير سينمائي رائع، قيمة إنتاجية عالية، ميكانيكية لعبة متقنة، خيارات تفاعل مميزة عبر الشبكة
عناصر الجيمبلاي مملة و مليئة بالتكرار، لا يوجد حوافز قوية لإستكشاف العالم المفتوح، أسلوب طرح القصة غير متوازن
جميعنا سيتذكر ديث ستراندنج كلعبة حاولت أن تغرد خارج السرب، لكنها في النهاية كانت ضحية طموحها، و عانت كثيرا بسبب بعض القرارات المحورية في نظام اللعبة و رواية القصة
تاريخ النشر: 11-08-2019
طورت بواسطة: Kojima Productions
الناشر: Sony Interactive Entertainment