ألم يبدُ لك عالم الألعاب في يوم ما كمدينة ملاهٍ ضخمة تحتوي مختلف أنواع التجارب داخلها؟ أعني… تخيل الأمر فحسب، ستجد جميع أنواع الأشخاص والتسالي هنا! أولئك الذين يستمتعون بركوب الأفعوانية والصراخ بجنون كمحبي ألعاب الأكشن مثلا، هناك من يدخل نفق الأشباح ممن يعشقون ألعاب الرعب وسوف ترى حتما من يتناول غزل البنات مع أفراد عائلته كمن يحبذ الأوقات التي يقضيها في ألعاب الحفلات وما إلى ذلك، وكأي مدينة ملاه أخرى ثمّة ركن لا يستقطب الكثير من الزوار فيه، ألأنه سيء؟ لا ليس حقا هو فقط لا يبدو جذابا بشكل كاف بالنسبة للكثيرين وهذا ما يجعل الأمر محزناً إذ أنه لم يقترف ذنبا كي يستحق هذا التجاهل، سنزور اليوم واحدة من هذه الأماكن وتحديدا لعبة تدعى باسم Vaporum وأنت سوف تأتي معي إليها! لمَ أبدو واثقا بقدومك لهذه الدرجة؟ حسناً، أنت وصلت إلى هذا الحد و أوشكت على إنهاء المقدمة بالفعل مما يسمح لي بالمراهنة على أنك لست من النوع الذي يكتفي بالنزول إلى خانة الإيجابيات و السلبيات وقراءة الرقم النهائي فحسب (وهو أمر لا يزعجني إن كنت تقوم به بالمناسبة). على كل؛ لا وجود للكثير من الزوار كما ذكرت آنفا لذا لسنا بحاجة للانتظار في الصف، فلندخل الآن!

مرحبا بك في Arx Vaporum اسمح لي بتحطيم رأسك!

سأبدأ الأمر باعتراف صغير: انطباعي المبدئي عن مزارنا لم يكن حسناً مطلقاً بسبب عدة أمور سأقوم بتبيانها لاحقا، وكنيتجة لذلك لم أستطع منع نفسي من التساؤل، هل علي فعل هذا من جديد؟ برنارد شو آمن بأنه ليس بحاجة لالتهام البيضة كاملة ليعلم إن كانت فاسدة أم لا فلم علي أن أفعل؟ لم يمض علي وقت طويل منذ حصولي على  آخر تجربة سيئة فهل سأكرر الأمر؟ نعم، إنه ذاك الالتزام المهني المزعج الذي يفرض علي عدم اتخاذ الحكم قبل التهام كل ما في طبقي، لذا كففت عن التذمر وواصلت التجربة حتّى نهايتها وأشعر بالسعادة لأنني فعلت!

في وسط محيطٍ هائجٍ يستيقظُ شخصٌ لا يذكر من ماضيه شيئا متفاجئاً بوجود مبنىً ضخم قريباً من اللسان الذي أنجاه من الغرق بأعجوبة، مفتونا بذاك المشهد المهيب وبحكم عدم  وجود ما يخسره أكثر من ذلك يقرر بطلنا دخول ذاك المبنى واكتشاف أسراره ليجده مملوئاً بشتى أنواع الوحوش الكاسرة والفخاخ القاتلة فما قصة هذا المكان الغريب و ما الذي أوصله لهذه الحال بالضبط؟ أسئلة ستجيب عن ملابساتها عن طريق حديث  الشخصية الرئيسية مع نفسه و الملفات و التسجيلات الصوتية التي ستوضح خطب هذا المكان الغامض، القصة ليست العنصر الأساسي هنا، فبعيداً عن كون بدايتها بطيئة وغير مثيرة جدا فقد كان بإمكاني توقع العديد من مجريات الأحداث داخلها ولا أنكر أنني وصلت في إحدى مراحلها لنقطة أثارت الفضول في نفسي لمعرفة ما الذي تخبئه اللعبة تالياً إلا أن هذا الشعور لم يستمر طويلا مع الأسف، ولا أقول أن القصة سيئة مطلقا، إنها جيدة وتفي بالغرض ولكنها لن تكون أحد الأسباب التي ستدفعك لخوض التجربة.

رباه! أحرقه! أحرقه قبل أن يضع بيضاً!

أظنك بدأت تطرح سؤالا بسيطا: ما هي Vaporum على أية حال؟ ببساطة إنها لعبة استكشاف زنازن أو ما يعرف باسم Dungeon Crawler وستتحكم بشخصيتك بالمنظور الأول وبالحديث عن التحكم… اممم كيف أصفه بشكل دقيق وبسيط؟ آه نعم، أيمكنك تخيل نفسك تمشي على رقعة شطرنج؟ عظيم هذا هو الأمر بكل اختصار! يؤسفني أن أبدأ بالأخبار غير السارة فالتحكم هنا ليس مثاليا جدا وقد جعلني أشعر أنني أقوم بتجربة اللعبة على الجهاز الخطأ، إذ أن الاستجابة خاصة في الالتفات يمنة ويسرة بدت لي حساسة نوعاً ما و التحكم في المؤشر لم يكن مريحاً جدا. على كل حال تمكنت من الاعتياد على العديد من ميكانيكيات التحكم بعد فترة إلا أن هذا لم يصلح المشكلة بشكل كلي خاصة مع المؤشر.

لنبدأ الحديث عن نظام اللعب، بداية سيتم تخييرك بين مجموعة من البزات التي تمتلك خواصاً مختلفة ما بين الهجوم والدفاع أو القدرات و بإمكانك الاختيار فيما بينها بحسب رغبتك في خوض اللعبة نظام اللعب يبدو للوهلة الأولى محدودا بشكل كبير لكن شيئا فشيئا ومع جمعك للمزيد من الأسلحة النارية والبيضاء وحصولك على العديد من القدرات المختلفة فإنه سيتوسع ويزداد متعة! قد لا يبدو الأمر هكذا بداية لكن اللعبة تقدم تنوعا كبيرا في الأعداء وطرق قتالهم ولا يقف الأمر عند هذا الحد فاللعبة ستضعك في مواقف لن تحسد عليها وسيكون عليك حينها التفكير مليا قبل الإقدام على الخطوة التالية ولمساعدتك على هذا فهي تقدم لك نظام إيقاف الوقت الذي سيكون خير عون لك في دراسة تحركاتك وتحركات الأعداء لتتمكن من مراوغتهم ومباغتتهم وإن كنت تخشى ارتكاب خطأ ما فلا تخش شيئا، اللعبة تتيح لك خيار الحفظ والعودة في أي وقت تشاء.

هزيمتك للأعداء ستمنحك نقاط الخبرة أو fumium كما تحب اللعبة تسميتها والتي ستكون سبيلك في تطويرك لقدراتك وفتح المزيد من الخواص التي بإمكانك من خلالها تحديد أسلوبك في خوض المواجهات، الحقيقة أن نظام التطوير ممتاز حقا ويلقي بظله على نظام اللعب بشكل واضح! هناك العديد من الخواص لتطويرها وقد كنت أتلهف بشدة لبلوغي المستوى القادم لأجد نفسي محتارا حول كيفية تطوير مهاراتي ولكن إن كنت سأبدي امتعاضي من أمرٍ ما هنا فهو عداد الطاقة الذي كان يمتلئ ببطء بعد استعمالك لأحد قدراتك، بإمكانك حل هذه المشكل جزئيا بتطوير سرعة امتلائه ولكن نظرا لاختياري البزة التي تعزز الدفاع لدي بدلا من القدرات فلم تحل المشكلة نهائيا، إنه ليس بالأمر الجلي حقا وبإمكانك مواصلة اللعب دون امتلائه لكن بدت لي فكرة تركي لذراع التحكم وإعدادي كوب شوكولاة ساخنة منتظرا امتلاء العداد فكرة جذابة أكثر من أن أجد نفسي محاطا بمجموعة من الأعداء بلا قدرات أواجههم بها.

انتبه لخطواتك جيدا، أو انته بالعديد من الثقوب داخل جسمك.

القتال ليس الشيء الوحيد الذي ستقوم به هنا حيث أن اللعبة توفر مجموعة من الألغاز التي سيكون عليك حلها إما لتشق طريقك في القصة أو للحصول على معدات قوية وقدرات جديدة، الألغاز هنا بدت مملة وغير ذكية ومفتقرة إلى التنويع بادئ الأمر (هل لا حظتم معي كيف أن اللعبة تبدأ بأسلوب غير مشجع؟) لكن ذاك الشعور تلاشى تماما فالألغاز كانت تتحسن بمرور الوقت وأصبحت ممتعة ومتنوعة بشكل كبير وبعضها كان بحاجة لأن أفكر خارج الصندوق لأتمكن من حلها! الألغاز هنا تختلف ما بين دفعك للصناديق للعبور من خلال الممرات أو سرعتك في ضغط عدد من الأزرار متجنبا الحفر المميتة أو على ذاكرتك وأكثر! كما تقدم العديد من الممرات السرية التي يمكنك اكتشافها عن طريق الضغط على أزرار مخفية في الجدران مما سيمنحك مكافئة دسمة لقاء اكتشافك هذا لذا ابحث جيدا، لا تدري ما قد تخبئه الجدران من كنوز خلفها!

تحمل اللعبة تحديا موزونا بشكل جيد (قمت بتجربتها على الطور العادي) ومع هذا وبعيدا عن الخمس مستويات الصعوبة التي تملكها فهي تقدم لك العديد من الخيارات إن أردت احترافها فهناك طور Elite الذي يلغي الحفظ في أي وقت ونقطة الحفظ الوحيدة التي ستحصل عليها هي بداية كل مرحلة لذا احرص على ألا تموت رجاءً، بالإضافة لطور Old school الذي يقوم بإلغاء الخريطة وحظا موفقا لك في تذكر الأماكن التي عليك الذهاب إليها، أو أبق بقلم وورقة قربك كي لا تضل الطريق كما بإمكانك أيضا إغلاق طور إيقاف الوقت إن كنت ترى أنه يجعل اللعبة أسهل من اللازم، من المحرج الاعتراف بذلك لكنني لم أمتلك الشجاعة الكافية لتفعيل أيّ من هذه الأطوار… لا تنظروا إلي هكذا مهمتي هي الكتابة لا الاحتراف!

مهلاً لحظة… تريد مني أن أدخل هنا؟ ألن يقفز شيءٌ في وجهي؟ ألن تنشق الأرض وتبتلعني؟ ألن…؟

اللعبة لا تملك الكثير لتقدمه تقنيا لكنها تمتلك ما هو أهم من ذلك فأجواء Arx Vaporum السوداوية جميلة حقا وقد وجدت نفسي منجذبا لسحر هذا المكان كما فعلت الشخصية الرئيسية وإن كان هذا لأسباب مختلفة كليا، إنها تملك طابعا كلاسيكيا جعلني أشعر بالحنين إلى الماضي وعلى الرغم من أنها ليست لعبة رعب إلا أنني وجدت نفسي أقفز من مقعدي عدة مرات بسبب مفاجئة الأعداء ومتوترا مما تخبئه كل زاوية من أخطار لي في كثير من الأوقات، لا أظن أنني قمت بتجربة لعبة مثلها منذ فترة طويلة وأظن أن هذا كان سببا كبيرا في إعجابي بها ومما لا شك فيه أنها تستحق هذا الإعجاب حتماً.

إن كنت تمتلك بعض الصبر وقابلية للتأقلم مع محيطك فأنا أنصحك بها بشدة! Vaporum هي تجربة لا نراها كل يوم  وما خرجت به هنا كان تجربة ممتعة بشكل مجمل وقد شعرت بالرضا حين إنهائي للعبة بشكل لم أتوقعه بتاتا فقط أعط اللعبة بعض الوقت كي تدخلك أجوائها ولا تكن مثل برنارد شو، أراهن أن الرجل قد أهدر كمية لا بأس بها من وجبات البيض الجيدة بسبب اتباعه لحكمته الغريبة تلك، قم بتناول هذه اللعبة كاملة وأعدك بأنك لن تندم على هذا أبداً.

تمت مراجعة اللعبة بنسخة البلايستيشن 4 التي وفرها الناشر لنا قبل صدورها في الأسواق

شارك هذا المقال
Vaporum
نظام لعب استراتيجي ممتع مع مواجهات ذكية، تنوع ممتاز في كل من القدرات والخواص والأعداء، نظام تطوير متقن ويتيح لك إمكانيات أكبر في نظام اللعب، ألغاز مسلية وبيئة جميلة ومثيرة للاهتمام
بداية اللعبة بطيئة وغير مشجّعة للاستمرار كثيراً، هناك عدة مشاكل في التحكم (يمكن الاعتياد على بعضها) وعداد الطاقة مزعج نوعا ما.
هناك أمران رئيسيّان عليك معرفتهما بشأن Vapurom؛ أولا: إنها تجربة جميلة، ثانيا: عليك غض الطّرف عن بعض المشاكل داخلها كي تتمكن من تلمّس جمالها كما يجب، ليس هنالك الكثير من الألعاب المشابهة لها في الجوار لذا لم لا تمنحها فرصة؟
تاريخ النشر: April 11, 2019
طورت بواسطة: Fatbot Games
الناشر: Fatbot Games