على الرغم من أن صناعة ألعاب الفيديو قد بدأت في العالم الغربي، إلا أنها نمت و ازدهرت بفضل سحر الشرق من بلاد الشمس المُشرقة، اليابان، و التي جعلت من ألعاب الفيديو هواية عالمية، إن كان ذلك من خلال أجهزة شركة Nintendo اليابانية و ألعابها، مثل NES و Gameboy و سلسلة Super Mario، أو شركة سوني و جهاز Playstation منذ تسعينات القرن الماضي.

و قد اهتم جمهورُ اللاعبين منذ فترةٍ زمنيةٍ طويلة بالألعاب اليابانية و صانعيها، و سوقها، و تداولوا أخبارها بشتى السبل و الوسائل، محاولين اكتشاف كل ما هو غامضٌ و مثيرٌ في هذه الصناعة، و لطالما جذب السوقُ الياباني اهتمامَ اللاعبين بفضل تفرده عن بقية الأسواق، و اختياراته التي دائماً ما بدت غريبة للجمهور في الخارج.

العديد و العديد من التغيرات طرأت على السوق الياباني على مدار السنوات، بزوغ الأجهزة الذكية و ألعابها وجه ضربة قاسية لصناعة الأجهزة المنزلية و صانعيها، و تراجعت مبيعاتها بصورةٍ ملحوظة عما كانت عليه قبل نحو 10 سنوات، كما تراجعت سيطرة المطور الياباني على سوق الألعاب منذ جيل التعريف العالي HD، و خسر المنافسة التكنولوجية و التجارية، لصالح الشركات الغربية الضخمة.

من أجل تسليط الضوء على بعض خفايا السوق الياباني، قمنا بإجراء حوارٍ حصري مع Dr.Serkan Toto، مؤسس شركة Kantan Games في اليابان. سيركان توتو هو عاشق قديم لألعاب الفيديو، خصوصاً اليابانية منها، و قد سافر إلى اليابان لإكمال دراسة الدكتوراة في جامعة Keio University في العام 2004، و قام بتأسيس شركته الاستشارية Kantan Games في العام 2013. و يذكر سيركان توتو أن جهازه المفضل هو Sega Saturn، أما لعبته المفضلة فهي The Legend of Zelda: Ocarina of Time.

إليكم الحوار الذي خُضناه مع سيركان توتو:

– يبدو غريباً بالنسبة لنا أحياناً، أن ألعاباً تستهدف ذوق اللاعب الياباني في المقام الأول (مثل Xenoblade Chronicles 2 أو Octopath Traveler)، لا تبيع بأرقام كبيرة في اليابان و تُحقق مبيعاتٍ أفضل بكثير في الأسواق الغربية. هل السبب في ذلك تراجع اهتمام اليابانيين بالألعاب المنزلية، أم أن هناك أسباباً أخرى وراء هذه الظاهرة التي تتكرر مع لعبة تلو لعبة، و على منصّة تلو الأخرى؟

سوق الأجهزة المنزلية في الخارج أكبر بكثير مما هو عليه في اليابان الآن، لذلك فإن فرصة تحقيق المبيعات في الخارج أكبر بكثير من منظور رقميّ بحت.

كذلك، أنا أرى أن اللاعبين في العالم الغربي، و في العالم العربي و آسيا قد باتوا أكثر انفتاحاً و قبولاً تجاه الألعاب اليابانية مما كانوا عليه قبل 10، أو 20، أو 30 عاماً مضت. لدينا جيلٌ كاملٌ عالمي من اللاعبين اليافعين الذين تم جلبهم إلى الصناعة من خلال ثقافة البوب اليابانية و ما يقابلها من الشكليّات/الجماليّات و بناء العالم.

عندما كنت في صغري في ثمانينات و تسعينات القرن الماضي، في ألمانيا (أنا من هناك) كان الأنمي و المانغا ظاهرة جديدة بين فئة محددة من الناس.

اليوم، وصلت المحتويات اليابانية إلى جماهيرية عالمية، و أعتقدُ أن هذا ينعكس على مبيعات الألعاب اليابانية.

أما في اليابان بذاتها، فإن جمهور الأجهزة المنزلية أصغر مما كان عليه قبل 10-15 عاماً.

– كيف نجحت ألعابُ الهواتف الذكية في تغيير سوق الألعاب الياباني بهذه الصورة الكبيرة خلال فترة زمنية وجيزة؟

بدأ الأمرُ مع شركتي DeNA و GREE، كأول شركتين في العالم، قامتا بتعريف النموذج التجاري free 2 play، للهواتف القابلة للطي في اليابان في العام 2007.

الألعاب الأولى كانت بسيطة إلا أن المُنتجات تطورت و أصبحت أكثر عمقاً بصورة سريعة، و ذلك قبل أن تنتشر الهواتف الذكية في اليابان لتأخذ هذه الصناعة إلى مستوىً آخر كلياً.

كما هو الحال مع أي مكانٍ آخر، فإن سهولة حمل الأجهزة في كل مكان، نموذج البيع المجاني f2p، و العدد الكبير من الألعاب التي قامت بتغطية مختلف الأنواع و الأصناف، جعلت سوق التطبيقات الذكية يخترقُ اليابان.

أعتقد أن الفرق يكمن في كون اليابان دائماً تُفضل الخيار المحمول، الناس هنا تُحب أن تلعب على المحمول أكثر من أي مكانٍ آخر.

شارك هذا المقال