و بما أننا نتكلم عن مجرى و سير الأحداث دعونا نتحدث قليلا عن قصة اللعبة ، القصة لن تكون جديدة لأي شخص لعب أنشارتد الأولى أو الثانية من قبل فهي تبدأ بمغامرة بسيطة للبحث عن الكنوز والأموال و تنتهي بصراع كبير بين الخير و الشر ، لكنك ستدرك مع الوقت أيضا و مع إنهاء المراحل بأن القصة ليست بمستوى الجزء الثاني المذهل كليا ، ليس هناك أي مفاجآت في القصة و لا خيانات و ستجد بأن القصة تخسر التركيز على بعض الشخصيات المهمة مع الوقت حيث أن بعض الشخصيات التي تلعب حيزا كبيرا في البداية لن تظهر مطلقا بعد ذلك و ينتهي دورها مع تقدم الأحداث ، و زاد الاعتماد على دريك كثيرا في هذا الجزء لدرجة أنني شعرت حرفيا بأنني أتحكم برامبو البطل المغوار الذي يواجه أعتى المصائب و يخرج منها سالما كالشعرة من العجين ، بينما كان دريك سابقا المغامر الشجاع الذي يتعرض للكثير من المخاطر و يتجاوزها بمساعدة الجميع ، دريك أصبح أكثر جدية و لم تعد تعليقاته تتسم بنفس الدرجة من السخرية كالسابق ، شريكه سوليفان حصل على نصيب كبير من التركيز في اللعبة أيضا و تم تسليط الضوء عليه و على علاقته مع دريك بشكل أكبر ، أما الشخصية الشريرة الرئيسية في اللعبة فلم تكن مثيرة للاهتمام بشكل كبير .

و لكن دعك من كل هذا و تعرف على النقاط المدهشة في قصة اللعبة و هي الإخراج السينمائي الذي لم يسبق له مثيل ، فريق نوتي دوج المدهش قفز إلى مراحل جديدة و غير مسبوقة من الإبداع في هذا الجانب بشكل لم تعهده في أي لعبة من قبل ، نظام التحريك المذهل يندمج مع اللعب و المقاطع السينمائية ليعطيك شعورا بأنك تشاهد فيلما سينمائيا و لا تلعب لعبة إلكترونية ، عليك أن تعايش مشهد الطائرة المذهل و دريك يعاني على متنها لتعرف جيدا عما أتحدث ، هناك أيضا مرحلة خلابة للغاية و هي مرحلة السفينة المذهلة التي تم عرضها في E3 السابق ، في هذه السفينة قام مبرمجو نوتي دوج العباقرة بعملية محاكاة واقعية خلال الزمن الحقيقي لانهمار المياه بداخل القاعة التي تلعب بها حيث يتحرك كل ما في القاعة و الأعداء وفقا لحركة المياه و كل هذا يتم في الزمن الحقيقي و ليس معد مسبقا عن طريق التحريك ، مما يعني بأن كل مرة تلعب فيها هذه المرحلة قد تشاهد و تعايش لحظات مختلفة ناتجة عن حركة و انهمار المياه في استعراض عضلات حقيقي للقدرات التقنية الخارقة التي يستطيع هذا الفريق تقديمها ، نعم مجددا تثبت أنشارتد أنها لعبة لا يمكن مضاهاتها مطلقا من هذه الناحية .

اشتهرت أنشارتد2 بأنها اللعبة الأفضل رسوميا و تقنيا على أجهزة اللعب المنزلية ، فهل تستطيع اللعبة مع الجزء الثالث من المحافظة على هذا اللقب بالرغم من شدة المنافسة مع ألعاب كـ باتلفيلد3 و غيرها ؟ يمكنني أن أجيب بكل ثقة : نعم أنشارتد3 هي اللعبة الأفضل تقنيا على أجهزة اللعب المنزلية ، ربما لن تشعر بذلك من بداية اللعب لكن بعض المراحل التي تقدمها اللعبة ستفجر الأدرينالين في عروقك ، المراحل هنا تبدو أضخم من السابق مع أن اللعبة تعمل بنفس السرعة و السلاسة ، الإضاءة لا زالت مدهشة كما كانت مع بعض التحسينات الإضافية التي يمكن ملاحظتها حين تخرج من مكان معتم متعرضا للضوء حيث ترى كل شيء أصبح ساطعا فجأة إلى أن تعتاد عينا دريك على الرؤية ، و العكس أيضا لو دخلت فجأة إلى مكان مظلم فلن تشاهد شيئا لمدة ثوان معدودة قبل أن تتأقلم على الإبصار تماما كما يحصل في الواقع ، لكن الأمر الذي يستحق كل ثناء هنا هو نظام التحريك المذهل أو الأنميشن ، تحريك نيثن دريك يختلف كليا على حسب البيئة التي يمشي عليها و ستجد بأن اللعبة تستعرض الكثير من اللقطات المبهرة في التحريك ، حيث أن دريك يغير اتجاه المشي الان بطريقة واقعية للغاية و أحيانا تجده يمد ذراعه ليلامس الحواف أو الحوائط الموجودة بطريقة خلابة ، مستوى الأنسجة أو الـTexture في اللعبة مرعب كالعادة مع كمية هائلة من التفاصيل في الخلفيات ، إلا أن المراحل التفاعلية هي نجمة العرض هنا حيث لا تكاد تخلو دقيقة في اللعبة من لمسة تفاعلية جميلة من المطورين .. ولو أننا لاحظنا بعض العيوب بكل أمانة حيث لاحظنا على سبيل المثال اختفاء مؤثرات الـMotion Blur بالكامل من اللعبة مع الاسف .

إلى أي درجة يهتم فريق نوتي دوج بالتفاصيل ؟ إلى أقصى درجة ممكنة ( أو غير ممكنة حتى ) بمعايير هذا الجيل ، الرمال تتحرك حول أقدام دريك عندما يسير عليها ، اوراق الشجر تتفاعل مع حركة الرياح ، الكثير من الأدوات قابلة للكسر او التحطيم ، هناك خلفية معينة وقفنا نـتأملها كثيرا تستعرض لك مدينة لندن على مدى بصري واسع ، وعند التدقيق يمكنك أن تلمح في الخلفية حركة المياه و مرور بعض السيارات على الجسور ! نعم هذا هو المستوى الذي عليك أن تتوقعه و تتأمله عندما تلعب أنشارتد3. القيمة الإنتاجية الموجودة خلف هذا العمل متوفرة على الجانب الصوتي أيضا و ليس البصري فقط ، التمثيل الصوتي مميز و الموسيقى عالية الجودة ستلاحظ بها الكثير من الألحان بآلات عربية و حتى أننا لاحظنا تواجد آلة العود ، و الحقيقة أن أنشارتد3 تقدم الكثير من الثقافة العربية بشكل جيد و متقن و من الواضح بأن فريق التطوير قام بعملية بحث و إعداد واسعة قبل أن يتم نحت و صنع هذه المغامرة .

في النهاية بقي طور اللعب الجماعي لنتحدث عنه، تأتي أنشارتد3 هنا لتضع نمط اللعب التعاوني بشكل جديد كليا على السلسلة لتضيف المزيد من القيمة الإضافية للعبة ، اللعب التعاوني يحتوي على طوري لعب رئيسيين ، أحدهما مشابه تماما لطور الهورد في لعبة جيرز اوف وور حيث عليك أن تواجه مع شريكك جحافل الأعداء ، فيما يقدم الطور الآخر مهمات مقتبسة من طور القصة لتلعبها إما مع صديق عبر الشاشة المنفصلة ( Split Screen ) أو عبر الشبكة ، و تحتوي أطوار اللعب عبر الشبكة على الأنماط المعتادة من مباريات الموت و غيرها ، إلا أن هناك طور مميز و سيعجب الكثيرين يدعى “هاردكور” و فيه يقوم اللاعبون بالمواجهة بدون الترقيات التي حصلوا عليها حيث أن المواجهة هنا تعتمد فقط و بشكل كلي على مهارة اللاعب ، و بالطبع يمكنك استخدام كل الحيل التي تتواجد في طور اللعب الفردي من استخدام الضربات اليدوية إلى البراميل المتفجرة .

هل عليك أن تشتري أنشارتد3 ؟ نعم بالتأكيد ، قد لا تكون اللعبة الأفضل تماما كما كانت أنشارتد2 عند إصدارها ، و ربما تعاني اللعبة قليلا من بعض السلبيات في سرد القصة و الشخصيات و رتم الأحداث ، لكن علينا ألا ننسى بأن الأسلوب التفاعلي الذي يدمج بين اللعب و المقاطع السينمائية بشكل استثنائي ، لا يمكن مشاهدته بنفس الجودة و الإحساس المذهل في أي لعبة أخرى باستثناء سلسلة أنشارتد ، نعم أنشارتد3 ليست “مصقولة” بنفس درجة الجزء السابق ، لكنك لن تجد لعبة أخرى مماثلة لها تماما في أي مكان .

شارك هذا المقال
Uncharted 3: Drake’s Deception
قيمة إنتاجية مذهلة ، لحظات سينمائية ليس لها مثيل ، أطوار متعددة للعب الجماعي و تواجد خيار الشاشة المنفصلة ، تصميم مراحل عالي المستوى يشجعك على الاستكشاف لتجميع الكنوز .
عيوب تقنية بسيطة ، المبالغة في توظيف القتال اليدوي ، قصيرة بعض الشيء.
أنشارتد3 تملك شيئا ما لكل لاعب ، حس المغامرة ، حل الألغاز و اللعب الحركي الممتع ، و فوق ذلك قيمة إنتاجية وسينمائية ليس لها مثيل ، اذا سامحت بعض الهفوات البسيطة فستجد أمامك لعبة متفردة تقدم ما يحلم المطورون الآخرون بالوصول إليه .
تاريخ النشر: 2011-11-02
طورت بواسطة: Naughty Dog
الناشر: Sony Computer Entertainment