PS4XBOX ONE

عندما صدر جهاز ننتندو المنزلي الشهير Famicom أو العائلة كما هو معروف في منطقتنا العربية، خلقت شركة ننتندو اليابانية أساس النموذج الحالي لتطوير الأجهزة المنزلية، و ذلك عندما أتبعته بجهاز السوبر ننتندو صاحب العتاد المطوّر بقدرات 16-بت، و الألعاب الحصرية التي انتقلت إليه من الجهاز السابق، و استمرت فلسفة العمل هذه حتى يومنا هذا، و اعتمدتها سوني و مايكروسوفت كلٌ بأسلوبه و إضافاته الخاصة، مثل إمكانية التوافق المسبق مع البلايستيشن الثاني، و الذي كان قادراً على تشغيل جميع ألعاب الجهاز السابق له.

الأساس طوال هذه السنوات كان العتاد الفيزيائي، ذلك الصندوق السحري الذي يُسيل لعاب الجماهير عند الحصول عليه و الذي يعدهم بمئات الساعات من المتعة في تلك العوالم الساحرة، و أداة التحكم السلكية (التي أصبحت لا سلكية في الجيل الماضي)، و وصلة التلفاز. هذا ما حصل هذا الجيل أيضاً مع البلايستيشن الرابع، الإكس بوكس ون، و الننتندو سويتش، و لكن إلى متى سيستمر هذا النموذج في العمل؟

الشكل التقليدي و التاريخي لأجهزة الألعاب
الشكل التقليدي و التاريخي لأجهزة الألعاب

كل شيءٍ في الحياة قابل للتغيير، و هذه هي سُنّة الله في الكون و الحياة. لا يسعنا سوى أن نُحاول تخيل المستقبل، و الذي سيشهد أو قد يشهد تغيرات كبيرةٍ بدأت ملامحها بالظهور منذ الآن. إن أجهزة الجيل القادم قد تصدر في غضون 3 سنواتٍ من الآن، و ستأتي بهذه الصورة التي عهدناها دوماً: العتاد، أداة التحكم، و التوصيلات الضرورية لتشغيل الجهاز، و لكن ماذا عما بعد ذلك؟

إذا افترضنا أن أجهزة الجيل القادم ستعيش دورةً تصل إلى 7 أعوامٍ هي الأخرى، فهذا يعني أن هناك نحو 10 أعوامٍ تفصلنا عن نهاية الجيل القادم، و لا شك أن هذه الفترة هي فترةٌ زمنيةٌ طويلةٌ جداً، خاصة مع التسارعات الهائلة التي تجري على القطاع التكنولوجي، و لا شك أن الكثير من الأمور ستتغير خلال هذه السنوات.

أولى هذه المتغيرات هي شبكات الجيل الخامس اللاسلكية للإنترنت و الاتصالات، و التي ستنقل سرعة الاتصال عبر الانترنت إلى مستويات غير مسبوقة على الإطلاق، و كانت التقارير التكنولوجية قد أشارت سابقاً إلى أن شبكات الجيل الخامس قد تصل إلى نحو 10 أضعاف لسرعة الانترنت المُتاحة على شبكات الجيل الرابع كما ورد عن طريق Bloomberg Technology، و التي أكدت أن الشركات تستهدف العام 2020 للبدء بإطلاق خدمات الجيل الخامس على نطاقٍ واسعٍ للمُستهلكين.

حسناً، ما الذي يعنيه هذا لصناعة الألعاب؟ هذا يعني أن اتصال الانترنت لن يكون عائقاً أمام اللعب عبر الخدمات السحابية بعد الآن، و ستسمح سرعة الانترنت المتطورة للغاية بتقديم تجربة لعب مشابهة تماماً لما نحصل عليه الآن على أجهزتنا الخاصة. ربما لا تصل شبكات الجيل الخامس إلى جميع الدول منذ البداية، لكن العديد من دول العالم تتحضر و تتجهز لاستقبال هذه الخدمات و إطلاقها و ليس الولايات المتحدة الأمريكية فحسب.

و يُمكنكم من هنا الاطلاع على قائمة الدول التي تبحث و تخطط لتبني خدمات الجيل الخامس، و من ضمنها اليابان و كوريا و السويد و روسيا، و العديد من الدول الأخرى. حسناً، كيف ستكون الأمور بعد نهاية الجيل القادم بأكمله؟ ستكون شبكات الجيل الخامس أكثر انتشاراً و شيوعاً، و سيكون العالمُ مهيئاً ربما، لاستقبال خدمات اللعب السحابي بصورة حقيقية.

حسناً هذا ليس التغير التكنولوجي الوحيد الذي سيطرأ على عالمنا، بل هناك أيضاً الخدمات السحابية، و التي تشهد نمواً هائلاً و متسارعاً، حتى أنه أصبح الأساس لدى شركات مثل عملاقة البرمجيات الأمريكية مايكروسوفت، و التي تحشد كافة الجهود لدعم و إرساء الخدمات السحابية المختلفة.

نمو الخدمات السحابية عالمياً
نمو الخدمات السحابية عالمياً

الشركات تتجه نحو تقديم خدماتها سحابياً لأنه أكثر أمناً لها و يُقلل من نسبة القرصنة لبرمجياتها، و المستخدمون يتجهون للاعتماد على الخدمات السحابية نظراً لتقليل خطورة فقدان البيانات أو التطبيقات، المصاعب الرئيسية التي تقف في وجه الخدمات السحابية الآن تتمثل بدرجة أساسية بمستوى الأمن و الحماية لسرية البيانات و المعلومات، و ضمان عدم بيعها أو تداولها خاصة مع الجهات الحكومية أو التجسس على أصحاب هذه البيانات.

عندما ننظر إلى عالم ألعاب الفيديو اليوم، نجد أن العديد من الشركات باتت تمتلك خدماتها الخاصة سواءٌ أكانت سحابية أم لا، فهناك Playstation Now، و Xbox Game Pass، و EA Access، و Uplay و غيرها من الخدمات التي تقدمها شركات الألعاب، و من يدري؟ قد تتحول كل خدمة من هذه الخدمات في المستقبل إلى “منصة” مستقلة بذاتها.

من الآن تتناقص مبيعات الألعاب الفيزيائية سنوياً و بصورة كبيرة، و في بعض الدول المتطورة باتت مبيعات الألعاب الرقمية تُشكل 30 إلى 50% من المبيعات الكلية لبعض الألعاب، و حتى أن رئيس Take-Two يتوقع نهاية السوق الفيزيائي للألعاب خلال فترة لا تقل عن 5 سنوات و لا تزيد عن عشرين.

المستقبل؟
المستقبل؟

هذا يعني أننا قد نحصل على أجهزة بلا مشغل أقراص في المستقبل، بل و أبعد من ذلك، قد لا نحصل على “أجهزة” في الأساس، و إنما يكون عليكم التوجه إلى المحال التجارية، و شراء أداة تحكم، و توصيلها بالتلفاز الذكي، و من ثم الاشتراك مع منصة للألعاب فقط، و التمتع بهذه الألعاب عن بعد. الفكرة لا تبدو صعبة التخيل إلى هذا الحد، فقد بات بمقدوركم الاستماع إلى الموسيقى عن طريق شبكة الانترنت، و لم يعد الناس بحاجة إلى شراء مُشغّل موسيقي مستقل لفعل ذلك، و لا شك أن ألعاب الفيديو تُمثل تحدياً أكبر بسبب طبيعتها و حجم بياناتها، لكن هذه التحديات آخذة في التراجع أمام التقدم التكنولوجي الكبير في السنوات الأخيرة.

فهل يكون الجيل القادم من الأجهزة المنزلية لألعاب الفيديو هو آخر جيل نحصل فيه على تلك الأجهزة قبل أن نتحول إلى الاشتراكات؟ أم أن الأمور ستستغرق جيلاً آخر؟ الوقت سيكون كفيلاً بالإجابة على كل الأسئلة.

شارك هذا المقال