قفزة جديدة، الاستوديو لديه اسم، قد لا يكون الأشهر، لكنه كافٍ للاستمرار مع مشروع ثانٍ، مشروعهم الأول لم يكن ناجحا تجاريا بالشكل الكافي، وبعيدا عن تحقيق الأرقام المأمولة، وهنا نقطة التحول التي ربما يريد الكثيرون أن يحصلوا على نظرة أقرب عليها، كيف خرج أسلوب ديفيد كيج “اضغط الزر X لتفعيل الحدث Y ” للوجود؟

هذا المقال هو تتمة للمقال السابق ويستكمل من حيث توقف: David Cage: الملحن الذي دار لندن بحاسوبه ليصبح مطور ألعاب

David Cage

إجابة عن السؤال الذي توقفنا عنده في الجزء السابق: “كيف خرج أسلوب كيج الخاص للوجود؟” ببساطة من ردات الفعل اتجاه لعبة The Nomad Soul، الكثير من الأشخاص مهتمون بالالعاب لكنهم يجدونها معقدة، آخرون لا يرغبون ببساطة أن يقضوا ساعات اللعب يطلقون النار على الأشياء، وبعضهم يرغب بالاستمتاع بقصة وحسب، فكرة اللعبة الثانية (Fahrenheit¹) كانت خدمة لهؤلاء، وفي نفس الوقت لبقية اللاعبين، فكرة تصميم  لعبة تضغط فيها على الأشياء والأماكن (أكثر ألعاب المُغامرات اعتمدت هذا الأسلوب على الـPC) لم تكن بالأمر الثوري، الكثير من الشركات سبق أن عرضت ألعاب Point & Click  بهذا الشكل مرارا وتكرارا، لذا توجب البحث عن طريقة مُختلفة، مُرضية لمن يرغب بالاستمتاع بقصة، وممتعة لمن يرغب بلعب لعبة.

  • بداية العناد

حُب كيج للتحدي ظهر أيضا حينها، Eidos كانت مستعدة للدفع مقابل جزء ثانٍ للعبة The Nomad Soul حتى وإن كانت مبيعاتها مُتوسطة، لكن الفريق تعلّم، الضغط الكبير سيكون مُدمِيا أكثر هذه المرة، الشِيك كان جاهزا، والعقد كذلك، يكفي أن يجر كيج القلم ويبدأ العمل، لكن مدة التطوير كانت صغيرة، 10 أشهر فقط، الفريق لم يبتلع ريقه بعد، ولم يستجمع أنفاسه بعد إنهاء الجزء الأول، والنوم على المكتب لم يكن العشق الأكبر لأي فردٍ من فريقه. ديفيد فكر في طريق مختصر تسمح له بتطوير لعبته الجديدة (Fahrenheit) دون ضغط كبير أو مُخاطرة كبيرة، تقسيم اللعبة على شكل حلقات، فكرة ممتازة لطبيعة اللعبة السينيمائية، لكنها كانت مُبكرة و سابقة لوقتها، والسبب أن العالم لم يكن مستعدا للعالم الرقمي وتحميل الألعاب، نصيحة حملت بعض المرارة لديفيد، لكنه انتهى بقبولها لأنها كانت مبنية على الواقع، ويقول عنها “لقد كانت الفكرة الأفضل، لكن الوقت كان مبكرا

Fahrenheit Indigo Prophecy Remastered (6)

انتهى الأمر بالأستوديو بجر الموارد لتطوير Fahrenheit عبر مجموعة من المُستثمرين، ومن تم افتتاح فرعٍ في الولايات المُتحدة الأمريكية لتيسير أية تعاملات هناك، والحصول على أستوديو خاصٍ بالتقاط الحركة، الأمور تتحسن والتمويل الكامل والمُنتظر جاء عن طريق العملاق Vivendi Games، لكن ليس لوقتٍ طويل، الشركة كانت تُعاني من مشاكل مُختلفة، بدأت بخروج الاسماء التي لها علاقة بعقد كيج، قسم الألعاب سرعان ما تحول لشبح، واستوديو Quantic Dream وجد نفسه مُعلّقا وعلى خطى قليلة من إغلاق أبوابه، تبقت خطوة أخيرة، التفاهم مع Vivendi لتسليم حقوق اللعبة للاستوديو، أمر لم ترى فيه مانعا، بل رافق ذلك سخرية المسؤولين بالقول أن الفريق لن يستطيع إنهاء اللعبة على أي حال، لكنها انتهت وصدرت وحصدت قدرا من الإعجاب والنجاح بفضل Atari، الناشر الذي وافق على وضع شعاره على غلاف لعبة لا تحمل معها إطلاق نارٍ أو أي أمر آخر عُرفت به الألعاب حينها.

  • أثناء التطوير وولادة نوعٍ جديد من الألعاب

الرؤية أثناء التطوير كانت واضحة، إصدار لعبة يكون فيها اللاعب  صاحب القرار، لكن التطوير ونقل الأفكار من المسودات للتطبيق لم يكن بالأمر السهل أبدا، ضريبة العمل على مشروع جديد ومختلف من الصفر، المشكلة الأكبر أن البدأ من الصفر هو صفر حقا للفريق، ما سمّاه شخصيا بالصحراء، السرد التفاعلي الذي اشتهر حاليا مع أكثر من لعبة² لم يكن له وجود، فكان كل شيء يحتاج لتجربة قبل التنفيذ للوصول لنتيجة مرضية، لم يكن هنالك ما يُمكن الاقتباس عنه.

Atari_Logo

الاختيارات التي بُنِيت عليها الأفكار الأولية كانت كارثة، كل قرار في القصة يتفرع، وكل فرعٍ جديد من نفس الغصن يتفرع ويتشعب، هذا التفرع توقف بوصولنا لواحدة من أهم ركائز كتابة القصة لدى كيج: “القصص المطاطية” القصة تتغير لكن وفق معايير معينة، القصة مطاطية، حيث بالامكان تمديدها لاتجاه معين، لكن عندما تصل لحدٍ معين لن يتمكن اللاعب من التأثير عليها، لابد أن يختار ضمن الحدود الممكنة، فكرة كان لا بد منها لكي لا تبتعد الخيارات عن القصة الرئيسية ولمساعدته شخصيا على كتابة النص بشكل أفضل وبدون الوصول لاختيارات لا نهائية، هذا ربما أمر من السهل ملاحظته في ألعابه، فحتى باختيار اللاعب بين اختيارات حساسة، يحصل في النهاية على نتائج متقاربة.

شارك هذا المقال