لُقمَان
True Gamer
النقص الأمثل، والكمال المجتزئ، رحلة كونت خليطًا في إنطباعاتها، مدحت جوانب، وذمت أخرى بشدة،
نتيجة لرحلة تطويرها الممتدة لعقد كامل، بين شرر الكراهية ومحبة المخلصين لها، كونت لها فيلقًا من كل طرف،
5 أعوامٍ مضت على إصدارها، لتتم بذلك رحلة الـ [ 15 عامًا ] مع هذا المشروع…
"ذكرى"… وأي "ذكرى" هذه ؟!
أكثر الأوصاف الدقيقة لمكنون اللعبة، هو أنها "رحلة"، وأول ما أتذكره حين قراءة أسمها هو كونها "رحلة"،
لدرجة تشعرك وكأن اللعبة ركزت على هذا المفهوم أكثر من أي شيء أخر…
طريقة تصميم اللعبة بحذافيرها صممت للتركيز أكثر على هذا المفهوم، مرافقة الطاقم لك في السراء والضراء،
في حين السير والقتال، التنزه والاكل، والمسير بالمركبة والنوم، مرافقين لك أينما ذهبت، وأكثر حياة بتعليقاتهم على مايحدث.
المركبة المرافقة لكم والطرق الممهدة والمسير بها، القيادة بسيطة وتأخذ وقتًا أكثر مما ينبغي،
ولكنها تأخذه لتمنحك إنغماسًا أكثر في هذا العالم، الطرق بطبيعتها متعرجة، وهذا الإنحناء يساعد على تمتعك أكثر في بهاء العالم.
و كذلك العالم ذاته وميكانيكية التجوّل فيه، وعرٌ ليلًا، كثيرةٌ مَصائبهُ وصعبٌ منالهٌ، إن أردت الإرتحال فأنت من ستمسك المقود،
أما عن النهار، فهو يسير التنزه والتجول أينما أردت، بل يمكنك أن تسند القيادة لصاحبك وأن تستمع أنت ببهاء الطبيعة.
وسط هذا ستتوقف عند المحطات، لتعبئة وقودك ولسؤال مرتاديها عن أحوال المنطقة وأين تقع الأماكن المثيرة والأغراض البرّاقة،
وكذلك ستواجه أحيانا تائهين بحاجة لمن ينقذهم، أقوامٌ تعطلت سياراتهم، أو ستجد خرابة أمرها مثير، أو مغارة مصغرة.
تخوض هذه الرحلة في عالمٍ يدخل في قوائم أجمل عوالم الجيل الثامن قاطبًا، وهو جيل برزت فيه ألعاب "العوالم المفتوحة" !
فلأي درجة هذا العالم مميز ؟ ولأي درجة هو يجسد مقولة "خيالًا بُني على الواقع" ؟
أكثر ما يميز العالم من وجهة نظري، هو أن كل منطقة فيه تختلف بشكل جذري عن أختها،
وتتميز في مُناخها وتضاريسها المغايرة لها، فستبدأ مع أقليم (ليدي - Leide) الصحراوي، وأدق وصف له "صحراء مكسيكية"،
في هذا الأقليم، سيخالط الصحاري لمسة خيالية بين الفينة والأخرى، وعلى أطرافهِ وفي الشاطئ،
ستجد منتجع (رصيف جالدين -Galdin Quay) ببهائه، وكأنك في أحدى الشواطئ الإستوائية
إضافة الي التميز في تصميم المنتجع والجسر المؤدي له، الخلفية خيالية بإمتياز مع ذاك الجبل غريب التكون،
ستصيد السمك هنا، وستواجه مخلوقات بحرية في مهمات لإصطيادها، وكذلك ستلاقي أمور قصصية.
وإن خرجنا إلى أقليم (دوسكاي - Duscae)، "والذي يعد وبلا شك أكثر مناطق اللعبة أيقونية"،
سنجد خيالًا بُني على الواقع، بحيرة غناءًا مغطاة بكثيف الأشجار الصنوبر طوال القامة، مدرجة بتضاريس جبلية،
وخلف هذا سنجد تشكلات خيالية، من صخور حلقية الشكل متدرجة على وادٍ غريب، يدعى بـ(قرص كاوثوس - Disc of Cauthess)
يتوسطه تكتلات ضخرية فاتحة اللون، وجُبيلٌ مُشع بإزرقاق، يرمز إلى وجود تليد تحته، العملاق الكائن في جوف الأرض.
وعلى أطراف هذا الأقليم ستجد مختلف المناطق، منها (كيب كايم - Cape Caem) والذي يشكل ميناءًا أكثر تفصيلًا،
بهي بمظهره ويحمل بعض الحنين، ويشكل منطلقًا للذهاب إلى (ألطيجيا - Altissia) وإقليم (أكوردو - Accordo).
وجوهر هذه الرحلة، ولُّبها هم الأنس الذين ترافقهم، لا زلت أتذكرهم كما لو أنهم كانوا معي في الأمس،
الحيويون بطباعهم، والمساندين لك، بغض النظر عن شخصياتهم وقولبتها، إلا أنهم على أرض الواقع، "رفاقٌ" أينما نظرت !
أثناء الإرتحال سيؤنسوك بحديثهم، تارة عن موضوع مضى، وتارة عن مشهد تراه الأن،
سيوقفك أحيانا [برومبتو] ليطلب منك صورة تذكارية لمظهر بهيّ مررتم به، وسيحسن إلتقاطها كما أعتدنا منه،
وسيطلب منك [أجنيس] إن عارضت نصائحه بتكرار، أن تدرك أن الفرق بين الشجاعة والجنون شعرة.
وهؤلاء هم رفاقك في القتال، الجند المذهل والمسخّرُ لك، تم تصميم القتال لإبراز "غرضٍ مهم"، وهو "التعاون مع الرفاق"
تركزون على نقاط ضعف الأعداء، وضربهم من مواطن وهنهم،وإن فعلت هذا مع وجود أحدهم قريب منك، فستشكلون ضربة تعاونية،
وإن خرجنا من"التعاون"، ذهبنا إلى طور "القيادة"، فستأمرهم بتشكيل ضربات خاصة لكل منهم من نقطة قوته،
أو ستقوم بإعادة تجمعهم عند نقطة معينة، أو ستبطئ سير الوقت حتى تركز على إدراك موضعك أكثر.
والتخييم رحابٌ أخر من جوانب الرفاق، هنا ستسمرون ليلًا، ستقومون بمختلف أنماط الأنشطة،
تارة [أجنيس] سيطبخ ذلك الطعام البهي وتتناولونه، أو تقومون بالشواء على تلك النار،
وحين الإستيقاظ نهارًا، قد تقوم بالتمرين ومبارزة [جلاوديوس] أو الرفاق جميعًا من أجل زيادة خبرتك !
على الرغم من ضعف اللعبة في جوانب الكتابة ككل، وضعفها في تكوين شخصيات أقل قولبة،
إلا أنهم بالتأكيد من أكثر طواقم الألعاب التي علقت معي بذاكرتي، ولازلت أتذكر العديد من اللحظات معهم.
وكذلك زيادة على كل هذا، فأحباط التجربة ذكرى بارزة، ولا منكر لها إلا متعصبٌ أعماه العمى،
فما كان ينتظر منها أمور عدة، وماتحصلنا عليه أمور، وليست بكل الأمور…
أول جوانب الإحباط وأبرز عواميدها هي القصة، القصة التي سردت بلا سرد واضح، وبلا قوامٍ صلب،
قصة سردت على 3 أوساط مختلفة كل وسط منهم قد إتجه في إتجاه مغايرٍ لرفيقه !
وتم عرضها في اللعبة في مشاهد متوسطة الإخراج ومتفاوتة جدًا، بشكلٍ يثير الإستغراب أمشاهدٌ كهذه تخرج من سكوير أينيكس ؟
هذا العالم مثيرٌ بخلفيته، أريد التعلم أكثر عن خفاياه، هناك الكثير من الجوانب والقصص التي نحتاج إليها،
على الأقل، عوالم "فروم سوفتوير" تقدم سردًا في أغراضها للعديد من أمور خلفية العالم فيها.
بينما هنا تحصلنا على ملامح قصة وخلفية صلبة، جُبر بعض خللها في الإضافات، ولا زال الشقُّ أكبر من الرقعة.
الزعماء كذلك كثيرٌ منهم كانوا بتصميم إعتيادي، أو بحشر لقطات "QTE - الضغط بالوقت المناسب" في غير محلها،
ولازمهم كذلك سوء إخراج قتالاتهم، فكانوا تجارب جيدة بأقصى مايصلون له.
وكذلك سؤالٌ دومًا ما يتبادر في ذهني بخصوصها، أهذه التجربة هي فعلًا ماكان ينتظر من رحلة "Versus" فارعة الطول ؟
لو نظرنا لألعاب نومورا، سنجدها ألعاب بأخراجٍ خارق، وبنظام قتالي صلد وقتالات لا تنسى.
ونقاط قوة 15 ونقاط ضعفها للأسف العكس تمامًا من ماكان ينتظر، فهي تجربة تركز على نظام قتالي واسع بدلًا من صلد،
إخراجٌ متوسط تجريبي أكثر مقابل إخراج متقن، والتركيز على عناصر الرحلة والإستكشاف بدلًا من صنع أجواء إبداعية أكثر.
الإضافات حاولت جبر الخلل، ركزت على تقديم جزيئات خطية وبإخراج أفضل بميكانيكات 15،
وخرجنا بتجارب جيدة-جيدة جدًا، خصوصًا في أخر إضافتين، إلا أنهم كانوا بالمجمل يحملون عنصر "الترقيع" فيهم.
أنا أحببت التجربة، ولكن عنصر الإحباط لا يزال عنصرًا بارزًا في التجربة، حتى مع مضي كل هذه السنين.
ومع مرور 5 أعوام، من ماتلقته اللعبة من مديح وشتائم، إعجاب وكراهية،
إلا أنها في الحقيقة كونت بصماتٍ في إنطباعات اللاعبين ذاتهم، أو في فرق التطوير وفي مخرجاتهم.
من هذه البصمات هو تجربة أيدوس الأخيرة مع "حراس المجرة"، وهي أسرعٌ مثال خرج من ذاكرتي،
تصميم نظام المرافقين، بحيث يرافقونك طوال اللعبة وفي مختلف المجالات مع تعليقاتهم المستمرة على مايحدث،
الإعتماد عليهم في نظام القتال بإلقاء "أوامرٌ" لهم، ومشاركتهم اللحظات السينمائية التشاركية، نظام التقييم للمعارك.
كل هذا فيه إستلهام واضح من 15، وهو أمرٌ لا يستغرب، كونها من نفس الناشر وكونهم شاركوا في عملية التطوير ذاتها.
أنا لا أقول بأنها تلك اللعبة الملهمة كما حدث مع [نفس البرية] مثلًا، ولكنها بلا شك من الألعاب التي كونت لها تجربة فريدة،
ومختلفة عن الدارج بالسوق، وتميزت عن ألعاب الشركة الأخرى أيضا، شكرًا لحسن قرائتكم.