okomarok
Hardcore Gamer
تحذير: حرق لكل فصول لعبة Dragon Quest XI
لطالما أحببت عروض الكشف عن الشخصيات في ألعاب Super Smash Bros، فهي ليست فقط استعراضا للضيف الجديد وقدراته فحسب، بل احتفالية كاملة بالسلسلة التي أتت منها هذه الشخصية ، ثلاث أو أربع دقائق من دروس تاريخ الألعاب في قالب من الحماس والتشويق والفن. لكن بالتأكيد هناك عروض أفضل من أخرى، الكشف عن Sephiroth و Ridley و MinMin أعتبرها من الأفضل إلى جانب عروض أخرى لا يسعني ذكرها (وإلا سيكون المقال عبارة عن لائحة طويــــلة). لكن هناك واحدا أعتبره الأفضل. تقديم لشخصية لم أتوقع قدومها إلى لعبة قتال بأي شكل. هنا أتحدث عن الكشف عن شخصية Hero من سلسلة Dragon Quest. فهذا العرض الحماسي جمع كل شيء رائع بخصوص السلسلة، شعور البطولة، المغامرة، الموسيقى الحالمة، الفانتازيا ، الغرابة، وميكانيكات الـRPG الكلاسيكية. ضم شخصية Hero لسلسلة القتال الشهيرة كان دعاية لـSmash Bros كما كان دعاية لـDragon Quest XI S التي صدرت بعد ذلك بأشهر قليلة، وكما وجدت كل شيء أحببته في أجزاء Dragon Quest التي لعبتها قبلا في ذلك العرض بالتحديد، قدم لي الجزء الحادي عشر نفس الخلطة الراقية والغنية داخل قالب كلاسيكي لأبعد حد في قالب معاصر ومستساغ لكافة الجماهير.
نعم، لعبة Dragon Quest XI S هي لعبة RPG كلاسيكية تم صقلها لأبعد حد لتوافق بيئة الألعاب الحديثة، فالمعارك لا تختلف كثيرا عن تلك التي رأينا في أولى الأجزاء في ثمانينات القرن الماضي، لكن تمت عصرنتها بشكل يحافظ على ذلك القالب الممتع. هذه اللعبة تعرف بالضبط ما يجب الحفاظ عليه من إرث صونا للهوية، وما يجب تغييره وتعديله لجعلها مقبولة لدى شرائح أوسع من اللاعبين. الـpacing متوازن جدا وعموما لن تجد نفسك بحاجة للـGriding. واللعبة تميل نحو السهولة إذ لم أجد صعوبة تذكر مع وحوش اللعبة أو زعمائها إلا نادرا (وصراحة لا أحب كثيرا من التحدي في ألعاب الـRPG شخصيا). لكن حتى مع هذا، هناك خيارات إضافية تقدم التحدي بقدر ما تطلبه، فإن كنت تريد لعبة في المتناول فهي كذلك، وإن كنت تريد لعبة صعبة فهي أيضا تقدم لك أدوات لرفع التحدي. بشكل عام القتال ممتع وإدماني رغم بساطته.
عالم اللعبة خلاب ومليء بالألوان الفاقعة والتفاصيل الدقيقة (مشاهدة قطع السجق تقفز على مقلاة في أحد فنادق بلاد بعيدة جعلتني أشعر بالجوع)، وهناك الكثير لاستكشافه رغم أنها لعبة خطية جدا (وألومهم على عدم السماح لـCetacea بالنزول لأي مكان على عكس الجزئين الثامن والتاسع ما يجعلها تقريبا عديمة الفائدة خارج نطاق القصة). ستلاحظ أيضا ذلك الفرق الكبير بين الطبيعة العذراء من جهة بوديانها وسهولها وهضابها، والحضارة من جهة أخرى بمعمارها الفخم والمتنوع (Heliodor وNautica بالخصوص) عاكسة بذلك حضارات وثقافات متنوعة. هذان العنصران يكمل أحدهما الآخر بشكل جميل جدا، فهناك مثلا مناطق من الطبيعة تشعر بامتداد يد البشر لها، فلاحة وأكواخ معزولة وجسور معلقة، وأخرى كانت عامرة نابضة بالحياة فباتت مرتعا ليد الطبيعة التي تستعيد كل شيء في نهاية المطاف. وكذلك هو الأمر مع التوجه الفني الذي يعطي مزيجا من الألوان البراقة وتصاميم Akira Toriyama الجذابة مع خامات غنية بالتفاصيل وإضاءة دافئة مميزة، والنتيجة توجه فني آية في الجمال بحيث يبدو كل إطار وكأنه لوحة فنية بأسلوب لم يتبنه أي فنان من قبل. وفي وقت تحاول جل الألعاب تقديم منتجات بصرية واقعية لأقصى حد، بل وتنسلخ بعض السلاسل من هويتها، تجد ألعابا مثل Dragon Quest XI تمزج الكلاسيكي بالعصري وتعطي منتجا غاية في الأناقة والجاذبية.
وهل أبدأ الحديث عن تصاميم Akira Toriyama؟ كل وحش في اللعبة يشع حياة (الـBrongo Drongo و The Old man of the Sea من تصاميمي المفضلة) ولا أخفي عليكم أنني أحببت الدخول لمناطق جديدة فقط لأرى أي تصاميم غريبة وعجيبة سيتلبسها وحيش تلك الأرض، وكذلك هو الأمر مع شخصيات اللعبة فطاقمك هنا متنوع كعادة السلسلة بصريا وقصصيا، من Erik الهادئ، والعلاقة الدينايميكية بين Serena و Veronica، إلى حكمة (وانحراف...) Rab، وغموض Jade وبالتأكيد لا أنسى طاقة Sylvando الرائعة. خلال فصول القصة الثلاثة ستأخذك اللعبة في كثير من الرحلات الرائعة واللحظات المميزة مع هذه الشخصيات أذكر منها بالخصوص ركوب البحر لأول مرة، بداية الفصل الثاني مع وصول الفريق بأكمله للحضيض وتشتته في كل أرجاء الدنيا، صناعة السيف الأسطوري بعد العودة للماضي وبالتأكيد لحظة الوداع مع طاقمك التي حطمت قلبي وترددت كثيرا قبل الضغط على خيار "Yes" للرجوع بالزمن وإنقاذ Veronica، خياران أحلاهما مر. مع بلوغ نهاية اللعبة شعرت وكأنني سأفارق ثلة من الأصدقاء الذين قضيت معهم ساعات طويلة ومغامرة عظيمة.
هناك إحساس مذهل بالمغامرة في هذه اللعبة، تبدأ الرحلة من قرية معزولة بين الجبال وتقودك السبل إلى المدن العظيمة والصحاري الشاسعة والأطلال المنسية والأراضي العجيبة التي لا يتصورها عقل وكأنك تخوض إحدى حكايا ألف ليلة وليلة. لكل منها شخصياتها المميزة وقصصها الصغيرة وكأنك تشاهد حلقات مسلسل أنمي يتحرك من آرك إلى آخر في إطار قصة أكبر وأعظم. الحبكة عموما ممتعة والإيقاع ممتاز في أغلب الأحيان فلا هو سريع ولا بطيء، بل سيتيح لكل شخصية أن تنضج بالسرعة الكافية وفي كثير من الأحيان يسلط الضوء بشكل أكبر على شخصية دون غيرها، وكأن اللعبة تحاول ألا تنقص أي فرد من أفراد فريقك حقه في اللمعان والبريق. بل حتى من ناحية أسلوب اللعب، في بعض الأحيان تجبرك اللعبة على خوض إحدى مقاطعها بشخصيات أقل من فريقك، لكنها توازن ذلك بشكل ممتاز بحيث لن تشعر أنك أصبحت أضعف لأن "تشكيلتك المثالية" قد تم كسرها (على عكس لعبة تبدأ بـXenoblade وتنتهي بـChronicles 2... سأتحدث عنها لاحقا).
عموما القصة كانت مرضية جدا بالنسبة لي، لا تتوقع قصة فلسفية عميقة أو حبكة عن السياسة والساسة. هذه Dragon Quest في النهاية، هذه قصتك المعتادة عن البطل المختار والتنانين والأميرات والقلاع، هذه قصة كلاسيكية حتى النخاع، هذه هويتها في النهاية. لكن كما قلت سابقا، Dragon Quest XI S هي لعبة معاصرة أيضا، وجودة قصتها تأتي بالخصوص من الشخصيات والمناطق التي تزورها وشيء من الشجاعة والطموح، لأنه بعد الانتهاء من الفصل الأول، يبدأ ثان يركز على نقاط لم تكن الأجزاء السابقة تتطرق إليها بالتحديد، كالخسارة والأمل والفقدان والطموح والتضحية والأثر على الآخرين، هذا ما يجعل قصة هذا الجزء تستحق خوضها وعيشها. لكن رغم أن جانب الطموح كان مثاليا، فإن جانب الشجاعة كان يفصله الشيء القليل عن الكمال، وهنا أتحدث عن الفصل الثالث، فهذا الفصل سيحاول حل بعض مشاكل سابقه ويفعل ذلك بطريقة راقية ومثيرة للأحاسيس، لأنه بعد إنقاذ العالم، أتى الوقت لإنقاذ Veronica التي ضحت بنفسها من أجل هذا العالم ومن أجل زملائها. وكما سبق الذكر فاللعبة تخيرك (ليس فعلا) بين أن تبقى في الحاضر حيث الأمان لكن بدون Veronica أو العودة للماضي حيث العالم لا يزال تحت تهديد الشر لكن صديقة البطل لا تزال حية. هنا مشكلتي مع هذه الجزئية، حيث أنها تلغي لحد ما كل التطور الذي حصلت عليه الشخصيات في الفصل الثاني (والذي ركز بالأساس على هذه الفكرة) وكأنها تمسح عشرات الساعات من عمر اللعبة والتقدم الذي حصل فيها. القصة ببساطة لم تكن شجاعة بما فيه الكفاية لتقديم نهاية "حلوة-مرة" من ناحية سردية. لكنها تكفر عن ذلك لحد ما في الساعات التي تلت تلك اللحظة مع سرد قصصي ممتاز غلب عليه الابتعاد عن الوصفة الكلاسيكية، لأن كل شيء رأيته وسمعته في اللعبة إلى حد هذه النقطة كان له سبب ما، الـLore والأدوات والعوالم والشخصيات، كلها سواء تنتهي قصصها بشكل مرض، أو لها معنى أكبر في قصة اللعبة والسلسلة ككل (مثلا قضيت جل اللعبة أظن أن Erdwin من الأسطورة القديمة هو نفسه Erdrick من الجزء الثالث (مع اختلاف في الاسم لسبب ما)، لكن أتفاجأ في النهاية أن الجزء الحادي عشر هو الـPrequel للجزء الثالث وليس العكس!).
الموسيقى ربما تكون جزئيتي المفضلة في اللعبة، الـOst ساحر وعظيم جدا وأضعه بين أكثر الألبومات المفضلة لدي على الإطلاق، الأوركسترا بالخصوص ستلمس أوتار قلبك في كل لحظة، سواء كانت لحظة حزن أو بطولة أو استكشاف أو صمت وستجعلك تنغمس فيها بحلوها ومرها. فعلا، هناك الكثير من الألحان العائدة من أجزاء سابقة، لكنها هنا تعود وكأنها تحتفل بأكثر من ثلاثين سنة من الموسيقى، كوكتيل حالم، ملحمي ومداعب للروح، ولا أعتقد أن لعبة أخرى أعطتني ذات الإحساس الذي تغمدني وأنا أستكشف السهول الخصبة وأتأمل المناظر العظيمة بينما لحن "Strange World" بآلة البوق الحالمة يرافقني في كل لحظاتي، أو الخوض في البحار المجهولة رفقة لحن "Sea Breeze" الذي يجعلك تشعر بأمواج المحيط تأخذك يمنة ويسرة بكل سلام، ولن أنسى اللحظة التي قررت فيها اللعبة تبني لحن "Adventure" الذي يحرك روح المغامرة داخلك بينما تغوص القصة في فصلها الثالث وكأنها تجهزك لما ستحمله الساعات القادمة من تغيرات في الحبكة وعلاقة الشخصيات ببعضها. للأسف آخر أعمال Koichi Sugiyama سيكون الجزء الثاني عشر، ولا أعتقد أن أيا كان سيتمكن من تعويض لمسته الفريدة بعد الجزء القادم، لكنه ترك إرثا عظيما وغنيا من المقطوعات الساحرة، والجزءان الحادي عشر والثاني سيكونان احتفالية لكل أعماله وإبداعاته من جهة ورسالة وداع أخيرة لواحدة من أرقى سلاسل الألعاب من جهة أخرى.
جربت عددا لا بأس يه من ألعاب Dragon Quest، وكلها دخلت قلبي بشكل أو بآخر، شخصيات وعوالم الثامن، روح المغامرة واستكشاف المجهول في التاسع، وألبوم السابع المرهف. لكن أعتقد أن الحادي عشر تجاوزها كلها، شخصياته وحبكته وممالكه وموسيقاه ورسومه وكل ما بين هذا وذاك. كل هذه الأمور تجعل Dragon Quest XI الأفضل بين أخواتها، وواحدة من أفضل تجاربي في عالم الألعاب، تجربة عنوانها الهوية والطموح، والحنين لماض وعصور تكاد تنسى.
Dragon Quest XI S: Echoes of an Elusive Age 9.5/10
)