الآن وقد رحل الاستياء ولم تبق سوى الذكريات الجميلة, أظن بأنه يجدر بي كتابة شيء عن هذا الانمي..
في البداية, انطباعي عن هذا العمل مر بتقلبات ظاهرية كثيرة, من التقديس الأعمى, لليقظة للعيوب, فالكراهية, ثم التقبل الذي أتى متبوعاً بالإحباط, لكن أدركت في النهاية بأن مشاعري العميقة تجاهه كانت ببساطة المحبة.
لعمل معين أن يجعلني أعيش جميع هذه المشاعر, هذا العمل عظيم, لم أدرك ذلك مبكراً للأسف ):
ما يجذبني بالعادة لعمل معين ليس إخراجه الاستثنائي أو تحريكه الفريد, وإنما قصته وشخصياته, مع كون بقية العناصر فيه جيدة بشكل يضمن الوصول الأمثل للقصة.
الانمي, بالنسبة لي, هو وسط قصصي يوظف الفن لإيصال رسالته بأمثل شكل.
أو هذا ما كنت أظنه..
الحبكة الأساسية لهذا العمل بسيطة بل وأحياناً "سخيفة", شخصياته بسيطة للغاية و سطحية, إذ يمكن وصف معظمها إن لم يكن جميعها باستخدام "قوالب جاهزة", الأحداث متوقعة, جميعها تتبع "وصفات جاهزة" تلجأ لها الأعمال المنهارة قصصياً.
لكنه, ومع كل ذلك, هو عملي المفضل لهذا العام; هو العمل الذي كنت أنتظر كل حلقة منه على أحر من الجمر, العمل الذي تعلقت في شخصياته لدرجة أني شعرت بفراغ عاطفي قاتل في الأسابيع التي تبعت إنهائي له, هو العمل الذي أعاد لي لمحة من طفولتي, جعلني, ولو للحظة, أقول لنفسي:"أريد العيش في هذا العالم, مع شخصياته".
لم نال هذا العمل إعجابي؟
فأنا لا أميل عموماً لأعمال فتيات السحر عدا قليل منها (Utena , Madoka ), لا أحب أعمال ال"قصة لكل حلقة", وحتماً لا أميل لأعمال الحياة اليومية, حتى ذات الثيم الخيالي منها, إذاً ما الذي جذبني لهذا العمل؟
بنظري, هذا العمل لا يقوم بعمل شيء واحد أو شيئين بشكل ممتاز, هو يقوم بتنفيذ الكثير, وأعني الكثير حرفياً, من الأمور بشكل ممتاز لدرجة أن حسناته تطغى بشكل مرعب على سلبياته الظاهرة!
هذا هو التفسير الوحيد, أو ربما أنه "السحر"؟ @@
التوجه الفني العام للعمل, اسلوب الرسم, التلوين, تصاميم الشخصيات (ضع خطوط حمراء كثيرة تحت هذه), تصاميم البيئات والخلفيات, التحريك (الاستثنائي بالمناسبة) , الألحان, التمثيل الصوتي, اغاني البداية والنهاية, فكرة العمل, الرتم السريع للأحداث (عدم المماطلة في سين معين), والإخراج عموماً; عندما القيت نظرة خاطفة, اكتشفت بأن كل هذه تم تقديمها بشكل استثنائي في العمل, والأهم من ذلك بنظري, كلها تصرخ: اكاديمية الساحرة الصغيرة!
نعم, لهذا العمل هوية صارخة, هوية قوية للغاية تذكرني بالتي هي لبعض اعمال ديزني, هوية تجعل وصولهلمستوى عالمي أمراً ممكناً للغاية, فلو أعطيتني لحناً للمسلسل أو اغنية له, سأعرفها مباشرة من الأسلوب, ولو أعطيتني صورة معينة منه, لن يتطلب الأمر حتى ثوانٍ لأعرف بأنها له, هذا ليس بالعمل الذي تنساه أو الذي تشاهده بشكل عابر, هذه شخصيات تعيش معها في هذه الحلقات, ثم تعيش معك بعدها في وعيك وذكرياتك للأبد, هذا عمل خالد وهذه شخصيات خالدة.
هذا هو عمل العام بالنسبة لي, وأحد الأعمال التي لن أنساها ما حييت.