Avicenna
φιλόσοφος
نبدأ باسم الله العليم الحكيم والصلاة والسلام على نبيه ورسوله العربي محمد،
وبعدُ: للتاريخ مركز سامٍ عند من نقب في أحداثه ومن استقصى في أمور أصحابه، ومع أن قيمته اجتازت تطور ما دوّن فيه إلا انه فكرُ من نقل وجهلُ من اتكل، ناشبا بذلك فخاً لقارئه، وسياطا لمحبه، وفتنة لمن آمن به. كتب فيه كثيرون وقرأه الجميع، صحت فيه أمم ونكبت غيرها، تعلم منه الحكيم واُفرز الجاهل ليكون مما كُتب فيه من أخطاء. والمشكلة هي انه لا يزال يعرف على انه درس يتعلمه الحي من الميت فلا يعيد المرء أخطاء من سبقه. أفلم ير الناس انهم يعارضون التعريف بوضع التعريف نفسه؟ أولا يدرك القارئ أن التاريخ كذبة اتفق عليها الجميع، كذبة نسجها خيال البشر المتسع الفذ. نحتقر أناساً ونمجد غيرهم وهم نتيجة قصة من الخيال مبنية على حقائق طلاها أصحابها حتى تماشي ما استوى عليه العامة. هذا هو التاريخ من وجهة نظر الإمبراطور الفرنسي "نابليون بونابرت".
بعيداً عن صحة هذا الكلام من عدمها، التاريخ خلد أناساً بصورة انعكست في ذهن من بحث فيه. ومع أن البعض كان بالصورة التي جوهرها له التاريخ، إلا أن للأغلبية جوانب طُمرت في الأعماق فلا يراها إلا من قصد رؤيتها ولا يفهمها إلا من أخذها بدافع انتقاد. فلنفتح الباب لبعض هؤلاء العباقرة حتى نرى بعض ما قد امتنعت الكتب عن إفصاحه بغية التعلم من سيرتهم واخذ الطيب من فكرهم...
ومع أني مدرك لكّمِ الوقائع اللازم لتحليل معظم الشخصيات إلا أن على الكاتب أن يوجز في تعريفه للسيرة ولا يتكلف في طرحه للحقائق فتضيع متعة البحث على القارئ ويضيع وقت من لا يريد الإلمام بالشخص وذاته.
الفكرة استوحيتها من @... عند ذكره للعالمة والرياضية هيباتيا، وأتوقع أن فكرة الحديث عمن لم ينصفهم المؤرخون فكرة ممتازة. ولزيادة المنفعة من الموضوع لعله من الأفضل أن نجعله يتضمن أي شخصية تاريخية وان كانت معروفة نسبياً. ومن أفضل لافتتاح الموضوع من "نابليون" قاهر التاج الملكي وسيف الثورة الفرنسية.
هو شخصية غير مُقدرة في اغلب المناهج الدراسية، حيث يدرس كطاغية بربري من دون ذكر عبقرياته العسكرية وسيادته الفكرية على الشعوب. والغرب يراه على انه قزم لا يصلح لحكم إقليم حتى، والقليل هم الذين أنصفوا حنكته وفلسفته كقيادي ومحارب.
"ما يصنع من الشهيد شهيدا هو القضية لا الموت"
نابليون كان نتيجة حتمية لدولة كفرنسا ساد فيها الاستبداد الملكي لدرجة رفعِ شعبٍ لم يكن قادراً على أن يدلي برئيه وجعله يأخذ السلطة بثورة طبعت اسمها بحبر الحرية على لباس التضحية وكانت سبباً في بداية عصر الثوار في نهاية القرن الثامن عشر. نابليون كان يحاول صنع المستحيل ليرتقي باسم فرنسا للأفق جاعلاً منها مجد القارة العجوز مرة أخرى. وكان من أقرب الذين حاولوا امتلاك العالم، لكن ارتكب الخطأ المعروف في كتب التأريخ ب “محاولة احتلال روسيا". ومع الضغط من مصر (والطاعون)، خسر نابليون كل من مصر وروسيا (مع كم جندي) وانتهى به المطاف خاسراً كل ما يملك للدفاع عن أراضيه، تم استرجاع الأراضي ونفي نابليون في جزيرة البا تاركاً بذلك قصة للأجيال وكلاماً جميلاً من قائد محنك وشجاع. *(كتاب تاريخ اوربا ل Norman Davies)
وهذا مثال بسيط عن الهيكلة الموضوعية، ولكن قد تسألني الآن: لماذا اخترت نابليون بالذات؟
-مقولته كانت عنواناً جميلاً للموضوع فقررت البدء به
تنبيه:
التاريخ "علم" متشابك قليل القوانين كثير الثغرات، للحقيقة فيه مقدار وللرأي فيه ألف باب وباب، وهذا يضع عبئا على عاتق الباحث فيما يتعلق بالمصادر ونبذ التحيز الفكري. وحتى ننشأ بيئة معرفية (وليس نقدية هنا)، على الكاتب أن يقلل من الفكر الحر غير المسنود في بحثه فلا نتكلم عن أمور هي أقرب للراي من الحقيقة وان كانت ببرهان. هذا ونرجو التقيد بقوانين المنتدى والإيجاز في البحث وترك الباقي على القارئ.
الحمد للواحد وسؤلي منه أن يتقبل ويغفر، وصلواته وسلامه على النبي محمد وآله وصحبه
التعديل الأخير: