Gahmad
Gamer
منذ عام 1996 و مصطلح رعب البقاء أو Survival horror أصبح منتشر بين لاعبي الفيديو حول العالم و الشكر كله موصول للاخ شينجي ميكامي و لجوهرة أفكاره رزيدنت إيفل . مع ان لعبة وحيداً في الظلام كانت السباقة لهذه النوعية من الالعاب و لكن اصبح مصطلح رعب البقاء مرتبط بريزدنت إيفل التي سادت هذه النوعية من الالعاب بلا منافس حتى عام 1999.
في هذه السنة قررت كونامي دخول هذا المجال في محاولة واضحة جداً منها انها كانت لمنافسة كابكوم و إستقطاع جزء من مقاطعتها التي تسيدتها بواسطة العاب ريزدنت إيفل و لعبتها التي لم تصدر بعد – آنذاك – دينو كريسس فما كان منها إلا أن أصدرت لعبة "رعب بقاء" و أطلقت عليها التل الصامت Silent Hill.
بداية القصة كانت مع من يدعى كيشيرو توياما Keiichirō Toyama المبتكر لهذه التحفة و مصمم الجزء الاول و الذي أتى لنا بلعبة "يفترض" انها تنافس "زومبيات" كابكوم و ديناصوراتها و ....
لنتوقف قليلاً هنا ، لا أعتقد ان الحديث عن صدور لعبة تتحدث عن مدينة أشباح تتحدى لعبة ابطالها مجموعة من الزومبي قد يكون شيقاً لذا سننقل دفة الحديث إلى موضوع أخر.
لماذا "افترضنا" ان كونامي قرررت منافسة كابكوم !!!
في الحقيقة هذا هو ما اعتقدناه نحن – اللاعبين – عند لعبنا للعبة التل الصامت حيث كان الانطباع الاولي هو الرعب . ريزدنت إيفل تمتاز بالرعب و سايلنت هيل تمتاز ايضاً بالرعب.
مالفرق اذن ؟؟
الاولى تمتاز برعب البقاء و الثانية تمتاز بالرعب النفسي و شتان ما بين الرعبين !
الجميع لعب سايلنت هيل الاولى و الاغلبية لم يتقبلوها و كانوا بإنتظار الجديدة دينو كريسس و بعدها الإصدار الثالث من "معشوقتهم" ريزدنت إيفل ، الشطر الاخر من اللاعبين انقسم لنصفين ؛ الاول ابدى إعجابه باللعبة و إن كان له بعض التحفظات ، النصف الثاني هام باللعبة لدرجة الهوس حتى انهم – و انا منهم – انشئوا فيما بينهم بما يطلق عليه الغربييون CULT خاص لهذه اللعبة و ...
لتوقف قليلاً – مرة اخرى – هنا ، انا لا اعتقد ان الحديث عن الهوس بالشئ قد يكون ممتعاً لذا سأنتقل لنقطة اخرى .
قصص مغامرات الادب الامريكي تمتاز بالإثارة و الحركة السريعة و ابسط مثال على ذلك قصص اشهر الادباء الامريكيون ( توم كلانسي، ديفيد بالديشي ، دان براون و .. ) ، هذه نقطة .
النقطة الاخرى تتمثل في قصص الادب الياباني و هنا سنتسرسل في الحديث أكثر بتفصيل ممل و إستطراد – و الذي يعتبر هواية بالنسبة لي – مسترسل .
قصص الادب الياباني تمتاز بحبكة درامية شديدة التعقيد لها – غالباً – طابع نفسي مرعب و الذي يكون دائماً مستمد من اساطيرهم الخاصة و فلكلوراتهم المتشعبة و المعقدة و التي – على الارجح – تمس دياناتهم البوذية و الوثنية بشكل أو باخر فتكون النتيجة ظهور قصة لكل شخصية فيها ماضي يؤثر على الحاضر الذي بشكل أو بأخر سيؤثر على نهاية القصة و من ثم على حسب فهم القارئ / المشاهد لها.
هذا النوع من الادب منتشر بشكل ساحق في الادب الياباني و لم يخرج من عباءتهم إلا مؤخراً – و الشكر للإنترنت – بينما نجد النوع الامريكي منتشر و السبب اللغة الانجليزية .
قد يكون الكلام أعلاه يسبب بعض الصداع – انا عن نفسي صدعت –لذا سأتوقف عنه قليلاً و ان كان الحديث عنه ضروري و ذلك لأن سايلنت هيل تنتمي لهذه النوعية الاخيرة بالذات .
نعود للحديث عن محبي سايلنت هيل ، سبب نجاح هذه اللعبة – في نظري على الاقل – هو ندرة وجود قصة في لعبة عميقة كقصتها في شتى انواع قصص الشعوب بإختلاف انواعها ، لعل أشهر من اتبع اسلوب هذا النوع – الرعب النفسي القصصي – هو العملاق ستيفن كينج الذي كون Cult خاص به لما تمتاز رواياته من عمق قصصي ممسوح برعب نفسي.
سايلنت هيل -نعود لنقطتنا الاولى- قدمت في إصدارتها الاولى رعب جديد كلياً على الساحة ؛ رعب قال عنه مصمم اللعبة:
( احد أهدافي الرئيسية باللعبة هو إخافة الناس بشكل فطري) .
انا أعتقد انه نجح في هذا ، فعلى غرار سلسلة ريزدنت إيفل التي يرتكز رعبها على اللحظات المفزعة والتي تجعلك تثب من مكانك لوهلة ثم تعود إليه ، سايلنت هيل تؤسس لك جو خاص ملئ بالتوتر والخوف من المجهول طيلة مدة اللعب ، كل هذا يأتي بواسطة أشياء أو لمسات بسيطة تعمد المصمم أن تكون معك طيلة الوقت لتدخلك الجو المرعب مثل الراديو الذي يبعث خشخشة حين تقترب الوحوش منك ، شخصية تتوقف لإلتقاط أنفاسها بعد ركض طويل ، وضعية الكراسي المتحركة والاسرة الطبية الممزقة ببشاعة والمنتشرة في اللعبة ، الدماء "المتخثرة" في كل مكان ، الضباب الذي لا تستطيع بسببه رؤية ما أمامك ، الغاز شاعرية تحمل في طياتها كلمات مرعبة جديرة بأن تخرج من فم "إجار الآن بو " ( تتذكرون لغز البيانو في الجزء الاول)، وأخيراً وليس آخراً أهم عناصر الرعب : الإضاءة والظلام ؛ والذي يتجلى وبكل وضوح في الكشاف الصغير الذي تحمله الشخصية معها في كل مكان والذي هو مصدر الضوء الوحيد سواءً كنت في زقاق مظلم ، شارع خلفي أو سرداب عطن .
يقول أحد محرري مجلة OPM عن تجربته في سايلنت هيل :
( وهج الكشاف يحجب الرؤية بقدر ما يضيء ، مثله مثل الشمعة المحتضرة مما يخلق العديد من الظلال التي أهون لي أن أواجه مخلوق مفترس معلوم المعالم على هذه الظلال )
وبذكر الظلال وكيف هي مرعبة يقول لنا ستيفن كينج كاتب الرعب الأشهر :
( بعد تجربتي بالبقاء في صالة بها شمعة محتضرة والمئات من الظلال حولي ، أصبحت موقناً أن الظلام الدامس أفضل بكثير و أصبحت لا أترك غرفة في منزلي ألا وهي مضاءة ) ، أنا لا ألوم كينج في هذا ؛ من قرأ قصة الغرفة الحمراء the red room لـ هـ. ج. ويلز سيعرف السبب .
كل العناصر المذكورة اعلاه تم توظيفها بشكل ممتاز و بعدها تم إضافة اللمسة الاخيرة ؛ قصة من الطراز الياباني المعقد المرعب البحت . قصة عميقة غامضة لها دلائل و اشارات قد تخفى على الكثير ، قد لا أبالغ حين أقول أن 99% مِن من لعب الجزء الاول لم يفهمه بشكل كامل – و منهم كاتب هذه السطور – و السبب – كما ذكرت – ان القصة لها دلائل قد تخفى على البعض و قد لا ينتبه لها البعض و قد لا يتقبلها البعض في المقام الاول و السبب تركيز اللعبة الوثني – و العياذ بالله – لكن هذا لا يمنعنا من القول ان الصورة النهائية كانت خروج عمل فني جبار بجميع مقوماته – آنذاك – من قصة ، لعب ألخ الخ ... ( لا ننسى ان ف ف 7 ترتكز بالكامل على التراث العبراني و لكن هذا لم يمنع عشقنا لها ) .
كلمة اخيرة – في هذا الفصل على الاقل – بخصوص سايلنت هيل ؛ هذه اللعبة من الالعاب القليلة التي أسست لهم عالمها الخاص أو ما يطلق عليه الغربييون Universal خاص بها مثل Star wars ، Marvel comics و الكثير من الامثلة .
فريق الصمت أو Team Silent الفريق خلف هذه التحف من أكثر الناس عشقاً للأدب الغربي الغير مشابه البتة للأدب الشرقي و يبدو ذلك واضحاً في الكثير من الامور المنتشرة حول عالم سايلنت هيل – و التي سأستعرضها معكم في حال لاقى هذا الموضوع إعجابكم – مثلهم مثل شركة بيكسار التي كانت تلمح لافلامها القادمة من خلال افلامهم الحالية ( يسمونه Easter eggs).
كلمة أخيرة – أو بعد الاخيرة – أود أن اقولها في حق سلسلة سايلنت هيل و قد قلتها مراراً و تكراراً ؛ هذه السلسلة مستواها أعلى من أن يكون العاب فيديو ، قد لا يحب البعض كلامي لكني سأستمر بقوله أمام الملأ سواءً كان هذا الملأ عشاق سايلنت هيل ، محبي الرعب ، أوباما ، مارادونا أو حتى أندرتيكر نفسه .
و حتى ذاك الحين لنا عودة لمدينة التل الصمت .