رحلة الحياة طويلة و شاهقة يسقط فيها الكثيرين من عثرات الطريق، النهوض من بعد الوقعة ليس بتاتاً بالشيء السهل! هكذا العالم يسير ولايختلف الأمر مطلقاً مع ألعاب الفيديو فكم من العناوين تعثّرت، وعلى أثر ذلك سقطت بالهاوية ولم تستطع النهوض، من يقف خلفها فكر ملياً بعواقب تلك العودة و مدى إحتمالات النجاح.. حسناً ربما من الأفضل أن تموت! قد يكون الوقت مبكراً ولكن لنتحدث عن الأمر بشكل مبدئي. من يصعد الحافلة و من يبقى بين المخلّفات ؟ أية حافلة! تلك التي بعد إكتمال حمولتها لن تتوقف إلا بالمحطة القادمة أو بالأحرى “الجيل القادم”! تعودنا بكل جيل يخلّف معه العديد من العناوين التي لم تستطع إكمال مسيرتها لأسباب عديدة، فيا ترى من يبقى بين المخلّفات هذه المرة ؟

سلسلة Max Payne إحدى العناوين التي برزت بالجيل الماضي تحت لواء فريق ريمدي، المعروف حالياً خلف عنوان رعب البقاء Alan Wake. بعدما ترك فريق ريمدي عنوان Max Payne بأيادي روكستار، قامت بتسليم زمام الأمور لإحدى فرقها الداخلية Rockstar Vancouver الذي قدم لنا إحدى روائع الجيل الماضي Bully، مع إستعداد تام للتكفل بجميع المصاريف تحت ظل الكثير من التطلعات! وصلت ميزانية اللعبة إلى 105 مليون دولار إمريكي متجاوزة بذلك تكلفة Grand Theft Auto IV و Red Dead Redemption لتدخل التاريخ كصاحبة أضخم ميزانية في تاريخ الألعاب، وهنا الخطأ القاتل الذي إرتكبته روكستار! حملّت عنوان أمال أكبر مما هو قادر عليه، إسم لم يتجاوز الخمسة ملايين بجزئيه على جميع الأجهزة، ويعود بعد عشرة سنوات تحت أيدي فريق أخر كيف ستكون النتيجة ؟ شهدنا ذلك بشكل قاسي في منتصف العام، رغم حملها كل عوامل النجاح و التسويق الممتاز من الناشر إلا إنها لم تستطع تحقيق ذلك، تركت أثرها تحت خسائر فادحة للشركة بسنتها المالية. ماحصل يجعلنا نتسائل هل سنرى Max Payne مرة أخرى ؟ الجزء الثالث لم يستطع تحقيق النجاح و عشاق السلسلة لم يرضوا بمستواها و بالتغييرات التي طرأت! من المحزن قول ذلك ولكن ربما يكون الثالث خاتمة هذه السلسلة الرائعة. شكراً Rockstar Vancouver كانت ختامية مثّالية.. هذا العمل يستحق التصفيق بحرارة.

منذ بداية الجيل لم يقدم فريق Ubisoft Montreal تلك التجربة المعهودة من سلسلة Prince Of Persia، بداية بجزء غير الكثير و أعني “الكثير” حرفياً، تليه إصدار أشبه لما يكون بتجاري الهدف منه الربح فقط! تحدثوا لنا عن “عودة الرمال” ومن هذا المنطق الفارع لجذب أنظار محبين هذه السلسلة العريقة، إلا إن المحصلّة النهائية كانت عبارة عن منتج متواضع لم يرضى به إلا القليل. سلسلة Prince Of Persia توفيّت لتخلّفها Assassin’s Creed على مايبدوا، نفس الإسلوب تقريباً مع عالم مفتوح و فيزيائية التحرك التي لطالما أبدعت بتقديمها، بالإضافة لإنها تجلب لهم الكثير من الأرباح. نعم إنها الدجاجة التي تبيض ذهباً ياسادة! عام 2010 خير مثال على وفاة سلسلة أمير بلاد فارس، عندما قدم لنا إستوديو Ubisoft Montreal كلاً من Assassin’s Creed: Brotherhood الرائعة و Prince of Persia: The Forgotten Sands المتواضعة التي ساهم بعملية تطويرها مجموعة فرق من إستوديوهات يوبي سوفت الداخلية.

قد لاتحضى سلسلة Tenchu على شعبية كبيرة بالفترة الأخيرة و لاتحصل على حقوقها من الناحية الإعلامية، إلا إنها تمتلك معجبين بالنهاية.. أشخاص ينتظرون ألعابها جزء بعد الأخر، ولكن هذه هي الحياة! عنوان لم يعد يجلب الأرباح المرضية فما بشركة From Software إلا أن تتجاهله بالنهاية لتنظر لمستقبلها و مستقبل كل عامل يسترزق من هذه الوظيفة بعدما حاولوا بأكثر من طريقة تقديم تجربة ملائمة أو تبيع على الأقل. أخر إصدارات السلسلة لم تحقق تلك النجاحات و لم تنال على رضى المعجبين مع التغييرات الكثيرة التي طرأت على ميكانيكية اللعب، بحيث أصبحت محدودة أكثر بإصدار و منتج تجاري بإصدار أخر على شبكة الإكس بوكس لايف، ولاننسى جزء Tenchu Z السيء قبلهما على الإكس بوكس 360. فريق From Software قدم أخر أعمالهم من سلسلة Tenchu بعام 2009 أي مايقارب الأربعة أعوام الأن، ويعمل بالوقت الراهن على العنوان الناجح Dark Souls II برفقة Namco Bandai.

لايختلف الجميع بأن سلسلة البلاتفروم الشهيرة Crash تعثّرت كثيراً بالسنوات الماضية، بعدما تركها فريق Naughty Dog حينما إنتهى من تطوير واحدة من أروع الثلاثيات بالتاريخ، ليبدأ بالعمل رسمياً تحت مظلة شركة Sony. إنتقلت السلسلة من بعد نوتي دوج لعدة إستوديوهات مختلفة، البعض منها أبدع وقدم لنا تجربة رائعة مثل فريق Traveller’s Tales مع لعبة Twinsanity وكذلك Tag Team Racing المدموجة بين سباق السيارات و البلاتفروم التي كانت تتألق بهما السلسلة بالماضي. هذه اللعبة كانت من تطوير فريق Radical Entertainment وكانت أخر الأعمال الجيدة تحت إسم Crash، بعد ذلك أقدم نفس الفريق على إجراء تغييرات كثيرة بالسلسلة منها تصميم الشخصية البريء في مجموعة ألعاب متواضعة على أمل تحقيق النجاحات، إلا إنها لم تستطع تحقيق ذلك. أخر أعمال كراش كانت Mind Over Mutant بعام 2008 ومنذ ذلك الوقت لم نسمع إلا بمشاريع ملغية إحداهم لعبة منصات و الأخرى سباق سيارات. حسناً من بين الكثير من العناوين هنالك البعض منها من يتمناها عشاقها أن تنتهي! شخصياً إكتفيت من تشويه فرق التطوير المختلفة للعبة Crash.. أريد الحفاظ على ماتبقى من الذكريات الرائعة.

Prototype هي إحدى الأسماء الجديدة بهذا الجيل، من تطوير فريق Radical Entertainment الذي قدم لنا أخر عناوين سلسلة Crash المظلومة! بعدما أعطانا لعبة رائعة بالجزء الأول، ذلك العمل الذي وصفه الكثيرين بواحدة من أفضل ألعاب الأبطال الخارقين على الإطلاق، يصلنا الجزء الثاني هذا العام تحت ظلّ الكثير من الإنتقادات! الثاني كما وصفه البعض أشبه لما يكون DLC أو محتوى إضافي للأول، كونه لم يحمل تلك التجديدات الكافية ليستحق حمل رقم 2 بجانب الإسم. رغم ذلك إستطاعت اللعبة من جلب بعض الأرباح و تصدرت قوائم المبيعات عند بعض الدول و تواجدت بقائمة أكثر 10 ألعاب مبيعاً عند مناطق أخرى، لكن النتيجة كانت أقل من المتوقع ولم تكن كافية لإرضاء طمع شركة أكتفجن فقامت بإغلاق فريق التطوير Radical Entertainment في وقت سابق من هذه السنة، لتقليل عدد الموظفين و لأن عنوان Prototype لا يملك ذلك الجمهور كبير! ربما كانت أخر فرص فريق التطوير بعد فقدان الأمل بسلسلة Crash إلا إن المحصلة النهائية كانت غير مرضية.

إن سألت أي شخص ملهم بعالم السينما عن “العراب” فسيجيبك بالطبع بعبارة “واحد من أفضل الأعمال بالتاريخ” إن لم يقلّك أفضلها! The Godfather أو كما يعرفه الأغلبية بإسم “العراب” هو فلم كلاسيكي مقتبس من رواية الروائي المتوفي ماريو بوزو المنشورة بعام 1969 ميلادي. بعام 2006 أرادت EA إعادة إحياة هذا العمل في لعبة عالم مفتوح تصور تلك الحقبة الزمنية، وأخرجت لنا بلعبة تستحق حمل هذا الإسم، جنت من وراءها بعض الأرباح. بعام 2009 عادت EA مرة أخرى بجزء ثاني مكمّل لقصة الأول على البلايستيشن 3 و الإكس بوكس 360 و الحاسب الشخصي، وهذه المرة في ثلاثة مدن مختلفة و العديد من التغييرات و الإضافات الجديدة التي لم تطبق بشكل جيّد، تركت أثرها في لعبة متواضعة و لم تحقق النجاح المتوقع، لتعلن EA بعد ذلك بطريقة غير مباشرة عن وفاة السلسلة.

من الأب الروحي لسلسلة Grand Theft Auto الذي قدم لنا أول جزئين David Jones، تأتينا لعبة إطلاق النار و العالم المفتوح Crackdown مع فريق Realtime Worlds بدعم من شركة مايكروسوفت و حصرياً على منصتها الإكس بوكس 360. بعدما قدم فريق التطوير الجزء الأول بعام 2007 التي نالت الكثير من المدح و الثناء و تمكنت من جلب الأرباح بمبيعات تصل إلى أكثر من مليون و نص نسخة مباعة حول العالم بأول 6 أشهر من إصدارها يصلنا الجزء الثاني عام 2010 الذي لاقى الكثير من الإنتقادات، وبمبيعات لاتتجاوز المليون نسخة بشكل مجمع. بعام 2010 كان فريق العمل يعاني من ضغط شديد حيث إقترب من الإنتهاء بالوقت ذاته من العمل على مشروع اللعب الجماعي APB واحدة من أضخم المشاريع تكلفة في تاريخ الألعاب بعد 5 سنوات من التطوير، والتي فشلت بشكل ذريع و أصبحت مجانية على متجر Steam الرقمي, ليعلن فريق Realtime Worlds عن إفلاسه بوقت لاحق دون وجود أي داعم و يغلق أبوابه بعد ذلك في سبتمبر سنة 2010 تاركاً خلفه عنوان Crackdown.

True Crime إحدى العناوين التي ظهرت بالجيل الماضي، بتقديم فكرة يمكن القول عنها فريدة من نوعها! لعبة عالم مفتوح ولكن على خلاف أي لعبة أخرى من هذا النوعية، تتحكم هنا بإحدى رجال القانون على شكل شرطي متخفي، لتكون واحدة من أوائل الألعاب التي حاولت الإبتعاد عن نهج سلسلة Grand Theft Auto محاولة بذلك تقديم تجربة مختلفة. True Crime صدر منها جزئين على أجهزة الجيل السابق، أولهم Streets of LA التي تكمنت من تحقيق النجاح بمبيعات تفوق الأربعة ملايين نسخة حول العالم، والأخرى تحت عنوان New York City المشروع الذي قال عنه مطوريه بأن الجزء الماضي ماهو إلا عبارة عن ديمو لهذه اللعبة! رغم تصويرها مدينة نيويورك الحيّة بشكل مذهل، وتقديم فيزيائية ممتازة و المزيد من الأمور الواقعية الأخرى، إلا إنها لاقت الكثير من الإنتقادات اللاذعة! ولم تتمكن إلا من تجاوز المليون نسخة بقليل فقط. بعد ذلك حطت السلسلة رحالها بهذا الجيل وهذه المرة تختار مدينة Hong Kong الصاخبة، لكن هذا الجزء لم يرى النور إلا تحت عنوان مختلف بدعم من شركة سكوير إينكس، التي قامت بشراء المشروع دون الإسم بعدما ألغتها أكتفجن، ليبقى العنوان مملوك عند الشركة بمصيره المجهول.

عناوين THQ هل هنالك من منقذ ؟ أم تقف الشركة على أقدامها مرة أخرى!

قد يكون ذكر عناوين تحقق مبيعات جيدة عبر إصداراتها المتعددة مثل Saints Row و Darksiders غريب هنا، ولكن تعيش الشركة المالكة THQ أوضاع سيئة بهذه الفترة، ذلك مايجعلنا نتسائل ماذا سيكون مصير عناوينها أمثال Saints Row و Darksiders و WWE و Metro وغيرهم. هل تشتريهم EA أم تفعلها سكوير إينكس مرة أخرى ؟ هل تضيع العناوين التي جمعتهم THQ تحت مظلّة واحدة ؟ يموتون أو يعيشون معاً أم يفترقون! الكثير من التساؤلات التي لا نملك إجابتها حتى هذه اللحظة، لكن كما يقال: خبر اليوم بدراهم بكرا بلوشي.

8 عناوين إن لم تكن أكثر قد لا تستطيع مشاركتنا المسيرة.. ربما لن نسمع بها في السنوات القادمة! ينقص القائمة بعض الأسماء التي لم أود ذكرها لأسباب، منها نسبة إحتمالية عودتها مرة أخرى و لإنها ليست عناوين ثابتة، فقد يصدر منها أجزاء أخرى ولكن بإسم مختلف أو لم تصنع لتكون سلسلة من البداية إنما تجربة واحدة. بينما العناوين التي ستصعد الحافلة و ستشاركنا الطريق فلا تخفي على أحد بالطبع، لدينا كال أوف ديوتي و أساسينز كريد و هالو و GTA و كل الأسماء الناجحة المعروفة! لكن من يعلم ربما نضيف إحداها إلى القائمة في العام القادم.

شارك هذا المقال