تبقت ساعات قليلة على إصدار لعبة Marvel’s Spider-Man 2، ومن الطريف مُلاحظة المفارقة الموجودة في حقيقة أن خوادم لعبة Marvel’s Avengers -الصادرة في 2020- قد أُغلقت بشكل كامل منذ مدة لا تتعدى الشهر، وعلى ما يبدو أنه بالرغم من اشتراك اللعبتين في كونهما ألعاب لشخصيات “مارفل” إلا أن الفارق في الجودة ومدى النجاح كبير، ولا أقصد أن أقول أن لعبة Avengers قد تعرضت لنوع من أنواع الظُلم، وإنما النجاح الذي حققته لعبة Marvel’s Spider-Man 2 قبل حتى أن تصدر بأن أصبحت أعلى ألعاب مارفل تقييمًا على الإطلاق، وتصدرها مبيعات أمازون أمريكا للنسخ الفيزيائية من الألعاب ينبئ بكم كبير من المبيعات ونجاح غير مسبوق، فكيف يبدو مستقبل ألعاب مارفل فيما بعد ذلك النجاح المُنتظر؟

الحكمة في أن تفعل ما تُجيده وتتجنب الرهان على مشاريع سيئة السمعة

مشكلتي بشكل شخصي مع الألعاب الخدمية هي أن عدد المطورين الذين يجيدون صناعة وإدارة المشاريع الخدمية هم مطورون معدودون على أصابع اليد الواحدة، وحتى هؤلاء لا يحسنون إدارة مشاريعهم في كل مرة، وDice هي أقرب مثال لذلك إذ أن خبرة الاستوديو لا غبار عليها، وهو الأحق بتطوير أي جزء من سلسلة باتلفيلد، إلا أن هذا لم يشفع له في إطلاق Battlefield 2042 وحتى المشاريع الأخرى التي نجحت كـ”لعبة خدمية” لم تصدر في أفضل صورة لها، وتحسنت مع الوقت بشكل كبير، وتقريبًا أصبح هذا الأمر هو سمة الألعاب الخدمية. تصدر في صورة سيئة وتعتمد على مجتمع لاعبيها الذي يواصل اللعب حتى تتحسن التجربة، ولكن ماذا إذا لم يدعم مجتمع اللاعبين التجربة؟ في الغالب يتم التخلي عنها وقد حدث ذلك مع ألعاب خدمية عديدة مثل Marvel’s Avengers و Anthem، وخصوصًا الأخيرة حيث تخلي استوديو Bioware عن وعوده بإطلاق نسخة ضخمة جديدة من اللعبة تحت مسمى Anthem 2.0 بمحتوى ضخم.

قصدت هنا الاستشهاد باستوديو Bioware لأن جميعنا يعلم مستوى ألعاب Bioware في العادة، وكيف أنهم من أفضل مطوري ألعاب التمقمص (RPG) ولكن تجربتهم مع Anthem ببساطة عانت من التخبط بسبب قيامهم بتصميم مشروع ضخم بفلسفة تصميم تختلف جذريًا عما يجيدون هم فعله بشكل ممتاز. هذه ليست المرة الأولى التي نرى فيها مشروع كهذا، وMarvel’s Avengers هي أحد أكبر الأمثلة حيث جاءتنا من تطوير Crystal Dynamics و Eidos Montreal، وهما استوديوهات عملت على ألعاب رائعة منها ثلاثية Tomb Raider الأخيرة( من كريستال دينامكس)، وDeus Ex (آيدوس مونتريال) وهي ألعاب رائعة -إن لم تكن عظيمة- في مستواها ولكنها ألعاب فردية، وتحويل مشروع يعمل عليه هؤلاء من ذوي الخبرة في ألعاب القصة الخطية إلى مشروع خدمي يعتبر واحد من اسوأ القرارات التي اتخذتها Square Enix في تاريخها. لأن دعنا نكون صرحاء، فكرة لعبة جماعية من بطولة الأفنجرز فكرة حماسية على الورق، ولكن إذا أردت تنفيذها بشكل صحيح، لماذا تضعها بين يدي مطور كل خبرته في الألعاب الفردية؟

على الجانب من المعادلة، هناك Guardians of The Galaxy الصادرة في 2021 من تطوير Eidos Montreal أيضًا، والتي باعت 8 مليون نسخة لتكون دليلًا قاطعًا على أن كل مطور يبدع فيما يجيده، وبالطبع أكبر وأحدث إثبات لهذه العبارة هي Marvel’s Spider-Man، ويبدو أن مارفل قد تعلمت الدرس جيدًا، لأن كل المعلومات المتوفرة حول ألعابها القادمة تشير إلى نيتها الاستثمار في ألعاب قصصية فردية بجودة إنتاج AAA ضخمة على غرار Marvel’s Spider-Man.

ما الذي يجعل Marvel’s Spider-Man مشروعًا مميزًا؟

لا توجد إجابة مختصرة لهذا السؤال، ولعل الإجابة الُمثلى تأتينا من خلال مراجعة اللعبة، ولكن لإعادة صياغة الأفكار ضمن سياق مقالتنا، سبب النجاح الكبير لسلسلة Insomniac الجديدة هو مدى جودتها الذي يرقى لجودة أفلام Marvel السينمائية، ويجعلها بديلًا عظيمًا عنها، وربما أكثر إمتاعًا لأنها تجربة تفاعلية في النهاية، تكون لمُدخلات اللاعب وتدخالته نتائج يشعر معها هو بالاستمتاع.

نستطيع القول بأنه لم تتواجد أي لعبة من مارفل على الساحة بهذه الجودة من قبل، لذا الاستثمار فيها والتوسع من خلالها إلى تقديم عالم كامل بنفس الجودة وربط أحداثه ببعضها تعتبر هي الفكرة الأكثر منطقية، وبالاعتماد على ركائز مشروع Marvel’s Spider-Man و Miles Morales سنحصل بالتأكيد على ألعاب أخرى عظيمة. تلك الكائز هي الجودة الفائقة في تصميم العالم والتقديم البصري للعبة، وتوفير أسلوب تحكم سلس، وقتال عميق يعبر عن قدرات الشخصية بشكل يليق بها. تخيل أن يقوم الاستوديو بتقديم Wolverine بكامل قدراته في قالب مكون من عالم جميل بصريًا، وقصة ممتازة؟ تكرار هذه التجربة لن يكون بالأمر السهل، ولكنه -إن نجح- سيكون بداية لمجموعة ضخمة من النجاحات التي قد تُمثل نقلة نوعية في حجم أرباح واستثمارات صناعة الألعاب. تمامًا كما فعلت مارفل في صناعة الأفلام. ففي نهاية الأمر، ألعاب الأبطال الخارقين هي ألعاب لكل الأعمار، وهناك ملايين ممن لا يلعبون الألعاب بانتظام مستعدون لشراء منصة ألعاب خصيصًا لتجربة لعبة تتيح لهم التحك مفي بطلهم المُفضل.

أخيرًا: كيف يبدو مستقبل ألعاب مارفل؟

بحسب آخر الشائعات، فإن مارفل تنوي بدء الاستثمار بشكل ضخم في صناعة الألعاب بعد تراجع إيراداتها من صناعة السينما، ويُرجح أن تكون البداية بعنواني Iron Man من استوديو Motive (مطور ريميك Dead Space) و Black Panther من استوديو Cliffhanger Games (استوديو ناشئ) بجانب مشاريع الشركة القادمة بالتعاون مع سوني أيضًا، والتي تتضمن استمرار Marvel’s Spider-Man بعالمها الآخذ في التوسع، ودخول Marvel’s Wolverine ضمن ذلك العالم.

بالإضافة للعناوين المذكورة بالأعلى، هناك عنوان آخر غامض يأتينا من إخراج مخرجة سلسلة Uncharted السابقة Amy Hennig من تطوير استوديو Skydance Media، ومن خلال عرض التشويق الأول للعبة يبدو أنها تدور في حقبة الحرب العالمية الثانية، وتجمع شخصيات Captain America و Black Panther، ومن المتوقع أن تكون لعبة فردية أيضًا استنادًا على سجل المخرجة Amy Hening السابق من ألعاب قصصية ضخمة، وكذلك استوديو Motive و Insomniac، واللذان يجيدان العمل على عناوين فردية بجودة عظيمة في مجملها. إذًا المستقبل يبدو براقًا لمارفل في الألعاب، ومن المتوقع أن يكون هناك كون -أو أكثر- من الألعاب المُتصلة ببعضها قصصيًا على غرار عالم مارفل السينمائي.

في النهاية، ما رأيك في مسار ألعاب مارفل الحالي؟ وهل على الشركة أن تحاول مجددًا تقديم لعبة جماعية في المستقبل؟

شارك هذا المقال