هاي فاي رش
لعبة Hi-Fi Rush سحرت الجماهير منذ إصدارها

أخذت Hi-Fi Rush الجماهير على حين غرّة حين صدرت بشكل مفاجىء على الحواسيب والإكس بوكس و خدمة Xbox Game Pass في 25 يناير الماضي، إنها لعبة لم يسمع عنها أحدٌ من قبل، ولكنها لم تكن بحاجة إلى بناء التشويق للجمهور. بفضل التوزيع الرقمي للألعاب و وسائل التواصل الحديثة، بات من الممكن إطلاق لعبة كهذه بصورةٍ مُفاجِئَة، وإن حظيت بردة الفعل المناسبة، فإنّ التشويق تجاهها يسري مثل النار في الهشيم، وهو تمامًا ما حصل لهذه اللعبة. منذ النظرة الأولى، شعرتُ أنّ Hi-Fi Rush بألوانها الفاقعة، وأسلوبها التجريبي المبتكر، تبدو كلعبة قادمة من حقبة جهاز Dreamcast من Sega، وهو الجهاز الذي حظي بمجموعة كبيرة من الألعاب ذات الأفكار العجائبية.

اللعبة أثارت اهتمامنا ليس فقط لطابعها العجيب وإنما لأنها أتت من فريق التطوير Tango Gameworks، فريق التطوير الذي أسسه “شينجي ميكامي” الأب الروحي لسلسلة Resident Evil، والذي عمل فقط على ألعاب رعب حتى الآن، ألعاب مثل The Evil Within و Ghostwire Tokyo التي صدرت في العام الماضي. ليس خارجًا عن المألوف أن ينتقل فريق تطوير لتجربة نوعٍ جديدٍ عليه من الألعاب، إلا أن هذا لا يقلل من شعور المفاجأة. Hi-Fi Rush هي لعبة من إخراج John Johanas، ذات المخرج الموهوب الذي عمل على إخراج The Evil Within 2. ولكن كيف أتت فكرة هذا المشروع بالضبط؟ وكيف تمكن فريق التطوير Tango من تنفيذه بنجاح ليحصد إعجاب اللاعبين حول العالم؟

في محادثة شيقة، حدثني مخرج اللعبة جون جوهاناس كيف وُلِدَ هذا المشروع الجريء من الألف إلى الياء.

– كيف بدأ هذا المشروع؟ ماذا كان الهدف من تطوير Hi-Fi Rush وكيف أتيتم بالأسلوب الكرتوني بعد أن عُرِفتُم بألعاب الرعب ذات الطابع المظلم مثل The Evil Within و Ghostwire Tokyo؟

جون جوهاناس: أصل المشروع هو فكرة كانت تختمر في رأسي لفترة طويلة ولم أُدرك تمامًا كيف أقوم بتحويلها للعبة فيديو، وهي تدور حول تقديم لعبة حركية أو قتالية يكون كل شيءٍ فيها متناغمًا مع الموسيقى. بعد أن انتهينا من العمل على The Evil Within 2 علمنا أن معظم الموظفين سيتحركون للعمل على مشروع Ghostwire Tokyo، وشعرتُ أن الوقت كان مناسبًا لاقتراح مشروعٍ مختلفٍ بالكامل.

قمتُ بتقديم مُقترَح لهذا المشروع على الشركة والتي هي اللعبة التي تراها الآن Hi-Fi Rush، و هو مشابهٌ جدًا للمنتج النهائي الذي وصل إليكم، بما يتضمن التوجه الرسومي. كنت أعلم أننا نرغب في تجربة شيء مختلف كليًا عن كل ما قمنا به حتى تلك المرحلة، والحصول على فرصة جديدة لنتحدى أنفسنا و نقوم بالتغيير عن الأسلوب الواقعي و عن أفكار ألعاب الرعب التي لدينا.

– كم استغرق تطوير اللعبة؟

جون جوهاناس: استغرقت فترة طويلة، قمتُ بتقديم مقترح اللعبة مباشرة بعد The Evil Within 2، وهذا يعني أن المُقترح جرى تقديمه بحلول نهاية العام 2017، دورة التطوير كانت طويلة إلا أن عدد العاملين على اللعبة كان قليلًا. في البداية كان هناك شخصان فقط يعملان على اللعبة لمدة عامٍ كامل، وبعد ذلك بدأنا نزيد عدد العاملين على اللعبة ببطء لأن الجميع كان مشغولًا بتطوير Ghostwire Tokyo.

استغرق تطوير اللعبة خمس سنوات

فقط عند دخول مرحلة التطوير للثلث الأخير تمكنا من زيادة حجم الفريق بشكلٍ ملحوظ وأصبح لدينا فريق كامل لإنهاء العمل على اللعبة، ولكن كان علينا أيضًا التعامل مع وباء COVID-19 والعمل من المنزل، وهو الأمر الذي كان من شأنه إبطاء الأمور، ذلك لم يكن سهلًا. بشكل عام، استغرق تطوير اللعبة خمس سنوات.

في الواقع، أعتقد أن الوقت الطويل الذي أتيح لنا للعمل على هذه اللعبة سمح لنا بصقل أفكارنا و الارتقاء بها إلى وضعية مثالية، مما أدى إلى إطلاق اللعبة كتجربة متكاملة و مصقولة.

– أتصور أن دورة التطوير هذه هي أطول مما توقع الكثير من الناس.

جون جوهاناس: نعم. دورة تطوير بين 4-5 سنوات ليست شيئًا خارجًا عن المألوف هذه الأيام، ولكن، نعم.

– كيف كان حجم الفريق المطور مقارنة مع مشاريع Tango الأخرى؟

جون جوهاناس: كما قلت، كان الفريق صغيرًا جدًا في بادىء الأمر، ولكن حتى عندما انتهى التطوير لا أعتقد أن عددنا كان مماثلًا للمشاريع الأخرى. أحاول أن أتذكر العدد النهائي، أعتقد أنه كان أقل من العاملين على The Evil Within أو حتى Ghostwire Tokyo. أعتقد أن العدد كان نحو 70 عضوًا ونيف، إلا أن الكثيرين منهم عملوا على المشاهد السينمائية. كانوا يعملون عليها فحسب بينما كان لدينا مجموعة كاملة أخرى تعمل على اللعبة. أعتقد أن هذا هو العدد تقريبًا.

– حسنًا، كيف أثر استهداف وإصدار اللعبة على Xbox Game Pass في حجم المشروع وتطويره؟

جون جوهاناس: كانت اللعبة قيد التطوير قبل أن يتم الاستحواذ على Zenimax. إن الإصدار على Game Pass لم يؤثر على عملية تطوير اللعبة بأي شكل. في ذلك الوقت كان حجم المشروع وشكله النهائي قد جرى تقريره بالفعل، لكنه أثّر بصورة أكبر على استراتيجية الإصدار أكثر من أي شيءٍ آخر، لأننا كنا نعلم أنها تجربة تجديدية و مميزة، ومختلفة عما قمنا به من قبل. إن التواجد على Game Pass سمح للكثير من الناس بالاشتراك في الخدمة وتجربة اللعبة واكتشاف المتعة التي تنتظرهم من البداية. رأينا الفرصة التي يستطيع Game Pass أن يُتيحها مع الإطلاق لكنه لم يؤثر على الكيفية التي طورنا فيها اللعبة.

الإصدار على Game Pass لم يؤثر على عملية تطوير اللعبة بأي شكل.

– إذن لم يتوسع حجم المشروع، وإنما بقي كما هو طوال الوقت.

جون جوهاناس: نعم. أعني، مثل جميع الألعاب، حجم المشروع أصبح أصغر قليلًا في واقع الأمر لأن الوقت يمر وتضطر لحذف بعض الأشياء واقتطاعها وما شابه. ولكن لا شيء من ذلك حصل بسبب Game Pass خصيصًا. انتهى بنا المطاف مع الالتزام بالرؤية الأصلية للمشروع.

– حسنًا، ماذا كانت أكبر التحديات التي واجهتموها مع تطوير عالمٍ جديدٍ بالكامل بتوجه مختلف عن جميع مشاريع Tango السابقة؟

جون جوهاناس: التحدي الأكثر شيوعًا على الأرجح، كان فقط تطوير أساسيات اللعب، أتعلم، عندما كنا نعمل كفريقٍ صغيرٍ، لم يكن أحدٌ منا قد قام بتطوير لعبة أكشن من قبل أو لعبة أكشن مبنية على الشخصية (Character Action Game)، كنا نتعلم كيف نقوم بذلك بينما نحاول في نفس الوقت أن نعثر على طريقة لتدشين الجزئية المرتبطة بالموسيقى، والتي لم يسبق لأحد أن قام بتطويرها بنفس التوجه الذي كنا نستهدفه.

ببساطة، كنا نتعلم كيف نطوّر نوعًا جديدًا من الألعاب من الصفر ولم يكن بمقدورنا أن نستفيد من خبراتنا التقنية التي تراكمت من المشاريع السابقة حتى تلك النقطة، كان هناك الكثير من التجارب و المحاولة و الخطأ (trial and error) للوصول إلى النتيجة المطلوبة، كيف نقوم بتطوير لعبة أكشن تعطي الإحساس بالأكشن، وتعطي الإحساس بالمتعة، وتُضيف العنصر الموسيقي الذي أردناه أيضًا. لهذا السبب استغرقنا وقتًا طويلًا في بداية الأمر حتى نتأكد أنّ الأساسيات الجوهرية للعبة راسخة، وكان علينا البناء على ذلك.

عندما نجحنا في ذلك أخيرًا، بات التحدي متمحورًا حول الارتقاء بمستوى التجربة لتصل إلى أفضل مستوً ممكن، مع تجنب الوقوع في الفخاخ التي تقع بها ألعاب الأكشن الأخرى، والالتزام بالرؤية الأصلية للعبة والهيئة التي يجب أن تتخذها، وليس الشكل التقليدي للعبة أكشن اعتيادية.

– هل يُمكنك أن تخبرني عن بعض الألعاب التي ألهمت طريقة لعب Hi-Fi Rush؟

جون جوهاناس: نعم! نظرنا إلى العديد من الألعاب التي يسميها الناس “لعبة أكشن متمحورة حول الشخصية” (أو character action game) مثل Devil May Cry أو Bayonetta، الألعاب التي تحتوي كما تعلم على الضربات المتتالية الاستعراضية و الأكشن المبالغ فيه، نظرنا إلى هذه الألعاب وتساءلنا كيف يُمكن لنا أن نقوم بتطوير لعبة تقنية بهذه الصورة، أردنا جزءًا من ذلك ولكن مع جعله أسهل للعب قليلًا على الناس وأكثر قابلية للتجربة.

نظرنا إلى ألعاب وظفت الموسيقى في طريقة اللعب بالكامل مثل Crypt of the Necrodancer

نظرنا بعد ذلك إلى كيفية قيام ألعاب مختلفة بتدشين الإيقاع أو الموسيقى لتطوير تجربة لعب موسيقية، نظرنا إلى ألعاب مثل Rez و Lumines وهي ألعاب استخدمت الموسيقى كجزء من التجربة ولكن ليس كجزء من طريقة اللعب ذاتها، ثم نظرنا إلى ألعاب وظفت الموسيقى في طريقة اللعب بالكامل مثل Crypt of the Necrodancer، إلا أنها كانت لعبة استخدمت الموسيقى لمعاقبة اللاعب نوعًا ما إن لم ينجح في الحفاظ على الإيقاع.

كنا نرغب في تطوير تجربة لا تعاقب اللاعب على عدم الالتزام بالإيقاع، ولكنها عوضًا عن ذلك تكافئه على الالتزام به. النظر إلى جميع هذه الألعاب ألهمنا لتطوير جوانب متعددة وجعلها أكثر قابلية للوصول إلى عددٍ أكبر من الناس والذين ربما لم يكن لديهم القدرة على لعب هذا النوع من الألعاب في السابق.

– هذا لطيفٌ حقًا. هل تستطيع أن تشاركني بقصّة مثيرة من عملية تطوير اللعبة؟

جون جوهاناس: هناك دائمًا قصص مثيرة جدًا خلال عملية التطوير، الشيء الذي كان مثيرًا للاهتمام لنا هو إطلاق اللعبة، لأنه لم يكن هناك عروض دعائية للعبة ولا مراجعات ولا أحد عرف عن اللعبة قبل ذلك، لذلك عندما صدرت اللعبة كان الجميع يجربونها في ذات الوقت ونحن كنا في العمل أثناء ذلك، في العادة تتوفر المراجعات عند الإطلاق ويكون هناك مقاطع فيديو تغطي حتى نهاية اللعبة، ولكن لا أحد كان يعرف كل شيء يتعلق باللعبة هذه المرة، لا أحد كان يعرف ضخامة اللعبة أو ما سيحصل فيها، ولذلك عندما رأى الناس اللعبة والسعر ظنوا أنها ستكون تجربة صغيرة جدًا، ثم توالت ردود الفعل: “اوه يا الهي المرحلة الثانية أفضل حتى من المرحلة الأولى!” و “المرحلة 4 مذهلة!”. شيئًا فشيئًا بدأ اللاعبون يتقدمون في التجربة و ازداد حماسهم لها. متابعة هذا في الزمن الحقيقي كانت رائعة للغاية.

لا أحد كان يعلم حقًا، لا أحد كان يعلم عمق اللعبة أو طولها، أو ما هي الميكانيكيات الموجودة فيها.

– صحيح، أنا أيضًا فوجئت، عندما رأيتُ اللعبة في بداية الأمر ظننتُ أنها ستكون لعبة صغيرة أو ما شابه، ثم انتهى بها المطاف لتكون تجربة كبيرة ومتكاملة، هذا كان رائعًا.

جون جوهاناس: صحيح ولهذا عندما صدرت اللعبة استخدمتُ تويتر للتغريد وكنت أقول: لا تنخدعوا بالسعر أو المظهر، وحتى عند إنهاء اللعبة هناك أشياء كثيرة يمكنكم القيام بها. أعتقد أن هذا ساعد في أن يقفز الناس إلى الركب وأن يقوموا بتجربة اللعبة ليُدركوا أنها ممتعة حقًا، وأنها أكبر بكثير مما كانوا يظنون في البداية على الأرجح. البعض قام بتجربة هذا الشعور من خلال خدمة Game Pass أيضًا، والتي قللت عوائق الوصول إلى التجربة مما سمح لعدد أكبر من الناس بخوضها.

لا أحد كان يعلم حقًا، لا أحد كان يعلم عمق اللعبة أو طولها، أو ما هي الميكانيكيات الموجودة فيها.

شارك هذا المقال