المملكة والقطاعات الناشئة، ما بين الريادة العالمية والتنوع الاقتصادي

بعد مرور سبعة أعوام على إعلان رؤية 2030، أصبحت وتيرة السير إلى الأهداف المرجوة تتسارع مع كل يوم يمضي، وأصبحت ملامح الأهداف تبزغ مع الآفاق وأبرزها هدف التنوع الاقتصادي. فمنذ الإعلان قامت المملكة بمختلف جهاتها ومسؤوليها ومستثمريها بالتمدد والتشعب في القطاعات المختلفة مثل الأفلام والموسيقى والترفيه والتي تمثل عنصرا أساسيا من اقتصادات العديد من الدول الكبرى. إلا أن المملكة وقيادتها لم تكتف بتنشيط وتطوير هذه القطاعات المعروفة، بل توسعت لتنمي قطاعات ناشئة وواعدة قبل وعي العالم عن أهميتها.

في شهر سبتمبر من عام 2022 تفاجأ العالم بإعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد عن استراتيجية قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية في خطوة جديدة ورائدة لجعل المملكة العربية السعودية مركزاً عالمياً في قطاع الرياضات الإلكترونية، عن طريق تطوير الألعاب واحتضان الشركات وتنظيم كبرى البطولات العالمية وتوفير البيئة الداعمة للريادة العالمية.

إلا أن جهود المملكة لم تبدأ مع إعلان الإستراتيجية، بل مع تأسيس الإتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية 2017 ليكون ذراعًا داعمًا لأهداف رؤية 2030 في هذا القطاع من خلال دعم ورعاية وتنمية مجتمع الألعاب والرياضات الإلكترونية في المملكة. إضافة إلى خلق بيئة حاضنة ومساعدة لتطوير نخبة من الرياضيين في المملكة العربية السعودية للمنافسة محلياً وعالمياً.

وأتت الإستراتيجية لتملأ الفراغ وتنمي القطاع بشكل يليق بطموحات المملكة. والمتوقع أن يخلق هذا القطاع أكثر من 39 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وتحقيق أثر اقتصادي بالمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 50 مليار ريال بشكل مباشر وغير مباشر. حيث يشهد قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية نموًا غير مسبوق إذ يعد الأسرع بين باقي القطاعات نظرًا لازدياد أعداد جماهيره بشكل كبير مما يجعله اقتصادًا بحد ذاته. فيتوقع أن يصل اقتصاد قطاع الرياضات الإكترونية إلى 200 مليار دولار عالمياً بحلول عام 2023م.

وتتمتع المملكة العربية السعودية بموقع جغرافي استراتيجي بين العالم الشرقي والغربي، ولما تحظى به من جيل يافع عاشق ومحب للألعاب الإلكترونية، حيث يصل عدد محبي ولاعبي الرياضات الإلكترونية في المملكة إلى 21 مليون شخص تقريبًا مما يجعل من المملكة مقرًا جاذبًا لمطوري الألعاب في العالم ومنصة عالمية للرياضات الإلكترونية جاذبة للمواهب والشركات العالمية، مما سيساهم في تحقيق أثر محلي وعالمي في هذا القطاع انسجاماً مع أهداف رؤية المملكة 2030.

وتتلخص أهداف الإستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية في 4 مؤشرات رئيسية، وهي الوصول الى 250 شركة ألعاب انتاج أكثر من 30 لعبة تنافس عالمياً في استوديوهات المملكة، وجعل المملكة العربية السعودية من أفضل 3 دول في عدد اللاعبين المحترفين في الرياضات الإلكترونية، بالإضافة إلى استضافة أكبر البطولات العالمية وأكثرها مشاهدة، والتي سيكون لها تأثير مباشر وغير مباشر على المواطنين والقطاع الخاص ومحبي ومحترفي الرياضات والألعاب الإلكترونية في مختلف أنحاء العالم، تتمثل في رفع جودة الحياة من خلال تحسين تجربة اللاعبين وتوفير فرص ترفيهية جديدة، وتحقيق أثر إقتصادي بالمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي, والمساهمة في استحداث فرص عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة، وتوفير البيئة التأسيسية لتطوير الكفاءات، كما تهدف أيضا الى الوصول الى الريادة العالمية وتعزيز مكانة وسمعة المملكة على الساحة الدولية.

وتعتزم المملكة تنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال 86 مبادرة مختلفة تغطي كافة سلسلة القيمة وتقوم بإطلاقها وإدارتها حوالي 20 جهة حكومية وخاصة, ونظراً لتوافقهما من حيث الأهداف والرؤية كانت حصة الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية من هذه المبادرات هي 22 مبادرة متنوعة ومختلفة تدعم خطط وأهداف الإستراتيجية، ومن هذه المبادرات؛ الترويج للألعاب ذات الطابع والمحتوى الثقافي، جذب مختلف البطولات العالمية المشهورة الى المملكة، تطوير بطولة “لاعبون بلا حدود” وجعلها بطولة وظاهرة عالمية، تطوير وتنفيذ العديد من بطولات الرياضات الإلكترونية المحلية على نطاق واسع وضخم، خلق وتنظيم بطولات مختلفة داخل المجتمع، تطوير بنية تحتية من الطراز الرفيع لرفع جودة اللاعبين والمدربين المتخصصين في الرياضات الإلكترونية، إقامة معارض متنوعة ومتخصصة، التعاون مع مختلف قطاعات وصناع ومطوري الألعاب في العالم للبحث عن سبل التعاون والاستفادة، وغيرها من المبادرات التي تساعد في نجاح الإستراتيجية.

شارك هذا المقال