10 سنين مضت على إصدار الجزء الثالث من Grand Theft Auto منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا والسلسلة تحقق النجاح المهوول. GTA III لم تحدث تلك النقلة الثورية بتاريخ السلسلة وحسب بل كانت أيضاً اللعبة التي أعادت تعريف ألعاب العالم المفتوح ووضعت معاييرها الخاصة وكوّنت قاعدتها الجماهيرية الضخمة لتصبح هذا اليوم واحدة من أفضل سلاسل الألعاب على الأطلاق ومن أكثرها شعبية!

لكن ماذا قبل GTA III ؟! بالحقيقة لايوجد شيء يستحق الذكر رغم إن الجزء الأول من السلسلة قدم تجربة فريدة من نوعها بذلك الوقت كوضعك بمدينة مفتوحة تتجول بأرجائها بحرية تامة ويمكنك فعل ماتشاء من تدمير وسرقة وتنفيذ المهام للعصابات الأخرى وكسب المال وصداقتهم أيضاً بينما العصابات الأخرى التي تقوم بقتل أحد أفرادهم فسيرتفع معدل كرههم لك مما يؤدي لمطاردتك ومحاولة قتلك كلما شاهدك أحدهم تسير بالقرب من المنطقة التابعة لهم، البعض منهم سيكون مصدر قلق وإزعاج دائم كمستخدمين الأسلحة الثقيلة بينما البعض الأخر يستخدم بالعادة أسلحة عادية لن يشكل أي خطر عليك. تعددت الطرق والأشياء التي يمكنك عملها واللهو بها لكن بالنهاية الهدف واحد وواضح جداً من البداية وهو جمع كمية من المال للأنتقال للمدينة التي يليها إلى أن تنهي اللعبة على نفس المنوال بهذا الأسلوب البسيط.

أستمر الحال مع الجزء الثاني حتى ظهر على الساحة منافس شرس من تطوير إستوديو Reflections Interactive تحت إسم Driver إستطاع خطف الأضواء خلال ظهوره الأول لتقديمه عالم مفتوح بكاميرا ثلاثية الأبعاد مع نظام لعب ورسوم ممتازين كل ذلك جعلها تحصل على الكثير من المدح والثناء. بذلك الجيل كانت المرة الأولى والأخيرة التي تعتلي فيها لعبة عالم مفتوح على سلسلة GTA فمنذ ظهور الجزء الثالث حتى هذا اليوم مازالت شامخة فقد ظهر العديد من المنافسين بخلال العشرة أعوام الماضية بعضها قدم أداء جيد إلى ممتاز ولكن لم يستطع التفوق عليها وأبرز تلك الأسماء True Crime و Red Dead Redemption و Bully و Saints Row و Mafia والبعض الأخر لم يستطع المنافسة مثل الجزء الأول من Just Cause والكارثة Driv3r وغيرها من أمثلة أخرى سواء إستطاعت المنافسة أم لا.
عندما ظهرت GTA لأول مرة كانت عبارة عن منتج بسيط مستقبله لم يكن واضحاً على خلاف بعض الألعاب التي لمع إسمها بذلك الجيل، لكن GTA III قلبت الموازين بمستواها الراقي وتقديمها تجربة يصعب إنكار جمالها حتى هذا اليوم فقد أبهرت الجميع حينها. تخيل معي مدينة ثلاثية الأبعاد بشكل كامل مع حرية كبيرة للتجول والأستكشاف وفعل أشياء عديدة لاتعد ولاتحصى ووجود وسائل كثيرة للتنقل عبر المدن الثلاثة كالسيارات والقوارب بأنواعهم العديدة المختلفة أو حتى يمكنك صعود القطار والتريث قليلاً ريثما يُصلك للمحطة التالية. وجود سكان لهم سلوك مختلف ولباسهم المختلفة، اللصوص البسطاء، عصابات المافيا، المتشردين، المدنيين البسطاء بأحيائهم الخاصة والأغنياء بمناطقهم ومراكبهم الخاصة كل منهم يملك تصميمه وبيئته ووسيلة المواصلات المناسبة. تعاقب الليل والنهار مع طقوس مختلفة من أمطار وضباب. جمع الأموال بوسائل عديدة بطرق شرعية كالعمل سائق أجرة أو شرطي أو رجل إطفاء أو حتى بالأسعافات عن طريق الذهاب للمصابين وإيصالهم للمشفى أو جمعه بطرق غير شرعية كقتل الناس الأبرياء ونهب أموالهم وخوض سباقات الشوارع الغير قانونية وغيرها. كل ذلك بالإضافة لوجود قصة ومهام رئيسية تستلمها من أشخاص لهم إرتباط بالقصة وعند ذهابك لأحدهم تشاهد عرض سينمائي وحوار! كل هذا بالإضافة لنظام لعب ممتاز ورسوم جيدة جداً وكاميرا شبه متكاملة يمكنك تحريكها وإدارتها بشكل كامل مع إتاحة لك الحرية بإختيار وضعيتها المناسبة أثناء القيادة أو المشي سيراً على الأقدام بالإضافة لتحكم مناسب لايعيبه شيء تقريباً، وأداء صوتي متقن لكل من الشخصيات الرئيسية وسكان المدينة ومحركات المراكب وأمواج البحار وزقزة طيور النوارس عند الشواطئ تعطيك شعوراً أخر يصعب وصفه بذلك الوقت. كل هذا قبل 10 أعوام حيث لاوجود للعبة عالم مفتوح يمكنها تشبعة رغباتك بهذا القدر!

الجزء الثالث لم يكن بداية النقلة الكبيرة بمستوى السلسلة فحسب بل كان أيضاً بداية النجاح المهوول، فبالرغم من صغر إسم GTA بالماضي إلا أن الجزء الثالث الحصري آنذاك على البلايستيشن 2 إستطاع بيع مايفوق العشرة ملايين نسخة حول العالم! بجانب لحصوله على جوائز عديدة كلعبة العام من بعض المواقع والمجلات الغربية، كما حصل على نصيب كبير من المديح بمراجعات المواقع والمجلات ووصل معدل تقييماته إلى 95%. لاننسى أيضاً إكتساب إسم Grand Theft Auto سمعة وشعبية كبيرة بمختلف الدول بالعالم ويكاد لايخلوا منزل يملك جهاز البلايستيشن 2 بالدول الغربية والعربية ولايملك GTA III بذلك الوقت! أشتهر عندنا بالمناطق العربية بإسم “حرامي السيارات” فمنذ العشرة أعوام الماضية وهو ينتشر بشكل واسع إلى أن أصبح الإسم أشهر من نار على علم.

صدر بعد الجزء الثالث عدة إصدارات فرعية تابعة له أهمها وأكثرها نجاحاً Grand Theft Auto Vice City حيث تأخدك لمدينة نائب (ميامي بالواقع) بأجواء وردية مفعمة بالحياة بعيداً عن أجواء مدينة الحرية المملة والكآيبة بالجزء الرئيسي وبجانب لتعديل وتحسين وإضافة العديد من المزايا الجديدة، الإصدار الثاني والذي يُعد الأكثر مبيعاً بتاريخ السلسلة Grand Theft Auto San Andreas وصلت مبيعاته إلى 22,5 مليون نسخة، وكِلا الإصدارين طرأ عليهم تطورات وإضافات كثيرة بجانب لتوسع جمهور السلسلة بشكل كبير مع صدورهما بالأسواق مما جعل من منافسة لعبة عالم مفتوح لإسم GTA أمر بغاية الصعوبة بينما على الصعيد التجاري فأقرب من أن يكون مستحيلاً! فهل ستبقى مسيطرة على عرش ألعاب الساندبوكس مع إطلالة الجزء الخامس الذي سيسدل عنه الستار قريباً أم سيظهر منافس شرس دون سابق إنذار يخطف الأضواء منها ويحتل عرشها كما عملتها Driver مسبقاً قبل فترة العشرة أعوام الماضية؟! لا أظن التاريخ سيعيد نفسه طالما خلفها فريق يعمل بجد لتقديم الأفضل على الدوام.

شارك هذا المقال