خمسةٌ و عشرون عامًا قد انقضت على صدور جهاز الننتندو 64 و هو أحد الأجهزة التي تركت بصمة تاريخية و خالدة في صناعة ألعاب الفيديو رغم الأداء التجاري الضعيف، الجهاز خلف السوبر ننتندو و الذي كان قد خسر حصّة سوقية لصالح شركة Sega بالفعل و عوضًا عن تعويض تلك الحصّة وجدت شركة ننتندو نفسها في موقفٍ حرج و منافسة شديدة للغاية مع جهاز سوني المنزلي البلايستيشن الأوّل الذي انتزع منها حصتها السوقية في اليابان و سيطر على كل ألعاب تعاقب الأدوار. رغم ذلك فإن الننتندو 64 سيبقى أحد أجهزة الألعاب التي تركت بصمة كبيرة للغاية على هذه الصناعة و الذي بقي في ذاكرة كلّ من قام بامتلاكه.

جهاز الننتندو 64 كان مبنيًا بصلابة حديدية مثل الفولاذ و هو بحق قد يكون أعلى الأجهزة المنزلية جودة في المصنعية حتى يومنا هذا، أداة التحكّم للجهاز كانت السبب الأساسي في شيوع انتشار عصى الأنالوغ كطريقة مثالية للتحكّم في البيئة ثلاثية الأبعاد، كما وضع الجهاز المعيار في الألعاب الجماعية مع دعمه لتوصيل 4 أجهزة تحكّم معًا. بجانب ذلك قدّم الننتندو 64 الرسوم الأفضل في جيله متفوقًا على كل من البلايستيشن الأوّل و السيغا ساتورن و ذلك بفضل قدراته العالية في زمنه على الرسوم ثلاثية الأبعاد و الهياكل التضليعية، و هذا ليس كل شيء.

جهاز الننتندو 64 شهد ولادة العديد من الألعاب المؤثرة على صناعة الألعاب و على رأسها سوبر ماريو 64 التي شقّت طريق الصناعة نحو الأبعاد الثلاثية بمنهجية صحيحة من كاميرا و طريقة تحكّم و تصميم مثالي للمراحل و الأفكار، و تبعتها أسطورة زيلدا أوكارينا اوف تايم التي جلبت بدورها المزيد من الأفكار و الأساسات لصناعة الألعاب و العالم المفتوح مع نظام ضبط الكاميرا عند الأكشن (لوك-اون) و دورة الليل و النهار في الزمن الحقيقي و الكثير من الأفكار الأخرى، بجانب ذلك حصل الننتندو 64 على ألعاب أخرى رائعة و منها ألعاب التصويب، نعم جهاز الننتندو 64 سبق الإكس بوكس الأوّل في ذلك و كان أول جهاز ألعاب منزلي يستضيف هذا النوع من الألعاب بشكل حقيقي مع العديد من الروائع من ضمنها بيرفكت دارك و غولدن آي و كذلك توروك. لا ننسى أيضًا ألعاب Rare الذهبية مثل بانجو كازوي و التي رأينا تأثيرها جليًا على ألعاب مثل جاك & داكستر و غيرها.

جهاز الننتندو 64 عانى من ارتفاع سعر الكارتردج و قلة مساحته التخزينية كما أن تعنت شركة ننتندو في الألعاب الصادرة على الجهاز آنذاك جعلها تخسر الكثير من الألعاب و الدعم لصالح سوني و جهازها المنزلي البلايستيشن، كما وجه انسحاب سكوير سوفت و من ثم إينكس و عزوفهما عن التطوير لننتندو في تلك الفترة ضربة قاصمة للننتندو 64 قتلت سوق الشركة الحمراء في اليابان لسنوات طويلة و لم يُسعفها هناك إلا أجهزتها المحمولة، و لكن الننتندو 64 باع بشكلٍ جيد في السوق الأمريكي مع أكثر من 20 مليون وحدة و هو ليس بعيدًا في ذلك السوق عما حققته أجهزة مثل ال3DS و البلايستيشن الثالث بفضل الإقبال الكبير على ألعاب الطرف الأول من ننتندو و كذلك ألعاب التصويب التي لم يتمكن البلايستيشن الأول من منافستها.

جهاز الننتندو 64 حتمًا ليس أنجح الأجهزة و لم يحصل على عدد هائل من الألعاب إلا أن كل ما قدمه الجهاز كان مُميزًا، و ليس من المبالغة أن نقول… الننتندو 64 وضع حجر الأساس للألعاب ثلاثية الأبعاد في عالم ألعاب الفيديو.

شارك هذا المقال