عام مر على إطلاق الPS3, لا يمكن أن نصف حال سوني فيه إلا بأنه متدهور على أقل تقدير, هذا التدهور لم يأت من فراغ, بل هو محصلة لمجموعة من الأخطاء و القرارات السلبية الي اتخذتها الشركة, فانتقال سوني من مرحلة الPS2 لمرحلة الPS3 كان بعيدا كل البعد عن الانتقال الايجابي السليم, سوني لم تتعامل بشكل جيد مع المعطيات المطروحة أمامها و غالبت جانب المفاهيم والمخططات على جانب العمل الحقيقي على أرض الواقع.

الاستثمار في مجال المعالجات خطأ ارتكبته سوني مع الPS2 وتلافته بصعوبة بالغة إلا إنها أصرت على تكراره مجددا, سوني أيضا لم تعي أهمية تغيير الاستراتيجيات لتلائم معطيات السوق, دمج ألعاب الفيديو مع الملتي ميديا إستراتيجية أثبتت نجاعتها شريطة أن تكون في التوقيت المناسب ولكن هذا ما افتقدته سوني في البداية, السعر المرتفع ألقى بظلاله على الجميع, شركات الطرف الثالث ( خصوصا اليابانية ) مازالت تحاول ترتيب أوراقها المبعثرة بعد الآمال الكبيرة التي بنتها والتي اهتزت بعد ذلك, سوني اتخذت موقفا سلبيا آخر وهو الإصرار على الاستثمار في ألعاب الطرف الأول والثاني و اهمال الطرف الثالث, فاذا كانت أبسط قواعد اللعبة يتم تجاهلها فكيف بالقواعد التي كانت سوني هي نفسها من يرسيها.


العام الأول للPS3 كان مخيبا للجميع, فحتى مع غياب الحصريات, فسوني لم تسلم من الألعاب المنقولة ذات المستوى الرديء مما ألقى عليها ضغطا كبيرا حول القيمة الحقيقية التي سيحصل عليها المستهلك من شراء جهاز أعلى تكلفة من منافسيه لا يتميز سوى بمكتبة ألعاب أقل كما ونوعا وخالية من مميزات إضافية أثبتت أهميتها في قرار الشراء لدى المستهلك, كنظام الأتشيفمنتس والاهتزاز في أيادي التحكم. ألعاب الطرف الثاني التي روجت لها سوني كثيرا لم تحصد سوى التقييمات الضعيفة –والمتوسطة مع فشل كبير على صعيد المبيعات.

رغم هذي السلبيات إلا أن سوني تفاعلت لتدارك الموقف ولو بشكل تدريجي, تصاعديا من بداية العام رأينا سوني تكشف عن خدمة Home, خدمة أونلاين تفاعلية فريدة من نوعها نجحت في جذب بعض الاهتمام المفقود, ثم رأينا تخفيض السعر ” المؤقت ” للجهاز في أمريكا والعروض التسويقية الجيدة في أوروبا, افتتاح الPlaystation Blog يعكس أيضا إدراك سوني لأهمية التواصل الإعلامي مع الجمهور, ثم رأينا سوني تستمتع للمطالب وتعيد خاصية الاهتزاز في أيدي التحكم, ثم كاز هيراي يتحدث بشفافية إلى شركات الطرف الثالث بأن سوني ستعود لأسلوب عملها القديم بالتركيز تماما على الألعاب, فديفد ريفز الذي قال بأن الشركة عادت إلى توقيع العقود و تأمين الألعاب الحصرية.

و في شهر أكتوبر الماضي أعلنت سوني رسميا عن تقديم موديل جديد من الجهاز بسعر 399 دولار مع تخفيض الموديلات السابقة إلى 500 دولار, ويعد هذا أول تخفيض حقيقي للجهاز, ومؤخرا بدأت سوني حملة إعلانية جديدة وبدأت بالمشاركة في تقديم الدعايات لألعاب شركات الطرف الثالث في مبادرة تعكس رغبة سوني في إيجاد علاقة أكثر متانة معها. حاليا لا تبدو الآمال مرتفعة لموسم أعياد كبير للPS3 هذا العام خصوصا مع تأجيل مجموعة ألعاب كان من المقرر صدورها هذا العام مثل GTA و MGS4 و Burnout و UTIII و Haze و DMC4, لكن ماذا عن العام 2008 ؟

في الواقع هناك شبه إجماع من قبل الجميع على أن العام 2008 سيكون عاما حافلا لسوني والPS3 على جميع الأصعدة,قائمة الألعاب تبدو على درجة كبيرة من الامتياز تترأسها MGS4 التي نستطيع أن نقول بأنها اللعبة التي ستجعل الPS3 أكثر الأجهزة طلبا وقت صدورها, كما ان ارتفاع المبيعات في اليابان خلال الأسبوعين الماضيين قد يحفز الشركات اليابانية على أخذ خطوات جديدة في دعم الجهاز, سكوير إينكس و كونامي قالتا سابقا أن العام 2008 سيشكل الانطلاقة الحقيقية للPS3, كما قالت كابكوم بأنها ستركز في العام 2008 على انتاج ألعاب أكثر للجهاز من الفترة الماضية, هناك توجه لدى شركات الطرف الثالث بدأت لجعل الPS3 في المقدمة في عملية تطوير ألعاب الملتي بلاتفورم للتخلص من مشكلة سوء النقل للجهاز وبدأ البعض بتطبيق ذلك فعليا, و لا ننسى إطلاق سوني لخدمة Home بشكل رسمي, في المحصلة كل هذي شواهد ايجابية إلى أن العام القادم سيكون أفضل حالا من سابقيه, لكن هل هذا يكفي لعودة سوني للمنافسة بقوة ؟

مع كل هذه التحركات الايجابية , إلا أن سوني مازالت تفتقد لعنصر المفاجأة والضرب تحت الحزام, نلاحظ جميعا ان جميع الخطوات التي قامت بها سوني مؤخرا هي خطوات منطقية ومتوقعة من قبل المستهلك العادي فكيف بالمنافسين أصحاب التخطيط والتسويق المبني على دراسات ؟ سوني وحدها هي القادرة على تحديد هذه ” الضربة ” التي ستعيد إليها الكثير من البريق الذي فقدته, فإن كان اختيارها هو الحصريات فحريا أن تكون مجموعة إعلانات ذات أصداء قوية موجهة مباشرة لكسب ثقة اللاعبين وليست موجهة تحديدا كموقف مباشر للمنافسين, يجب أن تركز سوني على جعل المستهلك واللاعب في المرتبة الأولى وتسعى بكل الطرق لكسب ثقته المطلقة, سوني أيضا يجب أن تحسن من خدمات الأونلاين ( PS Store ) بكل ما تقدمه من تحديث سريع للDemos و سهولة في التنقل بين القوائم والاستخدام بشكل عام, إلا أن تخفيض سعر آخر يأتي على رأس قائمة المطالب التي يتوجب على سوني تحقيقها لضمان المزيد من المبيعات, لأن تخفيض السعر وازدياد المبيعات سيعطي مزيدا من الثقة للشركات والجمهور بشكل عام في دعم الجهاز.

العام 2008 يبدو أكثر إيجابية لسوني, لا نريد أن نفرط في التفاؤل فالوضع لا يزال صعبا, وهي بالتأكيد تعي تماما أن المنافسين لن يقفوا مكتوفي الأيدي و سيسعون إلى تحقيق مزيد من النجاحات, و هذا ما سيجعله عاما مثيرا للجميع.

شارك هذا المقال