عصفت فاينل فانتسي 7 بعالم التسلية و الترفيه عندما صدرت للمرّة الأولى على البلايستيشن الأوّل، و منذ ذلك الحين تغيّر عالم ألعاب الفيديو إلى الأبد. الآن و بعد أجيال من ظهور البطل الأشقر كلاود سترايف صاحب السيف العملاق Buster Sword للمرّة الأولى، تأتي شركة سكوير إينكس و تقطع الوعد على الجماهير بإعادة تلك الأحلام الذهبية من جديد. عقارب الساعة تدور و المُرتزق كلاود ينضمّ إلى مجموعة أفالانش لمواجهة خطر شركة شينرا الكامن، عقارب الساعة تدور و قلوبُ الجماهير معلّقة في انتظار الحقيقة، عقارب الساعة تدور و فاينل فانتسي 7 ريميك لم تعد مُجرّد حلمٍ و إنما أضحَت حقيقة.

الأهميّة التاريخيّة لفاينل فانتسي 7

لا شكّ أن فاينل فانتسي 7 هي واحدة من أهم و أفضل ألعاب تقمص الأدوار اليابانية عبرَ التاريخ إن لم تكن الأهمّ على الإطلاق. قبل هذه اللعبة كانت سلسلة فاينل فانتسي إحدى العلامات الفارقة لأجهزة ننتندو المنزلية و حتّى أن الجزء السادس كسر حاجز 2 مليون نسخة في السوق الياباني على السوبر ننتندو، انتقال فاينل فانتسي 7 إلى البلايستيشن لم يؤدي فحسب إلى انفجار شعبية البلايستيشن في اليابان كالجهاز الأساسي لألعاب الآربيجي بل شجّع أيضًا الكثير من الشركات لتنتقل إلى البلايستيشن و تتبنى مشاريعها عليه، و في التسعينات كان المطوّر الياباني يحكم عالم ألعاب الفيديو و يتسيده إن كان على صعيد تجاريّ أو تكنولوجي، و من يفوز بالسوق الياباني كان يقود السوق العالمي.

فاينل فانتسي 7 كانت من الأسباب الرئيسة لنجاح علامة البلايستيشن و جماهيريتها، لكن أهميتها لا تقف عند هذا الحدّ فهي أيضًا اللعبة التي جعلت العالم يعرف ما هو الآربيجي أو ألعاب تقمّص الأدوار، و هو نوع الألعاب الذي لم يكن ذائع الصيت قبل صدور هذه اللعبة و نجاحها الكبير على صعيدٍ عالمي. فاينل فانتسي 7 كانت لعبة الآربيجي الأولى لعددٍ ضخمٍ من اللاعبين، و بكوننا من مُحبي اللعبة الأصلية و السلسلة بشكلٍ عام فنحنُ نعلم كم كان هذا مُستحقًا و كيف كانت هذه السلسلة تتربع على عرش هذا النوع من الألعاب دون مُنافس. اليوم تغيّرت الأمور كثيرًا و بعد سنوات عديدة تذبذبت فيها السلسلة ها هي ترمي بالرهان الأثقل و الأكبر في تاريخها، العودة إلى عالم أيقونة السلسلة من جديد.

القرار بتقسيم اللعبة إلى أجزاء

لنبدأ أولًا الحديث عن القرار الذي أثار الكثير من الجدل بين اللاعبين بتقسيم اللعبة الأصلية إلى أجزاء عوضًا عن إعادتها بلعبة واحدة كاملة و ضخمة، هل كان هذا القرار موفقًا أو صحيحًا؟ حقيقة بعد أن قُمنا بإنهاء اللعبة وصلنا إلى قناعة معينة فيما يتعلّق بهذا الأمر. عندما صدرت لعبة خطية للغاية مثل فاينل فانتسي 13 كان هناك الكثير من النقاشات حول الصعوبات التي واجهتها سكوير إينكس في التطوير على أجهزة HD و التصريح الشهير لمُنتج السلسلة يوشينوري كيتاس بصعوبة تصميم المدن بدقّة HD. الآن و بعد 3 ألعاب قاد مشاريعها يوشينوري كيتاس و هي الأجزاء 10 و 13 و 7 ريميك بات واضحًا تمامًا أن الأمر لا يتعلق فقط بمصاعب التطوير و إنما أولويات فريق التطوير و رغباته.

نعم مع كلّ هذه الألعاب لا يُمكن أن يكون الأمر مُصادفة أو عائدًا للتحديات التقنية فحسب، فريق التطوير الذي يقوده منتج السلسلة يوشينوري كيتاس يُفضل تصميم الألعاب الخطية ذات الطابع السينمائي و التركيز الكامل على السرد القصصي باعتباره المُحرّك الرئيس و الأساسي للعبة، فريق التطوير لا يرغب بتقديمِ عالمٍ ضخمٍ مليْ بالمُدن و المهام و الاستكشاف مثل The Witcher 3 أو حتى Dragon Quest 11 و Xenoblade Chronicles من اليابان، بل يُريد التركيز على جانب الإبهار الإخراجي و الصياغة اليدوية لكلّ مشهد و كلّ جزئية في اللعبة و كلّ منطقة.

باختصار، القرار بالتقسيم ليس صحيحًا أو خاطئًا بل هو يُمثل رغبة المطورين و نوعية التجربة التي يرغبون في خلقها، فاينل فانتسي 7 ريميك هي امتداد للتوجه الذي بدأته سكوير إينكس مع فاينل فانتسي 10 و سارت عليه في فاينل فانتسي 13 و ها هي تُصمم لعبة أساسية ثالثة من السلسلة بنفس الطريقة و ليست امتدادًا للطريقة القديمة في تصميم ألعاب فاينل فانتسي، بل يُمكن القول أن فاينل فانتسي 7 ريميك هي أكثر لعبة سينمائية في كل السلسلة، و هي تبدو لنا كلعبة تستهدف جمهور ألعاب الطرف الأول على البلايستيشن و صُممت خصيصًا كحصرية بلايستيشن مع وضع هذا الأمر في الحسبان، و نعتقدُ أنها ستكون جذابة لهذا الجمهور بالذات و ربما حتى أكثر من مُحبي ألعاب الآربيجي أنفسهم، و الذين لن يشعر بعضهم بالرضى تجاه القيود الكثيرة التي تفرضها التجربة على اللاعب مقارنة بألعاب الآربيجي الأخرى، و سنأتي على تفصيل هذا.

فريق العمل و خليط من الأسماء الحديثة و القديمة

فيما يتعلّق بفريق التطوير، يعمل على هذه اللعبة يوشينوري كيتاس مُخرج اللعبة الأصلية كمُنتج للمشروع، فيما يُدير دفة الإخراج كل من “تيتسويا نومورا” الذي عمل على تصميم شخصيات اللعبة الأصلية و كان له إسهامات في الجانب القصصي فيها، و “ناوكي هاماغوتشي” الذي كان قائد التطوير للعبة Mobius Final Fantasy، و كذلك الاسم المُثير للجدل بين عشّاق السلسلة Motomu Toriyama مُخرج الجزء الثالث عشر و الذي عمل أيضًا على إعداد النصوص و الأحداث في اللعبة. الكاتئب الرئيس للنصوص هو “كازوشيغي نوجيما” و هو اسمٌ آخرٌ عريق في سكوير سوفت قبل الاندماج مع إينكس و الكاتب الرئيس للجزء السابع الأصلي و كذلك للجزء العاشر و العديد من ألعاب سكوير الأُخرى.

عمل على تصميم شخصيات اللعبة الجديدة كلّ من “تيتسويا نومورا” و “روبيرتو فيراري”، أما الموسيقى فقد قدّمت اللعبة مزيجًا من الألحان القديمة المُعاد توزيعها و التي لحنها في الأصل “نوبو ويماتسو” الملحن الأيقوني للسلسلة، و ألحان جديدة كليًا عمل عليها “ماساشي هامازو” مُلحن الجزء الثالث عشر و “ميتسوتو سوزوكي” و حتى “نوبو ويماتسو” نفسه الذي قدّم الأغنية الأساسية و الجديدة كليًا للعبة بعنوان Hollow.

طريقة اللعب: أساسات متينة و قيود كثيرة تحدّ التجربة

النظام القتالي الموجود في فاينل فانتسي 7 ريميك هو أقرب بعض الشيء إلى الأجزاء السابقة من السلسلة مما كانت عليه الأجزاء 13 و 15، هناك 4 شخصيات أساسية في اللعبة و كل شخصية لها قدرة خاصة لا تتواجد عند بقية الشخصيات، و بالإمكان التحكم الكامل في هذه الشخصيات أثناء خوض المعارك في أي وقت و بضغطة زرٍ واحدة. كلاود سترايف يستعمل ضربات السيف عن طريق شحن زر مربع، إلا أن الضغط على زر مثلث يؤدي إلى الدخول في طور Punisher حيث تُصبح ضربات كلاود أكثر قوّة إلا أنه يخسر قدرته على صد الهجمات بعيدة المدى. إن قُمت بضغط زر مثلث للتحول إلى هذا الطور عندما يوشك الأعداء على مهاجمتك فإن كلاود سيقوم بهجومٍ مُعاكس (كاونتر) أوتوماتيكيًا.

تيفا لوكهارت تعود بمهارات القتال اليدوي، تيفا تملك لكمة خطافية قوية عند الضغط على زر مثلث، و لديها القدرة على شحن الطاقة لتنفيذ ضربات متتالية أكثر قوّة، في الحقيقة وجدنا اللعب بشخصية تيفا مُمتعًا خاصة عندما قمنا بالاستفادة من قوّة ضرباتها بتركيب ماتيريا Elemental على سلاحها مما جعل ضرباتها تحمل أيضًا تأثير أحد الأسحار من ماتيريا أخرى. أما باريت فهو متخصص بالقتال من المدى البعيد و بمقدوره إطلاق دفعات متتالية قوية من سلاحه الناري، و بعد ذلك عليه أن ينتظر شحن السلاح من جديد أو الضغط على زر مثلث باستمرار لإتمام عملية الشحن أسرع. آيرث هي الشخصية المتخصصة بالسحر في اللعبة و لديها ضربات سحرية رائعة و قدرة على توجيه ضربة سحرية تضرب جميع الأعداء ضمن نطاقٍ معين.

القدرات الإضافية تتعلمها الشخصيات من الأسلحة التي تقوم باستخدامها و كل سلاح له قدرة فريدة يُمكن تعلمها بالإضافة إلى خريطة تطوير خاصة بالسلاح لتطويره بزيادة قوة الهجوم أو الدفاع أو إضافة فتحات لتركيب الماتيريا، أما الماتيريا فهي جوهر النظام القتالي و هي تعود لتكون كذلك في فاينل فانتسي 7 ريميك، و هي كُرات بلورية يُمكن تركيبها على الأسلحة أو الدروع. هناك عدة أنواع من الماتيريا النوع الأساسي هو الأخضر و هو يختص بالقدرات السحرية المتنوعة و المعروفة عن سلسلة فاينل فانتسي مثل العناصر الأربعة (النار – الجليد – الرعد – الريح)، و ماتيريا الزمن لأسحار مثل Haste و Slow، و ماتيريا السم، و ماتيريا العلاج التي تمنح قدرة cure، و ماتيريا القدرات العلاجية مثل Esuna.

هناك أيضًا الماتيريا الصفراء التي تُضيف مهارات خاصة مثل Assess لقراءة نقاط قوة و ضعف الخصوم، و الماتيريا البنفسجية التي تلعب دورها لتقوية الشخصيات بزيادة عداد الصحة أو عداد السحر أو غير ذلك، لدينا أيضًا الماتيريا الزرقاء التي يُمكن لها أن تُعزز من تأثير ماتيريا من نوعٍ آخر، و أخيرًا الماتيريا الحمراء المخصصة لوحوش الاستدعاء و بإمكان الشخصية الواحدة استخدام وحش استدعاء واحد في ذات الوقت، كما لا يُمكن استدعاء هؤلاء الوحوش من مشاهير السلسلة مثل Ifrit و Shiva إلا في معارك مُحددة و هي على الأرجح معارك الزعماء.

كيف يعمل كل هذا؟ يعمل عن طريق ملء عدّاد ATB، عند الدخول إلى المعركة لن يكون بمقدور اللاعب سوى الهجوم الذي يؤدي إلى ملء عدّاد ATB المُكوّن من قطعتين، و بعد ذلك سيكون بمقدور اللاعب أن يفتح قائمة القتال التي تضم القدرات Abilities و السحر Magic و الأدوات Items، يُمكن تنفيذ أمر واحد لكلّ قطعة من عدّاد ATB و بعد ذلك لن يكون بمقدور اللاعب فتح القائمة حتى يملأ العداد من جديد.، هذا النظام يخلق ديناميكية لعب جميلة تدعو اللاعب إلى التفكير باستمرار في كيفية استغلال إدارة الموارد و الموازنة بين الهجوم و الدفاع، خاصّة و أن قتال الأعداء يأخذ ورقة من كتاب فاينل فانتسي 13 و يُطبق نظام Stagger للتسبب بضرر (damage) كبير ضد الأعداء.

حسنًا، هذا لا يعني في الحقيقة أنّ كلّ شيءٍ سارَ على نحوٍ مثالي، إذ إن بعض الجوانب في تصميم اللعبة قد خيبت آمالنا، كنا نتوقع أن تكون اللعبة خطية، إلا أننا لم نتوقع أن تُحاول اللعبة التحكم في تجربتنا بهذه الصورة، هذه هي أكثر فاينل فانتسي سينمائية في تاريخ السلسلة و هي لا تُريد منك أن تخرج عن المسار المُحدد مطلقًا، بل و يصل الأمر إلى أن اللعبة تمنع اللاعب في الكثير من الأحيان من استكشاف هذا الطريق أو ذاك في نفس المكان لتجبره على أن يستمر في المضي قدمًا باستمرار، هذه اللعبة تُكرس نفسها بالكامل في خدمة السرد القصصي، كان هذا ليكون منطقيًا و مقبولًا لو كان عمر اللعبة 20 ساعة إلا أن الأمر أصبح مملًا مع مرور الوقت خاصة و أنني قد استغرقت قرابة 45 ساعة لإنهاء اللعبة بالكامل مع أداء العديد من المهام الجانبية.

حتى على مُستوى المعارك فإن اللعبة خجولة في التوسع بنظامها القتالي المتماسك و خجولة في منح اللاعب الحرية ليلعب كما يشاء، لفترات طويلة من اللعبة ستبقى التجربة مغلقة مع عدم إمكانية العودة إلى المناطق السابقة و إجبار اللاعب على التقدم إلى الأمام فحسب، لا يوجد طريقة للقيام بعملية رفع المستوى (leveling) بالطريقة التي يرغب فيها اللاعب و في الوقت الذي يشاء، و حتى أن تصميم المواجهات مع الأعداء يعكس هذا الحرص و الخوف الزائد من سكوير إينكس في عدم دفع اللاعب إلى أقصى قدراته، قلّما خضنا مواجهاتٍ في اللعبة شعرنا أنها تُجبرنا على تنويع تكتيكاتنا و الإتيان بحلول غير تقليدية للخروج من المآزق، و عددٌ قليل من الأعداء تسبب ببعض الإرباك في استخدام المؤثرات السلبية (debuffs)، هذا يعني أن استراتيجية اللعب و مواجهة الأعداء بعد 35 ساعة لعب لن تختلف كثيرًا عما كان يحصل بعد 15 ساعة لعب على سبيل المثال. و ما زاد الطين بلّة أن اللعبة لا تُقدم أي نوعٍ من الزعماء الإضافيين super bosses على عكس ما اشتهرت به السلسلة في الماضي بزعماء سريين لعشاق التحدي و اختبار كافة المهارات الاستراتيجية و القتالية مثل Omega Weapon أو Ruby Weapon و تكاد لا تُقدم أي نوعٍ من المحتويات الإضافية بعد إنهاء اللعبة سوى مستوى الصعوبة الإضافي (Hard).

بالنظر إلى ما ذكرناه بالإمكان مُلاحظة المنهجية التصميمية المُشتركة بين فاينل فانتسي 10 و فاينل فانتسي 13 و فاينل فانتسي 7 ريميك. اللعبة تشابه الجزء العاشر الأصلي في عدم تقديم قتالات سرية أو محتوى إضافي بعد إنهاء اللعبة باستثناء مستوى صعوبة Hard، و تشابهه أيضًا في كون التجربة خطية تدفع اللاعب إلى الأمام حتى مرحلة متأخرة من اللعبة، و تشابه الجزء الثالث عشر بتقديم نظام قتالي متماسك تجاهلت الشركة التوسع فيه و في خياراته و حافظت فقط على مقدار ما تحتاجه القصة منه. الخطية و الرغبة في دفع اللاعب إلى الأمام دائمًا تعني أن الاستكشاف في اللعبة كان مقيدًا أيضًا، ستعثر على الصناديق و حتى الماتيريا أثناء تجوالك إلا أنها دائمًا ستكون قريبة جدًا منك و لا تحتاج إلى مجهودٍ حقيقي للعثور عليها. المحتوى الجانبي قليل و يتكون من بضعة مهام جانبية بدائية المستوى و هي موجودة في مناطق مُحددة من اللعبة و ليست جزءًا كبيرًا من التجربة الكلية.

حسنًا لا تجعل هذا يُحبطك عزيزي القارىء، في منظوري الشخصي سيلعب هذه اللعبة نوعان من اللاعبين، النوعُ الأول هو العاشق لألعاب الآربيجي و هذا النوع من اللاعبين لن يشعر بالرضى الكبير عن هذه اللعبة بسبب محدودياتها في الاستكشاف أو في تنويع المعارك و حرية التطوير و هي لا تصل كلعبة آربيجي إلى مستوى القمم التي وصلت إليها ألعابٌ أخرى، و أما النوع الثاني فهو الذي لا يهتم كثيرًا بمزايا ألعاب الآربيجي أو أنه لا يهتم كثيرًا بخيارات و تشعب التجربة و لا يمانع هذه القيود و يُريد اللعب من أجل القصة و الاستمتاع بالأكشن آربيجي المسلي و الرحلة القصصية الجذّابة مع المشاهد السينمائية الفاخرة، هذا النوع من اللاعبين هو الذي تُراهن عليه سكوير إينكس في هذه اللعبة. إن كُنت من الصنف الثاني من اللاعبين فنحن نعتقد أنك ستكون سعيدًا جدًا بهذه اللعبة، كما أن سكوير إينكس أضافت بعض الألعاب المصغرة المُسلية (و إن كانت بسيطة جدًا) و بعض الميكانيكيات المتنوعة للعب في بعض المناطق لإبعاد الرتابة و الروتين عن التجربة الكليّة.

مجهود ضخم في السرد القصصي مع بعض المنغصات

بذلت سكوير إينكس مجهودًا ضخمًا في سرد الحكاية الأيقونية لهذه اللعبة، القصة الأصلية ربما كانت القصة الأصلية بسيطةً في المستوى اللغوي و التعبيري كما يُمكن التوقع من لعبة صدرت قبل أكثر من 20 عامًا، إلا أنها كانت عميقة و معقدة و سوداوية و مليئة بالخيال و المُفاجآت الصادمة، مهمة سكوير إينكس كانت في غاية الصعوبة بإعادة الحكاية ضمن المعايير الحديثة المرتفعة و الحفاظ على الصورة الإيجابية في الأذهان، لكننا نعتقد أن النسبة الكبرى من اللاعبين ستكون سعيدة بعودة الشخصيات الأيقونية للسلسلة مع هذا المستوى الرفيع من التمثيل و الأداء و الذي يتجاوز ما تم تقديمه في الأجزاء السابقة من السلسلة، يُمكننا أن نؤكد لك عزيزي القارىء بأن المجهود الذي بُذل في سرد القصة و تصويرها كان هائلًا.

تدور القصّة حول المرتزق و الجندي السابق كلاود سترايف بعد أن ترك شركة شينرا للطاقة الكهربائية و التي تعتمد على الماكو لإنتاج الطاقة و أصبح يعمل لمن يدفع له المال، تقوم منظمة أفالانش المناهضة لشينرا بالاستعانة بخدمات كلاود من أجل تدمير أحد مفاعلات الماكو الثمانية في مدينة ميدغار لإيمانها بأن شركة شينرا تستنزف موارد الكوكب إذ إن الماكو تُنتَج من طاقة الحياة للكوكب و أفالانش تخشى فناءه بسبب ذلك، جميع اللحظات و المشاهد التي تواجدت في مدينة ميدغار الأصلية موجودة في هذا الريميك بل و تم التوسع فيها و إضافة الكثير من المشاهد و التفاصيل لها. هذه الحكاية كانت و ما زالت رائعة و ستبقى رائعة لسنواتٍ كثيرة قادمة. الشخصيات جزء لا يتجزأ من تجربة فاينل فانتسي و لا بدّ أن تعثر على شخصياتٍ تستميل قلبك في هذه اللعبة، بجانب بطلنا الشجاع و المُثير للإعجاب كلاود و مناوشاته الدائمة مع باريت في ديناميكية تبعثُ على التسلية باستمرار، فإن الشخصية التي سطع نجمُها بصورةٍ مُفاجئة و راقت لي كثيرًا هي جيسي التي تتحلّى بكاريزما هائلة في هذه اللعبة.

على الرغم من جودة التجربة القصصية في اللعبة إلا أنّ هناك بعض المنغصات التي يجب أن نُشير إليها، هذه اللعبة تُكرر مشكلة متواصلة في ألعاب سكوير إينكس منذ سنوات و هي تتعلّق بعملية السرد القصصي المُبهم، مع أن اللعبة هي ريميك أو إعادة تصور للعبة الأصلية إلا أنها لا تبدو لطيفة تمامًا مع القادمين الجدد و لا تشرح مفاهيم عالم فاينل فانتسي 7 بالشكل المناسب أو في التوقيت الصحيح، اللاعب الجديد سيشعر بالضياع أو عدم منطقية ما يجري من أحداث بل و أستطيع القول بأنه ربما لن يفهم شيئًا من الأحداث الأخيرة، و هناك مشكلة أخرى تتعلّق بالحبكة القصصية الجديدة التي قدمتها سكوير إينكس في هذه اللعبة و التي نتوقع أن تتسبب بالكثير من الجدل بين اللاعبين، في منظورنا مستوى التنفيذ كان ركيكًا و يفتقد إلى الإقناع و البناء و المنهجية الصحيحة في السرد القصصي المتقن، و لعلّه ذكّرنا بعض الشيء ببهرجة سلسلة كينغدوم هارتس.

ميدغار تنبض بالحياة

إن كان هناك عنصرٌ ثابت المستوى في ألعاب فاينل فانتسي عبرَ السنوات فلن يكون إلا العنصر التقديمي بشقيه الرسومي و الصوتي، فاينل فانتسي 7 ريميك بُنيت على مُحرّك Unreal 4 لكن سكوير إينكس لم تكتفي بالمزايا الأساسيّة للمحرّك بل قامت بالعمل مع شركة Epic Games من أجل تخصيص أداء المحرّك بشكلٍ أفضل بما يتناسب مع احتياجات تصميم اللعبة، كما عملت سكوير إينكس على تدشين تكنولوجيا شركة Geomerics البريطانية من أجل تعزيز مستوى الإضاءة في اللعبة.

مدية ميدغار أصبحت نابضة بالحياة في لعبة هي من أفضل الاستعراضات التقنية لجهاز البلايستيشن4 و هو في الفترة الأخيرة من دورة حياته، إنّ فاينل فانتسي 7 ريميك هي الجزء الأكثر إبهارًا على صعيد الرسوم في هذه السلسلة، فقط انظر إلى سيف كلاود الضخم Buster Sword و كيف يعكس الضوء البرّاق، بل و انظر إلى كل تلك الخدوش التي تملؤه، نعم هذه اللعبة مُبهرة في التفاصيل، و هذا الإبهار يظهر جليًا في رسوم الأماكن الداخلية التي تمتلىء بمصادر الإضاءة و الأرضيّات اللماعة، في الحقيقة واجهنا مشكلة بسيطة في تأخر تحميل الرسوم في بعض المناطق إلا أنها كانت محدودة. حتى المؤثرات البصرية تبدو في غاية الجمال. عندما ترى لُعبة كهذه لا تملك سوى أن تسأل نفسك: لماذا نحتاجُ الجيل الجديد؟

الأداء الصوتي في اللعبة هو من الأفضل بين ألعاب فاينل فانتسي و ربما لا ينافسه سوى الأداء الصوتي في رائعة ماتسونو الخالدة فاينل فانتسي 12. كلاود هو كلاود تمامًا كما تتصوره، شخصيات أفالانش حصلت على أداءٍ رائع، إلا أن الأداء الصوتي لشخصية تيفا لوكهارت لم يرق لنا كثيرًا و شعرنا أن اختيار الممثلة ليس مُلائمًا لطبيعة تيفا، الموسيقى الأصلية المذهلة من ألحان نوبو ويماتسو تعود من فاينل فانتسي 7 الأصلية مع إعادة التوزيع، و دعوني أؤكد لكم أن أعمال هذا المُلحن يعني لي الكثير بل و لا أبالغ إن قلت بأنه كان أحد كبار و أعمدة سلسلة فاينل فانتسي الذين جعلوها تصل إلى ما وصلت إليه من مَجدٍ و شهرة، الطابع الجديدة للألحان بات أشبه بالموسيقى التصويرية لأفلام السينما، بعض الألحان احتفظت بطابعها الرائع و البعض الآخر شعرنا أنه لا يقدم نفس التأثير للمقطوعات الأصلية. الموسيقى الجديدة حالمة و جميلة و تُناسب فاينل فانتسي إلا أن بعض الألحان التي تظهر لاحقًا بدت غريبة للغاية و كأنها قادمة من فاينل فانتسي 13 مُباشرة و ليس من الجزء السابع بطابعه المُظلم.

كلمة أخيرة

فاينل فانتسي 7 ريميك لن تكون قادرة على انتزاع صيحات الإعجاب من جميع لاعبي الآربيجي بسبب محدودياتها التصميمية و خطيتها التي تحرمها من الوصول إلى مستوى القمّة، إلا أنّها ستستوطن قلوب الكثيرين. حتى و إن كانت تدور في ميدغار و تقتبسُ جزئيّة بسيطة من اللعبة الأصلية فحسب، فإنّ فاينل فانتسي 7 ريميك هي لعبةٌ كاملةٌ تحمل في طيّاتها حبكتها الخاصة التي قد تتسببُ بأكبر جدلٍ عرفته السلسلة في تاريخها بين جمهور اللاعبين، فاينل فانتسي 7 ريميك هي أفضل و أكثر ألعاب فاينل فانتسي اكتمالًا منذ رائعة ماتسونو في إيفاليس، نعم بعد سنواتٍ طويلة من التخبط و الضياع تعثر هذه السلسلة العريقة على موضعِ قدمٍ من جديد.
تمّت مُراجعة هذه اللعبة بنسخة زودنا بها الناشر قبل موعد الإصدار.

شارك هذا المقال
Final Fantasy VII Remake
ميكانيكيات لعب مُتقنة، رسوم مُذهلة و ألبوم موسيقي من الطراز الراقي، مغامرة مُشبعة و تصوير مُدهش يجعل مدينة ميدغار الأيقونية تنبض بالحياة كما كنا نتمنى طيلة هذه السنوات.
قلّة و ضعف المحتوى الجانبي، المبالغة في توجيه اللاعب و الخطيّة الزائدة، التنفيذ الركيك لحبكة القصة الأساسيّة.
Final Fantasy VII Remake هي أوّل فاينل فانتسي فرديّة تنجح في تحقيق رؤيتها الأصلية بالكامل دون نقصان منذ أكثر من 15 عامًا و هي أفضل ألعاب السلسلة منذ ذلك الحين، و مع هذا فإنها لا تصل إلى القمم التي وصلت إليها ألعاب الآربيجي الأخرى عبرَ السنوات، كما أنها لن توقف عادة السلسلة في إصداراتها الأخيرة بإثارة الجدل بين اللاعبين.
تاريخ النشر: 10 April
طورت بواسطة: Square Enix
الناشر: Square Enix