تميزت ألعاب التصويب من منظور أول (First Person Shooter) بأنها تعطي اللاعب شعور ورؤية الشخصية التي يلعب بها, فيرى عالم اللعبة من منظور هذه الشخصية تماما, ويتم اختبار قدرات اللاعب في التصويب بالمسدسات والأسلحة عن بعد, هذه كانت الفكرة المبدئية لألعاب التصويب من منظور أول, ورغم أن الاسم كما نفهمه الآن تكون بشكل كامل في بداية التسعينات, إلا أن الفكرة الأساسية لهذا النوع من ألعاب الفيديو بدأت في منتصف السبعينات, حين كانت الفكرة مجرد عالم ثلاثي الأبعاد تراه من منظور أول وتستكشفه, ولقب أول لعبة فيديو من منظور أول في التاريخ هو من نصيب Maze War, لكن هناك من يقول أنها Spasim, وكلتاهما صدرتا في العام 1973.

الآن نحن في العام 2007, عام مليء بأقوى الأسماء من هذا النوع من ألعاب الفيديو, وبداية من الثورة الحقيقية لألعاب المنظور الأول عبر شركة id software في بداية التسعينات ومرحلة Doom ومابعدها, حققت هذي الفئة طفرة ونجاح تسويقي هائلتين, جعلتها أحد أهم أنواع التسلية الالكترونية في العصر الحديث, خصوصا لدى الجمهور الغربي, الذي أثارت لديه ألعاب التصويب الكثير من المخاوف والجدل نظرا للواقعية الشديدة (والدموية في كثير من الأحيان) التي تتميز بها, خاصة بعد عدة حوادث لطلاب تبين أنهم من مدمني هذا النوع من الألعاب.

يطلق البعض على سنة 2007 لقب ” سنة ألعاب التصويب من منظور أول”, نظرا للكثرة والجودة التي تأتي بها هذه النوعية هذا العام مقارنة بالبقية من الأنواع, وفي الحقيقة لاعجب من ذلك, هذه السنة كانت مليئة بألعاب التصويب ولاتزال تنتظر المزيد حتى نهاية شهر ديسمبر.

بحث بعض المطورون عن تجديد, يغير الصورة المكررة التي ترسخت لدى الكثير من اللاعبين عن ألعاب الـFPS, ويمكننا القول أن لعبة The Darkness من استوديوهات تطوير Starbreeze تعتبر من أفضل المحاولات هذه السنة, حيث جمعت اللعبة بين أسلوب التصويب التقليدي ولمسات فنية مستنبطة من القصص المصورة التي بنيت عليها اللعبة, وكمنتج نهائي كانت اللعبة تجربة فريدة حقا, وعند الحديث عن التجديد لابد من الحديث عن Bioshock, أحد أفضل ألعاب هذه السنة اجمالا, حيث نجحت اللعبة في تصوير عالم فريد من نوعه تحت الماء, وقدمت قصة قوية وكتابة ممتازة أثنى عليها النقاد, ناهيك عن أسلوب لعب فريد مبني على التطور والتقدم تيمنا بألعاب تمثيل الأدوار (RPG).

قد يعتبر البعض Metroid Prime 3: Corruption لعبة مغامرة أكثر منها تصويب, وهذا رأي, لكنها في الحقيقة لاتشذ كثيرا, حيث تحتفظ بالمقومات التي بني عليها أساس هذا النوع من تصويب أو منظور أول, لذلك كان لابد من الإشارة إليها كأحد أفضل ألعاب السنة, نستطيع القول أن نهاية سلسلة Prime قدمت التجربة النهائية والكاملة لمحبي هذه اللعبة, فكانة خير خاتمة للعبة اعتبر الجزء الأول منها على جهاز GameCube ثوريا وذلك لادراجه المغامرة والاستكشاف بصورة لم يرى لها مثيل من قبل في عالم ألعاب التصويب.

Valve أبت إلا وأن تضع بصمتها هذه السنة بالذات, وكانت هذه البصمة عبر ادراج خمسة ألعاب دفعة واحدة في علبة قيمة جدا باسم The Orange Box, “الصندوق البرتقالي” يحتوي على Half Life 2, أحد أفضل ألعاب المنظور الأول على الاطلاق, بالإضافة لحلقات إضافية للعبة, ولعبة جديدة كليا تدعى Portal تتخذ من محرك الفيزياء الجبار للعبة Half Life أسلوب لعب, وحقيقة يصعب شرح محتوى هذه اللعبة سوى أنها ابداع فني وفيزيائي سيختبر قدراتك الذهنية لساعات. أيضا تحتوي العلبة على Team Fortress 2 لتكون بمثابة حبة الكرز التي تزين الكعكة, لعبة تعدد لاعبين على أعلى مستوى ولاتنخدع بالأسلوب الكارتوني الذي تتخذه منهجا لها, فاللعبة ناضجة وعميقة أكثر مما تبدو عليه للوهلة الأولى, وإذا كنت من متابعي اللعبة منذ بدايتها فقد تعرف تماما الفكرة المقصودة.

Halo اسم مجهول قبل خريف 2001, لكن فجأة وبلا مقدمات أصبحت Halo الاسم رقم واحد لألعاب التصويب من منظور أول, وأحد أقوى وأشهر الأسماء وأكثرها تأثيرا في عالم ألعاب الفيديو والتسلية بشكل عام. إنه نتاج جهد جبار من المطور الأمريكي Bungie بالتعاون مع Microsoft, بدأ كلعبة استراتيجية وانتهى ليصبح Halo كما نعرفها الآن, وبناءا على ماسبق كان لابد من أن تكون Halo 3 لعبة التصويب الأكثر انتظارا هذه السنة, وكانت كذلك بالفعل, حيث باعت اللعبة أكثر من 3 ملايين وحدة في ظرف عشرة أيام فقط في الولايات المتحدة الأمريكية ونالت أعلى التقييمات من أشهر المصادر.

Halo 3 هي نهاية قصة Master Chief وجنس Covennats في طور لعب فردي حافظ على نفس الدقة والمتانة التي تمتعت بها الأجزاء الماضية, بالإضافة لعالم ضخم ومراحل أكبر من السابق, جعلت اللاعبين يشعرون بأنهم في عالم Halo أكثر من أي وقت مضى, لكن الفارق الحقيقي الذي طالما صنعته Halo كان طور اللعب الجماعي. Halo 3 لم تخيب الظن أبدا في هذا المجال, بل أتت ومزجت بين أفضل ماتميزت به الأجزاء الماضية في قالب يمكن القول بأنه طور تعدد اللاعبين الحتمي والأكمل حتى الآن لهذا النوع من ألعاب الفيديو.

“سنة ألعاب التصويب من منظور أول” لم تنتهي بعد, فلازال هناك اللعبة التي تعتبر الأفضل بصريا على الاطلاق Crysis, أيضا Haze من Free Radical تستحق المتابعة نظرا للتاريخ الجيد للفريق المطور, ولدينا أيضا لعبة جديدة لسلسلة Medal of Honor المعروفة تعد بتفادي أخطاء ومستوى الأجزاء السابقة التي تدنت بشكل ملحوظ منذ ترك فريق التطوير الأساسي للعبة وتوجهه للعبة Call of Duty, التي سنشهد لها هي الأخرى جزءا رابعا قبل نهاية العام يأخذ منحنى جديد هذه المرة, وذلك بتصوير الحروب الحديثة وليس الحرب العالمية الثانية كما اعتدنا, وأخيرا وليس آخرا, الجزء الثالث الجديد من اللعبة التي يعتبرها الكثيرون الأولى في طور تعدد اللاعبين على الحاسب الشخصي Unreal Tournamnet.

إذا بكل هذه الاصدارات الكثيرة والقوية يمكننا القول بكل ثقة أن هذا العام هو الأبرز لألعاب التصويب من منظور أول في تاريخ ألعاب الفيديو, عام يمكن بسهولة أن نطلق عليه “سنة ألعاب الـFPS”, وقد لانشهد عاما بهذه الجودة لسنوات مقبلة.

شارك هذا المقال