اليوم أُقدّم مراجعةً بقلبٍ تملَؤُه العاطفة، لعودةٍ مُظفرةٍ لفريقِ التطوير المحبوب Team Ninja، و الذي لطالما برعَ في تصوير الأجواء اليابانية التاريخيّة و إتقان الألعاب الحركية التي يشيبُ لهولِ صعوبتها الولدان، Team Ninja يحملُنا من جديد إلى اليابان الإقطاعية و فترة الإقطاعيات المُتحاربة سينغوكو، ليرسُم لوحةً فنيّة أبطالها السيوفُ و الدماء و مخلوقات اليوكاي الشيطانية و أشجار الساكورا الجميلة، Team Ninja يتحدّى From Software و يُقدم رائعته الخالصة Nioh 2 حصريًا على البلايستيشن الرابع و ها نحنُ نُراجعها.

علي أن أُقرّ في البداية أنني كنتُ دائمًا من كبار المُعجبين بفريق التطوير الفذّ Team Ninja، هذا الاستوديو الذي كان له فضلٌ كبيرٌ على الألعاب الحركية عندما قام بتطوير Ninja Gaiden على الإكس بوكس الأول ليُقدم ملحمة حركية من الطراز الرفيع، و بمستوً غير مسبوق من الصعوبة و التحدي في الأبعاد الثلاثية تمامًا كما كانت السلسلة بالأبعاد الثنائية في الماضي، و لا أُنكر أنني شعرت بالحزن عندما غادر الاستوديو المُصمم الشهير “تومونوبو إيتاغاكي” و إخفاق الجزء الثالث من Ninja Gaiden في الوصول إلى مستوى الجزئين السابقين، إلا أنّ الاستوديو نجح في إثبات قدراته الكبيرة من جديد عندما عثر على توليفة جديدة تُناسب ألعابه و نقاط قوته في التركيز على اللعب الحركي بمستوى التحدي المرتفع و هي توليفة ألعاب السولز.

و على الرغم من أنّ Nioh هي في جوهرها لعبة تستنسخ توليفة ألعاب السولز كثيرًا و بدرجة تصل أحيانًا إلى مرحلة التقليد غير المُحبذ، إلا أنها قد تكون أفضل لعبة نجحت في اقتباس تلك التوليفة، بل و إن أردت أن أكون صريحًا فأنا أعتقد أنني أميل إلى طريقة اللعب و القتال في Nioh 2 و أُفضلها على ألعاب From Software بعضَ الشيء، و ذلك بسبب اللمسة العبقرية من الاستوديو في تقديم وضعيات القتال و هي ثلاث وضعيات مختلفة لكل سلاح: منخفضة، متوسطة، مرتفعة. الوضعية المنخفضة على سبيل المثال تُقدم هجمات سريعة تُسبب ضرًرًا محدودًا للضربة الواحدة، أما الوضعية المرتفعة فهي تُقدم ضربات قوية جدًا إلا أنها بطيئة، و المتوسطة هي مزيج من الاثنين، بإمكان اللاعب التبديل بين هذه الوضعيات بلمح البصر دون إيقاف اللعب، كما تُقدم اللعبة شجرة مهارات موسعة لتطوير كل سلاح ضمن هذه الوضعيات.

إن منظومة القتال في Nioh 2 رائعة حقًا و هي أعمق من ألعاب Dark Souls، فهي تمتلك الوضعيات القتالية المذكورة، السحر و قدرات النينجوتسو، و إمكانية إضفاء العناصر مثل السم أو النار على الأسلحة، و كذلك الإضافة الجديدة على اللعبة و هي قدرات اليوكاي، و بفضل هذه القدرات يُمكن للاعب أن يصدّ هجمة خارقة من الأعداء عندما يلمع العدوّ باللون الأحمر تحضيرًا لهذه الهجمة و ذلك عن طريق تنفيذ ما يُسمى Burst Counter بالضغط على R2 و دائرة في التوقيت الصحيح، بإمكان اللاعب التحوّل إلى يوكاي بالكامل لفترةٍ زمنيةٍ محدودة يكونُ خلالها منيعًا، كما بمقدور اللاعب أيضًا أن يستخدم عددًا كبيرًا من قدرات اليوكاي عن طريق توظيف أرواح المخلوقات التي يقوم بهزيمتها، من ضمنها قدرة القرد المُحارب Enki مثلًا بالقفز و رمي الرمح، هذه القدرات تستهلك عدادًا منفصلًا باللون البنفسجي، و قد ساهمت في منحنا النصر على العديدِ من الخصوم. عُشاق ألعاب السولز ربما لن تعجبهم هذه الأفكار كثيرًا مع تفضيلٍ للعب الاحترافي دون أي قُدرةٍ إضافيّة، إلا أننا أحببنا كثيرًا توجه Team Ninja في إضافةِ لمسةٍ حركيّةٍ أنيقة الطابع تجعلُ اللاعب يشعر بالقوّة و أنّه على قدم المساواة مع مخلوقات اليوكاي القوية.

من الجوانب التي أعجبتني كثيرًا في Nioh 2 هي نظام الغنائم (loot)، و في الحقيقة أنا أحب ألعاب تقمّص الأدوار التي تُتقن هذا الجانب كثيرًا، اللاعبون شبهوا Nioh بلعبة Diablo من هذه الناحية، و هناك لعبة يابانية أخرى تُبدع كثيرًا في تقديم الغنائم التي يُمكن الاستفادة منها هي لعبة Xenoblade Chronicles، عند القضاء على كلّ عدو في اللعبة سيقومُ هذا العدو برمي أدوات يُمكن للاعب الاستفادة منها، و قد تتراوح بين أدوات قابلة للاستعمال (consumables) مثل العلاجات أو المُقويات، أو الأسلحة و الدروع، و عند قتال ذات العدو و التغلب عليه لعددٍ أكبر من المرّات، يبدأ العدو برمي أسلحة و دروع أو أدوات أكثر نُدرة أو حتى مركز روحه (Soul Core) الذي يُمكّن اللاعب من استخدام مهارة خاصة جديدة مقتبسة من طريقة هذا العدو في الهجوم.

Nioh 2 هي لعبة طويلة للغاية مع عددٍ ضخمٍ من المهام القصصية الأساسية و عددٌ ضخمٌ آخر من المهام الثانوية أو الفرعية، و هي لعبة تستعمل مواردها بذكاء لزيادة العمر و القيمة، فهي تجعل اللاعب يعود إلى بعض المراحل في مهامٍ جانبية و الترحال من خلالها بترتيبٍ مختلف و مع توزيعٍ مُختلف للأعداء و حتى تغييرٍ على مظهر المرحلة من أجل التجديد و إبعاد الملل أو الشعور بالتكرار، و بالطبع فإن اللعبة ما كانت لتتألق بهذه الصورة لولا التصميم المحكم للمواجهات و توزيع الأعداء بصورةٍ مثالية في المراحل بالإضافة إلى العدد الكبير لهؤلاء الأعداء الذين سيختبرون كل قدراتك القتالية، هذه كانت إحدى النقاط التي اشتكى منها اللاعبون في الجزء الأول (محدودية الأعداء) و لكننا نُطمئنك عزيزي القارىء بأن الأمر ليس كذلك على الإطلاق في الجزء الثاني، و بالطبع هناك أيضًا مناطق اليوكاي المُظلمة التي يمتزج فيها عالمُ أرواح اليوكاي بعالم البشر، في هذه المناطق يُصبح امتلاء عداد اللياقة (Ki) محدودًا و بطيئًا كما تزداد قوّة اليوكاي بصورةٍ ملحوظة، هذه المناطق التي تكتسي بالأبيض و الأسود ستثير الهلع في قلوب اللاعبين فهي حقًا تُثير التحدي، و أي مواجهةٍ فيها مع اليوكاي هي مواجهةٌ محمومة من الصعب أن تُفلت منها دون إتقان نظام استرداد اللياقة (Ki Pulse) الذي يعتمد على العودة إلى الوضعية القتالية بعد تنفيذ الهجوم.

بذكرِ اليوكاي نعتقدُ أن علينا الإشادة بروعة تصوير الجانب التاريخي في هذه اللعبة و تخيّل اليابان في فترة الإقطاعيات المتحاربة – تلك الفترة الدموية التي كثرت فيها الحروب بين السادة الإقطاعيين – ببراعةٍ مُنقطعة النظير، مع ظهورٍ عددٍ من الشخصيات التاريخية التي تركت بصمتها على تلك الحقبة مثل نوبوناغا أودا الذي أراد توحيد الأراضي اليابانية (و إن كانت الشخصية التي نلعبُ بها تخيلية بالكامل يصنعها اللاعب بنفسه مع مُحرّك تعديلٍ قوي و مليءٍ بالخيارات)، بالإضافة إلى التصوير الجميل للقرى اليابانية و القصور و القلاع القديمة بطرازها المعماري الفريد، و الغابات و المناطق الجبلية و معابد الشينتو، إن هذه اللعبة تزدهرُ بعَبَقِ التاريخ و ستجعلك تنسى عالمك الواقعي لتعيشَ في اليابان القديمة بخرافاتها و أساطيرها و أسلحتها و معابدها القديمة، الأسلحة الشهيرة من التاريخ الياباني موجودة في اللعبة مثل سيف الأوداتشي ذي النصل الطويل، و الـKusarigama و هو منجلٌ مربوطٌ بسلسلةٍ معدنيّة، أما مخلوقات اليوكاي فقد برعت اللعبة في تجسيدها بوجودِ مخلوقاتٍ مثل وحش الظلام و الدخان Enenra، و أشباح Gaki المُزعجة، و الطائر المُقاتل Karasu-tengu، و الأفعى البهلوانيّة Nure-onna، و غيرها الكثير. حتى الملابس و الدروع المُنوّعة تأتي من التراث الياباني مثل الـHakama و هي ملابس تقليديّة للساموراي. إن كانت دارك سولز تقتبس الأسلحة و الدروع و التصاميم من التاريخ الأوروبي القديم، فإنّ Nioh هي لعبة سولز يابانية خالصة.

Nioh 2 ليست أفضل لعبة مظهرًا على البلايستيشن4 رغم أنها تنجح في تجسيد سحر بلاد الساموراي و جمالها الغابر، تُقدم اللعبة خيارًا للتركيز على دقّة العرض و الحفاظ عليها مع اللعب بسرعة 30 إطارًا في الثانية، أو اللعب بمعدل إطارات أعلى و أكثر ثباتًا، و مع أننا اخترنا الخيار الثاني إلا أن معدل الإطارات هبط في مرّاتٍ عدّة خلال الاستكشاف، و لحُسن الحظ فإن القتالات ظلّت مُتماسكة و صلبة و لم يُصبها هذا الهبوط. الموسيقى في اللعبة متوسطة المستوى و بحقّ فقد تمنينا أن تُستعمل بعضُ المقطوعات أكثر مما كان، و يُمكن القول إجمالًا أن عناصر التقديم ليست نقطة قوة للعبة رغم وجود بعض المقاطع السينمائية الجميلة، إلا أنها ليست نُقطة ضعفٍ أيضًا.

إنّ Nioh 2 هي أفضل لعبة سولز لا تحمل اسم دارك سولز، و هي إحدى أفضل ألعاب البلايستيشن4 الحصرية و إحدى روائع هذا الجيل أيضًا، فهي تقتبس التوليفة و تخرج بمُنتَج يملك بصمته الخاصة في هذا النوع من الألعاب. Nioh 2 هي عودة مُظفرة لفريق التطوير البارع Team Ninja الذي يعود إلى القمّة من جديد ليُقدم نظامًا قتاليًا إدمانيًا بمغامرة متشعبة و مُشبعة تفوح بعبق التاريخ الياباني الجميل بتراثه و مخلوقاته و أساطيره و صراعاته الدمويّة، Nioh 2 تُطيح بتحفة الأكشن الخالدة Ninja Gaiden عن عرشها كأفضل لعبة قُمنا بتجربتها من Team Ninja حتى الآن.

حصلنا على نُسخة المراجعة من الناشر على PS4 قبل الإصدار.

شارك هذا المقال
Nioh 2
مُغامرة طويلة و محتوى ضخم و مُنوّع، عددٌ ضخمٌ من الأعداء و الزعماء، الكثير من قدرات اليوكاي التي تُضيف المزيد من التنوع على نظام القتال العميق، تصميم صلب و مُحكم و خيارات تخصيص عديدة و نظام غنائم (loot) رائع.
بعض الهبوط في معدل الإطارات.
إنّ Nioh 2 هي أفضل لعبة سولز لا تحمل اسم دارك سولز.
تاريخ النشر: MAR 2020
طورت بواسطة: Koei Tecmo
الناشر: Sony Interactive Entertainment