تحوّل لعبة إلى سلسلة يعتمد كثيرا على الأداء التجاري والقدرات المادية للمطوّر، النجاح الجيد لأول إصدار قد يعني تحوّل تلك اللعبة إلى سلسلة ولكن تحول أي عنوان إلى سلسلة لا يعني إستمراريتها ونجاحها فاستمرار السلسلة هو الأخر يعتمد على تكوين قاعدة من الجماهير الوفية التي تؤمّن حداً أدنى من الأداء التجاري كما أن هنالك العديد من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى توقف سلسلة من سلاسل الألعاب وهنالك العديد من تلك السلاسل التي يتمنى اللاعبون عودتها ودائما ما يتم طرح السؤال، لماذا لا تعود؟ ما المانع مع عودة الناشر إليها؟ اليوم سنتحدث عن الرحلة ما بين الماضي والحاضر والمسافات الطويلة والعقبات التي على مثل هذه الألعاب أن تتجاوزها للعودة إلى الساحة وجذب اللاعبين.

عامل الوقت

هنالك العديد من الألعاب الكلاسيكية الجميلة التي بإمكاننا الأن أن نعود لنلعبها ونستمتع بالتجربة التي تقدمها ولعلّ العامل العاطفي من إرتباط بعض هذه الألعاب بالماضي أو بمرحلة الطفولة ونحوها من المراحل له دور في قدرتنا على الإستمتاع بها ولكن، بغض النظر عن العامل العاطفي والذكريات فإن بعض التجارب “خالدة” يمكنها أن تصمد في وجه عامل الوقت وتقدم المتعة حتى للاعبي هذا الجيل أو الذي يليه إلا أن مثل هذه التجارب قليلة نتيجة لصعوبة تقديم فكرة تبقى ممتعة في تطبيقها على مدى عقود من الزمن.

الصناعة لم تشهد إختفاء سلاسل ألعاب فقط بل شهدت إختفاء أنواع بشكل شبه كامل أيضا! ألعاب التصويب الخطي أو الـShoot ‘em Up  وألعاب قتال الأرصفة أو الـBeat ‘em Up هما إثنتان من الأصناف المميزة التي كانت تحقق نجاحات ممتازة في الأجيال الماضية ولكن المطورّين والعديد من اللاعبين هجروها منذ قرابة العقدين من الزمن وقلة التجديد أو تقديم الأفكار الثورية لألعاب هذه الأصناف كان السبب الرئيسي في هبوط شعبيتها بحدة.

تجربة خالدة؟

الحاجة إلى التغيير والتجديد

كما ذكرنا فالألعاب التي إفتقرت إلى التجديد وإضافة الأفكار قد تكون الأكثر عرضة للإختفاء ومن المنطقي جدا أن يتوقع المطالبون بعودة السلاسل الكلاسيكية أن يتم تقديم مجموعة من الأفكار والإضافات الجديدة فبالرغم من حنينهم إلى الماضي إلا أنهم لا يرغبون بالحصول على نسخة حديثة تقنيا من تلك الألعاب ولكن بنفس الأفكار وميكانيكيات اللعب (ريماستر+) بل يرغبون في الحصول على تجارب تعيد بعض الأفكار الرئيسية التي ميزت تلك الألعاب عن غيرها ولكن مع صقلها وتطويرها لتقديم تجربة “حديثة” تذكرهم بالمتعة التي قدمتها في الماضي ويتطلعون معها إلى المستقبل.

المشكلة هي في مقدار التغيير والتجديد، بعض السلاسل التي إستمرت لعدة حصلت على العديد من الإصدارات وبينما نجحت الإصدارات الاولى في تحقيق النجاح وإكتساب قاعدة وفّية من اللاعبين إلا أن تلك العناوين عنات مع إنخفاض بطيء وأحيانا متسارع ما بين الجزء والأخر وكادت تلك السلاسل أن تختفي وبعضها إختفى لبعض الوقت بالفعل قبل أن يعود بريبوت أو بجزء جديد يعيد تعريف التجربة ويعطيها هوية جديدة وتوجها واضحا وبينما نجحت ألعاب مثل Mortal Kombat و Wolfenstein في العودة بقوة إلا أن بعض الألعاب لم تحقق النتائج المرجوة لسبب أو لأخر مثل Medal of Honor.

Shadow of the Beast هي أحد الألعاب الكلاسيكية التي حصلت قبل بضع سنوات على ريميك للبلايستيشن 4، اللعبة أضافت العديد من الأفكار الجديدة مع الإلتزام بالمفهوم الأصلي للتجربة ولكن ذلك لم يساعدها فالبرغم من أن البعض وجد في الريميك تجربة ممتعة إلا أنها لا تزال متوسطة وربما أقل من متوسطة وأحد أهم النقاط التي أثرت في الإستقبال كان العمر القصير، حتى في حال نجح المطوّر في تجديد لعبته وتمكنها من تحقيق النجاح التجاري إلا أن هذا لا يعني بالضرورة بأنها راقت للقاعدة الجماهيرية السابقة.

Mortal Kombat: Armageddon أحد أسوأ إصدارات السلسلة وأقلها شعبية

Assassin’s Creed هي أحد أشهر السلاسل في وقتنا الحالي والتي بدأت مع الجيل الماضي وحصلت على عدة إصدارات بشكل سنوي أو شبه سنوي ومع الوقت أصبح الأمر أشبه بلعب نفس اللعبة كل عام مع تغيير خلفية الأحداث وإضافة بعض الأفكار التي ينجح بعضها ولا ينجح البعض الأخر منها،  مع إصدار Origins قامت يوبيسوفت بنفض الغبار عن الخارطة ورسمت طريقا وتوجها واضحا للسلسلة يخبر اللاعب بما عليهم أن يتوقعوه وبأن هذه هي Assassin’s Creed الجديدة وبالرغم من كونها حازت على رضى بعض اللاعبين القدامى ولكنها لم ترق للبعض الأخر إلا أن هذا لم يمنعها من تحقيق النجاح التجاري لأنها من أشهر الألعاب المتواجدة بصورة دائمة في السوق وسماع اللاعبين عن هوية Assassin’s Creed الجديدة والحملة التسويقية الممتازة بجانب شعبية السلسلة كلها عوامل ساعدت في تحقيق النجاح التجاري ولكن هذه العوامل ليست متوفرة للألعاب التي إنقطعت منذ أكثر من 15 أو 20 عاما فتلك الألعاب تعتمد على معجبيها القدامى بشكل أساسي ولا يمكنها المخاطرة بالتوجه إلى غيرهم.

ما يجعل عودة الألعاب الكلاسيكية صعبا هو النقطة الأخيرة التي تحدثنا عنها، أن يشعر اللاعب بأنه قد تمت “خيانته” من قبل التجربة التي يحبها وهذا سبب مهم في عدم عودة الكثير من العناوين الجديدة فعدى كونها قد غابت لسنين عديدة ولم يتم تجربة الأفكار المختلفة وإضافتها إليها فالمطوّر مخيّر ما بين الإعتماد على الجماهير القديمة ومحاولة تقديم تجربة وفية للأجزاء الماضية أو أن يغير توجهها بشكل جذري ليستهدف القاعدة العامة وهذا ما لاحظناه ولاحظه العديدون مع إستعراض ديمو Final Fantasy VII Remake على سبيل المثال والذي سيعيد أشهر أجزاء سلسلة الأر بي جي الشهيرة في شكل أشبه ما يكون إلى ألعاب الأكشن منه إلى الأر بي جي.

متطلبات السوق

8 ساعات أو 10 ساعات من تجربة اللعب مقابل 60 دولارا أمر لم يعد بالمرضي للعديدين فاللاعب يرغب بتجربة ممتعة يقضي معها 20 و 30 وربما حتى 50 ساعة مقابل المبلغ الذي دفعه ولا ننسى المعايير المتعلقة بالمستوى التقني والتي تستمر في الإزدياد مع مرور الوقت وتطوّر التقنيات المتوفرة فعلى سبيل المثال تقنية الـRay-Tracing التي ظهرت مؤخرا أصبحت محط إهتمام العديد من اللاعبين الذين رأو التحسن الواضح للرسومات بإستخدام هذه التقنية ولا ننسى السينمائية والإلتقاط الحركي وغيرها من الأمور الكمالية فالبعض لا يرغب في مشاهدة أحد مقاطع القصة مع شخصيات تتحرك شفاهها بشكل روبوتي أو ملامح وجه جامدة.

ريماستر Grandia كان محاولة خجولة للبحث عن الجماهير

نسبة الخطر إلى الفائدة

محاولة تقديم أفكار جديدة لإرضاء الجماهير، التماشي مع متطلبات السوق، التسويق والنشر وتكاليف التطوير، جميع هذه العناصر تجتمع في النهاية ليصبح المطوّر أشبه بمن يقف أمام جدار شاهق يكاد أن يسقط فوق رأسه في أي لحظة فالإتيان بالأفكار والتأكد من تلبية متطلبات السوق يأخذ الكثير من الوقت والجهد ويتبقى الخوف من أن إعتماد تطوير هذا المشروع ودفع التكاليف الباهظة عليه سينتهي بلعبة سيئة أو لعبة لا تلقى إعجاب اللاعبين والإعلام لتذهب كل هذه الموارد وكل ذلك الجهد أدراج الرياح والفشل المشابه يعني في العديد من الأحيان نهاية فريق التطوير نفسه أو مواجهته للعديد من المشاكل المالية التي قد تجبره إلى ترك تطوير المشاريع والتحول إلى فريق صغير يدعم غيره من المطورين الذين لا زال بإمكانهم أخذ مثل هذه المخاطرة.

بعض الشركات حاولت أن تقوم بجس النبض بإصدار نسخ الريماستر البسيطة لمعرفة فرصة تلك الألعاب في تحقيق النجاح وقد رأينا ريماسترات لألعاب مثل Onimusha و Grandia ولكن بعض هذه الريماسترات قد تكون أيضا طريقة سهلة لكسب بعض المال الإضافي بالإعتماد على عاطفة الجماهير، في النهاية عودة أي لعبة كلاسيكية إنقطعت لفترة طويلة ليست بالمهمة السهلة وليست جميع فرق التطوير قادرة على القيام بمثل هذه المهمة.

 حتى عودتنا في مقال أخر شاركونا النقاش في قسم التعليقات حول الألعاب الكلاسيكية والعوائق التي تقف في وجه عودتها وأخبرونا بتجاربكم المفضلة التي تتمنون أن تعود في يوم من الأيام.

شارك هذا المقال