كنا نرى Assassin’s Creed عند ظهورها على أنها وريثٌ روحيّ للعبة أمير بلاد فارس الشهيرة، إلا أن حجم و مدى Assassin’s Creed تضخّم كثيراً بعد ذلك، و اليوم فإن Assassin’s Creed تمثل عوالماً كاملة و تصوّر حُقباً زمنيّة عديدة. هذا يقودنا إلى السؤال التالي: كيف تحولت هذه السلسلة من الشكل الذي عرفناها به لتمضي في طريق ألعاب الأدوار (RPG)، ما الذي حصل بالتحديد ؟ و لماذا سلكت Ubisoft هذا المسلك؟

عندما ظهرت سلسلة Assassin’s Creed بجزئها الأول في الجيل الماضي، حققت اللعبة ضجة كبيرة بفضل القصة القوية و المفاجأة الكبيرة التي احتوتها في نهايتها. طريقة اللعب كانت متوسطة و الحقيقة أنها لم تُعجبنا كثيراً آنذاك و كانت أشبه بمنتج تجريبي من كونها لعبة كاملة.

كنا مُعجبين بإمكانية القفز و التسلق على الأبنية في مدن اللعبة بصورة مفتوحة، إلا أن هذه المدن لم تكن تنبض بالحياة حتى في ذلك الوقت، كما أن مهمات اللعبة كانت مُكررة جداً. للحق، مفهوم عوالم الألعاب آنذاك لم يكن كما هو اليوم، و كانت السلسلة بحاجة إلى إصدارة أخرى لبلورة أفكارها الجديدة.

الجزء الثاني صاحب الشعبية الجارفة في السلسلة
الجزء الثاني صاحب الشعبية الجارفة في السلسلة

هذا ما حصل عندما أتت Assassin’s Creed الثانية من المصمم المبدع Patrice Désilets، و الذي قاد هذه السلسلة لتُصبح أحد أهم و أفضل العناوين في عالم الألعاب. التحسينات التي طرأت على طريقة اللعب في الجزء الثاني كانت كثيرة جداً. القتال أصبح ديناميكياً، العلاج أصبح يتطلب استخدام الأدوية و زيارة الأطباء، كما أصبح بمقدور اللاعبين السباحة أيضاً.

ليس هذا فقط، أضاف الجزء الثاني إمكانية استخدام الشخصيات غير القابلة للعب لمساعدة إتزيو في مهامه، بل و أضاف منظومة اقتصادية كاملة، و أصبح هناك دورة وقت للنهار و الليل، و بذلك فقد تم تحويل أساسنز كريد من فكرة رائعة إلى لعبة متكاملة. ربما لم تكن وزنية اللعبة مثالية في كافة الجوانب، لكنها ما كان ينبغي أن يكون.

انتقل الجزء الثالث من السلسلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، و استمرت التحسينات على طريقة اللعب الأساسية. ميكانيكيات التسلق أصبحت أكثر سلاسة، القتال أصبح أكثر ديناميكية، و حتى أنه أصبح بمقدورك الإبحار، هذه الجزئية التي أصبحت الأساس لبناء الجزء التالي من السلسلة، و الذي حمل الاسم Black Flag.

على أية حال، ربما كانت مظاهر الشبع و التكرار قد بدأت بالظهور على هذه السلسلة مع Assassin’s Creed Unity، أولى ألعاب هذه السلسلة لأجهزة الجيل الجديد، و التي حملت معها رسوماتٍ خارقة، و الكثير من الأخطاء التقنية في ذات الوقت. أساسنز كريد في هذه المرحلة و بعد كل هذه الإصدارات، لم تعد شيئاً جديداً و مبهراً كما كانت، و على الرغم من الإضافات الجديدة لم تتوقف، مثل إمكانية تخصيص قدرات الشخصية الأساسية، إلا أن السلسلة باتت بحاجة للتجديد.

Assassins-Creed-Unity (1)

تعزز هذا الشعور عندما صدرت Assassin’s Creed Syndicate التي دارت أحداثها في لندن الفكتورية، و التي لم تنجح في تحقيق آمال و توقعات Ubisoft التجارية. في هذه الأثناء قررت يوبي سوفت أن تتوقف لالتقاط الأنفاس، و أن تمنح Origins المزيد من الوقت، مع رسم ملامح جديدة لمستقبل السلسلة.

تقول Ubisoft بأن Origins كانت نصف خطوة لتحويل Assassin’s Creed إلى لعبة أدوار، و أن هذا قد اكتمل مع Odyssey التي أصبحت لعبة RPG بالكامل. هذا كان جواب Ubisoft للتأكد من مواصلة سلسلتها المحبوبة من جديد. لا شك أن النجاح الكاسح الذي حققته The Witcher 3 كان له أثر على قرار Ubisoft، خاصة مع الشعبية الكبيرة التي حظيت بها اللعبة، و تعلق الجماهير الكبير بها.

Assassin’s Creed Origins بدأت بهذا التحول الجوهري لتتحول أساسنز كريد إلى لعبة تقمّص أدوار عوضاً عن لعبة أكشن كما كانت لسنواتٍ طويلة، التقدم في المهمات أصبح مُرتبطاً بمستوى الشخصية (level)، و أصبح من الواجب تحسين الدروع، و هذا يعني أن على اللاعبين أداء المهمات الجانبية، و غير ذلك من أنشطة ألعاب الأدوار، من أجل التقدم في مهمات القصة.

استمرّ هذا التحول في اللعبة الجديدة Odyssey، والتي أصبحت تحتوي على إمكانية الاختيار بين الشخصية الذكورية و الأنثوية للمرة الأولى في السلسلة، الأمرُ الذي أكدت الشركة بأنه سيستمر في الأجزاء القادمة، كما أصبح هناك اختيارات متعددة للمحادثات، و هكذا تم إتمام عملية التحول بالكامل إلى لعبة RPG.

هذه كانت أيضاً رغبة مطوري السلسلة الحاليين. باتريس مبتكر السلسلة لم يعد موجوداً، و الآن فإن مطوري السلسلة يصنعون أحلامهم الخاصة، و التجربة التي يُريدون خلقها للاعبين، و ذلك كما قال Scott Phillips مُخرج Odyssey في لقاءٍ سابق:

Assassins-Creed-Odyssey_Leak_06-10-18_013-600x338

أردنا من اللاعبين أن يتفاعلوا مع الأشياء و يقوموا بتغييرها، إنها النوع الذي أردتُ صنعه من الألعاب. لعبة العالم المفتوح مع الاختيارات المتعددة، مع إمكانية تغيير الدروع التي تُغطي أجزاء مختلفة من جسد الشخصية، إن الأمر حقاً يتعلق بجعلها تجربة مُتمركزة حول اللاعب نفسه.

هل هذا يعني أن السلسلة قد فقدت هويتها؟ كلا، الأمرُ ليس كذلك، أساسنز كريد ليست مثلَ سلسلة The Elder Scrolls، و لا ترغبُ في أن تكون كذلك. لا زالت السلسلة مهتمة في رواية حكاية ضخمة، و لا زالت تروي حكاية أبطالها للاعبين، و هذا ما أكده مخرج السلسلة في ذات اللقاء:

أردنا أن نحكي قصة، و أردنا أن نُعطي للاعبين أكبر قدرٍ مُمكنٍ من الحرية ضمن حدود هذه القصة. سيكون هناك اختلافات بين تجربة كل لاعب، لكن جزءاً منها سيكون متشابهاً، لأن هذا هو ما تعنيه سلسلة Assasin’s Creed، إنه جزء من حمضها النووي. لكننا أردنا أن نأخذ ذلك بالاتجاه الذي أردناه، و أن نجعل اللاعبين يقومون باختيارات صغيرة، و أخرى كبيرة، تملك أثراً على هذه القصة.

التوجه بتحويل أساسنز كريد إلى سلسلة تقمّص أدوار سيبقى دائماً مثيراً للجدل بين عشاق السلسلة، هناك من أحب هذا التوجه، و هناك من اعترض عليه، لكنه يبقى توجهاً مثيراً للاهتمام، و يعني زيادة الاهتمام بجودة السرد القصصي و المهمات الجانبية، و عناصر تطوير الأسلحة و الدروع، و المزيد من الاختيارات التي تؤثر على مسار القصة، مما يفتح المزيد و المزيد من الاحتمالات المستقبلية أمام هذه السلسلة.

أساسنز كريد اليوم هي لعبة أكثر عمقاً و ضخامة مما كانت عليه في الماضي، و يبدو أن السلسلة قد استعادت عافيتها من جديد. إلى أين ستذهب السلسلة في المرّة القادمة؟ اليابان؟ الصين؟ القسطنطينية؟ جميع الاحتمالات قائمة، و المستقبل وحده سيُجيب على هذا السؤال.

شارك هذا المقال