final fantasy vii

لطالما كانت طريقة اليابانيين في تطوير الألعاب مختلفةً عن العالم الغربي. في اليابان، آمن المطورون أن الطريقة الأفضل للعمل هي استهداف منصة محددة، و أن يتم بناء اللعبة مع استغلال كامل قدرات هذه المنصة. من جهة أخرى، هذا يعني أن جميع محبي ألعاب هذه الشركة أو تلك سيكون عليهم اقتناء هذه المنصة.

في العالم الغربي، لم يتواجد هذا التفكير بنفس الصورة، و حرصت الشركات الغربية على ألا تقع تحت سيطرة أي من شركات الطرف الأول، و أرادت أن تكوّن جمهوراً لعناوينها و ليس للمنصات التي تستضيف هذه العناوين. لذلك كانت الشركات الغربية و ما زالت، تُصدر ألعابها على أكبر قدر ممكنٍ من الأجهزة التي تستطيع أن تُشغل هذه الألعاب. أيضاً، رأت الشركات الغربية أن هذه أفضل طريقة لتحقيق المزيد من الأرباح.

كان من الواضح أنّ كلّ شيءٍ يتغيّر في السنوات الأخيرة، لكن الإحساس تعاظم كثيراً عندما رأيتُ هذا الإعلان في حلقة ننتندو دايركت الفائتة، أعترفُ أنني شعرتُ بدهشةٍ كبيرة عندما رأيتُ إعلانات ألعاب فاينل فانتسي السابعة و التاسعة و العاشرة و الثانية عشر، هذه الألعاب التي لطالما ظلّت رمزاً للبلايستيشن لفترة طويلة و لم تصدر على جهازِ ألعابٍ تقليديّ آخر على الإطلاق، هذه الألعاب التي تحمل بصمة تاريخية في عالم الألعاب و ذلك بإسهامها في قلب موازين السوق الياباني بصورة تامة منذ أواسط التسعينات فصاعداً. عندما رأيتُ هذا الفيديو أيقنتُ أن كلّ شيءٍ قد تغير بالفعل، و أن العصر الذهبي للحصريات في اليابان قد انتهى.

Nintendo كانت قد عملت مع الشركات اليابانية بصورة مكثفة على جهازي NES و SNES، و على الرغم من صعوبة شروطها و صعوبة العمل معها، إلا أنها أحكمت قبضتها الحديدية على الناشرين اليابانيين لتحصل على العديد من ألعابهم بصورة حصرية، و لعلّ أبرز هذه الألعاب هي Dragon Quest من شركة Enix، و التي كانت أقوى الألعاب شعبية في اليابان من ألعاب الطرف الثالث. دراغون كويست 3 على الفاميكوم (العائلة في منطقتنا العربية) هي واحدة من أكبر الأجزاء شعبيةً على الإطلاق، و قد تمكنت من تحقيق مبيعات خيالية على الجهاز فاقت 3.8 مليون وحدة، كما تمكنت من بيع 1.4 مليون وحدة عند صدورها بنسخة مُحسنة على جهاز السوبر ننتندو.

و ربما عرف اللاعبون سلسلة فاينل فانتسي في العالم الغربي بصورة أبرز على البلايستيشن، إلا أنها كانت سلسلة ناجحة و محبوبة للغاية على جهازي ننتندو NES و SNES. إن فاينل فانتسي هي سلسلة كانت مليونية حتى على أجهزة ننتندو، فقد تمكن الجزء الرابع من بيع 1.4 مليون نسخة في اليابان، كما تمكن الجزء السادس من بيع 2.5 مليون وحدة، و هو رقم ضخم للغاية بمقاييس سوق الألعاب في التسعينات، و في تلك الأثناء، فإن معظم ألعاب الشركات اليابانية الكبيرة كانت حصرية على أجهزة ننتندو، مما صعّب المنافسة كثيراً على Sega.

كلُ شيءٍ تغيّر عندما دخل عملاقٌ جديدٌ على الساحة و هو إمبراطورية التكنولوجيا اليابانية Sony ذات العلامة التجارية الجبّارة في التسعينات، و لتبدأ منافسة طويلة و مريرة للغاية بين الشركتين في اليابان. لنستعرض معاً بعض المحطات التاريخية من هذا الصراع:

Final-Fantasy-VII-Screenshot-Title-Screen

– Final Fantasy VII
لا أحد يعلم حقاً ما هي التفاصيل التي أدت إلى انتقال فاينل فانتسي السابعة من ننتندو إلى البلايستيشن، و بينما كان الحديث في وسائل الإعلام يتمحور حول المساحة المحدودة للأشرطة مقارنة بالأقراص الليزرية على البلايستيشن، إلا أن الأمر لم يكن بهذه البساطة. كانت الخلافات قد بدأت تتولّد بين سكوير و ننتندو حتى في أيام السوبر ننتندو، و قد أتت سوني بعرضٍ مغرٍ و دعمٍ كبير تضمن تسويق اللعبة في الأسواق الغربية، كما قامت سوني بتخفيض المبالغ التي تحصل عليها من بيع كل قرص، و ذلك كما ذكر أحد مسؤولو سكوير في تقرير خاص أعدّه Polygon في وقتٍ سابق.

في نهاية الأمر، كان انتقال سلسلة فاينل فانتسي للبلايستيشن هو البوابة التي عرف منها اللاعبون السلسلة في العالم الغربي، أما في اليابان فقد كانت خسارة فادحة لجهاز الننتندو 64، و الذي بدأت اللعبة التطوير عليه في بادىء الأمر. انطلقة فاينل فانتسي السابعة لتحقق نجاحاً كاسحاً على البلايستيشن الأول، و انتقل معها كافة مطوري ألعاب الآربيجي الذين بدؤوا ألعابهم على السوبر ننتندو: دراغون كويست غادرت منصة ننتندو للمرة الأولى لتذهب إلى البلايستيشن مع الجزء السابع.

لعبة أخرى هي Star Ocean، و التي انتقلت من السوبر ننتندو إلى البلايستيشن، و كذلك لعبة Tales من شركة نامكو، و حتى سلسلة Shin Megami Tensei من شركة أطلس. جميع ألعاب الأدوار بلا استثناء انتقلت للبلايستيشن، و لتهبط مبيعات الننتندو 64 بصورة مذهلة في اليابان مقارنة بالسوبر ننتندو الذي كان الجهاز الأنجح في البلاد. كل هذه السلاسل كان المفتاح الأساسي في انتقالها، و الضربة القاصمة، هي فاينل فانتسي السابعة، و لذلك دائماً ما يتم ربط البلايستيشن و نجاحه التاريخي في الأسواق بهذه اللعبة دون سواها.

– Dragon Quest IX

لا يُمكن أن ترضى شركة ننتندو بالتخلي عن السوق الياباني، و دائماً ما صبّت قرارات الشركة في صالح خدمة جمهورها الياباني أولاً و قبل الجميع، بعد الجزئين السابع و الثامن أتت المفاجأة الصاعقة عندما أتى الإعلان بأن دراغون كويست التاسعة ستعود إلى بيتها على منصة ننتندو و بالتحديد على جهاز DS، الإعلان كان صاعقاً و تسبب بموجة نقاشات ضخمة للغاية من جماهير الألعاب.

جهاز ننتندو DS هو أنجح جهاز و الأكثر مبيعاً في تاريخ السوق الياباني و هو الوحيد هناك الذي تجاوز حاجز 30 مليون وحدة مبيعاً، و لا شك أن هذا انعكس دراغون كويست التاسعة فهي الجزء الأكثر مبيعاً في تاريخ السوق الياباني على منصة واحدة حتى الآن، و ذلك بمبيعات تجاوزت 4 مليون وحدة، كما قامت ننتندو بتسويق اللعبة في الأسواق الغربية لتكسر حاجز المليون أيضاً.

عودة دراغون كويست إلى جهاز DS رافقها إصدار نُسخ معادة من الأجزاء الرابع و الخامس و السادس و عدد من الألعاب الفرعية للسلسلة، و بصورة عامة فإن حصرية دراغون كويست وصلت إلى نهايتها و أصبح من شبه المستحيل أن تتمكن سوني أو ننتندو من حصر السلسلة على جهازٍ واحد، فالجزء الحادي عشر صدر على جهازي PS4 و 3DS في اليابان، و صدر على الحاسب الشخصي مع البلايستيشن في السوق الغربي، كما سيأتي إلى الننتندو سويتش أيضاً.

iwata_mh4-2

– Monster Hunter 4

ربما عاصر الكثير من اللاعبين الحاليين أنباء انتقال سلسلة Monster Hunter بجزئها الرابع إلى جهاز ننتندو المحمول 3DS، هذا الانتقال الذي وجه ضربة قاضية لتجارة سوني في الأجهزة المحمولة و دمّر حصتها في السوق الياباني لتنخفض بصورة مذهلة من PSP الذي تجاوز حاجز 19 مليون وحدة هناك إلى Vita الذي باع بصورة متوسطة للغاية و لم يتعافى أبداً من خسارة مونستر هنتر.

الصراع بين سوني و ننتندو كان مريراً في السوق الياباني، ننتندو خسرت سوق اليابان لجيلين متتاليين مع البلايستيشن الأول و البلايستيشن الثاني، قبل أن تتمكن من السيطرة عليه من جديد مع جهازيها المحمولين DS و 3DS، هذه الفترة التي شهدت معاناة كبيرة لسوني هذه المرة مع البلايستيشن الثالث و الذي لم يتمكن أبداً من تحقيق نجاحات الأجهزة السابقة.

سوني و على الرغم من أنها استطاعت استعادة دراغون كويست و مونستر هنتر جديد في السوق الياباني إلا أنها لم تتمكن من استعادة أمجادها السابقة في هذا السوق قط، و أتى جهاز Switch بنموذجه الهجين ليُشعل المنافسة في هذا السوق من جديد بعد أن كان الانطباع السائد أن الاجهزة المحمولة باتت غير قادرة على تحقيق النجاح.

عند النظر إلى إصدارات الشركات اليابانية هذا الجيل فإن الملاحظة الأبرز أن كلمة الحصريات لم يعد لها وجودٌ بارز و بالأخص في العالم الغربي. على سبيل المثال سلسلة Yakuza انتقلت للحاسب الشخصي للمرة الأولى، و Valkyria Chronicles الرابعة قادمة لجميع المنصات. كابكوم قامت بإصدار Monster Hunter World على الحاسب الشخصي و الإكس بوكس، و حتى سلاسل مثل Kingdom Hearts لم تعد حصرية لمنصة واحدة. كذلك تأتي لعبة Inazuma Eleven Ares للبلايستيشن و السويتش معاً و ذلك بعد حصرية دامت طويلاً لأجهزة ننتندو.

الأمر ينطبق أيضاً على الشركات الأصغر حجماً و التي باتت تقوم بإطلاق ألعابها على منصات متعددة، Ys VIII هي أول لعبة من فالكوم تصدر على منصة لننتندو منذ وقتٍ طويلٍ جداً، و كذلك شركة NIS التي باتت تُصدر جميع ألعابها على السويتش بجانب البلايستيشن.

الحصريات اليابانية تتضاءل و تتضاءل، في هذا الجيل ليس هناك سوى ألعاب قليلة صدرت أو ستصدر كحصرية كاملة لمنصة واحدة. لدينا Persona 5 التي لم تخرج من البلايستيشن، و كذلك سلسلة Yokai Watch التي لا زالت حصرية على أجهزة ننتندو و ذلك بفضل قربها من أسلوب و جمهور Pokemon، و كذلك سلسلة Shin Megami Tensei من أطلس التي لا زالت ترفض التنازل عن طريقة العمل المبنية على الحصريات.

نحن في عالم العجائب و الغرائب بكل تأكيد، من كان يتصور صدور فاينل فانتسي السابعة على جهاز منزلي/هجين من ننتندو بعد كل هذه السنوات، و من كان يتصور نهاية حصرية ألعاب مثل Ace Attorney و Inazuma Eleven التي دامت على أجهزة ننتندو طويلاً.

سياسة العمل المبنية على الحصريات في اليابان يبدو أنها وصلت إلى نهايتها، الألعاب اليابانية باتت تصدر على أكبر قدرٍ مُمكنٍ من المنصات، و أكثر من أي وقت مضى في تاريخ هذه الصناعة المديد. فما رأيكم بذلك؟ شاركونا من خلال التعليقات.

شارك هذا المقال