قد لا يتمكن مطورو ألعاب الإندي من عرض ألعابٍ عنيفة دائمًا لها نفس تأثير الألعاب الكبيرة، وقد تكون الرسومات واحدة الأسباب، لكنهم قادرون بلا شك على تقديم تجربة عنيفة بالتركيز على الجوانب الصورية، وهذا تمامًا ما قام به مطورو لعبة GARAGE: Bad Trip.

اللاعب يأخذ دور بوتش “Butch” تاجر مُخدرات يملك من الحظ القليل، يستيقظ بوتش في سيارته المُحطمة في مكانٍ معزول، كل شيء حوله مُحطم وسُرعان ما سيجد نفسه يُوجه اللكمات للموتى الأحياء، سيتلقى بعدها اتصالَ غريب، امرأة غامضة ستقوده عبر مواقف السيارات والأنفاق والمُنشآت السرية، وبمُساعدتها سيحاول فهم ما يدور حوله.

GARAGE Bad Trip

الأجهزة: PC/Switch | حالة الصدور: متوفرة

اللعبة مستوحاة من فترة أفلام الميزانيات المحدودة (B-movies) التي غالبًا إن لم نقل دائما، ما تعتمد على مشاهد الأكشن الرخيصة مُبتعدة عن الحبكات المعقدة، اللعبة مبنية أيضًا على حركة الرعب الفنية Splatterpunk التي تعتمد بشكلٍ كبير على الجانب الصوري (المشاهد البصرية) في مشاهد العنف التي تكون غالبًا مُصورة بشكلٍ واضح ومُفصّل قد يُعتبر مبالغًا فيه مُقارنة بأعمال الرعب التقليدية.

تصوير اللعبة علوي (كاميرا اللعب فوق شخصية اللاعب) وقد تبدو المُجسمات في البيئة أكبر من ألعابٍ شبيهة. اللاعب يتحكم مباشرة في شخصية بوتش طبعًا، وإن كانت اللكمات هي الهجمة الرئيسية فإنه لا يُوجد داعٍ إطلاقًا لاستخدامها بعد المرحلة الأولى، اللاعب سُرعان ما سيتخلى عن قبضتَيّه لاستبدال الهجمات القريبة بفأس حادة، وبعدها بمجموعة من الأسلحة النارية، مسدسات ورشاشات وبندقية ثقيلة، يحتاج طبًعا لإيجاد الذخيرة لكل واحدةٍ منها، والتبديل بينها حسب العدو الذي يُواجه، يجري ذلك بأسهم يد التحكم أو عبر دائرة الأسلحة.

GARAGE Bad Trip (2)

كلما تقدم اللاعب سيحمل عددًا أكبر من الأسلحة، وما عليه سوى إيجاد الذخيرة المناسبة لها لاستخدامها، صعوبة اللعبة ستُؤثر مباشرة على قوة الأعداء وعلى عدد الذخيرة التي يحصل عليها اللاعب أيضًا، ويبقى ممكنا تبديل الصعوبة وسط اللعبة بشرط إعادة الفصل كاملا بما أن اللعبة تعتمد على نقاط الحفظ وغالبًا ما تكون متقاربة فتُلغي جزءًا كبيرا من الصعوبة، اللعبة ليست من النوع الذي يُعاقب اللاعب على أخطائه، وباستطاعته تجربة أكثر من طريقة واحدة لهزيمة الأعداء.

الأسهم على لوحة المفاتيح أو عصا الأنالوج تعمل على تحريك الشخصية، أما الفأرة أو العصا اليمني ليد التحكم فللتصويب، لذا يمكن اعتبار اللعبة لعبة Twin stick shooter، اللعب بالفأرة أكثر دقة بما أن اللاعب يتحكم في اتجاه التصويب وفي مداه أيضًا، لكن تبقى اللعبة قابلة للعب بشكلٍ جيد بيد التحكم أيضًـا.

الأعداء في اللعبة مكونون من الموتى الأحياء، ليسوا بطيئين جدًا، بعضهم نعم، لكن البعض الآخر يجري باتجاهكم بشكلٍ سريع، وهنالك أنواع محدودة لكنها تُغير القليل في تكتيك اللعب، إن كان ممكنا مثلا قتلهم برصاصة مصوبة للرأس، فالبعض يحمل خوذة تحمي الرأس كاملا، وقد يكون الفأس خيارًا أفضل في هذه الحالات، إن كان الجزء الأول مليئا بهم، فإن الجزء الثاني من اللعبة مكون في أغلبه من أعداءٍ بشريين مسلحين، هجماتهم أقوى، قتلهم أصعب، وتوزيعهم في البيئة مختلف ويحتاج لبعض التفكير قبل الهجوم، وإن تساءلتم عن الاختلاف بينهم وبين الموتى الأحياء، فإنهم يتمركزون غالبًا في مكان واحد ويطلقون النار منه، عكس الموتى الأحياء الذين يهاجمون كلهم.

GARAGE Bad Trip (3)

اللعبة أحسنت كثيرًا تقديم القسم الأول منها، أمَا الثاني فقد تغير إلى حدٍ يجعل اللعبة أحيانا غير عادلة إطلاقًا، والعيب فيها أن الأعداء يقفون خلف ستار غير مرئي، وبحاجة لأن تكونوا في مرماهم لكي يظهروا، ما يجعل اللاعب أحيانًا يقع وسط مجموعة منهم مُباشرة بعد فتح باب معين، أو الالتفاف عبر الممرات، كما أنه غير قادر على التواجد بعيدًا عن مرماهم والتصويب باتجاههم، اللعبة تُقدم معها نظام تدحرجٍ محدودا لتفادي الهجمات، لكنه لا يُفيد في الكثير من الأحيان، كما أن الهجمات القريبة غير مجدية في الغالب مع الأعداء المسلحين، من حسن الحظ أن اللعبة تحفظ اللعب بشكلٍ متكرر وكثيرًا ما يكون ذلك في الأماكن الصعبة.

مُستوى اللعبة متدبدب، 5 ساعات من اللعب قد تُعطي اللاعب شعورًا مختلفًا حسب المكان الذي وصل إليه، قتل الأعداء رغم ذلك ممتع، خاصة أن العنف فيها صُوري كما قلت، الفأس ستجعل أعضاء الأعداء تتطاير، والرصاص سيفجرهم إلى أشلاء ينتشر معها الدم على نطاق واسع في البيئة. التنوع فيها أيضًا ليس سيئا، هنالك مراحل يتغير فيها أسلوب اللعب بشكلٍ كامل ويبتعد عن الأساس -أي التصويب وقتل الأعداء- قد يكون هذا التنوع محدودًا ولدقائق قليلة لكنه مرحب به، ويكسر روتين اللعب، كما أن الزعماء يظهرون من وقتٍ لآخر لإضافة تحدٍ جديد، إلا أن هزيمتهم لا تتطلب تفكيرًا وإنما توجيه الأسلحة باتجاهم، إطلاق النار وتفادي هجماتهم.

GARAGE Bad Trip (4)

اللعبة خطية، أحيانًا تكون البيئة مكونة من مساحة مربعة أو مستطيلة واحدة مع بعض الغرف، لكن الهدف غالبًا هو فتح باب معين بمفتاح يُوجد في البيئة، ليست مسألة صعبة إطلاقًا، والهدف متعلقا دائما بالقضاء على الأعداء والوصول لنقطة النهاية، بعض الأسرار موزعة عبر المراحل، ملفات ووثائق للقراءة، وأماكن سرية للحصول على الذخيرة والعلاج والمشروبات الطاقية التي تملأ عداد الحياة، المراحل غير متصلة، تبدو كذلك طبعًا، لكن القصد أنه عند الوصول للنقطة التالية ستحصل على شاشة تحميل ولا مجال للعودة للنقطة السابقة.

تقنيًا، الرسومات مكونة من عنصورات (pixels) أمَا فنيًا، فهي مستوحاة من أفلام الرعب ذات الميزانيات المحدودة وعليها فلتر يُذكر بأنظمة الفيديو المنزلية (VHS) العنف فيها مبالغ فيه، ولعله أكثر ما يميز اللعبة، الرصاص على الأرض والأشلاء والكمية الكبيرة من الدم، بعيدًا عن ذلك، لا وجود لما يُميزها فنيًا، اللاعب قادر على تحطيم بعض الأشياء في البيئة كالشاشات أو دهس المصابيح الطويلة وتحويلها لقطع من الزجاج، إضافات جميلة في لعبة ثنائية الأبعاد، الكاميرا علوية وتُظهر المجسمات كبيرة فتبدو العنصورات أكبر، لكن بشكلٍ غير مزعج.

GARAGE Bad Trip (1)

قد لا تكون GARAGE: Bad Trip أفضل ما يُمكن الحصول عليه بين ألعاب النوع، خاصة بتناقص مستواها في القسم الثاني، والصعوبة التي يُحدثها أحيانًا التوزيع السيء للأعداء، لكنها تمتلك أسلوب لعبٍ مسليّا مع شعورٍ ممتعٍ بتأثير الأسلحة، وقد يكون العنف إضافة لمن يُحب هذه النوعية من الألعاب.

شارك هذا المقال