لا أريد إطالة المقدمة ، فعنوان الموضوع يدل على معناه وهو ( ماذا لو ؟ ) . والمقصد هنا ماذا كان سيحصل إن لم يحصل ( أو حصل ) حدث معين .

سأتحدث عن الموضوع بنظرة شخصية ، بحيث نحاول أن نتطرق لعدة سيناريوهات كان من الممكن حصولها لأطراف قد يكون لها صلة بالموضوع بشكل عام . الموضوع تقريباً مبني على معلومات شخصية ، فلذلك المعذرة إن كانت هناك أخطاء في إحدى المعلومات .

الحديث عن تحول شركة سيجا لطرف ثالث موضوع تقليدي ، حيث يعد هو دلالة كبرى لأهمية وجود مصدر ربحي آخر تعتمد عليه الشركة وقت الحاجة . فسيجا انقلبت أوضاع ألعابها بشكل مريع ، وأكبر دليل على هذا سونيك ، الذي أصبح يردد بينه وبين نفسه : ” أنا سونيك ، في كل مكانٍ وضعوني . ابحثوا عني ، في كل مكانٍ تجدوني ” . عموماً ، لسنا هنا لنتحدث عن موضوع مستهلَك بحيث نحلل وضع الشركة . ولكن بشكل عام سيكون السرد حول السيناريوهات التي كان من الممكن أن تحصل عند عدم افلاس الشركة .

هذه الفقرة ستكون كتعريف بالقصة ، لذلك إن كنت تعرف كيف تحول حال سيجا فما عليك سوى الانتقال للفقرة التالية .

بداية القصة كانت عام 1995 ، وذلك حينما أصدرت الشركة جهاز السيجا ساترن الذي اُعتبر أنه ورقة سيجا التي لعبتها أمام كل من البلاي ستيشن من سوني ، والنينتيندو 64 من نينتيندو وأجهزة قد فشلت نسبياًّ من باناسونيك وغيرهم . سيجا ساترن كانت مبيعاته منخفضة وضعيفة بشكل عام ، وخاصة في الغرب ( وأوروبا بالتحديد ) . مما أجبر سيجا على عدم اصدار سونيك للجهاز . بالطبع الجهاز كان يعد فشلاً في تاريخ الشركة ( وذلك بجانب بعض الأجهزة المحمولة للشركة ) . بعدها بـ3 سنوات ، سيجا أصدرت الدريم كاست . 3 سنوات تعد مدة قصيرة نسبياً بالنسبة لجهاز جيل معين ، حيث أنه كان متقدم سنتين على جهاز البلاي ستيشن 2 و 3 سنوات من الجيم كيوب وكذلك الإكس بوكس . عموماً دخول مايكروسوفت في هذا المجال بالتأكيد سيكون سبب لخروج أحد الشركات الموجودة في السوق ( فهو بشكل عام لا يحتمل وجود 4 أجهزة تتقاسم كعكة المبيعات ! ) . أقرب الشركات كانت نينتيندو مع جهازها ضعيف المبيعات الجيم كيوب ( نسبة لباقي أجهزتها ) . أما الشركة الأخرى فهي سيجا . مما زاد الطين بلة على سيجا أنهم تجاهلوا التسويق بعض الشيء في السوق الياباني والذي كان من المفترض أن تركز عليه . وبالطبع سيجا لن تتكل على بيع أجهزتها المحمولة كما كانت تفعل نينتيندو لأنها لم تمتلك أجهزة من هذا النوع في وقتها . الدريم كاست لم يعتبر فشل في تاريخ الشركة ، ولكنه لم يستطع احتمال ( وزر ) السيجا ساترن . عموماً في عام 2001 اضطرت الشركة للتحول إلى شركة طرف ثالث .

ننتقل للموضوع الرئيسي . ماذا لو سيجا نجت ( بطريقة أو بأخرى ) وتخطت هذه المحنة . حسناً سننتقل إلى السيناريوهات المحتملة :

السيناريو الأول :- بالطبع يجب أن نتوقع الخطوة التالية . فنفترض في السيناريو الأول أن سيجا عندما نجت وتخطت الحدود الحمراء عادت إلى نفس نهجها الأول . كيف كان نهج سيجا القديم ؟ محاولة إصدار الجهاز الأقوى في جيله ( أكبر دليل على ذلك الدريم كاست والسيجا جينيسس ) . إن افترضنا أن سيجا بقيت على هذا المنوال فأعتقد أن المثل القائل ( كأنك يا بو زيد ما غزيت ) مناسباً لهذا المقام . فدخول مايكروسوفت لعالم صناعة منصات الألعاب جعل بعض المفاهيم تتغير وأهمها قوة الجهاز ( أو ربما التحول للشكل الثلاثي البُعد كان السبب في هذا ؟ ) عموماً يظل هذا الخيار غير مناسب لسيجا وخاصة أنها لا تملك مصدر دخل آخر . فلذلك سيجا ستعود للنقطة التي هي فيها الآن .

السيناريو الثاني :- السيناريو هذا سنبني عليه بقية الموضوع ، حيث أنه سيكون مؤثر بشكل عام على صناعة الألعاب ككل . فنفترض أن سيجا عملت على جهاز في جيلها الجديد وكان أنجح من السابق ، قد نرى عدة أشياء ممكنة من الشركة . فمثلاً اقتحام سوق المحمول لتنافس نينتيندو فيه ( وسنناقش هذا لاحقاً ) . ولكن في وقتها أعتقد أننا سنرى شركة أخرى تغلق أبوابها . لنكمل الحديث عن هذا السيناريو في بقية الموضوع .

أولاً : السوق المنزلي

لا يخفى عليك عزيزي القارئ بأن سوني كانت قد امتلكت السوق المنزلي بجهازها البلاي ستيشن 2 وذلك عند منافسته لأجهزة الدريم كاست والجيم كيوب والإكس بوكس ، عموماً نفترض نجاح الدريم كاست لدرجة مقاربة لجهاز سوني ، فهذا رأيي عن ما سيحصل لشركات الألعاب ذلك الوقت :

1- Sony

في ذلك الوقت كما ذكرنا سوني قد سيطرت على السوق المنزلي ( وخاصة في الولايات المتحدة واليابان ) . عموما عند افتراض نجاح جهاز سيجا فهذا يعني تأثيره على مبيعات البلاي ستيشن 2 ، وبشكل خاص في الولايات المتحدة الأمريكية . سوني في وقتها كانت تخطط لدخول سوق المحمول بجهازها البي اس بي ولكن نترك الحديث عن السوق المحمول لاحقاً . ولكن بالرغم من هذا سوني ستكون ابعد من يكون ذلك الحين عن الخروج من سوق صناعة الألعاب وخاصة لما كانت تخطط به وتجنيه . الخلاصة تقول بأن سوني هي أقل شركة ستتأثر بهذا الأمر .

2- Microsoft

تتحدث هنا عن دخول شركة عملاقة لعالم الألعاب وتغيير معالمه بشكل كبير . دخول مايكروسوفت لعالم الألعاب جعل لقوة الجهاز التقنية أهمية أكبر ( وتعد للبعض هي الأهمية الكبرى ) ، ودلالة على ذلك التنافس على قوة الجهاز في الجيل الذي لحقه وذلك بغض النظر عن الأخطاء التي تحصل .

نعود لموضوعنا ، سيجا اعتادت أي يكون جهازها ( غالباً ) من أقوى الأجهزة ، نعود لافتراضنا بنجاح سيجا وكيف تأثيره على مايكروسوفت . مايكروسوفت حازت على مساعدة شركات الطرف الثالث الغربية ( وربما يكون لها علاقة باندثار ضوء المطور الياباني ولكن هذا موضوع آخر ) . عموماً إن عدنا لهذا الافتراض فشركة كمايكروسوفت كانت تعلم بأنها ستخسر من جهازها الإكس بوكس الأول ( وهذا ما حدث فعلاً ) . باختصار مايكروسوفت كانت برأيي بعيدة الخروج من سوق الألعاب الذي تدخله لأول مرة ( وذلك باسترجاع ماضي مايكروسوفت عند اقتحامها للصناعات المختلفة )

3- Nintendo

مبيعات أقل من المتوقع لجهاز النينتيندو 64 الأقوى في جيله ، ومن بعدها مبيعات أضعف لجهاز الجيم كيوب . هذه كانت حالة نينتيندو في جيلين متتالين ! فقد كانت سوني في كلا الجيلين تحصل على الحصريات والأهم من ذلك ( المبيعات ) . كان من المعروف أن نينتيندو ذلك الوقت كانت تعيش على مبيعات محمولها ( الجيم بوي كولور ، الأدفانس ومشتقاته ) . بشكل عام نينتيندو كانت هي الأقرب للخروج من صناعة الألعاب ، فحتى إن استمرت لجيل آخر وحصدت مبيعات الوي ، فلا ننسى أن الشركة لا تملك مصدر تمويل آخر ، فلذلك إما أن سيجا بعد افتراضنا نجاحها في الدريم كاست تعود لتفلس مرة أخرى عند عدم نجاح جهازها الآخر ، أو أن نينتيندو ستلقى هذا المصير ، بحيث نرى زيلدا تصبح شينمو الحالية ، وماريو يكون سونيك . حسناً هذه مجرد توقعات ( ونحمد ربنا إنها ما حصلت )

ثانياً : السوق المحمول

في ذلك الوقت ، كان السوق المحمول محصور في أجهزة نينتيندو ( الجيم أدفانس ومن أتى بعده ) . قبل ذلك كان هناك منافسة محدودة نسبياً من سيجا بجهازها السيجا جيم جير كآخر جهاز محمول من سيجا . كان من المتوقع وقتها أن سيجا سترجع للسوق المحمول إن أكملت مسيرة نجاح في السوق المنزلي . وربما مع دخول سوني القوي بجهازها البي اس بي سيكون تأثيره حساساً على شركة نينتيندو في هذا السوق . اعتدنا على سيطرة نينتيندو في سوق المحمول ولكن مع منافسة شرسة من جهازين آخرين ( إن افترضنا وجودهم طبعاً ) قد يؤثر على الشركة ، مما قد يحصر نشاط نينتيندو على السوق المحمول فقط ، أو ربما يزداد الوضع سوءاً لتتحول لشركة طرف ثالث . عموماً هناك احتمالية لنجاح نينتيندو حتى بالرغم من المنافسة .

بشكل عام ، مع عدم دخول مايكروسوفت لسوق المحمول سنرى منافسة تشتد بين سيجا وسوني على قوة الجهاز ( ربما تكون مشابهة لما كان يحصل في الفترة الأخيرة ما بين سوني ومايكروسوفت ) . فسيجا جيم جير الذي صدر عام 1991 ( إن لم تخني الذاكرة ) الذي كان أقوى تقنيا من الجيم بوي الأول ، وأقوى بقليل من الجيم بوي كولور الذي صدر بعده بـ7 سنوات ! ولو أن ما يعيب الجيم جير هو حجمه الكبير نسبياً .

ثالثاً : شركات الطرف الثالث

شخصياً ، لا أعتقد ترك سيجا للطرف الأول ودخولها ضمن شركات الطرف الثالث قد أثّر على عملية تطوير الألعاب ( وخاصة من الطرف الثالث ) ، حيث أنها لم يكن لها سبب بظهور أكبر لشركات التطوير الغربية ( بغض النظر عن معلومة أن سيجا كانت أفضل شركة يابانية تقدم خدمات للجمهور الأمريكي ) .

سنتحدث عن الأمر من منظور آخر ، كما نعلم كانت العديد من الألعاب الحصرية للجهاز ، فريزيدنت ايفل كود فيرونيكا أكبر مثال ، حيث صدرت في البداية كلعبة حصرية للدريم كاست ، و بعد سنة صدرت للبلاي ستيشن 2 ومنها بعد سنتين للجيم كيوب ( أي أن حصريتها قد انفكت بعد اعلان سيجا كشركة طرف ثالث ) . ووجود ألعاب طرف ثاني أو ثالث اندثرت مع نهاية الدريم كاست ، فمثلا جيت سيت راديو ، أو لعبة الفايتنج الشهيرة من كابكوم باور ستون ، لم نرى لأي منها بصيص أمل في جزء جديد من السلسلة .

حسناً أعتقد أن معظمكم وصل إلى النقطة التي كنت أريد الوصول إليها ، إن استمرت سيجا ستستمر الحصريات القوية ، وعدد من العناوين الجديدة للجهاز ذلك الوقت .
لا أريد الحديث عن خروج المطورين الكبار ، أو دعونا نقول ( اختفاء موهبة ) المشاهير من المطورين من الشركة ، يوجي ناكا ( مخترع سونيك ) و يو سوزوكي ( شينمو ) هما أكثر اسمين سيترددان على مسامعك إن سألت عنهم ! ربما كنا سنراهم يقدمون العجائب مع سيجا إلى اليوم ان استمرت الشركة في مسارها الأول .

في النهاية ، لا أريد التمجيد لسيجا والبكاء على الأطلال ، لأنه ما مضى قد مضى ( حسنا بدأت أشعر أنني في عزاء ! ) . عموماً الموضوع بشكل عام لا يخرج من كونه تحليل شخصي وتوقعات خاصة بالأحداث التي قد حصل . كخلاصة ، ففلسفة أن التاريخ دائما يعيد نفسه ستكون مفيدة في هذه الحالات . فعلى ما يبدو أن الأحداث نفسها ستحصل ( أو أغلبها ) ولكن مع اختلاف الشخصيات وقتها .

عزيزي القارئ ، إن كنت أصبحت ( تضيّع ) فاعذرني على أسلوب الحديث عن الحقيقة الواقعة ، ومن ثم الانتقال للحديث عن الـ( ماذا لو حدث ) .

شارك هذا المقال