super-mario-odyssey-kenta

نفتتح فبراير من العام الجديد مع سلسلة جديدة من التقارير التي نعتزم تقديمها لكم في هذا العام، و التي ستقوم بتسليط الضوء على مجموعة من أبرز مُخرجي الألعاب الجدد في اليابان. شيجيرو مياموتو، هيدو كوجيما، شينجي ميكامي و آخرون هذه هي الأسماء الأشهر و التي يعرفها الجميع، و لكن ماذا عن الجيل الجديد؟ اليابان لا زالت وفية لتقاليدها في تطوير الألعاب و لا زال تصور اللعبة و تخيلها مسؤولية المخرج الأساسية الذي يتحمل كافة العواقب و التبعات، و لا زال المُخرج يلعب الدور الأكبر في تصميم الألعاب اليابانية، و اليوم سنتناول لكم في مقالنا هذا المُخرج Kenta Motokura من شركة ننتندو.

في الحقيقة فإن Kenta Motokura ليس أحد الأسماء الكبيرة أو الشهيرة لدى شركة ننتندو و هو لا يمتلك تاريخاً حافلاً كذاك الذي يملكه المصمم الكبير و صاعب العقلية المتفجرة “يوشياكي كويزومي”، لكن كينتا موتوكورا هو الرجل الرئيس الواقف وراء أحد أهم المشاريع المعاصرة لدى شركة ننتندو و هذا ما سنأتي على ذكره لاحقاً.

كينتا موتوكورا هو خريج جامعة Tama اليابانية للفنون و قد انضم إلى شركة ننتندو في العام 2000 و بدأ في العمل بوظيفة مصمم للشخصيات، عمل كينتا على تشكيلة واسعة من ألعاب ننتندو منذ انضمامه للشركة، فقد عمل على الرسومات الموجودة Pokémon Stadium 2 و من ثم عمل على تصميم الشخصيات في لعبة مياموتو الظريفة Pikmin ذات المخلوقات العجائبية الصغيرة.

استمر كينتا في التنقل بين مشاريع ننتندو الداخلية حيث عمل أيضاً على تصميم الشخصيات في لعبة Super Mario Sunshine و لعبة Pikmin 2 التي كانت آخر أعماله في كيوتو لينتقل بعد ذلك إلى استوديو ننتندو الجديد كلياً في طوكيو و الذي ترأسه العبقري يوشياكي كويزومي، هناك واصل كينتا عمله على تصميم الشخصيات و ذلك للعبة Donkey Kong Jungle Beat التي صدرت على الجيمكيوب و التي كانت أولى ألعاب هذا الاستوديو.

Super Mario Galaxy كانت النقلة الحقيقية لفريق التطوير الرائع في طوكيو و الذي أظهر قدرات فريدة للغاية مع هذه اللعبة التي أخرجها يوشياكي كويزومي الذراع الأيمن لأسطورة ننتندو شيجيرو مياموتو، هذه اللعبة التي هزّت عرش عالم الألعاب و التي تمكنت من الإطاحة بأسطورة زيلدا: أوكارينا الوقت من عرش اللعبة الأعلى تقييماً في التاريخ و التي لم تنجح أي لعبة أبداً في هزّ مركزها الأول في معدل التقييمات حتى صدرت سوبر ماريو جالاكسي.

سوبر ماريو غالاكسي كانت أيضاً نقلة في مسيرة كينتا موتوكورا الذي أصبح رئيس التصميم لدى فريق ننتندو في طوكيو و ذلك لخبرته التي أصبحت كبيرة في هذه المرحلة المهنيّة. في الحقيقة نحن لا نملك الكثير من المعلومات حول الرسومات أو الشخصيات التي قام بتصميمها تحديداً و ذلك لأن شركة ننتندو لطالما كانت شركة كتومة للغاية فيما يتعلق بموظفيها و بعملية تطوير الألعاب داخلياً لديها، نعم ننتندو لطالما كانت شركة اكتست بالكثير و الكثير من الغموض.

ماريو غالاكسي اللعبة التي كانت و ما زالت و ستبقى علامة فارقة في ألعاب سوبر ماريو
ماريو غالاكسي اللعبة التي كانت و ما زالت و ستبقى علامة فارقة في ألعاب سوبر ماريو

حسناً، بعد النجاح الكاسح الذي حققته سوبر ماريو غالاكسي قرر فريق التطوير في طوكيو العمل على جزء مكمل و الحقيقة أن فريق التطوير كان يمتلك الكثير من الأفكار العجائبية و التي لم يتمكن من وضعها في الجزء الأول لضيق الوقت، و غالاكسي 2 شهدت هي الأخرى نقلة جديدة لألعاب سوبر ماريو حيث تولى إخراج اللعبة للمرة الأولى Koichi Hayashida، و الذي أثبت جدارته بهذه المسؤولية الثقيلة ليعمل على واحدة من أروع ألعاب ماريو في التاريخ، بل الحقيقة أن سوبر ماريو غالاكسي 2 هي حتى اليوم لعبة المنصات الأكثر تكاملاً و الأفضل تصميماً في عالم الألعاب. ننتندو في هذه الأثناء كانت تعد العدة للمستقبل و تُجهز مصمميها الشباب للمسؤوليات القادمة، حيث عمل كينتا موتوكورا على هذه اللعبة كقائد للتصميم و كأول دور تصميمي حقيقي له لتتم إناطة هذه المهمة الكبيرة إليه و تجهيزه ليكون المخرج المستقبلي لألعاب سوبر ماريو الشخصية الرمز لألعاب الفيديو.

بعد سوبر ماريو غالاكسي كانت الخطوة التالية غير متوقعة تماماً، اللعبة التالية لم تكن أضخم و لا أكثر ملحمية أو انفتاحاً من غالاكسي بل على النقيض تماماً، اللعبة التالية كانت Super Mario 3D Land و من جديد يعود Koichi Hayashida لاستلام دفّة الإخراج و يعود كينتا موتوكورا كقائد لعملية التصميم، هذه اللعبة كانت المرة الأولى التي تصدر فيها لعبة ثلاثية الأبعاد لسوبر ماريو على الأجهزة المحمولة لكنها كانت مختلفة عن الألعاب السابقة، ننتندو و بعد النجاحات الهائلة التي حققتها ألعاب New Super Mario Bros قامت بإعادة تعريف ألعاب ماريو ثلاثية الأبعاد لتُصبح أكثر قرباً من شقيقتها الثنائية، قدرات ماريو من الألعاب الثنائية مثل قدرة الراكوون و غيرها عادت من جديد و تم تصميم المراحل بمنهج خطي أشبه بماريو بروس، و رغم أن اللعبة قد حققت نجاحات تجارية كبيرة إلا أنها لم تحظى بذات الإجماع الذي حظيت به ألعاب غالاكسي.

شركة ننتندو قررت المضي قدماً في هذا الاتجاه و عادت مع Super Mario 3D World، هذه اللعبة التي شهدت ولادة مُخرج جديد لدى شركة ننتندو الذاخرة بالمخرجين العباقرة و هو مخرجنا كينتا و الذي خلف مسيرة كويتشي هاياشيدا ليصبح مُخرج ألعاب سوبر ماريو الجديد، كينتا كان قد أقر أنه شعر بالكثير من التوتر بسبب الاسم الذي حملته اللعبة مع اصطلاح World الذي يرتبط مع مُحبي ألعاب شركة ننتندو بواحدة من روائع ألعاب المنصات الخالدة و هي لعبة Super Mario World على جهاز السوبر ننتندو الشهير. 3D World كانت لعبة رائعة للغاية و قد واصلت هذه اللعبة على نسق 3D Land و حملت ذات التوجه مع الامتياز بقدرة القطة التي سمحت لماريو بتسلق المراحل و اللعب العامودي و ليس الأفقي فحسب، كما أضافت اللعبة إمكانية الجماعي التعاوني حتى 4 لاعبين للمرة الأولى في الأجزاء ثلاثية الأبعاد. على أية حال لم يكن مصير هذه اللعبة جيداً، اللعبة لم تحقق المبيعات المنتظرة و المرجوة منها (و بالطبع فإن الإخفاق الكبير للوي يو ساهم في ذلك) كما أنها لم تحظى بإجماع كلي من عشاق ألعاب سوبر ماريو، المشكلة لم تكن في مستوى اللعبة فهي لعبة متألقة كما هو الحال مع بقية ألعاب سباك ننتندو الشهير و مليئة بالتجديد و الأفكار الخلّاقة و لكن عالم الألعاب ككل كان يسير في توجه نحو الإبداعية و الانفتاح في التصميم و ننتندو كانت تمضي نحو تقييد ألعابها و تضييق الحرية للاعب و بالتأكيد فإن القبول لم يكن مثالياً، خاصة و أن اللاعبين قد ملوا بالفعل و تشبعوا حتى النخاع من عوالم مملكة الفطر و أجوائها الزاهية.

ماريو وسط المباني و ناطحات السحاب في لعبة سوبر ماريو أوديسي
ماريو وسط المباني و ناطحات السحاب في لعبة سوبر ماريو أوديسي

هنا كانت المغامرة حيث قررت ننتندو أن تقوم بثورة تجديد في ألعابها الرئيسة داخلياً، الأمر الذي لاحظناه جلياً مع سوبر ماريو أوديسي و أسطورة زيلدا نفس البرية، و على العكس من الأجزاء السابقة لهذه السلاسل فقد حصل مخرجو هذه الألعاب على حرية إبداعية كبيرة للغاية ليقوموا بضخ دماء التجديد و لتصل هذه الألعاب إلى الجمهور المعاصر و الحديث من اللاعبين، كينتا موتوكورا حمل على عاتقه مسؤولية خلق مفهوم جديد لألعاب ماريو ثلاثية الأبعاد و بلا شك فقد كانت المهمة صعبة للغاية، و قد أكد موتوكورا-سان في مقابلة له مع مجلة Edge البريطانية بأنه استشار خبير ننتندو الأكبر و الاسم العملاق “شيجيرو مياموتو” في كيفية تطبيق المفهوم و تحويله إلى لعبة متكاملة، و تحت نصائح و إرشادات أستاذ التصميم في ألعاب الفيديو شيجيرو مياموتو قام كينتا موتوكورا بتقديم الخلطة السحرية، الأكثر متعة و عجائبية من بين جميع ألعاب سوبر ماريو حتى اليوم Super Mario Odyssey.

لا شك أن كينتا موتوكورا نجح في الإظهار عن قدرات تصميمية و براعة كبيرة مع لعبة سوبر ماريو أوديسي، اللعبة التي حملت دقة لا تضاهى في تصميم المراحل و حملت جودة ألعاب ننتندو التي لا تفوتها شاردة و لا واردة، نعم سوبر ماريو أوديسي لعبة صلبة و متماسكة للغاية و قد أتاحت فكرة القبعة كابي قدرات جديدة و هائلة لسوبر ماريو و سمحت بالتفاعل مع المراحل والبيئة ثلاثية الأبعاد بصورة غير مسبوقة، و الأروع من ذلك هو شعور الرحلة الذي ركزت عليه اللعبة كثيراً من خلال المناطق و الموسيقى التي تُجسد حضارات و ثقافات متنوعة عديدة مثل مرحلة Luncheon Kingdom القادمة من المطبخ الإيطالي مباشرة، و حتى أن ممالك اللعبة احتوت على عملات بنفسجية مختلفة لا يُمكن استخدامها إلا في هذه الممالك تماماً كما هو الحال مع العملات النقدية الواقعية.

سوبر ماريو أوديسي هي اللعبة التي طارت بكينتا موتوكورا فوق الغيوم و وضعت اسمه بجوار الأفذاذ و العمالقة في إخراج الألعاب، و اللعبة التي أعادت إلى سوبر ماريو نجوميته و بريقه المعهود، و على أن اللعبة ليست بثورية سوبر ماريو 64 لعبة المصمم العملاق شيجيرو مياموتو، و لا بتكامل سوبر ماريو غالاكسي2 الخيالي، و على أن كينتا موتوكورا قد لا ينجح في التفوق على أساتذته في شركة ننتندو من ناحية العبقرية الكبيرة في التصميم المتشابك و الجرأة المذهلة إلا أنه يقترب من ذلك بدرجة حميمة، من الصعب القول بأن سوبر ماريو أوديسي هي أفضل لعبة لسوبر ماريو قاطبة لكنها الأكثر سحراً و حلماً و جمالاً. المارد الياباني يُثبت من جديد أن بلاد الشمس المُشرقة لا زالت ولّادة لمصممي الألعاب العباقرة و أن حُب الألعاب يسري كالدماء في عروقهم، و فنونُ تصميمها تتوارثُها الأجيال.

ننتندو عليها أن تنام مُطمئنة قريرة العين فسبّاكها الأشهر في أيدٍ أمينة.

شارك هذا المقال