سوني و أجهزة الألعاب المحمولة حكايةٌ تختلطُ فيها السعادة بالمرارة، و الحزن بالأمل، و النجاح مع الفشل، و تتخالف فيها اللامُتخالِفات. سيذكر التاريخ دائماً و أبداً أن جميع صانعي أجهزة الألعاب المحمولة فشلوا في مواجهة الحمراء العملاقة ننتندو، إلا سوني التي نجحت في رفع شعار التحدي عالياً و قدمت رؤيةً عظيمةً لسوق أجهزة المحمول، و للأسف فإن هذه الحكاية قد وصلت إلى صفحتها الأخيرة عندما أكد رئيس البلايستيشن أندرو هاوس بأن سوني لا تُخطط للعودة إلى هذا السوق، و ها نحن من خلال هذا التقرير نُحلل معكم أسباب هذه النهاية القاتمة.

لا شك بأن سوني دائماً امتلكت أحلاماً عظيمةً لسوق المحمول، كيف لا و هي الشركة التي عُرفت مع أجهزة الWalkman، سوني كانت تراقب نجاحات أجهزة الجيمبوي الكاسحة في التسعينات مع ألعاب Pokemon الشهيرة و تحلم بأن تضع بصمتها في هذا السوق، و عندما أعلنت سوني عن جهاز Playstation Portable للمرة الأولى في E3 2003، أكد أحد مسؤولي الشركة آنذاك بأن هذا الجهاز هو Walkman القرن الحادي و العشرين، نعم سوني كانت تمتلك الكثير من الأحلام و الطموحات بجلب رؤيتها للترفيه الشامل إلى الشاشة الصغيرة.

سوني قدمت بالفعل جهازاً استثنائياً مع الPSP، و على الرغم من أنه لم يكن جهازاً متكاملاً لأسبابٍ سنشرحها لاحقاً، إلا أنه قدم تجربة ترفيهية غير مسبوقة. قبل صدور الهواتف الذكية و الآيفون، قدمت سوني جهازاً متكاملاً للتسلية و الترفيه بإمكانه تشغيل الأفلام عن طريق أقراص UMD، و الموسيقى، بالإضافة إلى ألعاب الفيديو، و تجربة لعبة مثل Final Fantasy VII: Crisis Core للمرة الأولى كانت مُفجّرة للعقول. ننتندو سلكت توجهاً مختلفاً تماماً، و لسوء حظ سوني فقد نجحت ننتندو في خلق ثورة في الأجهزة المحمولة مع استخدام اللمس، و أثبتت أن الابتكار في العتاد لا يقل أهمية عن قوته التقنية أو تكامل الوسائط الترفيهية.

رغم النجاح التجاري للPSP إلا أن صيغة أقراص UMD قد فشلت، كما أن المستخدمين لم يجدوا بها وسيلة مريحة لاستبدال أقراص الذاكرة التي لا تُصدر الضجيج أثناء التشغيل و التي تتمتع بأوقات تحميل أسرع، كما أن القدرات الرائعة للجهاز في مجالات الوسائط الترفيهية مثل الأفلام و الموسيقى لم يعد لها قيمة كبيرة مع انتشار الهواتف الذكية و وصولها إلى جميع المستخدمين. شيئاً فشيئاً بدأ وجود سوني يضعف و يتراجع في سوق المحمول، حتى انتهى بها المطاف بالخروج من هذا السوق، فكيف حصل ذلك ؟ حسناً، إليكم 5 أسباب نرى أنها جوهرية خلف ذلك.

1- عدم التزام سوني تجاه أجهزتها بالألعاب

أحد الأسباب الرئيسية خلف خروج سوني من سوق المحمول هو عدم معاملة هذه الأجهزة كخيار رائد أو أساسي لمطوري الشركة. أهم فرق التطوير لدى سوني مثل Naughty Dog و Santa Monica عملت بصورة كاملة على الأجهزة المنزلية من الشركة، و إصدارات مثل God of War و Uncharted صدرت على أجهزة سوني المحمولة من فرق تطوير غير رئيسية لدى الشركة، هذا كان يُعطي المستخدمين الانطباع بعدم الحصول على التجربة الكاملة، أو بعدم الالتزام الكامل مع هذا السوق، و هو الأمر الذي أثبت صحته في النهاية.

في المقابل، فإن شركة ننتندو رمت بكامل ثقلها خلف أجهزتها المحمولة و بكافة فرق التطوير الرئيسية لديها، ففريق التطوير الذي عمل على Super Mario Galaxy في طوكيو هو ذاته الذي عمل على Super Mario 3D Land، و مطورو أسطورة زيلدا A Link Between Worlds هم مصممو زيلدا المخضرمون. لا شك بأن العلاقة في صناعة الألعاب و اللاعبين هي علاقة مبنية على الثقة، و سوني لم تنجح في كسب الثقة الكاملة لعشاقها و عشاق خياراتها المحمولة.

الأمر لم ينطبق على ألعاب سوني فقط، فسوني لم تنجح أيضاً في إقناع شُركائها بتقديم ألعاب متكاملة على أجهزتها المحمولة مثل تلك التي تصدر على الأجهزة المنزلية. Call of Duty Declassified كان مجهوداً متواضعاً جداً، كما أن Bioshock لم تصدر للفيتا قط.