War_flag_of_the_Imperial_Japanese_Army.svg

قام موقع Gamasutra المُحترف والمُختص في ألعاب الفيديو على صعيدٍ مهنيٍ وتجاري، بنشر تقريرٍ ثمين للغاية يتناول عملية تطوير الألعاب في بلاد الشمس المُشرقة، وذلك بناء على كلمة ألقاها نفس الكاتب الذي قدم ثلاثية كتب The Untold History of Japanese Game Developers.

منذ فجر التاريخ واليابان دولة محكومة بالأنظمة والقواعد الصارمة، ورغم تطور البلاد والثورة العلمية فيها، إلا أن هذه الصرامة والبيئة القاسية للعمل قد استمرت حتى في القرن العشرين. التقرير يكشف عن حقائق مروعة حصلت في بيئة تطوير الألعاب اليابانية، وعن تدخل عصابات الياكوزا في هذا السوق ودورهم التاريخي، ونظراً لفائدته القيمة فقد ارتأينا ترجمة أهم ما جاء به إلى اللغة العربية.

على الأرجح نستطيع أن نتفق جميعاً أن الألعاب اليابانية وتاريخها مهمة للغاية: إنها ألعاب حافلة بالإنجازات التقنية، ابتكارية، كما أنها توفر أساليباً فريدة من نوعها وممتعة. هذا ليس بسحر كما يعتقد بعض المُعجبين في العالم الغربي، هذا حصل بفضل الكثير من العمل الشاق والتضحيات، وهناك جانب سوداوي لعملية التطوير.

من أجل هذا التقرير سننظر إلى أمثلة على بيئة العمل الصعبة التي واجهها المطورون، وسننتهي بموضوع مُثيرٍ للجدل: الياكوزا ودورهم في كل هذا. بينما قد تكون هذه الحقائق صادمة بالنسبة لكم، هذه الأحداث ساعدت على نمو ونضج هذه الصناعة في فترة زمنية قصيرة، ولتنجح في السيطرة على الأسواق الغربية في تلك الفترة الزمنية. هذه الجزئيات السوداء هي جزء من تاريخ عالم الألعاب، ولا يجب أن يتم دفنها لأنها غير مريحة. إن فهم كيف ولماذا حققت الألعاب اليابانية كل هذه النجاحات، حتى لو كان ذلك يتضمن الكشف عن عناصر غير جميلة، يمكن له أن يوفر فهماً ضمنياً أعمق يكون ذا فائدة لمطوري المستقبل. ربما، قد يكون السبب الذي جعل اليابان تحكم الأسواق الأمريكية والأوروبية، لأن بيئة العمل ضحت بالكثير في سبيل مطاردة الإبداع، فيما كانت إداراتها على استعداد للتلاعب بالأنظمة والقواعد من أجل حماية مصالحها السوقية.

في عام 2013 قضيتُ ثلاثة أشهر في اليابان، لأقابل أكثر من 80 مطور من أجل الكتب الثلاثة: The Untold History of Japanese Game Developers. كانت نيتي الأساسية أن أفهم الخلفية لألعابي المفضلة، وما لم أتوقعه، وما فاجأني، كم كان مقدار التحدي الذي واجهه الرجال والنساء الذين صنعوا هذه الألعاب. بالنسبة للكثيرين منهم، قصصهم لم يتم سماعها أبداً من قبل، وقد كانوا متحمسين لمشاركة الأوقات الحميدة، والأوقات التعيسة التي واجهوها على حدٍ سواء. خطر ببالي أننا لا نملك سوى القليل من الفهم لكيفية عمل هذه الصناعة في اليابان. الحقيقة أن قصصهم انعكست بعض الشيء على ما واجهه المطورون في الغرب، وقد كان هناك أوجه تشابه أكثر مما أدركتُ في البداية. وقت الأزمات (Crunch Time) في كل مكان، وهو يدل على نوع من الوحدة بين المطورين حول أرجاء العالم. رغم قولي لذلك، بأن الوضعيات الصعبة هي أمر معتاد في صناعة الألعاب؛ في اليابان سمعتُ قصصاً تُثير أقصى درجات القلق. ما سمعته يجسد الحقيقة بأن ما حصلنا عليه لم يكن مُنتجات معلبة فحسب. الناس حقاً عانوا كثيراً وقدموا عديد التضحيات في سبيل حصولنا على هذه الألعاب.

لقد سمعتُ قصصاً شخصية عن عملية احتجاز في المكاتب، أمور تحت السن القانوني، مداهمات للمكاتب من البوليس والوكالات المختصة، العنف الجسدي، وقصص زملاء يعملون حتى الموت، هذا بالتزامن مع الكشوفات حول حماية الياكوزا لمحلات الآركيد من العصابات واستفزاز شهود المحاكم في قضايا براءات الاختراع، وحول رؤساء شركات تم حبسهم بسبب الاحتيال على الضريبة، والسياسات التي حصلت من خلف الكواليس.

الكثير من الأدب مُكرس لخواص اليابان كثقافة تُركز على العمل الشاق. حتى الثمانينات كان من الطبيعي للمدارس اليابانية والتجارة أن تعمل 6 أيام في الأسبوع. هناك حتى كلمة للموت من شدة العمل هي karoshi. هناك حوادث وفاة على مستوً عالٍ مثل وفاة مهندس تويوتا “كينيتشي أوتشينو”، والذي استلمت عائلته تعويضاً عن وفاته. رغم أن ألعاب الفيديو تتم مُطاردتها، إلا أن تأسيس وتاريخ تطوير الألعاب في اليابان مبني على ساعات العمل الطويلة وبيئة العمل الصعبة.

05_hamachi

Tokihiro Naito مُبتكر Hydlide، شرح غرفة Hamachi في شركة T&E Soft. في اللغة اليابانية Hamachi هو نوع من الأسماك، إلا أن استعمال الكلمة هنا يمزج بين كلمتين تعنيان “أزمة” و”ناس”، فبذلك Hamachi هي غرفة الأزمات. استناداً على أقوال نايتو: “عندما تدخل هذه الغرفة، سيتم وصد الباب من الخارج. في بعض الأوقات كنا نرمي مُبرمجاً هناك، ونغلق الباب، ونقول له: سندعُك تخرج عندما تنتهي من كتابة الكود!”.

06_yoshikawa

قصة أخرى رواها Yasuo Yoshikawa من شركة T&E Soft، واصفاً كيف تم تركه في أول يوم عمل داخل المبنى المظلم لأكثر من 6 ساعات، حتى سمع صوتاً غريباً، شخصٌ ما كان نائماً على الأرض بجانب مكتبه قد استيقظ وباشر العمل. قال يوشيكاوا: “كنت متوتراً جداً، ولذلك لم أقل شيئاً”. أخيراً عندما أتى رئيس الشركة، كان الوقت متأخراً جداً للعودة إلى المنزل فقال: “لماذا لا تُنجز بعض العمل؟”، انتهى بي المطاف لأعمل طوال الليل. في صباح اليوم التالي عندما بدأ الجميع في الاستعداد للنوم، تم إخباري بأنني أستطيع العودة إلى المنزل.”

07_inafune

من المهم أن تنظر في سياق التسلسل الهرمي في مكان العمل عند سماع هذه الحكايات. إذا تأخر المدير في العمل، كل من يعمل تحته يجب أن يتأخر مثله. بعض الرؤساء كانوا صارمين بدرجة مدهشة. حتى شخص مثل Keiji Inafune كان عليه الاستجابة لمطالب الرؤساء في العمل. Keiji Inafune وصف رئيسه في العمل، والذي يبدو دكتاتوراً: “رئيسي كان شخصاً يصعب إرضاؤه بصورة مدهشة، وعلمني أهمية الشدة في تطوير الألعاب. كان يتفقد محتوياتنا، ولكن لأنه كان صارماً جداً، فحتى لو كان ما نقدمه جيد، كان يقول: “هذا ليس جيداً!”. إذا كنتُ لأُعامل فريقي اليوم كما كُنتُ أُعامل في ذلك الوقت، سوف يقدمون استقالتهم.”

08_masaya_comic

أدركتُ سريعاً أن أغلب المطورين كان لديهم غرفة Hamachi؛ كان من النادر صناعة ألعاب بدون فترة أزمات في التطوير. حتى عندما رغب الرؤساء في منح الموظفين أوقاتاً للراحة، كانوا يرفضون ويواصلون العمل! Masayuki Suzuki من Masaya وصف تجاهله لأوامر رئيسه: “كنا ننام بين الفينة والأخرى في الشركة لنعمل طوال الليلة، وفي بعض الأوقات كان يتوقف الرئيس وهو مخمور ويسحبنا جميعاً إلى الملهى! ونحن كنا نثور! كنا نتحدث في وجهه قائلين “ما الذي تفعله؟ نحن نحاول إنهاء العمل!”.

09_nakai

رغم كل هذه المعاناة، المطورون كانوا يقومون بذلك ليس فقط لأنهم مُجبرين، بل لأنهم يُحبون ما يقومون به. Satoshi Nakai، رسام ومصمم Valken، وأحد زملاء Susuzki في Masaya استعاد تلك الذكريات باعتزاز: “عندما كنا نبقى الليل لنواصل العمل، كان ينتهي بنا المطاف مخمورين حتى الفجر ونحن نتحدث عن أفكار جديدة للألعاب. كل يوم كان “هذا ممتع!” و “نحتاج المزيد من الوقت!” و “أنا متعب!” أو “لدي فكرة أخرى!”. لقد كان وقتاً رائعاً للغاية، وأنا ممتن لأنني كنت جزءاً منه.”

كانت هذه سمة مشتركة عثرتُ عليها. مطورو الألعاب كانوا على قمة التكنولوجيا والإبداع، وتحملوا الصعاب بسبب متعتهم.

ساعات العمل الطويلة يُمكن لها أيضاً أن تتسبب بمشاكل صحية، حتى الموت. يوشيكاوا من T&E يقول: “لم أعد أبداً للمنزل خلال 6 أشهر كاملة، كنت أعمل وأنام في غرفة Hamachi. في يوم أحد عدتُ إلى المنزل، قمتُ بالاستجمام، وعدتُ إلى النوم. عندما استيقظت كنت أعمى. شعرت بالخوف الشديد وأخذني أحدهم إلى المشفى لأنني لا أستطيع أن أرى شيئاً! الطبيب قال بأن هذه ليست حالة تُصيب من هم في مثل سني الصغير آنذاك، وأمرني بالحصول على قسط من الراحة.”

Mikito Ichikawa الذي بدأ العمل في شركة Falcom بعمر الرابعة عشر، أصابه مرض شديد حتى وصل إلى حافة الموت. يقول: “أصبحتُ مريضاً جداً. الطبيب قال أنني سأعيش عاماً ونصف. السبب كان التوتر والقلق. لقد بدأتُ العمل في سن صغيرة، وهذا ترك أثراً ضخماً على جسدي. كنت أعمل ثلاثة أو أربعة أيامٍ متتالية بلا نوم وباستمرار. بالطريقة التي كنتُ أعيشُ بها، أي نوع من الأمراض كان يُمكن له أن يُصيبني.”

11_nakamura

كشفٌ آخر أكثر إذهالاً أتى من Kensuke Takahashi من شركة Zainsoft، والذي وصف الحديث مع Kouichi Nakamura الشريك المُبتكر لسلسلة Dragon Quest من خلال أحداث عديدة أجرتها شركة ننتندو. “ناكامورا قال أن الأمر لم يكن سهلاً، وأنه لم يكن ناجحاً كما كان يبدو عليه. قال أنه في أسوأ الأوقات رزخ تحت وطأة ديون ثقيلة، مئات الملايين من الين، ما يكفي لجعله يقوم بالانتحار. كان لديه العديد من فترات الصعود والهبوط.”

إذا كان الشريك المبتكر لواحدة من أكثر الألعاب نجاحاً قد فكر بالانتحار، فهذا يسلط الضوء حول صعوبة التحديات هناك. من يتواجد فينا هنا يظن بأنه ينظر إلى النجاح، لكن الأمر ليس دائماً كذلك. بالنسبة لي فإنه من المأساوي أن أعرف بأن هؤلاء المطورين الشباب قد تم استغلالهم من طرف المدراء والتجار وحتى الياكوزا. هذه هي المعاناة الناجمة من كونك محترفاً إبداعياً؛ إن لم تهتم بما يكفي بالمال الذي تستحقه، فإن هُناك طرفاً آخر سيحصل على هذا المال.

لقد ناقشتُ بالفعل غرفة Hamachi، وهي مختلفة تماماً عن غرف العزل. في اليابان غرف العزل هي kakuri-beya أو oidashi-beya، وهي وسيلة كانت تستخدمها الشركات اليابانية لإجبار الموظفين على تقديم استقالتهم عوضاً عن طردهم مباشرة. استناداً على Asahi Shimbun، حتى الشركات الكبيرة مثل Sony و Hitachi قاموا بذلك. البحث في جوجل يوضح مصادر عديدة تُدلي بأقوالها لحوادث كهذه.

12_sega

أحد المُقابِلين وصف كيف حصلت مشكلة في العام 2000: “شركة سيجا كانت تضع الموظفين في غرف معزولة ولا تطلب منهم شيئاً، لتجعلهم يعتزلون. موظفو سيجا السابقون قاموا بمقاضاة الشركة وربحوا القضية، وحصلوا على اعتذار علني من سيجا. لم يضعوا الناس بمعزلٍ فحسب، وإنما أرسلوهم إلى طابق مستقل كلياً. سيجا لم تخسر فقط قضية إعلامية بهذا الشأن، بل تضررت سمعتها بدرجة هائلة، لا أحد رغب بشراء ألعاب من شركة كهذه.”

رغم أهمية هذه القضية، التي حصلت عندما كانت سيجا توشك على الإفلاس وإيقاف جهاز الدريمكاست، مرت هذه الحادثة مرور الكرام على وسائل الإعلام في الغرب. لم أعثر عبر الشبكة سوى على مقال واحد حول هذه القصة من موقع IGN. البحث عن سيجا و kakuribeya يؤدي إلى مقالات يابانية عديدة -ولكن ماذا عن التغطية باللغة الإنجليزية؟ هذا كان تعذيباً واضحاً للمطورين، ووصل للمحاكم.

13_kensuke_takahashi

بعض أكثر الحقائق الصاعقة حيال ظروف بيئة العمل أتت من Kensuke Takahashi تجاه الحياة في Zainsoft. تاكاهاشي قال: “مؤخراً في اليابان بدأ الناس يتحدثون عن مصطلح “الشركات السوداء”، مصانع شريرة تستغل العمال والموظفين. Zainsoft كانت في مستوً آخر تماماً. لقد تم لكمي وركلي هناك بشكل دوري. في مرة من المرات، الرئيس التنفيذي للشركة حمل تلفازاً بحجم 14 بوصة وقذفه نحوي. الرئيس التنفيذي كان مُضطرباً عقلياً -في مرة ظللتُ أعمل لمدة 9 أيام متواصلة مع القليل من النوم، وبعد ذلك لمحني وأنا أغفو. أتى من خلفي وركلني بأقصى استطاعته. كنت متعباً جداً لدرجة أنني لم أشعر حتى بالألم. ارتطم رأسي بالشاشة بقوة كافية لتجعل الشاشة تتشقق.”

كما يصف، عمل تاكاهاشي في شركة Zainsoft لمدة 4 سنوات، بمعدل عمل وصل إلى 20 ساعة في اليوم، لم يكن يذهب إلى المنزل لشهور، وقد عاصر أكثر من 60 موظفاً انضم إلى الشركة واستقال. الأسطورة المحلية بين المستهلكين والمجلات كانت تقول أن شركة Zainsoft يتم إدارتُها من طرف الياكوزا. لقد ظهر بأن الرئيس التنفيذي لم يكن من الياكوزا، لقد قام بإطلاق شاربه وتظاهر بالقوة ليبدو أكبر مما هو عليه حتى يأخذه الآخرون على محمل الجد، في نهاية المطاف تم اعتقاله بسبب الاحتيال.

14_other_books

رغم أن رئيس Zainsoft لم يكن المجرم المنظم الذي توقعته، إلا أنه قادني إلى قضية تدخل الياكوزا الفعلي. قلة من الناس أبدوا استعدادهم للحديث بهذا الخصوص، ولكن يبدو بأن العديد من الشركات تم تأسيسها عن طريق الياكوزا. الأدب الإنجليزي حيال تاريخ الألعاب اليابانية يزداد سنوياً، لكنه نادراً ما يتطرقُ إلى قضية الياكوزا، أو كيف نجحت العناصر الإجرامية في الإسهام في نمو الصناعة، بالذات الآركيد – بذكر محدود لSteven Kent و Tristan Donovan، بالإضافة إلى Goldberg و Vendal من أتاري. أعتقد أن الألعاب اليابانية هي الأفضل في العالم، وليس بسبب هالة الغموض التي تُحيط بها -التفحص عن قرب لبعض المطورين تكشف نجاتهم من مصاعب السوق وكيف نجحوا في التحسن بفضل هذه العوامل.

15_pink_industry

في هذه النقطة أُريد أن أُعرّف السيد ناناشي. مُقابِلٌ (interviewee) أراد أن يبقى النقاش حول هذا الموضوع مبنياً للمجهول. لقد شرح: “في اليابان هناك نظرة بأن اللعب هو سيء، فهو النقيض للعمل الجاد. كانت مسألة وقت قبل أن تتم تغذية الصناعات الترفيهية بالشركات الشريرة والروابط مع العالم السُفلي. لنأخذ الآركيد مثلاً، من ناحية قانونية فهي محمية تحت الحقوق الخاصة بالتسلية والترفيه. فهي مدارة تحت نفس القوانين التي تنظم الكبار، أو الصناعة “الوردية”. لذلك، كان العالم السفلي يتدخل.”

16_toaplan

ثم ذهب ليشرح كيف خلال الأيام البكر لهذه الصناعة، بسبب الطريقة التي كان يعمل بها المجتمع الياباني، كان الياكوزا ضرورة للحفاظ على النظام. “قمتُ بالتجارة مع Toaplan. سألتهم حول مخططاتهم لحماية الملكية الفكرية. الشخص المسؤول صمت لبرهة ثم قال: “أحياناً عليك محاربة النار بالنار”. بمعنى آخر، كان ادفع للياكوزا لمحاربة الياكوزا الآخر الذي يصنع نسخاً مقرصنة. عندما تكون في تلك الوضعية فالمجتمع الياباني، بما يتضمن البوليس، لن يفعل شيئاً لمساعدتك إلا لو تعرضت حقاً للأذى. أن تكون جزءاً من مجتمع كهذا، أنت بحاجة إلى العالم السُفلي لحماية نفسك.”

03_arcade

أُريدك أن تتخيل هذا السيناريو. أولى أيام صناعة الآركيد. قد يأتي شخصٌ ويقوم بفتح أحد الماكينات لتفقد محتوياتها الداخلية أو حتى يسرق العملات النقدية. الآن تخيل لو كانت الصالة بإدارة الياكوزا وقام أحد “الموظفين” بإمساك هذا الشخص وأبرحه ضرباً. هذا ليس بالسلوك الجيد ولكن كيف سيستطيع أصحاب الصالات الدفاع عن أنفسهم؟ كما قال ناناشي: “إن لم تحصل هذه الأمور، صناعة الألعاب ما كانت للتطور بقدر ما حصل.”

تحدي الشركات التي ترتبط بصلاتٍ مع الياكوزا يُمكن له أن يكون خَطِراً أيضاً. ناناشي ذكر كيف كان شاهداً في قضية تتعلق بإحدى براءات الاختراع ضد مطور آركيد: “شقيقتي تم اختطافها. (…..) تأجر بعض رجال العصابات ليفعلوا ذلك. في ذلك الوقت كانت للتو فد تخرجت من الثانوية وأصبحت طالبة جامعية. لقد اختطفوها ليوقفوني عن الإدلاء بشهادتي لصالح ننتندو. كيف استعدتُ شقيقتي… لم يكن بمقدوري مواجهتهم مباشرة، فقمت باستعمال شاحنة ورافعة لالتقاط ماكينة آركيد حديثة الصدور وهشمتها أمام أحد مكاتبهم الرئيسية. قلت لهم:” في المرة التالية هذا سيحصل بأحدكم”. بعد ذلك، عادت شقيقتي إلى المنزل.”

20_directors

ناناشي وصف أحد رؤساء الشركات السابقين والذي لا نستطيع ذكر اسمه لأسباب قانونية ووصفه بأنه ياكوزا: “أشخاص مثله، أعضاء في المجلس الإداري، كانوا على علاقة بالعالم السفلي. بيع وشراء أجهزة الآركيد كان مرتبطاً بذلك، لأن هذه تجارة تجذب الياكوزا. الآن هم على صلة وثيقة بصناعة الباشينكو. أعضاء في المجلس الإداري لديهم أصابع قصيرة، مثل رجال الياكوزا الذين يقومون بقطع جزء من أصابعهم. في الأصل كان رئيساً لشركة توزع ماكينات الآركيد؛ وفي ذلك الوقت هؤلاء الذين كانوا يعملون في الاستيراد والتصدير كان لديهم دائماً علاقات مشبوهة. الكثير من الرؤساء خلف صناعة ماكينات الباشينكو هم في الواقع من مافيا كوريا الجنوبية.”

Roy Ozaki الذي عمل سابقاً في Data East شرح كيف كان الياكوزا يعملون: “الياكوزا كانوا يؤسسون شركات كواجهة عمل. شريكي Niida كان أصغر مدير فرعي في Data East في أوساكا. كان يكره الياكوزا. عندما تبيع أشياء معتمدة على العملات النقدية، الياكوزا دائماً كانت تأتي لتبيع الناس “تقويم الياكوزا السنوي”. من بحق الجحيم يرغب في شراء تقويم ياكوزا يبلغ ثمنه ما يقارب الألف دولار؟”

كما كشف أوزاكي، هذا التقويم كان أشبه بضمان حماية – أنت تشتري التقويم وهم لا يضايقونك. واصل: “الياكوزا أتوا، شركة Data East و الأحد عشر موظفاً في أوساكا، كانوا خائفين. Niida جلس مع الاثنين في مكتبه لمدة عشر ساعات. كان يقول “كلا، لن أقوم بشراء هذا التقويم”. لمدة عشر ساعات استمر بمجادلتهم. الياكوزا استسلموا في النهاية وغادروا. إنه أسطورة بسبب ذلك. أغلب الشركات ستقوم فقط بشراء التقويم.”

حسناً، نعتقد أن هذه المادة لم تتم تغطيتها بهذه الصورة من قبل عن طريق وسائل الإعلام العربية، ولم يسبق لي على الأقل أن قرأتُ شيئاً يُشير إلى دور الياكوزا في صناعة الألعاب بهذه الصورة، ولو أنني أتيتُ على ذكر صلتهم التاريخية مع شركة ننتندو الشهيرة، في تقريرٍ سابقٍ حول “جنبي يوكوي” ومقتله. بعد كل ما قرأتموه، ما هو رأيكم بالصعوبات والعوائق التي يواجهها مطورو ألعاب الفيديو في اليابان وعالمياً؟

شارك هذا المقال