silent-hill-504e9a3667be8

مرحباً بكم في التل الصامت
بعد هذه المقدمة الطويلة، نبدأ زيارة مدينة التل الصامت، مدينة صغيرة هي، تقليدية للغاية، أمريكية للغاية. تحدها من أحد الجهات بحيرة تولكا ذات المنظر الخلاب ومن الجهة الاخرى غابات مترامية الاطراف. بها كل مقومات اي مدينة تقليدية صغيرة: مدارس، مشفى، بنك، مجمع تجاري، كنيسة. و تمتاز بكل مميزات المدن الامريكية الصغيرة: سلسلة مطاعم وجبات سريعة  (Happy Burger)، العديد من النُزل أو Motel، فندق سياحي معروف Grand Lakeview hotel، فريق قومي لمصارعة الكرة أقصد لكرة الرجبي و …

هل هي موجودة فعلاً؟
مدينة سايلنت هيل – وهي وليدة خيال توياما – هي محور أحداث أحد أفضل سلاسل العاب الرعب. مدينة ذات وجهين، مدينة كانت في السابق تمتاز بكونها أحد اشهر الاماكن السياحية في قارة امريكا الشمالية ثم أمست مدينة أصبح مجرد ذكر اسمها يبعث الرجفة و الخوف.

السطور السابقة هي – بإختصار – الوتر الذي لعب عليه المصمم بنجاح ليخرج لنا بلحن جديد في عالم الالعاب، و أقول جديد لأنه – على حسب علمي – لا يوجد لعبة تحدثت عن مدينة تملك قوى ميتافيزيقية خارقة، هناك العاب تحدثت عن مدن مسكونة و غير مأهولة، و هناك العاب تحدثت عن مدن مسكونة بالوحوش والزومبي ولكن لا توجد لعبة محورها مدينة شريرة.

التل الصامت فعلت ذلك ليكون لها السبق في عالم الالعاب و …

قبل الاسترسال أود أن أذكر أن توياما – وعند كتاباته للقصة – كان متأثر بالادب الغربي و في تميمة معينة بالذات، تميمة العودة للشئ .

هذه التميمة محبوبة جداً لدى كتاب الرعب الغربيين وهي – بإختصار – تتحدث عن مواجهة مرعبة مع شئ في الصغر ثم العودة له في الكبر، ربما تكون قصة ستيفن كينج IT خير مثال هنا .
توياما أراد ان يلعب بهذه التميمة فكان أن دمج الخطوط العريضة – المذكورة أعلاه في حال قد نسيتم – مع هذه التميمة ليكون الناتج قصة تتحدث عن فتاة عادت لمدينة التل الصامت بعد غياب طويل و …

طبعاً من لعب الجزء الاول يعرف أحداث هذه القصة المعقدة ولا أود أن أسترسل في هذه النقطة، المهم ان هذه القصة كانت البداية لسلسلة من القصص المرعبة الممسوحة بطابع سوداوي كئيب يكون محورها دائماً تلكم المدينة الحزينة “التل الصامت”.

وهنا طرأ سؤال في وسط صناعة الجزء الأول توقف عنده فريق الصمت أو Team Silent وهو فريق تطوير اللعبة بقيادة توياما وكان كالتالي: هل هذا يكفي لإخراج اللعبة للجمهور؟

و كان الجواب – بديهي جداً – لا !!

إذن مالذي بيد الفريق لكي يضيفه خصوصاً أنهم أصبحوا مقيدين بخط عريض يجب أن لا يحيدوا عنه ! الفكرة موجودة، القصة موجودة، أسلوب اللعب وتم الاتفاق عليه. إذن ما الذي تبقى؟

وكان الجواب يكمن في إفتعال تاريخ لمدينة التل الصامت خصوصاً ان الأساس هو: المدينة لها تاريخ طويل، كانت رمز الجمال في الماضي وأصبحت رمز الرعب في الحاضر.

وكانت النتيجة النهائية أنه تم كتابة تاريخ لمدينة التل الصامت ملئ بالأحداث، تاريخ كالتالي:

عن التل الصامت نحكي

الزمن: القرن السادس عشر،
المكان أرض غير معلومة تقع في أمريكا الشمالية.

هذه الارض كانت موطن أحد القبائل والتي كنت تمارس طقوس معينة لها طابع ديني. سبب هذه الطقوس أن الأهالي عرفوا أن هذه الارض تتمتع بقوى ميتافيزيقية خارقة وأطلقوا عليها اسم “ارض الارواح الصامتة” – وهذا إيحاء قوي عن كيفية نشوء اسم التل الصامت -.

في نهاية القرن السادس عشر عثر بعض الرحالة على هذه الارض وقاموا باستيطانها واحتلالها ومن ثم طرد اهاليها ومن لم يخرج قاموا بقتله. مرت السنين وانتعش الوضع في الارض الجديدة وتوافد عليها الرحالة وكبرت المدينة والتي سموها “التل الصامت”.

ToSilentHill

بعد مرور مايقارب من القرن، وتقريباً في بدايات القرن الثامن عشر انتشر وباء بين المستوطنيين وأخذ يفتك بهم بشكل سريع الأمر الذي استدعى لبناء مشفى لكي تتم معالجة هؤلاء المرضى وهكذا ظهرت مستشفى بروكلين هيفن Brookhaven Hospital للوجود.

الوباء كان أقوى من الجميع لذا تم هجر المدينة لتصبح غير مأهولة لمدة تقارب القرن قررت فيها الحكومة ان تجعل من سايلنت هيل “منفى” للمجرمين وعلى أثره تم بناء سجن تولكا Toluca Prison.

تدريجياً، عاد الناس لمدينة التل الصامت وبدأت الامور بالانتعاش نسبياً ولكن يبدو أن المدينة قررت إظهار جانبها المظلم للرحالة الجدد إذ انتشر وباء أخر خلال هذه الفترة في المدينة الأمر الذي جعل الحكومة تعيد ترميم المستشفى وللمرة الثانية الوباء كان أقوى وتم إغلاق السجن والمستشفى هذه المرة .

في منتصف القرن الثامن عشر تم إستيطان التل الصامت مرة اخرى وتم إكتشاف ان الارض غنية بالفحم الحجري لتصبح في خلال فترة زمنية قصيرة مقصد كل الباحثين عن الثراء و لتتحول المدينة إلى رمز تجاري وعصري على وقتها.

بعد انتهاء الحرب الاهلية الامريكية اتجه العديد من ضحايا الحرب – والذين لم يموتوا – للإستجمام في مدينة التل الصامت و من وقتها اكتسبت المدينة هذه السمعة التي لازمتها أبد الدهر ألا وهي أنها وجهة سياحية ممتازة.

في بدايات القرن العشرين، وتحديداً في عام 1918 وفي أحد أيام شهر نوفمبر الشديدة الضباب حدثت كارثة فظيعة حيث غرقت سفينة – وأسمها النبيل الصغير – في بحيرة تولكا، كانت السفينة عبارة عن رحلة سياحية وعلى متنها أربعة عشر سائح بالإضافة إلى طاقم السفينة الذين فشلوا بالعودة إلى المرفأ فغرقت هي وجميع من عليها.

عندما قامت الشرطة بتقصي الأمر وعمل حملة لانتشال الضحايا فوجئ الجميع بعدم وجود أي أثار سواء للسفينة أو الناس مما أضفى على بحيرة تولكا جو مرعب أصبحت بعدها منبوذة من قبل السكان.

هذ الحدث تزامن مع انتشار أقاويل عن مجموعة من الناس تحاول أن تعيد إحياء الطقوس الدينية والتي كان اهل الارض الأصليين يؤمنون بها، لم يستغرق الأمر وقت طويل حتى عرف السكان بأمر هذه المجموعة و التي اطلقت على نفسها اسم    The Order Cult  والتي نجحت بإحياء الطقوس بنجاح وتم إيقاظ الالهة النيام – وهذا في زعم القصة طبعاً -.

عملية الايقاظ لم تكن سوى ولادة لطفلة رضيعة اسمها “إليسا جليسبي Alessa Gillespie”  وكانت نتيجة ولادتها بداية أحداث التغير التام الذي حل بمدينة سايلنت هيل  بأن أصبحت كأنها منسية ولا يمر عليها الزمن بشكل طبيعي!

Alessa_Gillespie_by_Rachaurux

أصبحت كأنها توجد في عدة أبعاد تتلاقى عندها عدة عوالم، وأصبح للمدينة تأثيرها الخاص حيث من يزورها مرة يصبح جزء من عالمها الرهيب، مدينة تقوم قواها الخارقة بتجسيد ماضي الشخص المذنب إلى حقيقة يراها ويحسّ بها ويتفاعل معها ويتألم بسببها، وأصبح لها قوى خارقة تستدعي المذنبين لتواجههم بالحقيقة التي يهربوا منها منذ الازل، مدينة ضائعة في نهر الزمن، بلا لّيل وبلا نهار، مدينة أصبحت حرفياً منسية، مدينة مغلفة بالضباب حتى أصبحت كالبوتقة المعزولة عن العالم الخارجي، مدينة اسيقظت قواها الخارقة بعد سبات عميق لترحب بالآثمين و المذنبين و …

و للضباب بقية..

Silent Hill Revolution trailer 4

شارك هذا المقال