Kill La Kill واحد من أهم مسلسلات هذه العام الماضي والذي أستمر لنهاية شهر مارس من العام الحالي، مهما كان رأيك الشخصي في هذا الأنمي فهذه حقيقة لا يمكن إنكارها. فهو المسلسل التلفزيوني الأول للأستوديو الواعد و الموهوب Trigger والذي يبشر بكونه خليفة للعملاق Gainax الذي تراجعت أسهمه الفترة الأخيرة، العمل الكبير الأول للرائع Imaishi Hiroyuki منذ فائق الشعبية Gurren Lagann. لهذا، لم تكن حالة الحماس و الترقب الذي احاطت بهذا العمل منذ إعلانه بالغريبة، و لم تكن الشعبية العالية التي قدر على الحصول عليها منذ لحظة عرضه بالمستهجنة. إنتهى Kill La Kill بعد 24 حلقة من الحركة و الجنون، فكيف كان مستوى هذا العمل الواعد في النهاية؟

قصصياً، Kill La Kill إستعمل خلطة عمل المخرج السابق “Gurren Lagann” في بدايته. قصة حركية مجنونة لا تعرف السقف، تمزج الجدية بالهزل بشكل منسجم. قصتنا تحكي عن Matoi Ryuuko، مراهقة في المرحلة الثانوية يقتل والدها في ظروف غامضة، حيث لا تعرف ريوكو عن قاتل والدها إلا أنها فتاة تمتلك سيفاً على شكل نصف مقص كالذي وجدته بجثة والدها. تقودها الأدلة و الحدس إلى أكاديمية هونوجي العسكرية التي تحكمها بقبضة من حديد الشخصية الكاريزمية Kiryuuin Satsuki التي يبدو أنها تعرف أكثر مما ينبغي عن المقص، و هنا تبدأ قصتنا.

رغم كون قصة Kill La Kill منذ بدايتها مزيجاً من الجد و الهزل، و رغم الطابع الساخر الذي احاط به منذ اللحظة الأولى، إلا أنه قدم بناءاً قصصياً ممتازاً في بدايته. حيث لم يضيع حلقة بدون أي يتعمق في عالمه المثير للإهتمام، أو يسلط الضوء على أحد شخصيات طاقمه جيد العدد، أو يضيف إلى لغز قاتل والد ريوكو. بل قدم العديد من الشخصيات المثيرة للإهتمام التي أغرقتنا حماساً لدورها المستقبلي في القصة، كالسياف الأعمى Sanageyama Uzu و المقاتل العاري Kinagase Tsumugu، و الذين – بكل أسف – تجاهلهم المسلسل تماماً بنصفهم الثاني، و هنا يأتي الذم.

ماتعودناه من أسلوب Imaishi هو أن يبدأ المسلسل مزيجاً من الجدية و الهزل و تتنازل أسهم الهزل تدريجياً مقابل الجدية خلال سير القصة.. لكن العكس قد حصل تماماً في Kill La Kill حيث تحول العمل في نصفه الثاني – بإستثناء حلقة معينة – إلى مسلسل gag لا يأخذ شيئاً بجدية ولا يحتوي أي شعورٍ بالخطر. و هذا كان من أكثر ما احبطني في المسلسل الذي عشقت لحظاته الجدية في نصفه الأول و توقعت المزيد منها في النصف الثاني، فافاجأ بكونه لغى جانبه الجدي بالكامل في قرار غريب جداً يثير في نفسي الريبة بكون المسلسل أعيدت كتابته بلحظة معينة. المشكلة الثانية هي كونه تجاهل جميع شخصياته الجانبية في مقابل التركيز على الشخصيتين الرئيسيتين ريوكو و ساتسكي. حيث لم تلعب باقي الشخصيات أي دور في القصة في نصفها الثاني إلا الدعم السطحي للبطلتين، و هذا كان محزناً جداً حيث كان طاقم Kill La Kill في نظري من أكثر طواقم أعمال الحركة تميزاً في الأعوام الأخيرة، و لعل افضل وصف للتوجه الذي سارت فيها القصة الثاني هو “Wasted Potential“، و إن كانت مازالت قصة حركية كوميدية ممتعة، إلا أنه كان بإمكانها أن تصبح شيئاً أفضل بكثير.

مما ميز Kill La Kill كثيراً كان توجهه الفني. نحن في عصر تبدو فيه مسلسلات الأنمي جميعاً متشابهة. هناك من الإستثناءات ما هناك، لكن حين تشاهد Kill La Kill أو Space Dandy و تجد نفسك تقول “واو… هذا الشيء يبدو مختلفاً”.. تدرك أن هناك مشكلة. Kill La Kill أنمي يرفض المظهر “العصري” إن صح التعبير، يحاول أن يصنع مظهره الخاص و أسلوبه الخاص في كل شيء، لا يختلف لمجرد الإختلاف فقط.. فالمظهر الذي يقدمه هذا العمل يمزج الكلاسيكية و الحداثة بشكل مثالي. يستخدم خلفيات مرسومة يدوياً بالكامل مما يعطيه مظهر مختلف و كلاسيكي يندر تواجده. شيء لم نعد نراه إلا في أنميات سيريالية بحتة كـ Mawaru PenguinDrum و ليس أنمي حركة ساخر! يستخدم الـ Still Shots المرسومة يدوياً! التقنية التي إشتهر بها المخرج الكبير Dezaki Osamu، و يوظفها بأفضل طريقة ممكنة لخلق مشاهد أيقونية تذكارية. يستعمل طريقته الخاصة في تقديم كل شيء، يحاول أن يعطي بصمة مميزة لكل عناصره كيف لا يمل المشاهد، من الأمثلة على هذا إستعمال أبعاد عرض 4:3 خلال الـ Flashbacks لإعطاءها حس قديم! الجانب الفني و الرسومي كان من نقاط قوة KlK الواضحة و المبهرة، لكنه لم يكن مثالياً للأسف ككل ما بهذا المسلسل، فميزانيته و مستوى تحريكه كانا متذبذبان بشكل ملحوظ خلال الحلقات، و كان طاقم العمل يوفر الميزانية للقتالات الكبيرة بشكل لا يخفى على عين المشاهد البسيط. المشكلة الثانية أن الـ Choreography بأغلب القتالات كان محبطاً بشكل غريب! المعركة الأخيرة لم تكن إستثناءاً للأسف حيث إكتفى المخرج بتقديم تحركات سيف سريعة بسيطة بدون أي تصميم قتالي أو فني لها يمتع الناظرين، و لعل هذه كانت أكبر مشاكل العمل على الجانب الرسومي إجمالاً.

موسيقياً، رغم الشكوك و التخوف مما يمكن للرائع Sawano Hiroyuki أن يقدمه في عمل كـ Kill La Kill، لا يناسب أسلوبه الإعتيادي، إلا أنه أبهر الجميع بواحدة من أفضل ألبوماته و أقوى نقاط قوة هذا العمل. بين أغنية البوب الياباني الأيقونية Before My Body Is Dry، الأغنية الألمانية الكاريزمية Blumenkranz، لحن البيانو الراقي AdラLib، اللحن الملحمي الأتموسفيري Kiる厭KiLL – سامحونا.. هذا إسمه بالفعل! -.. و الحماس المتقطر من Sanbika، يقدم Kill La Kill وجبة موسيقية متكاملة و واحد من أفضل الألبومات الموسيقية التي سمعتها في حياتي. ألبوم أنصح الجميع بسماعه حتى إن لم يكن مهتماً في Kill La Kill أو صناعة الأنمي الياباني من أصلها!

كلمة أخيرة، Kill La Kill عمل حركي فائق المتعة و واجب المشاهدة لمحبي الأعمال الحركية الساخرة، قوي فنياً و موسيقياً بطاقم شخصيات ممتاز. إلا أنه عانى من الكثير من المشاكل في نصفه الثاني خصوصاً مما منعه أن يعد من الأعمال الممتازة، و رغم أنه لم يصل للمستوى الذي كان يمكنه الوصول إليه، إلا أنه قام بالكثير من الأشياء بطريقة صحيحة.

شارك هذا المقال