و أخيراً يبدأ الموسم الثاني المُنتظر من سلسلة الألعاب التفاعلية The Walking Dead، المبنية على سلسلة Comics شهيرة بنفس الاسم. احتوى الموسم الأول على خمسة حلقات تناولت قصة “لي” و إنقاذه للفتاة الصغيرة “كليمنتاين” إبّان فتك أحد الفايروسات بالولايات المتحدة مما حوّلها إلى مملكة مُدَمَّرَة و مستعمرة لمخلوقات الزومبي ( أو المُشاة Walkers كما يُطلق عليهم هنا )، حيث يصارع هذا الثنائي – برفقة آخرين – كافة الظروف المعيشية الصعبة من أحوال الطقس إلى شحّ الموارد الغذائية و العلاجية للبقاء على قيد الحياة، بالإضافة إلى خطر الموت و التحوّل إلى Walker بالطبع. و إذا أردنا أن نتحدث عن مستوى الموسم الأول فإن الحلقة الأولى لم تكن متميزة للغاية، إلا أن مستوى السرد القصصي ارتفع تدريجياً من الحلقة الثانية مروراً بالثالثة وصولاً إلى الرابعة، و أتت الحلقة الخامسة قصيرة للغاية و أقل من سابقاتها. على الرغم من ذلك فإن التجربة ككل هي واحدة من أفضل الأعمال القصصية الموجودة على الساحة حالياً.

و عليك أن تتوقع عزيزي القارىء أن نتحدث حول القصة بشكل أساسي حيث أن الفريق المطوّر Telltale ( و الذي يبدو أنه تلقى انتقادات على قلة و محدودية اللعب في الموسم الأول )، قد قام بتحديد و تعريف أهدافه مباشرة مع الموسم الثاني حيث ستظهر لك جُملة تعرّف اللعبة منذ الدقائق الأولى و هي: Interactive Story، أي أن اللعبة هي قصة تفاعلية و تهدف إلى أن تكون كذلك أكثر من كونها لعبة مغامرة أو لعبة Point & Click كلاسيكية، و لذلك سنحترم بدورنا توجه فريق العمل باستخدام ألعاب الفيديو كوسيط تفاعلي لطرح قصة.

شخصياً أرى بأن البناء القصصي في الحلقة الأولى من الموسم الثاني و التي صدرت تحت عنوان “ما تبقّى” تنجح تماماً في مهمتها، فهي تُعيد التذكير بوحشية و سوداوية عالم The Walking Dead الذي لا يرحم، و يقدّم الصغيرة كليمنتاين بطريقة بارعة للغاية تُسهّل على اللاعب التعاطف الكبير مع الشخصية علماً أن الأعمال القصصية كثيراً ما تفشل في بناء شخصية الطفل أو المراهق الصغير بشكل ناجح و تقع في فخ المبالغة بالذكاء و الحكمة ( مثل Hope من Final Fantasy XIII ) أو الإزعاج المبالغ به ( Ashley من Resident Evil 4 )، أو حتى أن تكون الشخصية أقوى من اللازم جسدياً و نفسياً و عقلياً ( مثل Ellie من The Last of Us )، و على النقيض من كل هؤلاء: فإن كليمنتاين هي الفتاة الصغيرة التي تواجه وحشية هذا العالم ببرائتها الطفولية و سِماتها الشخصية القابلة للتصديق، و أروع ما تقدمه هذه الحلقة هي الشعور و الإحساس باليُتم كما تواجهه (كليمنتاين) بعد أن فقدت (لي) الذي ارتبط معها بعلاقة أبوية و اعتنى بها كما لو كانت طفلة له أو حاملة لصفاته الوراثية. كما تستمر القصة بالتركيز على جوانب الطقس و صعوبة مواجهة الأحوال الجوية، و مشاكل الغذاء و العلاج و الظروف الصحية، مما يُساعدها على الاستمرار في بناء عالم قابل للتصديق يندر أن ترى له مثيلاً في ألعاب الفيديو. هذه قصة بمستوى روائي و لا تحتوي على الأعراف القصصية المبتذلة الشائعة في الميديا المرئية، و قراءة/لعب الحلقة مشابِهة لقراءة كتاب جيّد.

كما أثارت الموسيقى الجديدة إعجابي و بالذات موسيقى الكمان التي نجحت في خلق الشعور بالكآبة كما يجب أن تكون، حيث اصطبغت الحلقة الأولى بأجواء حزينة مظلمة، و ساهم في تعزيز التجربة التحسن الواضح الذي حصلت عليه الرسوميات حيث باتت أشبه كثيراً بالقصص المصوّرة Comics، و يستمر التمثيل الصوتي بمستواه الجيد خاصة أداء الأمريكية Melissa Hutchison التي تلعب دور (كليمنتاين) ليقوم الممثلون بدورهم في ترسيخ التجربة القصصية في ذهن اللاعب. أما طريقة اللعب فلم تلقى أية تحسينات و ما زالت بسيطة جداً و لا تزيد عن التفاعل مع بعض الأدوات و التحكم بالشخصية، بالإضافة إلى مقاطع QTE بسيطة، و مع ذلك فإن المزيج بين اللعب و السرد القصصي بأحد المقاطع كان قوياً و مؤثراً جداً، و لن يُمحى من ذاكرتك بسهولة.

يُمكنني القول بأنني سعيد جداً من المستوى الرائع الذي قدمته هذه الحلقة من ناحية البناء القصصي المحكم و الأجواء الكئيبة الرائعة و شخصية (كليمنتاين) المميزة، و التي أُرشحها لتكون واحدة من أفضل الشخصيات صغيرة السن في صناعة ألعاب الفيديو، كما أنني أعتقد بأن فريق Telltale الصغير حجماً هو أفضل استوديو غربي في هذه اللحظة من ناحية السرد القصصي، متفوقاً بذلك على Bioware المُتراجع بشدة في الألعاب الأخيرة. أنصحك بألا تفوتك هذه التجربة القصصية إذا كنت من هواة هذا النوع من الألعاب أو التجارب التفاعلية.

شارك هذا المقال
The Walking Dead Season 2: All That Remains
من أفضل القصص التفاعلية التي عرفها قطاع ألعاب الفيديو، بداية مؤثرة للموسم الجديد ستلعب على أوتارك العاطفية جيداً، تحسينات ملحوظة على الرسومات و الموسيقى.
لا يوجد أي شيء تفعله بعد أن تقوم بإنهاء الحلقة خلال ساعات معدودة.
يُسعدني أن أطمئنك في هذه المراجعة بأن الموسم الثاني قد بدأ بأفضل طريقة ممكنة، اسدِ لنفسك معروفاً و العب هذه اللعبة، و ستشكرني على ذلك لاحقاً.
تاريخ النشر: 18 December 2013
طورت بواسطة: Telltale Games
الناشر: Telltale Games