مع تطور قدرات الأجهزة المنزلية على الصعيد التقني صارت هذه الأجهزة  قادرة على تقديم رسوم و عوالم أكبر مما يعطي المطور حرية أكثر للابداع و الخروج عن المألوف و تجديد الأفكار و لكن للأسف أصارت أغلب الألعاب بالسوق خالية من جميع أشكال الابداع و التفرد و ألعاب أخرى نراها لا تقدم المستوى المطلوب لدرجة  تجعلنا نشك أن مطورها مقتنع بها من الأساس

ولكن من يتحمل مسؤلية غياب اللمسة الفنية عن الألعاب الفيديو؟

بالنسبة لي شركات  النشر و التوزيع هي المسؤولة رقم واحد عن هذه المعضلة  فهذه الشركات هي من تمول المطورين و توزع ألعابهم كما أن أغلب المسؤلين   بهذه الشركات  ليس لهم علاقة بمجال ألعاب الفيديو فهم  خريجوا كليات اقتصاد و تجارة  و ما إلى ذلك من ادارة الأعمال و لا يفقهون شيئ على مستوى الصناعة بشكل عام ( غياب تفاعل بين الادارة و فريق العمل التقني ) فهؤلاء يسعون لبيع منتج يباع بسهولة  لا انتاج عمل ذو جودة فنية  راقية ( فهم لا يعتبرون ألعاب الفيديو شكل من أشكال الفن ) و قد يأخذ الطمع الشركات حتى تشويه سلاسل عريقة و لعل أبرز مثال على كلامي هو فضيحة سونيك سنة 2006 نعم إني أتحدث عن عنوان sonic the hedgehog  2006 الذي جعل  سونيك يستعمل عكاز للمشي طيلة جيل كامل فقد أجبرت سيجا الاستوديو على تقديم لعبة غير كاملة لم تتجاوز عملية تطويرها 60 بالمئة فقط حتى يتم بيعها في فترة الأعياد ( للمزيد من التفاصيل تفقدوا هذا المقال)

لقد فقدت سيجا احترامها لسونيك من أجل المال

طمع شركات التوزيع لا يتوقف عند هذا الحد فحسب فقد وصل الطمع لدى الشركات باصدار ألعاب ذات سمعة تجارية طيبة سنويا ( حلب ) فصارت الألعاب لا تقدم جديد فقط تغيير في بعض التصاميم و قص و لصق منهنا و هناك و انتاج مشاهد سنمائية قوية لهدف التسويق للعبة الأمثلة كثيرة ففي هذا الجيل أغلب الشركات صارت تتخذ هذا المنهج فهو بالفعل أسرع و أسهل طريقة لتحقيق الأرباح بتكلفة قليلة جدّا  و لكن تبق قصة سلسلة call of duty و شركة  لجيل به  القصة المثالية عن استغلال و شجع شركات النشر و التوزيع بتاريخ الصناعة و أظن أن جميعكم يعلم تفاصيل القصة و لا داعي لذكرها  و اطالة المقال أكثر من الاّزم

و بما أننا نتحدث عن الحلب فليس الشركات وحدها المسؤولة عن هذه الظاهرة طمع المطورين بحد ذاتهم له دور كبير فقد صار المطورون كسولين وصارو يبحثون عن طريقة سريعة لجني الأموال فالمطورون هم العامل الثاني في تشويه الجانب الفني من ألعاب الفني و إلى جانب اعتماد المطورين على اعادة تقديم ألعاب من نفس السلسلة مرارا و تكرارا بدون أي اضافات أو فروقات صار المطورون يعتمدون على التقليد فلم يعد المطور يبحث عن فكرة جديدة يجذب بها اللاعب بل صار يقلد أفكار ألعاب ناجحة ليحصل على قاعدة جماهرية كبيرة سريعا و من أبرز الأمثلة نجد انتشار ألعاب الشوتر الأكشنية بشكل مرعب و رهيب جدا فالجميع يحاول أن ينسج على منوال كود و هذا التقليد الأعمى لم يسبب ظهور عناوين جديدة متشابهة و متطابقة في بعض الأحيان فحسب بل طال سلاسل عميقة مثل silent hill و resident evil فقد قام المطورون بتغيير أجواء اللعبة الأصلية و اضافة لمسة أكشنية حتى تكون اللعبة مشابهة لبقيت الألعاب ( نعم يا سادة لقد صار التفرد شيئ منبوذ ) و يضمن بذلك مبيعات لا تقل عن المتوسطة للعبته

و لكن حرص المطور و شركات النشر على تحقيق أكبر نسبة مبيعات ممكنة ليس سببه الطمع و حده فلا يجب أن يتلقيا اللوم وحدهما فشركات الطرف الأول و مجتمع اللاعبين لهما دور أيضا فكلاهما يتحملان المسؤلية و لو بشكل غير مباشر فشركات الطرف الأول هي السبب في ترفيع تكلفة تطوير الألعاب مما جعل ابتكار أفكار جديدة مخاطرة صعبة قد تسبب في خسائر مالية فادحة كما أن مجتمع اللاعبين لا يدعم الأفكار الجديدة بل صار ذو اختيارات محدودة جدا تنحصر على الشوتر و الأكشن السطحي

حسنا لا أريد أن يكون مقالي سلبي فلابد من النظر إلى الجانب ممتلئ من الكأس فهناك الكثير من الألعاب و المطويرن في هذا الجيل أثبتوا لنا أن هذا المجال هو فن من أرقى الفنون لذلك أريد أن أحيي استوديو naughy dog على كل ما قدمه في هذا الجيل و بشكل خاص لعبة the last of us و epic games على سلسلة gears of war و لا أنسى مطوري الاندي المستقلين الذين قدموا تحف فنية مثل journey و limbo و أثبتوا للجميع أن الابداع و التفرد لا يحتاج إلى مزانية كبيرة أو فريق ضخم بل كل ما يحتاجه هو أنامل مبدعة  و قلب ذو عزيمة

أخيرا أريد أن أنهي مقالي بهذا بكلمات للسيد Denis Dyack مؤسس silicon knights

أنا أظن أن ألعاب الفيديو على الأغلب هي أكثر أشكال الفن تقدما عبر تاريخ البشرية , ليس لأن ألعاب الفيديو تجمع جميع أشكال الفن التقليدي ( أدب , موسيقى , فيديو , خيال ) بل لأنها أيضا رابط فريد بين هذه الأشكال بطريقة تفاعلية مما يجعل الشكل الفني لألعاب الفيديو شيئا فريدا . ألعاب الفيديو هي الشكل المتكامل للفن الذي نعرفه

ملاحظة : ان الاستوديهات التي شكرتها هي مجرد استوديهات تذكرتها بتلك اللحظة و هذا لا يعني انها الاستويدوهات الوحيدة التي قدمت لمسة فنية 

شارك هذا المقال