من يعرف هيفي رين سيكون قادرا على توقع ما يمكن أن يراه هنا في بيوند، و هو مأخذ ديفد كيج مخرج بيوند في تطوير ألعابه. لعبة هيفي رين كانت مثل الإنتاج السينمائي، تركيز كبير على القصة و طرحها، و محاولة تقديم رسوميات و جرافيكس واقعي لأبعد درجة، و لا ننسى الإهتمام الكبير بالتمثيل الصوتي و الأداء. مع تطوير لعبتهم التالية و هي بيوند، طالب الكثير من ديفد أن يكون هناك دور أكبر للجيمبلاي، نحن نتحدث عن لعبة بلايستيشن هنا، فالجماهير تريد المزيد من اللعب و القدرة على التحكم. في بيوند تم تقديم شخصية أيدن، و هو مثل الروح المرتبطة ببطلة القصة جودي، و ليس فقط هو يحوم في الهواء، و إنما يستطيع التأثير على ما حوله فيزيائيا رغم أنه خفي و لا يستطيع البشر رؤيته. تقديم أيدن قد يكون من أكثر الأمور تشويقا في بيوند، خصوصا أنه يشبه كثيرا ما تم تطبيقه في لعبة جوست تريك، و إن أخذنا بعض الأفكار في الحسبان مما رأيناه في جوست تريك، فقد تحمل لنا لعبة بيوند جيمبلاي مذهل حقا بقيادة أيدن. لنرى اذا ماذا قدمت بيوند و كيف استطاع فريق التطوير توظيف الأفكار التي جمعوها خلال الفترة الماضية.
كم تبدو حقيقية
إن كان هناك شيء سيحبس أنفاسك في بيوند، فهو كيف يتم تقديم كل شيء بشكل شبيه بالواقع. فريق العمل مهووس جدا بتقديم تجربة سينمائية، و قد قام هذه المرة بالتعاقد مع ممثلة معروفة جدا و هي الين بيج لتقوم بدور البطلة، و أيضا كبطل جانبي هناك المخضرم ويليام دفو. هؤلاء الممثلين البارعين تم نقلهم الى اللعبة عن طريق استشعار و تسجيل حركات أجسادهم الواقعية، ثم هناك تمثيلهم الصوتي الرائع و المبدع. لا ننسى أيضا قدرات فريق كوانتيك دريم في تقديم تعابير الوجه الشبيهة بالواقع. بلا شك بيوند تجربة رائعة في المشاهدة، و الأداء الممتاز للشخصيات و تقديم موديل الأجساد الواقعية تجعل منها نتيجة يشار اليها بالبنان بكل تأكيد.
القصة في بيوند مثيرة للإهتام، و تحاول تحريك مشاعرك و كسب عواطفك إتجاه أحداث معينة. في هذه القصة جودي فتاة لديها قدرات خاصة منذ ولادتها، تتمحور في شخصية أيدن التي ترافقها و قدرتها على التأثير على ما حولها. جودي تعاني كثيرا بسبب هذا، فهي تعامل معاملة خاصة و لا يمكنها أن تعيش حياة طبيعية أبدا كبقية الفتيات. و كما هو متوقع فلا يمكن أن تمر حالة مثل هذه دون تدخل الحكومة و المباحث في أمريكا. القصة تغطي حياة جودي منذ صغرها و حتى شبابها، و لقد قام فريق العمل بتوزيع القصة حيث تنتقل الأحداث ما بين المستقبل و الماضي بشكل مستمر.
من الصعب جدا أن أكتب مراجعة للعبة مثل بيوند تعتمد على القصة بشكل رئيسي و أقوم بشرح إنطباعاتي دون أن أقوم بحرق أي جزء من أحداث القصة، لكني سأحاول أن أقوم بالمهمة الشبه مستحيلة. أثناء التنقل في الزمن بين الماضي و المستقبل ستتعرف أكثر على جودي، و ستعيش لحظات معينة من حياتها. في خلق التعاطف مع جودي كما ذكرت سابقا نجح الفريق في ذلك الى درجة ما، و هناك لحظات تشعر فيها بوحدة جودي و كيف تعيش حياتها الصعبة و هي لا تعرف أحدا من ماضيها تستطيع التعلق فيه بشكل مباشر، باستثناء الدكتور الذي راقب حالتها و يقوم بدوره ويليم دفو. لكن باستثناء ذلك فالقصة تبدو كقطع عشوائية من القصص الصغيرة المأخوذة هي أيضا من أفلام هوليوود عشوائية و متوقعة. عندما تحاول ربط هذه القصص مع بعضها لا تجد ذلك الرابط كثيرا، و أحيانا تشعر أن قرار تقديم القصة بشكل متنقل بين أزمان مختلفة زاد من الطين بلة، و جعل من الصورة الكاملة أكثر تشويها. و في مثل هذا النوع من القصص حيث يتم تقديم نظريات عن المجهول و الخيال العلمي، ينتهي بالقصة المطاف أن تترك أسئلة غير مجابة، و ليس لأن الكاتب لا يريد تقديمها، و لكن تبدو أكثر و كأنه وضع أسسها و لم يصل أبدا لحل منطقي لأسئلتها.
نظام التفاعل
ربما هذه أول مرة سأسمي الفقرة بنطام التفاعل بدلا عن نظام اللعب، و هناك الكثير من الأسباب خلف ذلك. لنبدأ أولا مع جودي و نترك أيدن جانبا لأنه يختلف عنها. جودي شخصيتك الرئيسية في اللعبة، و ستقوم بالتحكم بها من وقت لآخر. التحكم في اللعبة يتم عن طريق ضغط أزرار معينة تظهر على الشاشة، أو عن طريق الطريقة الجديدة في تحريك عصا الأنالوج اليمنى الى اتجاه معين. في كثير من المقاطع ستتمكن من المشي، أو الركض، الأمر ليس بيدك و لكنه معد مسبقا لك. خلاف الركض يمكنك أن تتفاعل مع بعض الأشياء المحددة مسبقا، مثل فتح باب، أو أخذ شيء، أو التحدث لشخصية أخرى، أو ربما مجرد الوقوف بعد الجلوس مثلا. التحكم هنا يتم بطريقة جديدة عبر نقطة بيضاء تجدها تظهر عند أماكن التفاعل. هذا الحال يكون غالبا في مقاطع القصة و السرد، و هي تشكل غالبية اللعبة، لكن هناك نظام تحكم آخر للقتال و التسلل. في مقاطع التسلل ستتمكن من الإتكاء على بعض الجدران للتخفي و تخطي بعض الجنود، ثم يمكنك ضغط زر مربع بجانبهم للقيام بإفقادهم الوعي. في مقاطع القتال اليدوي ستعتمد بشكل رئيسي مرة أخرى على عصا الأنالوج، هنا لن تتمكن من التحرك بنفسك، فقط شاهد ماذا يحدث و سيتم تبطيء التصوير أثناء تلقيك الضربات و القائك لها، و عندها قم بتحريك الأنالوج في الإتجاه الصحيح لتنفيذ الحركة.
في جانب أيدن فالتحكم يختلف و يصبح أكثر حرية، الى حد ما فقط. أيدن شبح مربوط بجودي، و يستطيع التحرك حولها بحرية حتى الحد الذي يسمح به الرابط الخفي بينه و بينها، فاذا ابتعدت كثيرا ستجد نفسك توقفت عن الحركة. الإنتقال للتحكم بأيدن سيكون متاحا في أوقات معينة من القصة، و يمكنك الإنتقال له بضغط زر مثلث. أيدن يستطيع أن يقوم بعدة أشياء، منها لفت الإنتباه، فمثلا يستطيع تحريك كأس على الطاولة أو إطفاء النور أو جهاز الكمبيوتر. أيدن يستطيع فعل أمور أكثر، مثل أن يقوم بالتحكم بشخصية أخرى، أو حتى قتل رجل ما بخنقه. يستطيع أيضا أيدن أن يقرأ ذاكرة شخص لمعرفة ماضيه أو أن يقوم بعلاج بعض الإصابات لجودي أو غيرها من الشخصيات. عندما تضغط زر مثلث لتنتقل لأيدن فيمكن عن طريق عصا التحكم أن تحوم في الهواء بحرية، و تضغط أزرار الكتف للإرتفاع و الهبوط.
نظام التفاعل في بيوند يعاني من مشاكل عدة. أثناء التحكم في جودي يصبح من المزعج عدم القدرة على الركض، حتى في بعض المناطق المفتوحة، اللعبة تحدد لك ما اذا كنت ستركض أم تمشي فقط. أثناء التحكم بجودي يمكنك استخدام عصا التحكم اليسرى للنظر يمينا و يسارا، لكن لا يمكنك تحريك الكاميرا بنفسك. الكاميرا ستكون ثابتة في كثير من الأحيان، و في الأماكن الضيقة مثل الغرف الصغيرة يصبح التحكم مزعجا و الكاميرا سيئة، خصوصا عندما تجد جودي تقوم بالدوران بالخلف بشكل تلقائي و مع تغيير الكاميرا لا تدرك في النهاية أين انتهيت. مشاكل أخرى تواجهنا أثناء التحكم بأيدن، فالطيران في الهواء ليس بالسلاسة التي يمكن توقعها، و الكاميرا تصبح مزعجة في بعض الأحيان.
