كتابة\ حميد الشامسي


لن يهتم كثيرًا إذا لم تتعرف عليه من المرة الأولى لأنه على ثقة عمياء بأنك ستميز صوته جيدًا عندما يقول لك : ” Hello, its’a me, Mario! ” هل تبدو هذه الجملة مألوفة؟ نـتحدث عن Charles Martinet الرجل الذي يقف خلف أصوات العديد من شخصيات ننتندو البارزة التي أمتعتنا لأكثر من عقدين ، الممثل الصوتي القدير و المتيم بحب السمكري الايطالي ماريو و عالمه الخاص.. أعظم شخصية العاب عرفها التاريخ ، السؤال الذي يطرح نفسه في البداية هو ما سر علاقة هذا الرجل الطويل الذي لا يملك شوارب بصديقنا القصير ماريو؟ كيف كانت بداياته؟ نقدم لكم مسيرة الممثل الصوتي Charles Martinet.

ليس من الغريب أن يكون امريكي الجنسية و بإمكانه تحدث الفرنسية و الاسبانية بطلاقة و القليل من الإيطالية (oh mama mia!) فقد انتقل إلى برشلونة عندما كان في الثانية عشر من العمر ثم إلى باريس ثم عاد بعد ذلك إلى سان فرانسيسكو ، ولد في السابع عشر من سبتمبر عام 1955 في San Joise كاليفورنيا و بدأ التمثيل عندما كان عمره عشرون عامًا ، كان بإمكانه أن يدرس القانون كما فعل أصدقائه و لكنه اتخذ قرارًا آخر ، أدرك Charles Martinet تمامًا بأنه لم يخلق ليكون محاميًا. عندما دعاه صديق آخر للمشاركة في حصة التمثيل بدلاً منه لم يكن مستعدًا بعد لخوفه من الوقوف أمام الجمهور و لكنه تفوق على نفسه لاحقًا بإختياره من قبل شركة وطنية تدعم المواهب و موافقة والديه ليسافر إلى انجلترا (مدرسة الدراما في لندن) للدراسة و بداية حياة جديدة تمامًا. حين عاد إلى وطنه بدأ بمزاولة ما يحب ، شارك في 75 مسرحية لأكثر من 9 سنوات و ساهم بعد ذلك في الكثير من برامج الرسوم المتحركة و الاعلانات التجارية بالإضافة إلى مراجعة أفلام السينما القادمة إلى المدينة.

صدفة خير من الف ميعاد.. ماريو يتحدث لأول مرة
في أحد الأيام قبل تسعة عشر عام تقريبًا أخبر أحد الأصدقاء مارتـنت بأن هناك اختبارًا في أحد المعارض التجارية لمن يقوم بدور سباك ، قرر صديقنا الذهاب لأول مرة في حياته للمشاركة في اختبار كهذا و حين وصوله كان مديرو الطاقم الصوتي يستعدون للمغادرة بعد وضع الكاميرات في الصناديق ، بعد أن نظر المسؤول إلى ساعة يده تمت إتاحة فرصة أخيرة لمارتـنت.. لم يعرف من كان هناك بأن التاريخ على وشك ولادة أعظم ممثل صوتي لرمز شركة ننتندو الشخصية الشهيرة ماريو ، على أية حال.. أخبره المنتج بأنهم يقومون بالعمل على نظام انميشن (Real Time) و عليه أن يقوم الآن بدور سباك ايطالي من بروكلين اسمه ماريو ، في الحقيقة لم يكن مارتـنت مولعًا بألعاب الفيديو كثيرًا فقد اقتصريت تجاربه الشخصية على بعض الألعاب الشهيرة فقط كباك مان ، عندما ظهر السمكري الشهير لأول مرة عام 1981 في لعبة الآركيد Donkey Kong كان اسمه “Jumpman” و بعدها بسنة تم اصدار لعبة Donkey Kong Jr ليظهر من جديد بإسم ماريو ، بالطبع لم تكن الشخصيات تتكلم ذلك الوقت و السبب عدم وجود مساحة كافية في أجهزة الألعاب القديمة و هذا ما جعل الأفكار تتقلب في رأس مارتـنت فقد خطط في البداية أن يتقمص دور شخصية غامضة لايطالي امريكي بصوت خشن عميق ثم ما لبث أن أصبح شخصية ودودة رقيقة القلب و السبب في ذلك أنه لا يعترف بالكوميديا التي قد تجرح مشاعر البعض. استمر في تأدية دور شخصية ماريو المستمتعة بالحياة حتى نفد شريط الاختبار بالكامل ليصبح بعدها شخصية هامة في ننتندو اقترن اسمها بماريو حتى يومنا هذا.

بعد أن دُهش من كان في المعرض تم إرسال شريط التسجيل إلى مبتكر الفكرة في ننتندو ليقوم بدوره باعتماد مارتـنت فردًا من العائلة.. نعم لقد وجدوا أخيرًا من يبحثون عنه. في أول عمل حقيقي لـه مع ماريو كان مختبئًا يرى و يسمع الجمهور خلف الكواليس بواسطة كاميرا مراقبة مخفية و الحساسات اللاقطة للحركة المعلقة عليه تقوم بترجمة تحركاته الوجهية إلى وجه لماريو تتم معالجته من قبل حاسوب ليظهر على الشاشة ، استخدمت ننتندو نظام MIRO (أو Mario In Real Time) التفاعلي الذي تم شرح آلية عمله قبل قليل و الذي يعمل بتقنية VActor في أكثر من معرض تجاري ليتم استخدامه عام 1995 في لعبة تعليمية للحاسوب تدعى Mario Teaching Typing. من المواقف الطريفة التي حصلت مع مارتـنت موقف الجمهور و هم يطلبون من ماريو التحدث مع شخصية لويجي (حينها لم يكن موجودًا على النظام) فقال لهم مارتـنت (يتكلم بوجه ماريو) أن لويجي في المطبخ ، بعد ذلك بفترة ظهرWIRO و DKIRO (نسبة إلى واريو و دونكي كونج).
وجبة سوشي من فضلك

يعتقد مارتـنت بأن عملية تطوير لعبة ناجحة شبيهة بصناعة فلم ناجح ، يتطلب الأمر الكثير من الوقت و الجهد لتحويل الأفكار العظيمة إلى عمل حي نراه على رفوف المحلات و الاسواق ، هذا ما كان يحصل بين فرعي ننتندو في امريكا و اليابان فقد كان هناك الكثير من العمل المشترك و مارتـنت بدوره يقوم بإضافة اللمسات الأخيرة (التسجيل الصوتي) ، عندما يحلق بالطائرة متجهًا إلى الاستديو ثم يذهب بسيارة أجرة لمقابلة المنتجون الأمريكيون للعبة يبدأون العمل بمراجعة السيناريو و مشاهدة بعض العروض السرية ، ثم عمل التمثيل الصوتي حتى تصل وجبة الغداء ليمسك مارتـنت بأعواد الطعام و يبدأ بتناول السوشي.. وجبته المفضلة دائمًا ، بعد العودة إلى العمل و الانتهاء تبدأ فقرة عشوائية يقوم فيها بإصدار بعض الصرخات و الانفعالات الصوتية ليتم انتقاء أفضلها من قبل المنتج و المخرج ثم إرسالها إلى اليابان لوضعها في لعبة لماريو.. عملية مذهلة بالفعل!

اشترك مارتـنت في أكثر من 100 لعبة فيديو سواء كانت من ننتندو أو غيرها ، يملك استوديو عمل خاص به في المنزل و لكنه يعتبر قضاء الوقت مع زملائه في العمل هو الجزء الأكثر متعة في حياته خصوصًا مع شخصية ماريو ، يحترم السيد شيجارو مياموتو جدًا و يقول بأنه من الصعب التصديق بأن الأب الروحي لعالم الالعاب شخصية متواضعة جدًا. إن شعوره بالمسؤولية في أعماله الصوتية هو ما يميزه دائمًا فمهما كان الدور الذي يقوم به قاسي لابد و أن يحمل في الوقت ذاته بعض الجوانب الانسانية لأنه يؤمن بأنه مهما بلغ الشر لابد من وجود القليل من الطيبة الفطرية في قلب الشخصية و ما يحصل قد يكون للفت الانتباه لا أكثر. لا يزال مارتـنت حتى يومنا هذا لا تكاد تمر 6 أشهر الا و قد اشترك في عمل جديد و غالبًا ما يذهب إلى مقر ننتندو في مدينة ريدموند ليقوم بالتسجيل ، من الجدير بالذكر أن أهم مساهماته الظخمة القادمة ستكون في لعبة سوبر ماريو جالاكسي 2 التي اعتبر الكثيرون الجزء الأول منها لعبة العام 2007 و New Super Mario Bros للوي و الجزء الثالث من لعبة الار بي جي Mario & Luigi للدي اس فقد صرح في E3 الماضي بأنه سيكون منشغل كثيرًا هذه الفترة ، نختتم مسيرة هذا الممثل المتألق بجملة دائمًا ما يحب أن يكررها في لقائاته بشكل أو بآخر: “من الرائع تمامًا أن تتلقى الأجر لقاء عمل تحبه و تقوم به على أكمل وجه ، اذا قمت بعمل ما تحب ستكون انسان ناجح ، سعيد و مبتكر”.

شارك هذا المقال