عنوان هذه المقالة تم اقتباسه من موضوع في منتديات ترو جيمنج وصل الى 7 صفحات من النقاش الحاد بين طرفين اختلفوا في آرائهم حول السلسلة الشهيرة. النقاش لاحقا تحول الى صراع لإبقاء فاينل فانتسي على ما هي عليه بأسلوبها الياباني ضد تحولها الى منتج غربي دموي و مليء بالمقاطع الفاسدة لإرضاء الجمهور. بالتأكيد هذا التوجه في النقاش كان جانبيا و بعيدا فعلا عن صلب الموضوع، و القاء نظرة حيادية على السؤال الأهم، هل فاينل فانتسي فعلا متأخرة؟ و لماذا يمكن القول أن السلسلة لم تنضج حتى يومنا هذا.

في الجزء الأول من نقد كاتب الموضوع، اتهم السلسلة بأنها حبيسة رغبة المطور و رغبة الجماهير، حيث أن الطرفين يمنعانها من التطور و التغيير. و كان المحور الرئيسي عن “انقاذ العالم”، لماذا يجب أن يكون هذا هو محور قصة اللعبة دائما. النقطة التي ذكرها الكاتب صحيحة، و نحن نقوم دائما بإنقاذ العالم. لكن هل هذا هو السبب خلف عدم نضج اللعبة أو القصة، لا يمكن أن نقول ذلك بكل أمانة. ألسنا في سلاسل ألعاب أخرى دائما ننقذ الأميرة؟ أو في أحيان أخرى ننقذ المجرة؟ الثيم الخاص بالقصة أو اللعبة لا يكون عائقا على تقديم قصة و سناريو رائع، عدم النضج إن وجد فعليا فسيكون من المحتوى و أسلوب الطرح أكثر من أي شيء آخر.

هناك أمر يجب أن يوضع على طاولة النقاش، هل كون المطور ياباني له تأثير على وضع السلسلة الحالي؟ و ما مدى تأثير زيادة شعبية الألعاب الغربية على الذوق العام في مجتمع اللاعبين. يجب أن نعود للماضي حتى نعرف الجواب لكل هذه التسآولات حقا. في الماضي كانت اليابان هي البلد الأم لتطوير ألعاب فيديو، كل شيء يخرج منها يصبح ضربة صاحقة في أنحاء العالم. المطورين اليابانيين في الماضي انقسموا الى قسمين في تطوير ألعابهم. الجزء الأول من المطورين قاموا بتطوير ألعاب للسوق الياباني، ثم اعتمدوا على احتكار السوق لنجاح هذه الألعاب خارج اليابان و ذلك لم يكن صعبا، بحكم أن ننتيندو و سيجا و بعدهم سوني هم من أسسوا سوق الألعاب في مرحلة نموه الأولى. في ذلك الزمان كان ليس من الغريبة رؤية تلك الألعاب برسوم الأنمي الزاهية و تلك الشخصيات المراهقة و الجذابة. هذه الفئة من الألعاب شملت تقريبا معظم ألعاب الـRPG الأصلية و ما تفرع منها من سلاسل مختلفة. في زمننا هذا للأسف دفع هؤلاء المطورين ثمن توجههم المحدود، و أصبحت معظم ألعابهم تفقد شعبيتها جزئيا حتى إنهم يرونها عديمة القيمة عند النظر الى المستقبل المظلم.

الطرف الثاني من المطورين اليابانيين كان يختار في تطوير ألعابه توجها عالميا، لا يمكن حصره على ذوق دون آخر، إنها ألعاب للكل. هذه الفئة من الألعاب تشمل الكثير من ألعاب ننتيندو، و منها سلسلة ماريو التي لا تزال الى يومنا هذا الإسم الأكبر قيمة في صناعة ألعاب الفيديو. أيضا تشمل هذه الفئة ألعاب مثل ميتل جير و ريزدنت ايفل و ستريت فايتر و التي اتخذت توجها عالميا منذ البداية. هذه السلاسل الناجحة من ننتيندو و كونامي و كابكوم لا زالت مبدعة متوهجة في عصرنا الحالي، و تحقق نجاحات كبيرة. في نفس الوقت هذه الألعاب تجسد إبداع المطور الياباني و قدرته على تقديم منتج يرقى لأعلى المقاييس في أي زمن. اذا المشكلة الحقيقي ليست في المطور الياباني، و إنما في توجهات معينة لا زالت تأخذ بعين الإعتبار في اليابان، و المشكلة هي أن بعض المطورين اليابانيين لا زالوا مصممين على النظر في اتجاه واحد.

المشكلة التي تواجه فاينل فانتسي أو عدم النضج التي تحدثنا اليه سابقا هي مسألة نابعة من توجهات تجارية متقلبة تحدث في اليابان حاليا. لا يمكن حصر المشكلة مع سكوير اينكس أو فاينل فانتسي، بل حتى داخل الياباني هناك الكثير من الجماهير الغاضبة جدا. مثال آخر يمكن النظر اليه هو سلسلة Gundam الشهيرة، و في عالم الأنمي لها مكانتها الخاصة و الكثير من العشاق الأوفياء. السلسلة في العصر الحديث و تحديدا مع Gundam SEED و SEED Destiny و Gundam 00 حصلت على الكثير من الانتقاد. الجماهير غضبوا من الحوارات الركيكة، و أحداث الدراما المبالغة، و الشخصيات ذات التوجه الأحادي. بعض الشركات اليابانية بدأت تبحث عن التوسع، او ربما إعادة بناء لشعبية بعض الأسماء التي كانت في وقت ما أفضل المراكز على الإطلاق. التوجه الى الأطفال أو ربما جيل المراهقين قد يؤدي تماما الى تغييرات لا ترضي المتابعين القدامى، لكن هذا هو الحال حاليا في اليابان، محاولة الوفاق بين إرضاء الأوفياء و كسب الجمهور الجديد، إنه في كل مكان الآن.

فاينل فانتسي 13 جسدت ضياع التوجه في السلسلة كما لم تفعل أي لعبة من قبل. الشركة أرادت تقديم لعبة مبسطة، لعبة قد تجذب الكثير من المعجبين الجدد و تعيد للسلسلة شعبيتها المفقودة مؤخرا. النتيجة كانت سيئة، لقد قاموا لإنتاج لعبة لم تحقق أي من الأهداف، فهي لم تجذب جمهورا جديدا و لم تسعد الجماهير الأصلية. التخبط لم ينتهي هنا فقط، فتجد أحيانا نفسك تتسآل كيف تم تقديم شخصية مثل “فانيل” في اللعبة، شخصية كان تمثيل صوتها الإنجليزي غريبا جدا و غير منطقي، لقد بدت كأنها شخصية من خارج عالمنا الحالي، لا عجب و هي صممت كشخصية يابانية، نابعة من ثقافة تعتبر غريبة للمشاهدين من الخارج.

إن كنت سأصنف فاينل فانتسي بين ألعاب المطورين اليابانيين الذين ذكرتهم سابقا فسيكون ذلك صعبا، فهي لعبة بدا توجهها عالميا في أجزائها الأولى و ثنائية الأبعاد لبساطة التقديم، ثم لاحقا و مع البعد الثالث و التمثيل الصوتي أصبحت خليطا حقيقيا بين ثقافات متعددة. في الحقيقة هناك تفاوت كبير حتى بين أجزاء السلسلة الرئيسية، و هو أمر غير مستغرب لأن فريق العمل يتغير من وقت للآخر. كمثال بسيط نجد فاينل فانتسي 12 تعود أكثر لجذور السلسلة، و تحاول تقديم شخصيات و مستوى حوار أكثر نضوجا، بينما لعبة أخرى تليها مثل فاينل فانتسي 13 تمثل توجها و محتوى مختلف بشكل كبير جدا.

الجزء الثاني من نقد كاتب الموضوع كان يخص عناصر جيمبلاي معينة و البيئة بعيدا عن القصة. لماذا نجد بيئة فاينل فانتسي ثابتة و غير قابلة للتفاعل، لماذا لا يستطيع أبطال اللعبة التحرك بشكل أكبر و لماذا يبدو القتال و كأنه رسوميات متكررة. هذه كانت تساؤلات الكاتب، و الأمر كله ينبع من اعتقاد أن الشركة تخشى التغيير. هل حقا أثار خطوات الأرجل على الشاطيء ستجعل اللعبة أكثر نضجا مما سبق، إنه أمر بسيط فعليا و مجرد زيادة اتقان و جودة في المظهر، أمر وصلت فيه اللعبة الى مراحل متقدمة جدا مقارنة بغيرها. في الحقيقة هناك أمر يفزعني أكبر من عناصر بسيطة للتفاعل مع البيئة، و هو كيف أننا نعود للوراء حاليا في أمور كثيرة و تحديدا بعض عناصر السلسلة الأسطورية المهمة. أين ذهبت المهمات الجانبية الممتعة، و قتال الزعماء الخياري عندما يكون خلفه معنى حقيقي، و أين كل تلك الـitems السرية. لقد فقدت السلسلة الكثير من محتواها الرائع و تلك العناصر التي جعلتها صاحبة تلك المكانة الرائع في عالم الألعاب.

كما قلت سابقا فاينل فانتسي ليست سلسلة يمكن النظر اليها بشكل عام، فهي تتغير كثيرا من جزء لآخر. عندما أنظر لشخصيات مثل باش و بالثير من FF12 أشعر أنها شخصيات منطقية أستطيع التواصل معها، بينما الأمر ليس نفسه مع شخصيات مثل فانيل من FF13. تلك الحوارات و المقاطع التي أراها في FF13 بين سنو و سارا لم تجد مكانا في قلبي حقيقة و لم أجدها تضيف شيئا أستطيع تقديره لتجربتي في اللعبة، ليست هذه اللمسات السينمائية الدرامية التي تحتاج اليها السلسلة. قد لا يتفق معي الكل هنا، لكنه حقيقة صراع كبير بين أطراف متعددة، منها جماهير للسلسلة و منها أطراف داخلية في سكوير اتخذت قرارات قد تكون مبررة لكنها غير موفقة. السلسلة الآن أصبحت فعلا تحتاج من ينقذها بشكل كبير، شخص يستطيع أن يصل الماضي بالمستقبل، و يبحث عن هوية ضاعت في زمن تحتاج فيه سكوير الى قائدة لوائها أكثر من أي وقت مضى.

شارك هذا المقال