hussien-11
Senior Content Specialist
============================
http://www.imdb.com/title/tt0109830/photogallery
التقييم : 4.5 / 5
Forrest Gump - أنتج عام 1994 من قبل Paramount .
النوع : دراما
المخرج : Robert Zemickis
استنادا على رواية الكاتب : Winston Groom ( تمت كتابتها عام 1985 )
إنتاج : Wendy Finerman
المدة : 142 دقيقة
إنجازات : فاز بـ6 جوائز أوسكار تتضمن أفضل فيلم و أفضل مخرج ( روبرت زيمكس ) و أفضل ممثل بدور رئيسي ( توم هانكس ) ، و فاز بـ32 جائزة أخرى و نال 37 ترشيح ، و جمع 329 مليون $$ على شباك التذاكر في الولايات المتحدة الأمريكية .
أهم الممثلين :
Tom Hanks
Sally Field
Gary Sinise
Robin Wright Penn
Mykelti Williamson
Haley Joel Osment
------------------------------------------
The world will never be the same once you have seen it through the eyes of Forrest Gump !!
-----------------------------------------
في البداية كنت محتارا حول الفيلم الذي ينبغي أن أكتب عنه كأول مراجعة سينمائية متواضعة أكتبها ، و في النهاية وقع اختياري على فيلم بسيط لكنه عميق ، لمس قلوب الجميع بروعته و أجوائه الساحرة ، و ما زال حتى يومنا هذا من أروع الأعمال الأصلية في تاريخ هوليوود ، و في الحقيقة فإن هناك سببا اخر لاختياري لهذا الفيلم وهو كتعبير عن إعجابي بالممثل القدير ( توم هانكس ) ، يقول عنه البعض أنه يسرق الكاميرا أثناء تصوير الفيلم من بقية الممثلين ، حيث أنك لدى مشاهدتك واحدا من أفلامه فإن عيناك لن تريا سواه ، و أذناك لن تسمعا سوى صوته ، هانكس يملك سحرا غريبا لدى قيامه بالتمثيل ! فهو يتقمص الشخصية التي يؤديها تماما ، الكثير من الممثلين اشتهروا ، و لكن القليل منهم استحقوا هذه الشهرة ، وهو بالتأكيد واحد من هذه القلة .
عندما نتحدث عن احد مشاكل السينما الحالية فبالتأكيد ستبرز قضية تكرار الأفكار إلى السطح .. حيث بدا في الأعوام الأخيرة و كأن هوليوود فقدت قدرتها على تقديم أفكار أصيلة جديدة و كثرت الأفلام معادة الإصدار ، مثل King Kong ، و لكن الكاتب وينستون جرووم قدم رواية عظيمة بإسم فورست جمب قدمتها السينما كواحد من أكثر الأفلام روعة و ابتكارا على الإطلاق ، و برع المخرج روبرت زيميكرس في تقديم مشاهد الفيلم بصورة منسجمة متناغمة جعلت من فورست جمب عملا سينمائيا شديد التأثير على قلوب المشاهدين .
فورست جمب ليس بطلك الاعتيادي ، فهو ليس شابا رشيقا رياضيا سبّب الفوز لأمريكا بالحرب العالمية الثالثة مما جعله محاطا بالكثير من الجميلات ، كلا .. في الواقع .. فورست شخص يمكننا وصفه بالأبله ، فهو يعاني من نقص طفيف عن معدل الذكاء الطبيعي لدى الأشخاص الطبيعيين ، فهو بطيء الاستيعاب ، و هذا الفيلم يقدم لك الوقائع التاريخية في حياة فورس جمب ، كيف نال التكريم من 3 من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية ! ، و كيف قطع الولايات المتحدة الأمريكية راكضا على مدى 3 سنوات ، و كذلك حصوله على وسام الشرف بعد بطولته في حرب فيتنام ! و بالتأكيد إصابته برصاصة في مؤخرته هناك ..
يبدأ الفيلم في مشهد في غاية الروعة و الأناقة ، ريشة بيضاء تتطاير في الهواء يحركها النسيم الهادىء ، لتستقر في النهاية متكئة على حذاء فورست الذي كان يجلس على مقعد عمومي في موقف للباصات ، حملها برفق و فتح حقيبته واضعا إياها بداخلها ، و على الرغم من انه كان يبدو كرجال الأعمال إلا أن حقيبته في الواقع لم تكن تتضمن سوى كتاب للأطفال و طاقية و مضرب لتنس الطاولة ! و خلال انتظاره للباص ، روى جمب قصة حياته الغريبة و التي عاصر خلالها الكثير من الأحداث التاريخية لكل من كان يجلس بجواره في تلك اللحظة .
اعتدنا على أن نرى أفلام السيرة الذاتية ، و لكن ليس عندما تكون غير حقيقية ، و ليس عندما يكون بطلها ساذجا ! و لقد اجاد توم هانكس دور الأبله تماما ، بنطقه الثقيل و البطيء للكلمات و الذي يثير الضحك أحيانا ، أو مشيته الغريبة و تمايله أحيانا أخرى ، يقول فورست مقتبسا عن والدته ( كل الحكم التي يقولها فورست خلال الفيلم تعلمها من والدته ! ) : الحياة تبدو كعلبة من الشوكولا ، لا تعرف ما الذي يأتيك منها ! ( وهذه واحدة من الجمل الشهيرة الكثيرة الموجودة بالفيلم ) ، تمضي الأحداث حيث نتعرف على طفولة فورست ، سخرية الأطفال الاخرين منه و الموقف الطريف الذي حصل له عندما ركب باص المدرسة لأول مرة ، و .. جيني .. الزهرة الوحيدة بحياة فورست جمب ، المخلوقة الوحيدة التي أحبته و صديقة طفولته الوحيدة ، جيني التي كانت تعاني من طفولة مهينة هربت من الواقع مع فورست جمب ، حيث ساعدته في تعلم القراءة و الكتابة ، تسلقت معه الأشجار و كانت تحاول انقاذه دائما عندما كان يتعرض للمشاكل و مضايقة الأولاد الاخرين ، أركض يا فورست ، أركض !
ينتقل جمب بعد ذلك إلى سرد جزء اخر من حياته ، فترة المراهقة و دخول الكلية ، الجميع حصل على أصدقاء و صديقات إلا فورست ، فورست لا يعرف صديقا سوى جيني ، جيني هي كل شيء في العالم بالنسبة إلى فورست بعد والدته ، و للأسف فإن جيني تغيرت بعدما كبرت بتأثير من طفولتها المؤلمة ، حيث سارت في طريق الدعارة و الغناء و النوادي الليلية ، بل و حاولت كثيرا التخلص من فورست فهي تعتبره مجرد صديق لا أكثر ، شخص لا يمكنها الارتباط به أو الاعتماد عليه ، بل و انها قالت له ذات مرة : انت حتى لا تعرف ما هو الحب ! ، و لكنه نظر اليها نظرة عميقة تعبر عن حزنه و مشاعره ، نظرته كانت أبلغ من أي كلمات ! بالإضافة إلى أنه في المعتاد لا يملك أي شيء ليقوله لأي شخص .
و هكذا فرق القدر بين فورست و جيني ، فورست بعد تجنيده تم إرساله ضمن القوات الأمريكية إلى فيتنام ، حيث تعرف على صديق اخر ( للأسف .. أبله أيضا ) يدعى بوبا ، و كان اللوتانت دان هو قائد فرقتهم ، و في كل حرب كانت تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية كان يقتل شخص من أقارب دان ! مما دعاه إلى الاعتقاد بأنه هو الاخر سيموت بطلا على أرض المعركة .
يعرض الفيلم بطريقة سلسة و أنيقة الصداقة المتينة و القوية التي نشأت بين فورست و بوبا ، حتى أن الاثنين اتفقا على شراء مركب لصيد القريدس بعد خروجهم من الحرب سالمين ، و في أحد الغارات الاسكتشافية تعرضت الفرقة إلى كمين أدى إلى إصابة جميع أفراد الفرقة ، فورست و بسبب سرعته الكبيرة نجح في إنقاذ العديد من زملائه ، و لكنه لم يتمكن من إنقاذ صديقه الوفي بوبا ، بل إنه تمكن من إنقاذ اللوتانت دان ! ( الذي اعتبر أن إنقاذه من الموت بعد أن فقد ساقيه أسوأ من الموت ذاته ! ) ، دان أبدا لم يقل لفورست : شكرا .
حسنا ، لن أسترسل في القصة أكثر من ذلك حتى لا أفسدها ، كل هذا لا يشكل الكثير من الفيلم ! نعم فإن عودة فورست من الحرب جعلت القصة تتخذ مسارا اخر منتقلة بنا إلى الأحداث الدرامية الكثيرة فيحياة فورست غومب و التي قد يبدو للمشاهد أنه لا شيء يربطها سوى فورست نفسه ..
أداء الممثلين كان رائعا و معبرا ، بداية من الأطفال الصغار فورست و جيني و انتهاء بالشهير هالي جويل أوسمت ( تحية إلى فيلم الحاسة السادسة ) ، توم هانكس كما ذكرت سابقا كان الأفضل إذ تصرف بعفوية و تلقائية شديدة جعلتني أشك أحيانا فيما إذا كان فعلا يمثل أم لا ، هانكس أثار تعاطفنا و شفقتنا على شخصية جمب ، هانكس جعلنا ننظر للعالم بشكل مغاير بعدما رأيناه من خلال أعين فورست جمب ، سالي فيلد تألقت بدور مسز . جمب و ظهرت بمظهر الأم الطيبة التي تعشق طفلها الصغير فورست و تذود في حمايته و الدفاع عنه ، تحاول كل جهدها ليحصل على أرقى الفرص في الحياة و أن ينال أفضل تعليم ، مسز جمب كانت دائما تملك جوابا على أسئلة فورست الغريبة .
جاري سينيس تألق هو الاخر دور اللوتانت دان ، الرجل الذي امن بأن مصيره هو الموت في فيتنام و أنقذه فورست ، دان بقي غاضبا من فورست أغلب الوقت و قام جاري بإضفاء لمسة رائعة من اليأس على شخصية دان ، ستشعر دائما بأن نهاية حياة دان لن تكون سارة .. دان يرى بأن كل شيء في الحياة مخطط له من قبل ، و أننا جميعا نسير في قدرنا المحتوم ، بينما ترى مسز جمب بأننا جميعا نعوم في الحياة كريشة يعبث بها الهواء ( و ربما هذا هو السبب الذي دفع فورست لالتقاط الريشة التي راها في بداية الفيلم ) ، روبن رايت بدور جيني كانت الأقل براعة بنظري ، و رغم ذلك فإنها قامت بأداء جيد للغاية ، جيني أحد المحاور الأساسية القليلة في حياة فورست ، جيني تريد التخلص من فورست و لكنها بنفس الوقت لا ترغب في أن يتعرض للأذى ، لو قامت بإهانته غير قاصدة فإنها تندم و تعتذر فهو صديق طفولتها بالنهاية ، و ربما فعلا أحبته برغم كل شيء و كانت ترفض الاعتراف لنفسها بذلك .
اذا كان الأداء الرائع من قبل الممثلين هو أحد أسباب نجاح هذا الفيلم ، فإن الموسيقى المذهلة للملحن Howard Shore لعبت دورا لا يقل أهمية ! موسيقى حساسة تمس شغاف قلبك و تأتي مناسبة تماما لأحداث الفيلم ، خصوصا مقطوعة البيانو ، و الة البيانو هي الالة الموسيقية المفضلة لدي ( ربما لأنني أستطيع العزف عليه قليلا ) ، و بعض المقاطع الغنائية التي وجدت في الفيلم أعطته نكهة جميلة و ساهمت في التنوع الكبير الذي يحتويه من مواقف مضحكة و أخرى باكية .
ربما لا يمتلك هذا الفيلم الساحر الذي نجح تماما في تحريك مشاعري و مشاعر الملايين من المشاهدين حول العالم أي لحظات ملحمية كما في سيد الخواتم مثلا ، و لكنه امتلك تحليل النفس البشرية ببراعة لشخص عاجز عن فهم الحياة كما نفهمها نحن و عانى كثيرا لأجل ذلك ، فورست جمب عمل سينمائي عظيم خال تماما من أية عيوب حقيقية تؤثرعلى مستواه ، بنفس الوقت فهو قد يبدو مملا لغير المتذوقين لطعم الدراما و اللمسة الفنية الموجودة فيه ! و كذلك فإن الفيلم لم يفسر لنا كيفية قبول فورست في الكلية بل و كيف تخرج منها بالرغم من كونه شديد الذكاء ، أيضا لم نلاحظ خلال الفيلم تقدم فورست بالعمر أبدا رغم أنه عاصر أحداث تاريخية على مدى سنوات تفوق الأربعين عاما ! كان من الأفضل لو تم إكساء شعره ببعض الشيب في نهاية الفيلم حتى يبدو الأمر أكثر واقعية ..
و لكن هذه الملاحظات لا تؤثر مطلقا على روعة الفيلم و الأرجح أنك لن تشعر بها أو تلاحظها ، الفيلم مليء بالعبارات البليغة التي أصبحت أقوالا مشهورة و تتردد على لسان الكثيرين ، بل ربما لم أر أبدا في السابق أي فيلم يحوي كل هذا الكم من الجمل التي اشتهرت في عالم السينما ، هذا الفيلم يمتلك كل المقومات التي تجعله عالقا في الذاكرة و لا يملك أي نقاط ضعف حقيقية رغم أن فكرته قد لا تعجب البعض ، من المؤكد أننا لم نشاهد عملا شبيها بفورست جمب من قبل ، وربما لن نشاهد مثله أبدا ! فورست جمب يستحق المشاهدة ، أقولها بثقة ، لأصحاب الذوق الجميل الذين لا يهتمون كثيرا برؤية وحوش فضائية أو مؤثرات خرافية ، بل يرغبون بالغوص في نفس شخص مسكين ، أبله ، و لم يمنعه ذلك من أن يكون مصدر إلهام لمن حوله و عاصر أهم الأحداث التاريخية في بلاده في ذلك الوقت ، فورست جمب عمل تم تقديمه على مستوى بالغ الرقي و الجودة أعاد إلى الأذهان اللحظات الذهبية في عالم السينما ، و في النهاية .. فإن الحياة تبدو كعلبة شوكولا .. لا تعرف ما الذي سيأتيك منها .. أليس كذلك ؟
قصة طريفة : شركة بارامونت اعتبرت أن الفيلم كان فاشلا و رفضت إعطاء الكاتب حصته من الأرباح ! ( يا لطمعهم ) ، فما كان منه إلا أنه لم يسمح لهم بتصوير الجزء المكمل للفيلم على اعتبار أن الفشل لا يستحق المتابعة !
املا أن تكون هذه المراجعة المتواضعة قد حازت على رضاكم !
( hussien - 11 )
- انتهى -
============================