Ash
إداري سابق
Elizabeth: The Golden Age
اليزابيث و كيت بلانشيت , قصة بدأت منذ عشر سنوات .
في عام 1998 اختار المخرج شيخار كابور الممثله Cate Blanchett لأداء دور اليزابيث الأولى قبل أن تكون ملكة بعد أن رآها توؤدي نفس الشخصية في مسرحية محلية في مدينة سيدني , قامت كيت بدور خارق في هذا الفيلم اذ ترشحت لأكثر من 20 جائزة من ضمنهم الأوسكار و فازت ب 14 جائزة منهم الجولدن جلوب و البافتا البريطانية , كانت هذه الخطوة الاول لكيت في أدائها لشخصية اليزابيث التي ارتبطت بها , عشقتها , و في الواقع , لم يكن ذلك الدور قبل عشر سنوات الا مقدمة لواحد من أهم و أفخم الأدوار التي ستقدمها في مسيرتها الفنية في عام 2007 في فيلم ( اليزابيث : العصر الذهبي ) .
We mortals have many weaknesses; we feel too much, hurt too much or too soon we die, but we do have the chance of love.
بداية العصر الذهبي .
في نهاية القرن السادس عشر في أوروبا , كانت أسبانيا أعظم امبراطورية على وجه الأرض , و يحكمها الملك فيليب الثاني المتدين , الذي كان ينشر دينه في أرجاء أوروبا بأكملها , و لكن , كانت هناك امبراطورية وحيدة وقفت في وجهه تسمى ( انجلترا ) , تحكمها ملكة تدعى ( اليزابيث ) .
بهذه المقدمه التاريخية , تبدأ ملحمة شبخار كابور الجديدة في الفيلم التاريخي ( اليزابيث : العصر الذهبي ) الذي تعاصر أحداثه فترة حكم اليزابيث لانجلترا و الحرب المقدسة التي أقيمت على انجلترا من قبل الأسبانيين الكاثوليكيين , ليس هذا فحسب , فالفيلم ليس مجرد فيلم تاريخي يستعرض لك أهم الأحداث التاريخية بصورة فخمه على الشاشه , انما يغوص في دراما شخصية اليزابيث , الملكة نفسها , و الأحداث المحيطة لها , الحرب , العشق , الحياة , كل هذه المواضيع تطرأ عليها بشكل قاسي جدا , فهل ستصمد اليزابيث أمام أسطول الأسبان ؟ أمام قلبها و عشقها ؟ أمام شعبها و شرفها ؟
I, too, can command the wind, sir! I have a hurricane in me that will strip Spain bare if you dare to try me!
سيناريو ذهبي .
قام ويليام نيكلسون بمفاجئة الجميع في عام 2000 عن طريق طرحه لسيناريو فيلم Gladiator التاريخي و الذي ترشح عليه بالأوسكار و حصل على الكثير من الثناء بطريقة اتقانه و تفننه في كتابته , اليوم يعود وليام بعد سبع سنوات في كتابة سيناريو فيلم اليزابيث و الذي يعتبر و بكل امتياز القائد الحقيقي وراء سمو الفيلم الفكري و الفلسفي حيث أدرج لنا شخصية اليزابيث الأولى بكامل قواها العقلية و النفسية من خياله - و هنا تكمن العبقرية - بشكل لا يمكن أن يكون أكثر اتقانا , في الواقع ان اسم الفيلم ( اليزابيث ) و ليس ( الملكة اليزابيث ) هو مقصود من منطلق تفكير ويليام بحيث يريد بطريقة خفية أن يقدم لنا ( الانسانه ) و ليست ( الملكة ) و يرينا جميع جوانبها الأنوثية و العاطفية و الانسانية , قدم لنا جانب "المرأة" بغيرتها من النساء و مضايقة التجاعيد لها و جري قلبها وراء الرجل الذي لا يمكن أن تحظى به نظرا لمكانتها السياسية , و أظهر لنا جانب "الانسانة" بحبها و محبتها لشعبها و تضحيتها لكل شيئ من أجلهم و ما يهمها فقط ( الناس ما زالت تحبني ) و دمرت أحلام الزوجية و حصولها على الأبناء باقتناعها الشخصي أنها تزوجت من انجلترا و أبنائها هم شعبها و ستعطيهم حياتها بأكملها و ان لم يكفي ستعطيهم روحها , و الجانب الأخير و هو جانب "الملكة" التي وقفت بوجه أسطول أسبانيا الضخم و تصدت لكثير من الاغتيالات السياسية المخططه لها و استعدادها للموت في أي لحظه اذا ما كان هذا في سبيل الامبراطورية التي تحكمها , و لكن لم يكتفي ويليام بهذا القدر من العمق في الشخصية , بل كرَس جميع شخصيات العمل لمحاولة البناء لشخصية اليزابيث , جعل لكل شخصية أثر واضح و مهم , فقد ابتكر ويليام هذا السيناريو بأكمله لاليزابيث نفسها , و هذا ما يسمى بسيناريو الشخصية الذي يتطلب دراسة كثيرة و عميقه , و عملها ويليام بكل اتقان و براعة .
Elizabeth is darkness. I am light.
كيت بلانشيت في عصرها الذهبي .
ما يثير الابهار و الاندهاش في هذا العمل هو ما فعلته كيت بلانشيت في تلبَس شخصية اليزابيث بكل حواسها و شموخها , وصلت كيت لأعلى مراتب التمثيل , الاكتساح الشامل و الدمار النفسي التي تقلدت به لتظهر لنا العواصف و البراكين في نفس هذه الشخصية عن طريق ملامح خائفة و صارمة بنفس الوقت , تمسك نفسها على النهاية و تنهار بكل غضب لترعب المشاهد بأداء مدمر لا تترك مجال للتفكير سوى كلمة تطرأ في باله و هي "هذا عظيم" , لم يكن ليكتمل بناء شخصية اليزابيث في السيناريو دون أداء يظهر الجوانب الثلاث الأساسية في الشخصية , يظهر أرق المشاعر و اضخمها , يجعلنا نبعد التفكير أن ما نراه أمامنا تمثيل بل ردة فعل بطبيعة الموقف , و بهذا تقدم كيت بلانشيت و بكل جدارة أعظم دور لها في مسريتها الفنية الطويلة المليئة بالتقمصات المذهله و المتقنه , من ناحية أخرى أتقن Geoffrey Rush دور السير فرانسيس الذي صاحب مسيرة الملكة و لعب دور الأب و الأخ لاليزابيث و دور الوزير بنصائحه و أمره الدائم لها لخوفه و حبه لها , و لا ننسى ذكر كليف أوين الذي قدم أداءا جيدا كعادته مؤخرا في أفلامه مثل Children of Men .
This much I know, when the storm breaks, some are dumb with terror and some spread their wings like eagles and soar.
السينما في عصرها الذهبي .
لم يكن اخراج المخرج الهندي شيخار كابور مقتصرا على توصيل الدراما النفسية و العميقه للمشاهد بطريقة شفافه و شاعرية , بل استخدم كاميرته بطريقة فنية قبل أن تكون أي شيئ قبل ذلك , تاركا للسيناريو و التمثيل العمل الدرامي و الواقعي ليكمل هو المعادلة بالجانب الفني الذي اتخم به فيلم اليزابيث بكل جمال , زوايا التصوير كانت مذهله بجميع ما تحمله هذه الكلمة من معاني , تجعلك منذهلا طوال الوقت بحركتها , ذكائها ,’ ذوقها و حسها الفني , تشعر بعظمة المشهد بواسطة هذه الواجهة التي ترى فيها الفيلم , مصاحبا ذلك بعمل موسيقي من جريج أرمسترونج يجعل المشاهد ميلودرامية بشكل ضخم و فخم , جميع جوانب الفيلم بلا استثناء كانت متقنه , من الأزياء التي ساعد بها المصمم الشهري العالمي كريستيان ديور , الى مواقع التصوير و الأثاث الي يرجعنا لخمس مائة عام بالماضي ليحيطك بأتموسفير في زمن الامبراطوريات العمالقه ساعد بها العمل باللآرت دايركشن الراقي , عمل متكامل و أكثر من ممتاز لشيخار كابور وفق في عديد من الجوانب الفنية و الفكرية في عمل يحكي حكاية عن امرأة , محاربة , و ملكة , فيلم اليزابيث : العصر الذهبي بكل اختصار , يجعل السينما تدخل عصرها الذهبي .
9,5\10