XIIIXIIIXIII
Aëv stré Novrī
"بالطبع فاينل فانتسي RPG!" ردد الجحود الجاهل إذ ظن بأن جرمه الفكري سيمضي دون حساب. يسمي فاينل فانتسي rpg... بماذا سيأتينا غداً؟ بكون CoD شوتر؟!
عالم غريب هو الذي يعيش فيه هذا الحصان!
تركته بعد أن لوّثَ أذني بتصريحه الفاضح ومضيت إلى البيت, تتطاير من لساني أسهم الكراهية الخافتة باحثةً عن كل ما له أربع أطراف وأنف بشع في الأفق.
لم أعرض عنه لغياب الحجة لدي أو لعجزي عن إفحامه بأسلحتي الفكرية, وإنما لأن موعد جلسة الشاي مع أختي الصغرى قد حان, وتلك الطبقية المقيتة تكره الانتظار.
الباب مقفل. لم تصل بعد؟ قلت لنفسي وأنا واقفة أمام باب منزلي بعد رحلة انتزعت من حياتي عشر دقائق, قبل أن أتذكر من هي التي أتحدث عنها وأضحك على بلاهتي. فتحت الباب متجهةً نحو المطبخ, وجعلت أستكشف جنباته باحثة عن حيث تخفي الخادمة عني الخبز. وبعد أن يئست من إيجاده خرجت من الباب الآخر الذي يقود إلى الحديقة, حيث كانت تنتظرني. جالسة أمام طاولة الشاي تحت المظلة التي تقيها من... الغيوم؟ (فلا وجود للشمس في السماء) تتصفح مجلة ما وترتشف من كوبها المزين من كل جانب بتماثيل خزفية لوعول يجسد مظهرها بشاعة ما يكمن في قلب الساحرة.
ابتسمت بخبث وقلت لها: "أشعر بالأسف لأجلك آرفينيا. لأن تكوني مشتاقة لشرب الشاي معي لهذه الدرجة, حياة مملة هي التي تعيشينها."
كشرت عن أنيابها (الطويلة بشكل مريب) لثانية, ثم ابتسمَت. "أشعر بالسعادة لأجلك نوفرا. لأن تكوني سعيدة في مكب النفايات هذا, قلب قنوع هو الذي تمتلكينه. لكن دعي عنك السخف واذكري ما جئت لأجله."
يب, تلك هي أختي التي أحبها, والتي أكرهها.
آرفينيا لا فوار آيف ستري نوفرا. ساحرة عدمية, class realist, ووجود قديم. الأسطورة تقول بأنها كانت تريد شرب الشاي ذات مرة بعد الظهيرة, فضحكت عليها العجوز إليزا, لأن لا أحد يشرب الشاي والشمس شارفت على الغروب. الساعات القليلة السابقة للغسق مشؤومة, إذ يقال بأن النجم فوق كل شمس نُفي فيها, وغضبه وحزنه تجسدا كلعنة لا زالت تشوه أساس العالم حتى يوم تبسم القمر.
لكن آرفينيا لا تكترث بأي من هذا. هي تكره أن يُسخر منها, وتكره كذلك أن لا تفعل ما تريد فعله. لهذا جعلت تتساءل في نفسها عن كيف تجمع الأمرين. كيف تستمر بشرب الشاي دون أن تسخر منها أي من عجائز ثيتراون؟ وبعد دقائق من التأمل وجدت الساحرة الإجابة. إن كان الإنسان غير موجود, فلن يسخر منها. لأن الغير موجود في واقعنا لا يسخر. لكن هنالك مشكلة. إذ دون العجائز سيُطل عليها طفلها, الملل, ممزقاً ستار السماء الوردية. هن يحمينها منه. لذا فمحو وجودهن هو امر لن تريده.
فكرت آرفينيا أكثر, ثم أدركَت. عالم دون شمس هو عالم لا غسق فيه. ودون غسق لا يوجد ما يتبع أو يسبق الغسق. لكن الإنسان في هذا الواقع دون الشمس لن يرى. العمي موتى في عينيها, والموت عدم وجود في رأيها. لذا فإنها إن محت الشمس ستكون قد محت العجائز وحرمت صندوقها الملون نوره.
تغيير ما يربط هذه الأمور ببعضها, أو الغش في اللعبة كما تسميه, هو دائماً خيار. لكنه خيار غير محبذ. لأنها إن توقفت عن جعل الواقع ما يجعله هو, سيلاحظها طفلها.
الشمس ستكون موجودة, لكن ليس في السماء, بل تحت البحر. الشمس لن تخسر كونها شمس تحت البحر, لأنها لم ترد. هكذا يظل النور ويغيب الغسق.
فانهار القرص الوردي إلى البحر ودخل الواقع إلى حيث لا شمس في السماء.
لكن آرفينيا لا تكترث بأي من هذا. هي تكره أن يُسخر منها, وتكره كذلك أن لا تفعل ما تريد فعله. لهذا جعلت تتساءل في نفسها عن كيف تجمع الأمرين. كيف تستمر بشرب الشاي دون أن تسخر منها أي من عجائز ثيتراون؟ وبعد دقائق من التأمل وجدت الساحرة الإجابة. إن كان الإنسان غير موجود, فلن يسخر منها. لأن الغير موجود في واقعنا لا يسخر. لكن هنالك مشكلة. إذ دون العجائز سيُطل عليها طفلها, الملل, ممزقاً ستار السماء الوردية. هن يحمينها منه. لذا فمحو وجودهن هو امر لن تريده.
فكرت آرفينيا أكثر, ثم أدركَت. عالم دون شمس هو عالم لا غسق فيه. ودون غسق لا يوجد ما يتبع أو يسبق الغسق. لكن الإنسان في هذا الواقع دون الشمس لن يرى. العمي موتى في عينيها, والموت عدم وجود في رأيها. لذا فإنها إن محت الشمس ستكون قد محت العجائز وحرمت صندوقها الملون نوره.
تغيير ما يربط هذه الأمور ببعضها, أو الغش في اللعبة كما تسميه, هو دائماً خيار. لكنه خيار غير محبذ. لأنها إن توقفت عن جعل الواقع ما يجعله هو, سيلاحظها طفلها.
الشمس ستكون موجودة, لكن ليس في السماء, بل تحت البحر. الشمس لن تخسر كونها شمس تحت البحر, لأنها لم ترد. هكذا يظل النور ويغيب الغسق.
فانهار القرص الوردي إلى البحر ودخل الواقع إلى حيث لا شمس في السماء.
"قبل أن أخبرك, أريد منك أن تستمعي إلي.."
نظرت إلي بحدة تسببت بسريان القشعريرة في جسدي.. ثم تنهدت وقالت بنبرة سئمة: "تحدثي."
جلست على الكرسي أمامها وباشرت الحديث المنمق: "أكره كل حصان وغد يقول بأن فاينل فانتسي rpg!!"
"وتكرهين كل حصان لا يقول بأنها rpg. ما الجديد هنا؟"
"يب...لكنننننن..."
"أتعرفين نوفرا؟ أنا لا أفهم لم تخوضين في مضيعة الوقت هذه..."
"لم أذكر الأمر كي أتلقى المواعظ منك آرفينيا.. الحصان الغبي, كيف أعلمه بأن فاينل فانتسي ليست rpg؟"
تنهدت آرفينيا مجدداً..
"سأعطيك طرف الخيط: أتعرفين ميلامبس ومامبس؟"
"يب, الحجر من السماء.."
"فتاة جيدة, أنا مصدومة من كونك تعرفين شيء."
"هذا لئيم.. x___x"
"أياً يكن. وفق المذكور في جواونيير, الكتاب الذي أعرف بأنك لم تمسي صفحة منه قط, عندما اندفع الحجر من السماء وقع على حد فاصل بين أرضين. الأولى سكنها الفولاك والثانية سكنها الفوليك. دار بينهما جدل عن لون الحجر. الفولاك قالوا بأن لون الحجر فين وليس فان. والفوليك قالوا بأن لون الحجر فان وليس فين. لكل من القومين, الآخر كان قد أصيب بالجنون. فكيف يرون الحجر أمامهم ويخطئون لونه جميعاً؟"
هذا محير...
"و؟"
"الحجر كان فان وفين. فين للفولاك وفان للفوليك."
"لم أفهم.."
"فان وفين يصفان المُشاهد ذاته. رمزان مختلفان لوجود واحد. سمعتي من قبل عما يعنيه اللسان؟"
أخرجت لساني وأشرت إليه..
"لا.. لا أعني هذا.... بل أعني جيميك ابتدعه البشر في بعض الأوقع. استخدام رموز مختلفة للإشارة إلى وجود واحد. ثم توظيف هذه الاختلافات في الرموز لخلق انتماءات مختلفة..." ثم سكتت الساحرة قليلاً قبل أن تعاود الحديث: "أو ربما الانتماءات تسبق الاختلافات؟ لست متأكدة, لكنها هكذا تخسر علتها.."
هذا, بطريقة غريبة, مثير للاهتمام للغاية..
"إذاً آرفينيا, ما علاقة هذا بما كنا نتحدث عنه؟"
"أحياناً أشعر بأنك بشرية نوفرا... اسمعي, جدالك مع الحصان في جوهره هو عما تغطيه مفردة rpg. لكن كيف تعرفين حدودها دون أن تعرفي إلام تشير بالتحديد؟ أنت والحصان تستخدمان الرمز ذاته لكن كل منكما يشير إلى وجود مختلف. كما مع الفولاك والفوليك من جواونيير."
"أوه.. أنت محقة.. إذاً علي فقط أن أعرف إلام يشير الحصان عندما يستخدم الرمز, صحيح؟"
"ليس تماماً نوفرا. الأمر مع الكائنات البدائية هذه هو أن استخدامها للرموز مجرد غطاء لوظيفة أكثر تعقيداً."
"وظيفة.. أكثر تعقيداً؟"
"سأتركك لتفكري في هذا, ولنتحدث عنه لاحقاً. لكن الآن لنتحدث عما يهم!"
أوه.. تذكرت لم كانت هي متحمسة للقائي...
"رأيته بالأمس في حلمي, كما قلتي."
"ساحرة جيدة~"
"لكنه يختلف عن الموجود في ذاكرتي.. هو قط.. لكن.."
"يب يب, فتاة قطة! هذا بالتحديد ما كنت أنتظره! هل قمتي برسمها؟"
"لم أستطع, لسبب ما رفضت فرشاتي الخروج.. لكن لم يهمك؟"
"نوفرا.. أنا وأنت حبيستان هنا لأنك أضعتي ذاتك.. وتلك القطة الفتاة هي مفتاح أستطيع استخدامه لتتبعك.."
"حبيستان؟"
"فقط تجاهلي الأمر وعودي لحصانك.. لكن اسمعي, ستحلمين مجدداً, لذا لا تنسي شرب كأس البنفسج اليوم كذلك!"
"ح...سناً.."
لا أريد شرب البنفسج...مذاقه بشع.. لم هي لئيمة هكذا معي؟
نهضت آرفينيا من على كرسيها, تعابير وجهها تمزج الأمل بالإحباط. نظرت إلي لمرة أخيرة قبل أن يتبدد وجودها.
بقيت أفكر في كلماتها. الحجر ذاته, فين للقومين. هذا يشعرني بالحنين لسبب ما.
كذلك, دون أن أعرف ما تعنيه الrpg لي وللحصان لن أعرف هل تغطي فاينل فانتسي أم لا. كنت مخطئة عندما هاجمته.. ربما؟
أنا أكره الأحصنة وسأظل أكرهها للأبد. لكن هنالك أسباب صحيحة وأسباب خاطئة للكراهية. كراهية الحصان لسبب خاطئ يجعلني ساحرة سيئة..
لكن ماذا عنت بكون الأمر يصف سلوك معقد؟ الن يحل استخدامي لمفردة أخرى المشكلة؟ أنا لا أفهم ما تقوله هذه الآرفينيا...
ما الذي يعنيه للعبة أن تكون rpg؟
التعديل الأخير: