Anaxïmandrøs
True Gamer
.........................
في الفيديو الذي نشرته بالأعلى (والذي أفترض أنه أضحكك في الغالب) نرى مجموعة من لاعبي الفيديو بشكل أقرب لمرضى العصاب أو ممكن أن نذهب بالقول أنهم مجانين وحمقى منتهون عطفا على ردات فعلهم الهستيرية المبالغ فيها (بالنسبة لشخص سوي عقليا) ، أستطيع الجزم تماما بأنه لاتوجد مبالغة تمثيلية في أغلب ما رأيناه بالمقطع لأني شخصيا رأيت حالات متطابقة كاربونا بالحالات التي في الفيديو..
علميا الدماغ ينقسم لثلاث أدمغة فوق بعض.. ونبدأ من الأسفل الى الأعلى وبإختصار شديد حتى لا أذهب لموضوع معقد ك "علم النفس التطوري" ..
عقد قاعدية أو دماغ الزواحف أو Reptical Brain كلهم مسميات لنفس المعني..
وهو مسؤول عن الغرائز الأساسية من البقاء ، الخوف ، الشعور بالأمان ، الشعور بالتهديد/الخطر ، الحزن/السعادة..
الLimbic system أو الجهاز النطاقي ، هو مخ عاطفي إنفعالي غير منطقي مسؤول عن الحب ، الكره ، الشهوة ، الغضب ، الإنفعال ، السلوك ، العدائية..
مخ الثديات الحديثة أو القشرة الحديثة أو ما يعرف علميا بال Neocortex وهو الأكبر بين الثلاثة متكون من 4 فصوص مسؤولة عن تحليل وإعطاء معنى لكل ما نراه.. يتضمن الوعي بالوجود ، التحليل المنطقي ، الإيثار (جميع أنواع الأخلاقيات).. القشرة الحديثة هي هبة بأتم معنى الكلمة بالنسبة للبشر..
اذا رأيت هذا النوع من اللاعبين (مثل الموجودين في المقطع) فتأكد أنهم يغلبون المنطقة الوسطى من الدماغ أو المخ النطاقي (Limbic system) وعلى فكرة إسم شخصية اللمبي (شخصية كوميدية معروفة) مأخوذ من هذا التعريف العلمي بسبب كونه مدفوع بردات فعل عاطفية غير محسوبة وبشكل أقرب للحيونات.. على العموم تستطيع تصنيف هؤلاء اللاعبين على أنهم عبارة عن "لمبيات" جيمرز لأنهم يستجيبون بعصبية حادة نتيجة سيطرة الLimbic system على تصرفاتهم و ممكن أن يعطوك فكرة أولية عن شخصياتهم قبل أن تتعامل معهم عن قرب.. في العادة ستجدهم يكرهون الألعاب التي ستشكل تحدي لتحليلاتهم الشخصية و استعمال المنطق والعمليات المعقدة لتجاوز المراحل.. ستجد أذواقهم تميل (في أغلبهم طبعا ولا أعمم) للألعاب التي تعزز شعورهم بالبقاء على قيد الحياة والإحساس بنشوة القتل والتغلب على الخصوم تباعا وهذا أمر عادي حتى بالنسبة للاعبين الآخرين (و أنا منهم أيضا) ولا ألوم عليهم لأنه يدخل في نشوة الإحساس بالإنجاز لكن أنا هنا في صدد تحليل الفئة التي تنجذب لهذا النوع "فقط" من الألعاب ولا تنجذب للأصناف مثل التي تعزز شعور التأمل في الجمال أو "تذوق" المقطوعات الموسيقية أو التحليل والإشادة بالعبقرية الواقفة خلف العمل ومحاولة التعرف على العملية التي جعلت من هذا العمل شيئ مهم..
هذه الفئة من النوع التحليلي الذي يميل لمنطقة (مع فتح الميم) الأشياء واعطاء تفسير ومعنى لكل مايراه و يحاول إكتشاف كيف تم التوصل لماهية ما يراه.. الفئة هذه من اللاعبين تستعمل القشرة الحديثة من الدماغ أو الNeocortex.. ولا يمكن أن يعتبروا أنفسهم أغبياء أو قابعين في المنطقة الReptical و الجهاز النطاقي فقط أو أنهم مدفوعون بمشاعرهم وتصرفات غريزية أساسية فقط ! بل سأذهب بشكل أبعد بالقول بأن طبيعة هؤلاء هي الإحتكام للقشرة الحديثة في كل تصرفاتهم وليس بألعاب الفيديو فقط ؟ وهم بالأغلب أشخاص ناجحين إجتماعيا و عمليا ولهم مكانة مرموقة بين ذويهم و محيطهم.. والألعاب ليست الا مقياس من عدة مقاييس أخرى لهذا اﻷمر
في حين الفئة (مثل التي في المقطع) لو إنطلقنا من منطلق علمي (علم النفس التطوري) سنحلل شخصياتهم وماهيتهم على أنهم أشخاص بالأغلب غير إجتماعيين وفاشلين ولايملكون أي مهارات ذات قيمة حقيقية و ينزحون نوعا ما للإنطواء والتوحد على الذات والكآبة وحتى الإنتحار !!
تجد أخبار هنا وهناك على شخص قتل نفسه بسبب GTA أو COD وكلامي ليس قدحا في الألعاب نفسها بل بنوعية اللاعبين التي لاتفضل الا العاب مماثلة وهم في الغالب أشخاص تنال منهم الكآبة.. ليس بسبب اللعبة في حد ذاتها بل بسببهم هم ؟ قلي كيف ؟
تغليب هؤلاء للجهاز النطاقي الذي ينتج تصرفات وردات فعل مبنية على العاطفة بالأساس يجعلهم عرضة للقسوة من أقرانهم من البشر بسبب متلازمة التوقعات المسبقة وسأشرح هذا الأمر تفصيلا :
الشخص العاطفي بطبعه كما قلت هو شخص يغلب (بضم الياء) الLimbic system في أغلب تصرفاته وهي تصرفات عاطفية حالمة طوباوية لاتعكس طبيعة عالمنا الذي نعيش فيه! وتوقعاته من أقرانه غالبا تكون توقعات عاطفية.. أي أنه يتوقع معاملة بالمثل ! أو مكافئة منهم على معاملته لهم بشكل عاطفي لكنه يجد العكس في الأغلب أو أقل بكثير من نظرته الطوباوية للأشياء.. فماذا يحدث ؟!
ينطوي على نفسه هروبا من الحياة والمنافسه برفع الراية البيضاء متحججا بأن هؤلاء الناس لايستحقون طيبوبته ومشاعره.. وعندما يكون لاعبا يتوجه لصنف يشفي غليله من المجتمع القاسي بنظره ! فيدخل بعد ذلك بكآبة مزمنة والتي هي ليست مشكلة (علميا) بقدر ما هي جرس إنذار (علميا برضو) ..
صحيح، لقد قرأتها بشكل جيد..
الإكتآب والإضطرابات النفسية المختلفة هي فعليا حلول وليست مشكلات ! أدمغتنا تتطور وتزداد تعقيدا في كل ثانية ودقيقة على مر الحياة وانتقالا للأجيال اللاحقة و بشكل لا نحس به.. كما و بنفس تتطور منظومتنا الأخلاقية ومجتمعاتنا وطقوسنا بسبب ذلك بالتوازي..
هنا علم النفسي التطوري يقدم لنا إجابات على سلوكات تبدو في ظاهرها مسلمات وبديهيات.. في الحقيقة هي إشارات ، وإشارات صحية للغاية !
الإنسان المكتئب ماهو الا شخص خاسر.. وليس بشخص مريض حقا ! والخوف ليس جبنا بقدر ماهو حيطة وحذر ! عندما تكتئب فهذه رسالة من الReptical brain على أنه هناك مشكلة سببها عدم تقبل الLimbic system لواقع ما ؟! و لايجد لها حلا لأنها لاتدخل في نطاق إختصاصاته.. لأنه مخ عاطفي فقط لكن إشارات الإنذار هي دلالات على أنه يقول لك "يجب أن تجد حلا يا صديقي" وتأتي هذه الرسالة من أسفل الدماغ..
هنا سنرى شخصين كئيبين ونحللهما ونستنتج معا..
الأول : يستخدم العاطفة في حكمه على الأمور في حياته..
عندما يدخل في كآبة فهو لايخرج منها بسبب كونه لا يحكم المنطق والتحليل الNeocortex في تصرفاته وتفكيره.. وسيذهب مباشرة لطبيبه النفسي عند أول مشكلة ليكتب له على بعض المسكنات والمضادات للكآبة لكنه في الحقيقة هو فقط يكذب على دماغه ويسكت أو يعمل Mute لجرس الإنذار ولا يتطرق للمشكلة نفسها ! بمعنى آخر أدق.. جميع الأطباء الذين سيذهب لهم سيتعاملون مع الأعراض وتخفيفها دون فهم السبب الرئيسي للمشكلة بحجة أنه هناك خلل في السيروتونين أو الدوبامين.. والبعض الآخر سيتطرق للأمور الجينية ! .. فيدخل بعد ذلك من مشكلة الى مشكلة أعقد وهي ارتفاع مقاومة دماغة للأدوية وتغير كمياء الدماغ و اضطرابات في الإفرازات الهرمونية.. الإنتحار غالبا سيكون نهاية حتمية لمثل هذا النوع وأنا شخصيا كنت شاهدا على نماذج من هؤلاء .
الشخص الثاني لديه كآبة والتي هي بمثابة الإنذار (كما ذكرت سابقا) لكن هذا الشخص يستعمل القشرة الحديثة و التفكير بعقلانية وتحكيم المنطق والتحليل بتصرفاته وهنا تكمن القوة ولماذا اسميت الNeocortex على أنها هبة للكائنات البشرية ؟
الشخص هذا لن يغرق بكآبته .. لا .. بل سيحاول تحليل أسباب كآبته بإستعمال المنطق والتحليل والإستنتاج وهنا العلاج يكمن بفهم أسباب كآبته (الإنذار بوجوب إيجادك لحلول معينة) و ضرورة تسوية الخلل وليس تغطيته ! ..
هل أخضع للمشكلة أو أنتصر عليها ؟
في الحقيقة.. Both of them are the solution !
نعم هم الإثنان حلان متوازيان يبدوان متناقضان لكنهما الحل للمشكلة التي سببت الكآبة بالدرجة الأولى ! لأن الشخص الأول كان يقاوم المشكلة بتفكيره العاطفي والثاني سيختار بمنطقية هل سينتصر أم سيذعن للأمر الواقع ؟ وكلاهما حلول في النهاية رغم تباين الخلاصتين !!
كل من المجابهة والخضوع سلوكان صحيان لتسوية هذا الخلل ! كلا الإستراتيجيتين ستخلصك من الكآبة لكن واحدة فقط تعطيك الReward على المدى البعيد.. هما فعلا حلان جيدان لكن فقط للإنذار (الكآبة) أي أنه إختيار بين الصحيح والأصح .
...............
المقطع أعلاه يبدو مضحكا وغريبا في ظاهره.. لكنه عبارة عن مجموعة رسائل خطيرة تبدو مشفرة لكنها تبقى رسائل مهمة يمكن فك رموزها بمساعدة العلم الحديث والإستفادة من معانيها بكل موضوعية وتجرد وأن تتفق جميع مستويات تفكيرك على اتخاذ قرارات استراتيجية معينة لمجابهة الحياة..
وشكرا .
