سيفروس سنيب
بروفيسور فنون الظلام
كالعادة أكتب رد في موضوع ما ثم ينمو وينمو
حتى أقرر أخذه في موضوع مفرد
الجاحظ
الأدباء في عصور الخلافة كثيرين .. متعددين وكان للبعض منهم قطع فنية رائعة أكسبتهم
مكاناً في تاريخ الأدب والبلاغة .. مكان يجعلنا ندرسهم في مناهجنا وهم في ذلك متفاوتين.
ولكن أحد هؤلاء الأدباء خصيصاً مشهور بشكل غير عادي.. مشهور إلى درجة أن القاصي
والداني سمع به .. حتى غير المهتم بالأدب كلياً يعرف اسم "الجاحظ"
فما السبب ياترى ؟؟
أولاً هذه الشهرة ليست وليدة زمننا الحديث فالجاحظ كان رمز أدبي ناصع
خلال أيام حياته وكان يحظى بتقدير كبير من الخليفة العباسي ..
وضع رسائل وكتب كثيرة من أهمها :
الحيوان - البيان والتبيين - رسائل الجاحظ
احرص على امتلاك رسائل الجاحظ على الأقل لأنه يخاطب جميع الأذواق
وإن كنت محباً للأدب بشكل كبير فأنصحك باقتناء المجموعة كاملة
من دار التقوى بأسعار زهيدة جداً لا تزيد عن الخمسين ريال ..
نقدر نلخص أسباب شهرته بالتالي :
1- الجاحظ رجل شديد الذكاء وظهرت علامة النبوغ الفكري عليه منذ الصغر:
ولد الجاحظ في بيئة فقيرة ولكن الله أكرمه بعقل فذ .. كان يبتلع الكتب ابتلاعاً
ويقرأ كل مايقع تحت يديه في الدكاكين. تعلم النحو وعلوم الدين وارتقى بنفسه
وتنقل طلباً للعلم .. وذكاءه مثل كثير من العلماء هو ما انتشله من بيئة الفقر
والحاجة إلى منزلة الأدباء والمرموقين عند البلاط العباسي.
2- للجاحظ أسلوب فريد وجريء في إيصال فكرته. مرة يستعمل السخرية واللذع
ومرة يجتلب الفكاهة ومرة يستدل بالقرآن على نحو جزل وقد كان أسلوبه ملوناً ..
وصل للجاحظ الكثير من النقد تجاه أسلوبه الأدبي لكنه لم يتوقف
بل أخذ رسائل النقاد ورد عليها معللاً أسبابه وفائدتها في إيصال الرسالة ..
انظر هذا المثال :
حيث يدعو بأسلوب لين لمن ينتقده
" جَنَّبَك اللّهُ الشُّبْهةَ، وَعصَمك من الحَيرة،
وجَعلَ بينك وبين المعرفة نسباً، وبين الصدق سَبَباً،
وحبَّب إليك التثبُّت، وزيَّن في عينك الإنصاف،
وأذاقك حلاوة التقوى، وأشعرَ قلبكِ عِزَّ الحقّ،
وأودَعَ صدرَك بَرْدَ اليقين وطرد عنك ذلَّ اليأس،
وعرَّفك ما في الباطل من الذلَّة، وما في الجهل من القِلَّة "
ثم يردف قائلاً
"ولعمري لقد كان غيرُ هذا الدعاء أصوبَ في أمرك"
مع نقده اللاذع إلا أن كتابته كانت مدعمة بمنطق وحجج وبراهين تشرح وجهة نظرة
(في مزج الهزل بالجد في الكتب)
وهذا كتاب موعظة وتعريف وتفقه وتنبيه وأراك قد عبته قبل أن تقف على حدوده وتتفكر في فصوله
وتعتبر آخره بأوله ومصادره بموارده .... وقد غلطك فيه بعض ما رأيت أثناءه من مزح
لاتعرف معناه ومن بطالة لم تطلع على غورها ولم تدر لم اجتلبت ولا لأي علة تكلفت وأي شيء أريغ بها ....
لإنه إن حملنا جميع من يتكلف قراءة هذا الكتاب على مر الحق وصعوبة الجد وثقل المؤونة وحلية الوقار
لم يصبر عليه مع طوله إلا من تجرد للعلم وفهم معناه وذاق من ثمرته واستشعر قلبه من عزه ونال سروره"
وهذا واحد من أهم أسباب الشهرة أنه لم يكن يكتب لمحبي العلم وللأدباء فقط
هو أراد لكتبه أن تصل للكل وبالفعل نجح في إيصالها إلى أكبر جمهور ممكن.
3- قصة وفاته عجيبة وطريفة إذا ما اعتبرنا ولعه الشديد بالقراءة
ما أودى بحياة الجاحظ هو مكتبة مثقلة بالكتب سقطت عليه وأردته ميتاً
هذا الرجل عاش بين الكتب ومات تحت كومتها ..
من أقواله الخالدة
يظهر من اقتباساته أنه يستعمل الأدب ليغرس حكم وآداب تزيد من نضج الإنسان وتوعيه تربوياً وسلوكياً
فمثلاً يوصي بـ:
لاتثقل بأحاديثك على من لايهتم بسماعها
لاتفترض أنا لكل قادر على تمييز الجمال وتقديره
لكن الجاحظ لايصيغها بهذا الأسلوب البسيط
الجاحظ أديب عالمي
تدرس كتبه في الجامعات الغربية
وترجمت أعماله وحصلت على كثير من التحليل
وصفه المستفيض لما يدور في عهده والعهود التي سبقته
خدم كمرجع تاريخي لتوثيق بعض ملامح الحياة السياسية والاجتماعية في ذاك الزمن
هذه صورة لمكتبة جامعة واراسو وهي ذات بنيان جميل جداً
على واجهتها ألواح منحوت عليها كتابات مخلدة لأدباء أو علماء أو مؤلفي موسيقى عريقين ..
اللوح الوحيد المكتوب باللغة العربية
هو اللوح الذي يحمل كلمات الجاحظ والتي عبر فيها عن حبه للكتب
ترجمت هذه الكلمات لعدة لغات ويقال أن أحداً لم يعبر عن حب الكتب لهذه الدرجة أفضل من الجاحظ
حتى أقرر أخذه في موضوع مفرد
الجاحظ
الأدباء في عصور الخلافة كثيرين .. متعددين وكان للبعض منهم قطع فنية رائعة أكسبتهم
مكاناً في تاريخ الأدب والبلاغة .. مكان يجعلنا ندرسهم في مناهجنا وهم في ذلك متفاوتين.
ولكن أحد هؤلاء الأدباء خصيصاً مشهور بشكل غير عادي.. مشهور إلى درجة أن القاصي
والداني سمع به .. حتى غير المهتم بالأدب كلياً يعرف اسم "الجاحظ"
فما السبب ياترى ؟؟
أولاً هذه الشهرة ليست وليدة زمننا الحديث فالجاحظ كان رمز أدبي ناصع
خلال أيام حياته وكان يحظى بتقدير كبير من الخليفة العباسي ..
وضع رسائل وكتب كثيرة من أهمها :
الحيوان - البيان والتبيين - رسائل الجاحظ
احرص على امتلاك رسائل الجاحظ على الأقل لأنه يخاطب جميع الأذواق
وإن كنت محباً للأدب بشكل كبير فأنصحك باقتناء المجموعة كاملة
من دار التقوى بأسعار زهيدة جداً لا تزيد عن الخمسين ريال ..
نقدر نلخص أسباب شهرته بالتالي :
1- الجاحظ رجل شديد الذكاء وظهرت علامة النبوغ الفكري عليه منذ الصغر:
ولد الجاحظ في بيئة فقيرة ولكن الله أكرمه بعقل فذ .. كان يبتلع الكتب ابتلاعاً
ويقرأ كل مايقع تحت يديه في الدكاكين. تعلم النحو وعلوم الدين وارتقى بنفسه
وتنقل طلباً للعلم .. وذكاءه مثل كثير من العلماء هو ما انتشله من بيئة الفقر
والحاجة إلى منزلة الأدباء والمرموقين عند البلاط العباسي.
2- للجاحظ أسلوب فريد وجريء في إيصال فكرته. مرة يستعمل السخرية واللذع
ومرة يجتلب الفكاهة ومرة يستدل بالقرآن على نحو جزل وقد كان أسلوبه ملوناً ..
وصل للجاحظ الكثير من النقد تجاه أسلوبه الأدبي لكنه لم يتوقف
بل أخذ رسائل النقاد ورد عليها معللاً أسبابه وفائدتها في إيصال الرسالة ..
انظر هذا المثال :
حيث يدعو بأسلوب لين لمن ينتقده
" جَنَّبَك اللّهُ الشُّبْهةَ، وَعصَمك من الحَيرة،
وجَعلَ بينك وبين المعرفة نسباً، وبين الصدق سَبَباً،
وحبَّب إليك التثبُّت، وزيَّن في عينك الإنصاف،
وأذاقك حلاوة التقوى، وأشعرَ قلبكِ عِزَّ الحقّ،
وأودَعَ صدرَك بَرْدَ اليقين وطرد عنك ذلَّ اليأس،
وعرَّفك ما في الباطل من الذلَّة، وما في الجهل من القِلَّة "
ثم يردف قائلاً
"ولعمري لقد كان غيرُ هذا الدعاء أصوبَ في أمرك"
مع نقده اللاذع إلا أن كتابته كانت مدعمة بمنطق وحجج وبراهين تشرح وجهة نظرة
(في مزج الهزل بالجد في الكتب)
وهذا كتاب موعظة وتعريف وتفقه وتنبيه وأراك قد عبته قبل أن تقف على حدوده وتتفكر في فصوله
وتعتبر آخره بأوله ومصادره بموارده .... وقد غلطك فيه بعض ما رأيت أثناءه من مزح
لاتعرف معناه ومن بطالة لم تطلع على غورها ولم تدر لم اجتلبت ولا لأي علة تكلفت وأي شيء أريغ بها ....
لإنه إن حملنا جميع من يتكلف قراءة هذا الكتاب على مر الحق وصعوبة الجد وثقل المؤونة وحلية الوقار
لم يصبر عليه مع طوله إلا من تجرد للعلم وفهم معناه وذاق من ثمرته واستشعر قلبه من عزه ونال سروره"
وهذا واحد من أهم أسباب الشهرة أنه لم يكن يكتب لمحبي العلم وللأدباء فقط
هو أراد لكتبه أن تصل للكل وبالفعل نجح في إيصالها إلى أكبر جمهور ممكن.
3- قصة وفاته عجيبة وطريفة إذا ما اعتبرنا ولعه الشديد بالقراءة
ما أودى بحياة الجاحظ هو مكتبة مثقلة بالكتب سقطت عليه وأردته ميتاً
هذا الرجل عاش بين الكتب ومات تحت كومتها ..
من أقواله الخالدة
يظهر من اقتباساته أنه يستعمل الأدب ليغرس حكم وآداب تزيد من نضج الإنسان وتوعيه تربوياً وسلوكياً
فمثلاً يوصي بـ:
لاتثقل بأحاديثك على من لايهتم بسماعها
لاتفترض أنا لكل قادر على تمييز الجمال وتقديره
لكن الجاحظ لايصيغها بهذا الأسلوب البسيط
الجاحظ أديب عالمي
تدرس كتبه في الجامعات الغربية
وترجمت أعماله وحصلت على كثير من التحليل
وصفه المستفيض لما يدور في عهده والعهود التي سبقته
خدم كمرجع تاريخي لتوثيق بعض ملامح الحياة السياسية والاجتماعية في ذاك الزمن
هذه صورة لمكتبة جامعة واراسو وهي ذات بنيان جميل جداً
على واجهتها ألواح منحوت عليها كتابات مخلدة لأدباء أو علماء أو مؤلفي موسيقى عريقين ..
اللوح الوحيد المكتوب باللغة العربية
هو اللوح الذي يحمل كلمات الجاحظ والتي عبر فيها عن حبه للكتب
ترجمت هذه الكلمات لعدة لغات ويقال أن أحداً لم يعبر عن حب الكتب لهذه الدرجة أفضل من الجاحظ